الاثنين، 28 يونيو 2010

التصحيح والتجديد الاجتهادي في المذهب الشيعي - المرجع الديني سماحة اية الله الامام الشيخ حسين المؤيد - ج33


التصحيح والتجديد الاجتهادي في المذهب الشيعي
المرجع الديني سماحة اية الله الشيخ الامام حسين المؤيد انموذجا
ج3


"العلم المستقر هو الجهل المستقر"
النِفَّري

داود سلمان الشويلي

مقدمة:
يحمل عنوان دراستي هذه – بأجزائها – لفظين اشكاليين ، هما : تصحيح ، وتجديد، ويكمن اشكالهما بين المعنيين القاموسي و الاصطلاحي، وبين الموضوع الذي تدخل عليه.
فما صح ان يقال – حسب الدليل – هو ما نعنيه بمصطلح (تصحيح).
والدليل هنا هو مدار هذا التصحيح ، وفي التشريع الاسلامي يكون الدليل الاول والرئيس هو (القرآن ) .
اما من يقول ان السنة النبوية تعد الدليل الثاني بعد القرآن ، ففيه اشكال ، وهذا الاشكال متأت من كون ما وصلنا من هذه السنة مختلفا فيه ، ليس بين علماء الاسلام فحسب ، وانما بين علماء المذهب الواحد ايضا ، فضلا عن اختلافهم بمن يؤخذ منه (رجال السند)، ولهذا تعددت كتب الحديث ، الا ان الموثوق (سندا ومتنا) من تلك السنة – بإجماعهم - هو ان لا يتعارض والقرآن ، اضافة الى الاحتكام للعقل السوي في غير ذلك .
اما التجديد فمعناه اعادة العمل بالصحيح المتروك من المعتقد، أي اماطة اللثام – كما يقال - عما طمسه الزمن لاسباب كثيرة – سياسية وايدلوجية واجتماعية وثقافية و جغرافية حتى - فتغير الى شيء اخر ليس فيه من الاصل الا العنوان.
فالموضوع الذي نناقش فيه مسألة التصحيح والتجديد ، هو الدين عامة ، والعقيدة الشيعية الاثني عشرية خاصة ، و الاخذ بمبدأ تأثير الواقع ، أي ما يسمى بفقه الواقع.([1])
ولا نريد في هذه السطور تقديم بحثا تاريخيا عن نشأت المذهب، وما فيه من اعتقادات صحيحة او ما اصاب بعضها بعض ما يخرجها من الصحة ، او عما في مسيرته التاريخية من محطات كان التصحيح والتجديد فيها علامة بارزة من علامات تلك المسيرة ، او ان نؤرخ لما فيه من محطات مظلمة سادت لاسبابها المعروفة، وانما ستكون هذه السطور وقفة لدراسة المشروع الاصلاحي والتجديدي لواحد من علماء المذهب المعاصرين والذي حصل على درجة الاجتهاد - حسب التسلسل التعلمي في الحوزات العلمية الشيعية - هذا العالم هو سماحة الشيخ الامام حسين المؤيد .
واذا كنا قد قدمنا سابقا عن مشروعه عدة دراسا ت، فإننا لا ننسى ان هنالك مجموعة من رجال الدين الشيعة من هم بدرجته او اقل قد قدموا ايضا مشاريعهم ، او اطروحاتهم التجديدية والتصحيحية بنسب متفاوتة ، وان بعض هؤلاء – ربما - صححوا او جددوا قضية ما او مسألة ما ، دون ان يكون قد حمل لواء التجديد والتصحيح كما فعل سماحة الشيخ الامام حسين المؤيد .
والتصحيح والتجديد الذي نعنيه في الفكر الشيعي عند سماحة الشيخ الامام حسين المؤيد يتوضح من خلال :
- دراسته لما في كتب الحديث الشيعية المعتبرة من احاديث وروايات – متنا وسندا – من خلال مدى تطابقها مع القرآن الكريم، والعقل السوي (او ما يسمى بالمعقول) والمنطق، او تعارض اجزاء متنه مع بعضها، او تعارضها مع غيرها.
- دراسة احوال رجال السند اعتمادا على كتب الرجال الشيعية خاصة .
- رد بعض الايات القرآنية الى مواضعها الحقيقية في التفسير ، لا كما اولها البعض لاضفاء الصحة على ما يرووه من احاديث غالية.
- تحديد ما دخل المذهب ، او تلك الاحاديث والروايات ، من معتقدات اخرى– من شتى الاديان والمعتقدات والشعوب - عبر مر العصور ، فاصبحت تلك المعتقدات هي الواجهة الامامية للمذهب ، مع العلم ان الكثير منها تتلبس بلباس الاسطورة والخرافة ، وهذه التحديدات اعتمدت ايضا ميزان القرآن والعقل والمنطق.
- اعادة العمل بالاجتهاد الشيعي الفعال بعد ان توقف لاسباب شتى، فأصبح المتأخر يكرر ما قاله المتقدم في الكثير من المسائل الفقهية([2]) التي تبنى – عند المتقدمين – على ما خالف القرآن والسنة الصحيحة بسبب لافتة غير صحيحة مرفوعة عندهم ان ( ما خالف العامة فخذوا به) ([3])، ولاسباب سياسية ، ولتأثيرات عنصرية من الخارج.
- القبول بالرأي الاخر – من المذاهب الاخرى – ([4]) طالما يعتمد القرآن والسنة الصحيحة ، واعتماده دليلا في الكثير من الاراء( الفتاوي ).
- الدعوة النظرية والعملية الى التقارب بين المذاهب ، حتى وصل الحال بسماحة الشيخ الامام الى تقديم مشروعه للفقه التقريبي ، أي الفقه الذي يعتمد الصحيح في المذاهب كافة، وهو ما زال عليه في مرجعيته، على اعتبار ان تلك المذاهب ما هي الا مذاهب فقهية نختلف معها في المسائل الفرعية التي يمكن تحصيلها بالاجتهاد اعتمادا على القرآن والسنة النبوية الصحيحة .
ان الدراسة هذه ، وغيرها من الدراسات القادمة ، تأتي للكشف – بصورة علمية موضوعية محايدة- عن المشروع التجديدي والاصلاحي الذي حمل لواءه سماحة الشيخ الامام حسين المويد في وقت وصل فيه الفكر الشيعي الاثني عشري عند البعض الى الجمود ، والاسطورة والخرافة.
كنت اتمنى ان يعطي سماحة الشيخ جل وقته لمشروعه النهضوي – على مستوى المذهب – دون ان ينسى الجانب الاخر من هذا المشروع ، وهو الجانب السياسي الوطني - لاننا بحاجة كبيرة الى رجال دين منفتحين على الواقع وعلى المذاهب الاسلامية الاخرى وعلى الانسانية دون نسيان الاصول يقومون بذلك ، ولم نكن بحاجة الى سياسيين ، فتصحيح المذهب يحتاجه العامة من الشيعة اكثر في وقتنا الحاضر وهم يعيشون زمن الاحتلال .
ارجو ان اكون قد وفقت في دراساتي هذه ومن الله الموفقية والسداد.
***
مفهوم السنة النبوية عند الشيعة ([5])
من منظور الشيخ الامام المؤيد

عن كتب الحديث المعتمدة عند الشيعة الاثني عشرية ، يبين سماحة الشيخ الامام الامام منهجيته في اعتماد ما جاء في تلك الكتب من احاديث ومرويات ، ومن ثم استنباط الحكم الشرعي ،يقول:
(( ان مصطلح السنة عند الشيعة الامامية يطلق على قول المعصوم وفعله وتقريره , ويقصدون بالمعصوم الرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم وابنته فاطمة الزهراء عليها السلام والأئمة الاثنى عشر ,وبالتالي فالسنة التي هي احد المصادر الاصلية للاحكام الشرعية والمفاهيم الاسلامية، تعم كل ذلك عندهم .
وقد كان الصدر الاول من الشيعة سباقين الى تدوين السنة لا سيما الاحاديث . وعند الرجوع الى المؤلفات التي فهرست لرجال الاحاديث والاصول والكتب والمدونات الحديثية نجد ان قدماء الشيعة كانت لهم المؤلفات الكثيرة المتصلة بنقل الاحاديث عن الرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم وعن امير المؤمنين علي والحسن والحسين وزين العابدين عليهم السلام .
وقد كانت هذه الكتب والمدونات مدار النقل والتحديث والسماع , وفي كل طبقة اضيف الى تلكم المدونات الاحاديث التي تروى عن الأئمة التالين حسب كل طبقة , وبهذا تكونت ثروة حديثية واسعة . الا ان النسبة الاكبر من هذه المدونات لم تصلنا خاصة بعد ان تم اختزال كل ذلك التراث عبر المجاميع الحديثية التي عبر عنها بالكتب الاربعة وذلك في القرنين الثالث والرابع الهجري , وصارت هذه الكتب مدار النقل والاستدلال . على ان هناك كتبا كثيرة في مواضيع معرفية شتى نقلت الاحاديث لكنها لم تخل من عملية الاختزال التي اشرنا اليها .ومن الملفت للنظر ان عملية اختزال هذا التراث تكاد تكون اقتصرت من حيث الممارسة والنتيجة على المرويات عن الامامين الباقر والصادق ومن بعدهما من الائمة ولم تنقل من مدونات الحديث التي انتجها الصدر الاول والتي اكتظت باحاديث الرسول صلى الله عليه واله وسلم واهل بيته الاولين عليهم السلام الا النزر القليل الامر الذي ادى الى فقدان الشيعة لثروة حديثية ضخمة. والذي اعتقده ان هناك عوامل لا يتسم بعضها بالايجابية ادت الى هذه النتيجة الوخيمة التي اثرت على بلورة الفكر الشيعي بالطريقة التي عمقت شرخ الخلاف بينه وبين فكر المدارس الاسلامية الاخرى، بعض هذه العوامل عقيدي وبعضها اجتهادي , فانت اليوم لا تجد في المرويات ما ينقل عن امير المؤمنين علي وعن الحسن والحسين وزين العابدين عليهم السلام الا النزر اليسير فضلا عن المرويات عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , بينما حين ترجع الى مصادر الشيعه الزيدية تجد ان اهم مصادرهم هو مسند الامام زيد عليه السلام وهو يحتوي على الاحاديث التي يرويها زيد عن ابيه السجاد عن الامام الحسين عن علي عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فتستطيع ان تحظى بكم من الاحاديث عن الرسول صلى الله عليه واله وسلم واهل بيته الاولين الامر الذي لا تجد نظيره في الكتب الاربعة . وحتى الكتب الاربعة تتضمن عددا غير قليل من الاحاديث التي تتصف بسند معتبر لا يمكن نسبتها الى الأئمة عليهم السلام ولا تتصف بالحجية لان متونها تحتوي على خلل فاضح يشي بان هذه الاحاديث اما ان تكون مدسوسة ووضع لها سند معتبر او مكذوبة يمكن ان يكون بعض رجال سندها ممن تم توثيقه بحسب الظاهر غير ثقة بالواقع قام بافتعالها اوالزياة والنقصان فيها الامر الذي سبب في نظري مشكلة كبيرة في اتجاه عملية الاستنباط في المسار الصحيح . ومن هنا فانني اخذ كل هذه الامور بنظر الاعتبار في استنباط الاحكام وقد قمت بتاصيل قواعد في هذا المجال بحيث لا تكتفي عملية الاستنباط بالمصادر الموجودة وانما تعتمد منهج المقارنة والدراسة التحليلية وتتبع مسار الاحكام منذ خيوطها الاولى, كما لا تكتفي بالنظر الى اعتبار السند وانما تدقق في المتن وتدرس جو النصوص وتنفتح على كل القرائن التي يمكن ان تلعب دورا في تقييم النص .
اما عن رأيه بما ضمه كتاب نهج البلاغة من خطب وكلمات ورسائل الامام علي بن ابي طالب ، فيقول :
واما كتاب نهج البلاغة فقد اخطا من ادعى انه من تاليف الشريف الرضي وانما الصحيح ان الشريف الرضي قام بجمع هذه الخطب والكلمات المنسوبة الى امير المؤمنين علي عليه السلام من الكتب والمصادر والمنقولات والمدونات. ولا بد من اتباع منهج التدقيق في المنقول في هذا الكتاب حسب السند والمتن فما تم له سند معتبر ولم يكن في متنه خلل يمكن حينئذ نسبته الى امير المؤمنين عليه السلام ويترك ما عداه . فالناس وقعوا في قضية نهج البلاغة بين تفريط وافراط , فالتفريط نسبة الكتاب الى الرضي نفسه ,والافراط هو القول بنسبة كل ما في الكتاب الى امير المؤمنين عليه السلام , والمنهج الوسط هو ان الكتاب ليس للشريف الرضي وانما هو مجموع ما نسب الى امير المؤمنين علي عليه السلام من خطب وكلمات , ويحكم بصحة ما كان له سند معتبر ولم يكن في متنه خلل وما لا ينافي الاعتبار .
اما رأيه في كتاب : (مستطرفات السرائر)، فيقول الشيخ الامام:
((و أما مستطرفات السرائر فحيث أن ابن ادريس لم يذكر طرقه الى الكتب التي نقل منها تلكم الروايات فلذا لا تتصف روايات مستطرفاته بالحجية . و قد حاول البعض علاج هذه الثغرة بمعالجات غير صحيحة . فالصحيح أن مستطرفات ابن ادريس غير واجدة لمعايير الاعتبار)) .

***
من اعلاه ، يمكننا القول ان المشروع الاصلاحي النهضوي في الفكر- ومن ثم المذهب - الشيعي الاثني عشري عند فضيلة الامام المؤيد – تصحيحا وتجديدا – قائم على اسس متينة ،ويمكن التبشير به ، للافادة منه ، من حيث اعتماده – على مستوى السنة – على احاديث ومرويات مدقق في سندها ومتنها وعدم معارضتها للقرآن الكريم والعقل السوي.
ان المشروع الاصلاحي التجديدي لسماحةالشيخ الامام المؤيد انفتح على عدة ابواب ، تحدثت عن الكثير منها في دراساتنا السابقة، وسنقدم بعضها في هذه الدراسة.
***
محاربة الغلو في العقيدة

((يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ))
(النساء:171)
الغلو في اللغة : كما جاء في كتاب العين - الخليل الفراهيدي - ج 4 - ص 446:
((غلا الناس في الامر ، أي : جاوزوا حده ، كغلو اليهود في دينها)) .
وقد رافق الغلو البشرية منذ بدء الخليقة الى يومنا هذا ، ولم يخلص أي دين او معتقد– سماوي او وضعي – او فكر انساني، منه ، وفي الاسلام رافق الغلو المسلمين واصبحت هناك فرق غالية كثيرة ، ووضعت المصنفات فيها ، وحبرت الصفحات في الرد عليها او مناقشتها وغير ذلك.
اما في المذهب الشيعي الاثني عشري ، فقد وجد الغلو له مساحة واسعة في فكر هذا المذهب ، ان كان هذا الغلو في الاشخاص – ليس الائمة وحدهم – ام في المعتقدات ، او الافكار.
وقد وردت احاديث غالية كثيرة ، منها ما رد وقتها ، ومنها ما ظل الى ايامنا هذه، او زيد عليه ([6])، فأصبحت من ضروريات المذهب عند البعض .
وقد قام سماحة الشيخ الامام المؤيد من خلال تصديه للمرجعية ، ومن خلال مشروعه الاصلاحي – على المستويين الديني والسياسي- بمحاربة الغلو في الفكر الاسلامي عامة، و في الفكر الشيعي الاثني عشري خاصة، و سنعرض هنا بعض صور هذه المحاربة .
***
1 - في سؤال لجناب الشيخ الامام عن صحة الحديث الاتي :
(( أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ سُوَيْدٍ الْقَلَّاءِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) قَالَ إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عِلْمَيْنِ عِلْمٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا هُوَ وَ عِلْمٌ عَلَّمَهُ مَلَائِكَتَهُ وَ رُسُلَهُ فَمَا عَلَّمَهُ مَلَائِكَتَهُ وَ رُسُلَهُ ( عليهم السلام ) فَنَحْنُ نَعْلَمُهُ )).
يقول سماحة الشيخ الامام عن هذه الرواية:
(( هذه الرواية و إن كان لها بحسب الظاهر سند معتبر و بمضمونها وردت روايات أخرى الاَّ أنه لا يسعنا الأخذ بمفادها ، و ذلك لما يلي :-
انّ ظاهرها ينافي القرآن الكريم قال تعالى { عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا الا من ارتضى من رسول فانه يسلك من بين يديه و من خلفه رصداً } . و هذه الآية واضحة الدلالة في أن علم الغيب لا يطلع الله تعالى عليه الا من ارتضى من رسول . و معنى ذلك اختصاصه بالرسل فكيف ينتهي ما خص الله به الرسل الى غيرهم فهذا مناف للإنحصار بالرسل .
ان لازم ما ورد في الرواية أن الأئمة أعلى رتبة من الرسل ، لان الثابت انه ليس كل الرسل يعلمون كل ما يعلمه الملائكة بينما على هذه الرواية فان الأئمة يعلمون ما تعلمه الملائكة فهم أعلى مرتبة من الرسل و أعلم منهم ,و هذا غلو واضح .
ان تعليم الله تعالى للملائكة لا يأتي إعتباطاً و انما لا بد أن يكون لحكمة و لا بد أن من العلوم التي يعلمها الملائكة ما يرتبط بما يحتاجون اليه حسب ما يكلفون به فما الداعي الى أن ينتقل هذا العلم الى غيرهم و هم غير مكلفين بما يكلف به الملائكة و هكذا الأمر بالنسبة للرسل فانه لا شك أن من العلوم التي يعلمونها ما يرتبط بطبيعة وضعهم كرسل , فما الوجه في انتقال هذا العلم الى غيرهم ؟ و هذا يكشف أن في مضمون الرواية غلواً في الأئمة يرفعهم الى مصاف الرسل و الملائكة مهما علت درجاتهم .
انها معارضة بروايات تدل بوضوح على أنّ الأئمة لا يعلمون أشياءً تتعلق بالغيب مع الجزم بانها مما يعلمه قسم من الملائكة و هذا يعني انه ليس كل ما تعلمه الملائكة منته اليهم .
و هكذا نصل الى ضرورة الإعراض عن هذه الرواية و أمثالها لانها من روايات الغلو المرفوض )).
فمن خلال رد سماحة الشيخ الامام يمكن توضيح الامور الاتية:
- ان صحة سند الرواية او الحديث ، لا يعني صحة المتن ، وهذا قول صحيح الا انه غاب عن الكثير من علماء الدين الاسلامي في المذاهب كافة. ([7])
- وصحة المتن يقبل بصحة موافقته لما جاء في القرآن الكريم ، والعقل السوي والمنطق السليم.
- تعارض متن هذه الرواية مع متون روايات اخرى.
اذن ، فالفكرة الغالية التي تحملها هذه الرواية – الحديث ، تتمثل في كون الائمة يعلمون الغيب ، وقد بين سماحة الشيخ الامام عدم صحة هذا الاعتقاد الغالي، لتضاربه مع القرآن واحاديث وروايات اخرى.
***
2 - وعن صحة الحديث المذكور في (بَابُ أَنَّ الْأَئِمَّةَ ( ع ) وُلَاةُ أَمْرِ اللَّهِ وَ خَزَنَةُ عِلْمِهِ – الذي ورد في الكافي ) :
(( مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الْعَمْرَكِيِّ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ( ع ) قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ( ع ) إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَنَا فَأَحْسَنَ خَلْقَنَا وَ صَوَّرَنَا فَأَحْسَنَ صُوَرَنَا وَ جَعَلَنَا خُزَّانَهُ فِي سَمَائِهِ وَ أَرْضِهِ وَ لَنَا نَطَقَتِ الشَّجَرَةُ وَ بِعِبَادَتِنَا عُبِدَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَوْلَانَا مَا عُبِدَ اللَّهُ )).
يجيب الشيخ الامام قائلا:
(( هذه الرواية و ان كان لها بحسب الظاهر سند معتبر , الا أن الخلل في مضمونها يسقطها عن الحجية , و يكفي في سقوط مضمونها ما ورد في ذيلها " و بعبادتنا عبد الله عز و جل و لولانا ما عبد الله " فان في هذه الفقرة من الغلو و البعد عن الواقع و عن روح القرآن الكريم و مضامينه ما يوجب ضرب هذه الرواية عرض الجدار .
ان عبادة الله عز وجل قائمة قبل خلق البشر عبدته الملائكة و عبده الجن , و عبادته عز وجل قائمة قبل خلق أهل البيت عليهم السلام فقد عبد الله تعالى على الأرض منذ فجر الخليقة و سيظل يعبد الى أن يرث الله الأرض و من عليها . و هل من المعقول أن لا يعبد الله تعالى لولاهم مع وجود مئة و أربعة و عشرين ألف نبي توالوا على مر التاريخ عبدوا الله تعالى و دعوا الى عبادته و ربوا الناس عليها , و هل أن الناس الذين دخلوا في دين الإسلام و حداناً وزرافات و أفواجاً على يد رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم لم يقيموا عبادة الله تعالى ؟ ذلك ان عبادة هؤلاء لله عز و جل لم تكن مستندة الا الى شرع الله و دعوة رسوله صلى الله عليه و آله و سلم و كل ما عداه هو فرع له لا أصل , فكيف ينسب الشيء الى فرعه دون أصله .
و ان كان المقصود أنه لولاهم ما خلق الله تعالى الخلق فيعبدونه , فهذا أمر مخالف لروح القرآن الكريم و مضمونه و لأدبيات الإسلام بشكل عام قال تعالى :{ و ما خلقت الجن و الإنس الا ليعبدون } و ناهيك ما في هذه الآية الكريمة من الحصر و من شمولها لجميع الإنس بمن فيهم أهل البيت عليهم السلام . و في الحديث القدسي { كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لكي أعرف } ان من يطلع على ثقافة القرآن يدرك بوضوح أن الاساس في حركة البشرية و خلقتها هو معرفة الله تعالى و الكدح اليه و تجسيد خلافته على الأرض و السير الى الكمال و السعادة الأبدية , و أن المحور الذي تنشد اليه البشرية جمعاء هو الخالق المطلق , و أن الأنبياء ما هم الا سفراء الله في أرضه يربطون الناس بالله عز وجل و ليسوا سوى عباد مكرمين فضلاً عن غيرهم . و قد خلق الله تعالى الحياة و مقوماتها من أجل الانسان بما هو انسان ليوطيء له معرفته عز وجل و عبادته سبحانه . هذه هي ثقافة القرآن الكريم و كل ما عدا ذلك باطل لا يتفق مع عقل سليم و لا نقل صحيح . و لو كان شيء من هذه المضامين الغريبة صحيحاً لنطق بها القرآن الكريم و لكانت جزء من ثقافته مع انه ليس في ثقافة القرآن الكريم عين من ذلك و لا أثر حتى فيما يتصل بشخص رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و هو خير البرية فكيف بغيره . و انما هذه المضامين الشاذة هي مسحة من أفكار الغلاة الأمر الذي يشهد على أن هذه الرواية و أمثالها من موضوعاتهم الباطلة و تزييفاتهم المفضوحة . و مع أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال يوم بدر : " اللهم ان تهلك هذه العصابة فلن تعبد " و هو بشير بذلك الى أصحابه لم يجرأ أحد أن يقول انه لولاهم ما عبد الله عز و جل و ما ذاك الا لأنّ هذه المضامين غريبة على ثقافة الاسلام و أدبياته)) .
فمن خلال رد سماحة الشيخ الامام ،يمكن توضيح الامور الاتية:
- ان صحة سند الرواية او الحديث ، لا يعني صحة المتن خاصة اذا كان هناك تضارب بين اول المتن واخره.
- عدم موافقة المتن لما في القرآن الكريم.
- الابتعاد عن الواقع .
- الحديث يحمل امورا غالية تخرجه عن العقل والمنطق السليم.
ولاجل ما تحمله هذه الرواية – الحديث من فكرة غريبة و غالية يقرر سماحة الشيخ الامام ضربها عرض الجدار.
***
(( هل هذا الحديث صحيح سنداً ؟
محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن بكير بن أعين قال: كان أبو جعفر عليه السلام يقول: إن الله أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية لنا وهم ذر، يوم أخذ الميثاق على الذر، بالاقرار له بالربوبية ولمحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة وعرض الله عزوجل على محمد صلى الله عليه وآله امته في الطين وهم أظلة وخلقهم من الطينة التي خلق منها آدم وخلق الله أرواح شيعتنا قبل أبدانهم بألفي عام وعرضهم عليه وعرفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وعرفهم عليا ونحن نعرفهم في لحن القول (الكافي)...)).
جواب سماحة الشيخ الامام:
(( هذا الحديث و ان كان له بحسب الظاهر سند معتبر لوثاقة كل رجال سنده , الاّ أن اللازم ان يضرب به عرض الجدار فهو زخرف باطل و لا يمكن أن يقبله عقل سليم و لا يأخذ به الا أبله أو مجنون ذلك أن متنه مليء بالخلل من جهات كثيرة منها :- أولاً :- إن نظرية أخذ الميثاق من الذر نظرية غير صحيحة و تبطلها دلائل عقلية كثيرة و لا دلالة للآية الكريمة اليها و لا يصح تفسيرها على أساسها . و عليه اذا سقطت فكرة أخذ الميثاق من الذر سقط الحديث من أساسه . ثانياً :- لو فرض صحة نظرية أخذ الميثاق من الذر فاننا اذا رجعنا الى الآية الكريمة لوجدنا أن مساقها مختلف تماماً عن مساق المتن المذكور في الرواية , قال تعالى { و اذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين . أو تقولوا انما أشرك آباؤنا من قبل و كنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون } . فمساق الآية الكريمة واضح في أن الهدف من أخذ الميثاق هو إقامة الحجة و سد باب التنصل و الإعتذار عن الإلتزام بالعقيدة الحقة بمبررات معينة , بينما الرواية تتحدث عن أن الميثاق بالولاية انما أخذ من الشيعة , مع انه لو أريد الانسجام مع مساق الآية الكريمة لكان اللازم أن يؤخذ الميثاق من غيرهم لسد باب التنصل و الإعتذار عن التمسك بالولاية . و من الناحية المنهجية تبقى علامة إستفهام كبيرة ترتسم امام هذه الرواية فلماذا يأخذ الله تعالى الميثاق على الربوبية من جميع البشر بينما يأخذ الميثاق بالولاية من الشيعة فقط ؟ ان هذا الاستفهام يبقى شاهداً على الخلل في مضمون الرواية . ثالثاً :- انّ الرواية تتحدث عن أن الميثاق أخذ على الذر للأقرار لله تعالى بالربوبية و لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم بالنبوة , مع أن الآية الكريمة لا تتحدث الا عن أخذ الميثاق بالربوبية , وهذا هو المعقول و أما الميثاق بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فبلحاظ أنّ أصل الميثاق قد أخذ من الذر جميعاً أي من البشرية كلها منذ آدم عليه السلام و بلحاظ أنّ البشرية الى زمان بعثة محمد صلى الله عليه وآله وسلم لم تكن مكلفة أصلاً بالإقرار بنبوته و لا بمعرفته فما الوجه في أخذ الميثاق منهم بذلك ؟ . رابعاً :- تقول الرواية أنّ الله تعالى خلق أرواح الشيعة قبل أبدانهم بألفي عام و عرضها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . و هذا كلام باطل بأي وجه صوّر . فان كان النظر فيه الى عالم الذر فمن الواضح أن عالم الذر كان قبل الفي عام من خلق أبدان الشيعة , و إن كان النظر الى غير عالم الذر فبما أن أبدان الشيعة لم تخلق دفعة واحدة و انما خلق الأبدان تدريجي بتدرج الأزمنة و الأعصار فلا يلتئم ذلك مع تحديد الألفي عام كوقت لخلق الأرواح قبل الأبدان . و الحقيقة ان هذه االرواية من مصاديق قاعدة الروايات التي تكذب متونها أسانيدها . انّ هذه الرواية و أمثالها من تفاهات الغلاة و محاولاتهم في نسج العقائد الباطلة حول الإمامة و ان أهل البيت عليهم السلام براء من مثل هذه التفاهات و التخرصات و من اللازم تطهير الثقافة الشيعية منها)) .
***
من اين نأخذ العقيدة؟

سؤال مهم وكثيرا ما تردد بين سطور اجابات سماحة الشيخ الامام ،بصورة غير منظورة ، الا انه يستشف من خلال تلك الاجابات .
ان مسألة المهدي المنتظر، مسألة اشكالية في الفكر الانساني ، وقد بينت الدراسات التاريخية والحفريات الاثارية ، ان اغلب الامم والديانات - خاصة السابقة للاديان السماوية – قد اعتقدت بمهدي خاص بها ، ولم تستثنى منها الديانات السماوية ، كاليهودية والمسيحية من وجود مهدي خاص بها .
وفي الفكر الاسلامي ، منذ نشأت الفرق والمذاهب والمدارس، اخذت هذه المسألة مساحة واسعة في اعتقاد تلك الفرق والمذاهب والمدارس .
و الفكر الشيعي ، بشر بمهديه المنتظر، حتى اصبح لكل مدرسة في المذهب الشيعة مهدي خاص به ، فاصبح للزيدية مهديها، وللاسماعيلية مهديها ، وللاثني عشرية مهديها،...الخ .
والشيعة الاثني عشرية مهديها المنتظر الذي كتبت عنه الكثير من الدراسات ، وهو الامام الثاني عشر، محمد بن الحسن العسكري.
وقد حاولت بعض الدراسات المكتوبة من قبل خريجي الحوزات العلمية الشيعية ، ان تنفي وجود المهدي عند الشيعة الاثني عشرية وللاسباب التي ساقتها تلك الدراسات ، على اساس ان مقولة المهدي هي مقولة فلسفية .([8])
ولما كانت دراستنا هذه غير معنية بتلك الدراسات ، فسنترك مناقشتها ، لنبحث بعض الاعتقادات الخاطئة التي بنيت على هذه المسألة.
***
اللقاء بالامام المهدي:
يعتقد الكثير من عامة الشيعة، وبتأثير من خطباء المنبر الحسيني وعلماء الشيعة على درجاتهم كافة ، ان بإمكانهم اللقاء بالامام المهدي المنتظر ، مع العلم ان هناك اكثر من حديث ينفي قيام مثل ذلك اللقاء ، والسائل – هنا – يطلب من سماحة الشيخ الامام بيان صحة الحديث (الرواية ) التي تخبر هذا اللقاء.
1 - (( قال السيد الجليل صاحب المقامات الباهرة والكرامات الظاهرة رضي الدين علي بن طاووس في كتاب غياث سلطان الورى على ما نقله عنه المحدث الاسترابادي في الفوائد المدنية في نسختين كانت إحداهما بخط الفاضل الهندي ما لفظه: يقول علي بن موسى بن جعفر بن طاوس: كنت قد توجهت أنا وأخي الصالح محمد بن محمد بن محمد القاضي الآوي ضاعف الله سعادته، وشرف خاتمته من الحلة إلى مشهد مولانا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، في يوم الثلاثاء سابع عشر شهر جمادي الاخرى سنة إحدى وأربعين وستمائة، فاختار الله لنا المبيت بالقرية التي تسمى دورة بن سنجار، وبات أصحابنا ودوابنا في القرية، وتوجهنا منها أوائل نهار يوم الأربعاء ثامن عشر الشهر المذكور )).
تنتهي الرواية هنا على موقع سماحة الشيخ ، وعندما رجعت الى المصدر المذكور وجدت الرواية فيه،واكملتها من قوله : (( فوصلنا إلى مشهد مولانا علي ( عليه السلام ) قبل ظهر يوم الأربعاء المذكور فزرنا وجاء الليل في ليلة الخميس تاسع عشر جمادى الآخرة المذكورة ، فوجدت من نفسي إقبالا على الله وحضورا وخيرا كثيرا وشاهدت ما يدل على القبول والعناية والرأفة وبلوغ المأمول والضيافة فحدثني أخي الصالح محمد بن محمد بن محمد الآوي - ضاعف الله سعادته - أنه رأى تلك الليلة في منامه كأن في يدي لقمة وأنا أقول له : هذه من فم مولانا المهدي صلوات الله عليه - وقد أعطيته بعضها ، فلما كان سحر تلك الليلة كنت على ما تفضل الله به من نافلة الليل ، فلما أصبحنا نهار الخميس المذكور دخلت الحضرة - حضرة مولانا علي ( عليه السلام ) - على عادتي ، فورد علي من فضل الله وإقباله والمكاشفة ما كدت أن أسقط إلى الأرض ورجفت أعضائي وأقدامي وارتعدت رعدة هائلة على عوائد فضله عندي وعنايته إلي وما أراني من بره لي ورفدي وأشرفت على الفناد ومفارقة دار العناد والانتقال إلى دار البقاء ، حتى حضر الجمال محمد بن كتيلة وأنا في تلك الحال ، فسلم علي فعجزت عن مشاهدته وعن النظر إليه وإلى غيره وما تحققته بل سألت عنه بعد ذلك فعرفوني به تحقيقا ، وتجددت في تلك الزيارة مكاشفات جليلة وبشارات جميلة . وحدثني أخي الصالح محمد بن محمد بن محمد الآوي - ضاعف الله سعادته - بعدة بشارات رآها لي : منها : أنه رأى كأن شخصا يقص عليه في المنام مناما ويقول له : قد رأيت كأن فلانا - عني [ كذا ] وكأنني كنت حاضرا لما كان المنام يقص عليه - راكب فرسا ، وأنت ( يعني أخي الصالح الآوي ) وفارسان آخران وقد صعدتم جميعا إلى السماء ، قال : قلت له : أنت تدري أحد الفارسين من هو ؟ فقال صاحب المنام في حال النوم : لا أدري ، فقلت : أنت ، يعني ذلك مولانا المهدي - صلوات الله عليه - وتوجهنا من هناك لزيارة أول رجب بالحلة ، فوصلنا ليلة الجمعة سابع عشر جمادى الآخرة بحسب الاستخارة ، فعرفني حسن بن البقلي يوم الجمعة المذكورة أن شخصا فيه صلاح يقال له : عبد المحسن من أهل السواد قد حضر بالحلة ، وذكر أنه قد لقيه مولانا المهدي - صلوات الله عليه - ظاهرا في اليقظة ، وقد أرسله إلى عندي برسالة ، فنفذت قاصدا وهو " محفوظ بن قراء " فحضرا ليلة السبت ثامن عشر من جمادى الآخرة المقدم ذكرها ، فخلوت بهذا الشيخ عبد المحسن فعرفته وهو رجل صالح لا تشك النفس في حديثه ومستغن عنا ، وسألته فذكر أن أصله من حصن بشر وأ نه انتقل إلى الدولاب الذي بحذاء المحولة المعروفة بالمجاهدية ، ويعرف الدولاب بابن أبي الحسن ، وأ نه مقيم هناك وليس له عمل بالدولاب ولا زرع ولكنه تاجر في شراء غلات وغيرها ، وأ نه كان قد ابتاع غلة من ديوان أبي السرايا وجاء ليقبضها وبات عند المعيدية في الموضع المعروف بالمحر فلما كان وقت السحر كره استعمال ماء المعيدية فخرج بقصد النهر والنهر في جهة المشرق فما أحس بنفسه إلا وهو عند تل السلام في طريق مشهد الحسين ( عليه السلام ) في جهة المغرب ، وكان ذلك ليلة الخميس تاسع عشر جمادى الآخرة من سنة احدى وأربعين وستمائة - التي تقدم شرح بعض ما تفضل الله علي فيها وفي نهارها في خدمة مولانا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : فجلست أريق ماء وإذا فارس عندي ما سمعت له حسا ولا وجدت لفرسه حركة ولا صوتا وكان القمر طالعا ولكن كان الضباب كثيرا ، فسألته عن الفارس وفرسه ، فقال : كان لون فرسه صديا وعليه ثياب بيض وهو متحنك بعمامته ومتقلد بسيفه ، فقال الفارس لهذا الشيخ عبد المحسن : كيف وقت الناس ؟ قال عبد المحسن فظننت أنه يسأل عن ذلك الوقت ، قال ، فقلت : الدنيا عليها ضباب وغبرة فقال : ما سألتك عن هذا أنا سألتك عن حال الناس ، قال ، فقلت : الناس طيبون مرخصون آمنون في أوطانهم وعلى أموالهم ، فقال : تمضي إلى ابن طاوس وتقول له كذا وكذا ، وذكر لي ما قال له - صلوات الله وسلامه عليه - ثم قال عنه ( عليه السلام ) : فالوقت قد دنا فالوقت قد دنا ، قال عبد المحسن : فوقع في قلبي وعرفت نفسي أنه مولانا صاحب الزمان ، فوقعت على وجهي وبقيت كذلك مغشيا علي إلى أن طلع الصبح . قلت له : فمن أين عرفت أنه قصد ابن طاوس عني ؟ فقال : ما أعرف من بني طاوس إلا أنت وما وقع في قلبي إلا أنه قصد بالرسالة إليك ، قلت : فأي شيء فهمت بقوله صلوات الله عليه : " فالوقت قد دنا " هل قصد وفاتي قد دنت أم قد دنا وقت ظهوره صلوات الله عليه ؟ فقال : بل قد دنا وقت ظهوره صلوات الله عليه ، قال : فتوجهت ذلك اليوم إلى مشهد الحسين ( عليه السلام ) وعزمت أنني ألزم بيتي مدة حياتي أعبد الله تعالى ، وندمت كيف ما سألته ( عليه السلام ) عن أشياء كنت أشتهي أن أسأله عنها . قلت له : هل عرفت بذلك أحدا ؟ قال : نعم عرفت بعض من كان عرف بخروجي من عند المعيدية ، وتوهموا أ ني قد ضللت وهلكت لتأخري عنهم واشتغالي بالغشية التي وجدتها ، ولأنهم كانوا يروني طول ذلك النهار - يوم الخميس - في أثر الغشية التي لقيتها من خوفي منه ( عليه السلام ) فوصيته أن لا يقول ذلك لأحد أبدا ، وعرضت عليه شيئا ، فقال : أنا مستغن عن الناس وبخير كثير ، فقمت أنا وهو ، فلما قام عني نفذت له غطاء وبات عندنا في المجلس على باب الدار التي هي مسكني الآن بالحلة ، فقمت وكنت أنا وهو في الروشن في خلوة ، فنزلت لأنام ، فسألت الله زيادة كشف في المنام تلك الليلة أراه أنا ، فرأيت كأن مولانا الصادق ( عليه السلام ) قد جاءني بهدية عظيمة وهي عندي وكأنني ما أعرف قدرها ، فاستيقظت وحمدت الله وصعدت الروشن لصلاة نافلة الليل في تلك الليلة - وهي ليلة السبت ثامن عشر جمادى الآخرة - فأصعد فتح الإبريق إلى عندي فمددت يدي فلزمت عروته لأفرغ على كفي فأمسك ماسك فم الإبريق وأداره عني ومنعني من استعمال الماء في طهارة الصلاة ، فقلت : لعل الماء نجس فأراد الله أن يصونني عنه ، فإن لله جل جلاله علي عوائد كثيرة ، أحدها مثل هذا وأعرفها ، فناديت : إلي فتح ! وقلت له من أين ملأت الإبريق ؟ قال : من المسيبة ، فقلت : هذا لعله نجس فاقلبه واشطفه واملأه من الشط ، فمضى وقلبه وأنا أسمع صوت الإبريق وشطفه وملأه من الشط فجاء به ، فلزمت عروته وشرعت أقلب منه على كفي فأمسك ماسك فم الإبريق وأداره عني ومنعني منه ، فعدت صبرت ودعوت بدعوات وعاودت الإبريق فجرى مثل ذلك ، فعرفت أن هذا منع لي من صلاة الليل في تلك الليلة وقلت في خاطري : لعل الله يريد أن يجري علي حكما وابتلاء غدا ولا يريد أن أدعو الليلة في السلامة من ذلك وجلست لا يخطر بقلبي غير ذلك ، فنمت وأنا جالس وإذا برجل يقول لي : هذا - يعني عبد المحسن الذي جاء بالرسالة - كان ينبغي أن تمشي بين يديه ، فاستيقظت ووقع في خاطري أنني قد قصرت في احترامه وإكرامه ، فتبت إلى الله جل جلاله واعتمدت ما يعتمد التائب من مثل ذلك ، وشرعت في الطهارة فلم يمسك أحد الإبريق وتركت على عادتي فتطهرت وصليت ركعتين فطلع الفجر فقضيت نافلة الليل وفهمت أنني ما قمت بحق هذه الرسالة . فنزلت إلى الشيخ عبد المحسن وتلقيته وأكرمته وأخذت له من خاصتي ست دنانير ومن غير خاصتي خمسة عشر دينارا مما كنت أحكم فيه كما لي وخلوت به في الروشن وعرضت ذلك عليه واعتذرت إليه ، فامتنع قبول شيء أصلا وقال : إن معي نحو مائة دينار وما آخذ شيئا ، أعطه لمن هو فقير ، وامتنع غاية الامتناع ، فقلت له : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يعطي لأجل الإكرام لمن أرسله ( صلى الله عليه وآله ) لا لأجل فقره وغناه ، فامتنع فقلت له : مبارك ، أما الخمسة عشر دينارا فهي من غير خاصتي فلا أكرهك على قبولها ، وأما هذه الستة دنانير فهي من خاصتي ولابد أن تقبلها مني ، فكاد أن يؤيسني من قبولها ، فألزمته فأخذها وعاد تركها فألزمته فأخذها وتغديت أنا وهو ، ومشيت بين يديه كما أمرت في المنام إلى ظاهر الدار وأوصيته بالكتمان . والحمد لله ، وصلى الله على سيد المرسلين محمد وآله الطاهرين . ومن عجيب زيادة بيان هذه الحال انني توجهت في ذلك الأسبوع - يوم الاثنين الثلاثين من جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وستمائة - إلى مشهد الحسين ( عليه السلام ) لزيارة أول رجب أنا وأخي الصالح محمد بن محمد بن محمد - ضاعف الله سعادته - فحضر عندي سحر ليلة الثلاثاء أول رجب المبارك سنة إحدى وأربعين وستمائة المقرئ محمد بن سويد في بغداد ، وذكر ابتداء من نفسه أنه رأى ليلة السبت ثامن عشر من جمادى الآخرة - المتقدم ذكرها - كأنني في دار وقد جاء رسول إليك وقالوا هو من عند الصاحب ، قال محمد بن سويد : فظن بعض الجماعة أنه من عند أستاد الدار قد جاء إليك برسالة ، قال محمد بن سويد : وأنا عرفت أنه من عند صاحب الزمان ( عليه السلام ) قال : فغسل محمد بن سويد يديه وطهرهما وقام إلى رسول مولانا المهدي ( عليه السلام ) فوجده قد أحضر معه كتابا من مولانا المهدي - صلوات الله عليه - إلى عندي ، وعلى الكتاب المذكور ثلاثة ختوم . قال المقرئ محمد بن سويد : فتسلمت الكتاب من رسول مولانا المهدي ( عليه السلام ) بيديه المشطوفة ، قال : وسلمه إليك - يعني عني - قال : وكان أخي الصالح محمد بن محمد بن محمد الآوي - ضاعف الله سعادته - حاضرا فقال : ما هذا ؟ فقلت : هو يقول لك . يقول علي بن موسى بن طاوس : فتعجبت من أن هذا محمد بن سويد قد رأى المنام في الليلة التي حضر عندي فيها الرسول المذكور وما كان عنده خبر من هذه الأمور . والحمد لله كما هو أهله . وسمعت ممن لا أسميه مواصلة بينه وبين مولانا ( عليه السلام ) لو تهيأ ذكرها كانت عدة كراريس دالة على وجوده وحياته ومعجزاته صلوات الله عليه . وصلى الله على سيدنا سيد المرسلين محمد النبي وآله الطاهرين . انتهى قراءة هذا الكتاب علي في ليلة الأربعاء ثامن عشر شهر ربيع الآخر سنة إحدى وستين وستمائة )).([9])
فكان سماحة الشيخ الامام مدركا جدا الى ما يقف خلف هذه الرواية من امور خطيرة على العقيدة ، إذ يعرف جيدا انه من خلال تلك الروايات ينبني داخل عقل الشيعي – العامي خاصة - عقيدة ضالة مضلة ، لهذا نراه يجيب:
(( إن المسائل المرتبطة بالعقيدة لا تثبت بهذه القصص و أمثالها . على انها تنافي ما ورد من ان من ادعى المشاهدة فكذبوه ، كما ان قصة ابن طاووس غير واضحة في ان المكاشفة قد حصلت مع المهدي نفسه ، و قصة عبد المحسن هذا غريبة جداً و من غرائبها قوله الوقت دنا و تفسير ذلك بدنو وقت الظهور و قد مضى على تلك القصة حدود ثمانمئة عام . ثمّ لا ندري ما السبب في انقطاع هذه القصص في زماننا و لماذا لم تتكرر مثل هذه القصص كما لا ندري لماذا هذا الكم الكبير من القصص في تلكم الأزمان و ما السبب الذي يدعو المهدي الى تكرار اتصالاته في ذلك الزمان دون زماننا هذا مثلاً ، و لماذا يتصل لأسباب لا تبدو وجيهة في كثير من هذه القصص . ان الضابط الصحيح الشرعي لثبوت مسائل العقيدة هو الكتاب و السنة الصحيحة و ما عدا ذلك ليس بحجة)) .
اذن ، يريد الشيخ الامام ان يثقف عامة الشيعة – وفي الوقت نفسه الخاصة – الى عدم الاخذ بمثل هذه الروايات التي تدعي اللقاء والمشاهدة، لا لانها تناقض ما جاء في عموم القرآن الكريم، وانما هناك احاديث كثيرة تنفي مثل هذا اللقاء.([10])
***
2 - يعرف جيدا سماحة الشيخ ان العقيدة تأخذ من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة،وهو من ضمن المختصين بذلك، لذا نرى ان الامور ذات الشأن الكبير في مشروعه الاصلاحي على المستوى الديني – داخل المذهب الشيعي الاثني عشري – هو النظر الى متن الحديث او الرواية ، ولا يكتفي بصحة السند، إذ كثيرا ما يتناقض هذا المتن من الداخل ، والمثال الاتي خير دليل :
يقول السؤال : (( هل صحيح روايات مقابلة إسماعيل بن الحسن الهرقلي للإمام المهدي؟
وأنا اذكر من ذلك قصتين قريب عهدهما من زماني وحدثني بهما جماعه من ثقات اخواني، كان في بلاد الحلة شخص يقال له اسماعيل بن الحسن الهرقلي من قرية يقال لها هرقل مات في زماني وما رأيته، حكى لي ولده شمس الدين، قال حكى لي والدي أنه خرجت - وهو شباب - على فخذه الايسر توثه مقدار قبضه الانسان وكانت في كل ربيع تتشقق ويخرج منها دم وقيح ويقطعه المها عن الكثير من اشغاله وكان مقيما بهرقل فحضر الحلة يوما ودخل إلى مجلس السعيد رضى الدين على بن طاوس رحمه الله وشكا إليه ما يجده منها )).
وينتهي نقل الرواية على الموقع الالكتروني لسماحة الشيخ الامام ، فبحثت عنها و وجدتها، في بحار الانوار نقلا عن كشف الغمة : ([11])
((... وقال : أريد أن أداويها فأحضر له أطباء الحلة وأراهم الموضع ، فقالوا : هذه التوثة فوق العرق الأكحل ، وعلاجها خطر ومتى قطعت خيف أن ينقطع العرق فيموت . فقال له السعيد رضي الدين قدس الله روحه : أنا متوجه إلى بغداد وربما كان أطباؤها أعرف وأحذق من هؤلاء ، فأصحبني فأصعد معه وأحضر الأطباء فقالوا كما قال أولئك فضاق صدره ، فقال له السعيد : إن الشرع قد فسح لك في الصلاة في هذه الثياب ، وعليك الاجتهاد في الاحتراس ، ولا تغرر بنفسك ، فالله تعالى قد نهى عن ذلك ورسوله . فقال له والدي : إذا كان الامر هكذا وقد حصلت في بغداد فأتوجه إلى زيارة المشهد الشريف بسر من رأى على مشرفه السلام ثم أنحدر إلى أهلي فحسن له ذلك ، فترك ثيابه ونفقته عند السعيد رضي الدين وتوجه . قال : فلما دخلت المشهد وزرت الأئمة عليهم السلام نزلت السرداب واستغثت بالله تعالى وبالامام عليه السلام وقطعت بعض الليل في السرداب وبقيت في المشهد إلى الخميس ثم مضيت إلى دجلة ، واغتسلت ولبست ثوبا نظيفا وملأت إبريقا كان معي وصعدت أريد المشهد فرأيت أربعة فرسان خارجين من باب السور وكان حول المشهد قوم من الشرفاء يرعون أغنامهم ، فحسبتهم منهم ، فالتقينا فرأيت شابين أحدهما عبد مخطوط وكل واحد منهم متقلد بسيف وشيخا منقبا بيده رمح والآخر متقلد بسيف وعليه فرجية ملونة فوق السيف ، وهو متحنك بعذبته . فوقف الشيخ صاحب الرمح يمين الطريق ، ووضع كعب رمحه في الأرض ووقف الشابان عن يسار الطريق وبقي صاحب الفرجية على الطريق مقابل والدي ثم سلموا عليه فرد عليهم السلام ، فقال له صاحب الفرجية : أنت غدا تروح إلى أهلك ؟ فقال له : نعم فقال له : تقدم حتى أبصر ما يوجعك ؟ قال : فكرهت ملامستهم وقلت : أهل البادية ما يكادون يحترزون من النجاسة وأنا قد خرجت من الماء وقميصي مبلول . ثم إني مع ذلك تقدمت إليه فلزمني بيدي ومدني إليه وجعل يلمس جانبي من كتفي إلى أن أصابت يده التوثة فعصرها بيده فأوجعني ثم استوى في سرج فرسه كما كان ، فقال لي الشيخ : أفلحت يا إسماعيل ! فتعجبت من معرفته باسمي فقلت : أفلحنا وأفلحتم إنشاء الله . قال : فقال : هذا هو الإمام قال : فتقدمت إليه فاحتضنته وقبلت فخذه ثم إنه ساق وأنا أمشي معه محتضنه فقال : ارجع فقلت : لا أفارقك أبدا فقال : المصلحة رجوعك فأعدت عليه مثل القول الأول فقال الشيخ : يا إسماعيل ما تستحيي ؟ يقول لك الامام مرتين : ارجع وتخالفه فجهني بهذا القول فوقفت فتقدم خطوات والتفت إلي وقال : إذا وصلت ببغداد فلا بد أن يطلبك أبو جعفر يعني الخليفة المستنصر فإذا حضرت عنده وأعطاك شيئا فلا تأخذه وقل لولدنا الرضي ليكتب لك إلى علي بن عوض فإنني أوصيه يعطيك الذي تريد . ثم سار وأصحابه معه فلم أزل قائما أبصرهم حتى بعدوا وحصل عندي أسف لمفارقته ، فقعدت إلى الأرض ساعة ثم مشيت إلى المشهد فاجتمع القوام حولي وقالوا نرى وجهك متغيرا أوجعك شئ ؟ قلت : لا ، قالوا : خاصمك أحد ؟ قلت : لا ليس عندي مما تقولون خبر ، لكن أسألكم هل عرفتم الفرسان الذين كانوا عندكم ؟ فقالوا : هم من الشرفاء أرباب الغنم ، فقلت : بل هو الإمام عليه السلام فقالوا : الامام هو الشيخ أو صاحب الفرجية ؟ فقلت هو صاحب الفرجية ، فقالوا : أريته المرض الذي فيك ، فقلت هو قبضه بيده ، وأوجعني . ثم كشفت رجلي فلم أر لذلك المرض أثرا فتداخلني الشك من الدهش فأخرجت رجلي الأخرى فلم أر شيئا فانطبق الناس علي ومزقوا قميصي فأدخلني القوام خزانة ومنعوا الناس عني ، وكان ناظر بين النهرين بالمشهد فسمع الضجة وسأل عن الخبر فعرفوه فجاء إلى الخزانة وسألني عن اسمي وسألني : منذ كم خرجت من بغداد ؟ فعرفته أني خرجت في أول الأسبوع فمشى عني وبت في المشهد وصليت الصبح وخرجت وخرج الناس معي إلى أن بعدت عن المشهد ورجعوا عني . ووصلت إلى أواني فبت بها وبكرت منها أريد بغداد فرأيت الناس مزدحمين على القنطرة العتيقة يسألون كل من ورد عليهم عن اسمه ونسبه وأين كان ؟ فسألوني عن اسمي ومن أين جئت فعرفتهم فاجتمعوا علي ومزقوا ثيابي ولم يبق لي في روحي حكم . وكان ناظر بين النهرين كتب إلى بغداد وعرفهم الحال ثم حملوني إلى بغداد ، وازدحم الناس علي وكادوا يقتلونني من كثرة الزحام ، وكان الوزير القمي قد طلب السعيد رضي الدين وتقدم أن يعرفه صحة هذا الخبر . قال : فخرج رضي الدين ومعه جماعة فوافينا باب النوبي فرد أصحابه الناس عني فلما رآني قال : أعنك يقولون ؟ قلت : نعم ، فنزل عن دابته وكشف فخذي فلم ير شيئا فغشي عليه ساعة وأخذ بيدي وأدخلني على الوزير ، وهو يبكي ويقول يا مولانا هذا أخي وأقرب الناس إلى قلبي . فسألني الوزير عن القصة فحكيت له فأحضر الأطباء الذين أشرفوا عليها وأمرهم بمداواتها ، فقالوا ما دواؤها إلا القطع بالحديد ومتى قطعها مات ، فقال لهم الوزير : فبتقدير أن يقطع ولا يموت في كم تبرأ ؟ فقالوا : في شهرين ويبقى في مكانها حفيرة بيضاء لا ينبت فيها شعر فسألهم الوزير متى رأيتموه قالوا : منذ عشرة أيام فكشف الوزير عن الفخذ الذي كان فيه الألم وهي مثل أختها ليس فيها أثر أصلا . فصاح أحد الحكماء : هذا عمل المسيح فقال الوزير : حيث لم يكن عملكم فنحن نعرف من عملها . ثم إنه احضر عند الخليفة المستنصر فسأله عن القصة فعرفه بها كما جرى فتقدم له بألف دينار فلما حضرت قال : خذ هذه فأنفقها فقال : ما أجسر آخذ منه حبة واحدة ، فقال الخليفة : ممن تخاف ؟ فقال : من الذي فعل معي هذا ؟ قال : لا تأخذ من أبي جعفر شيئا فبكى الخليفة ، وتكدر وخرج من عنده ولم يأخذ شيئا . قال علي بن عيسى عفى الله عنه : كنت في بعض الأيام أحكي هذه القصة لجماعة عندي وكان هذا شمس الدين محمد ولده عندي وأنا لا أعرفه فلما انقضت الحكاية قال : أنا ولده لصلبه فعجبت من هذا الاتفاق وقلت له : هل رأيت فخذه وهي مريضة ؟ فقال : لا لأني أصبو عن ذلك ولكني رأيتها بعد ما صلحت ولا أثر فيها وقد نبت في موضعها شعر . وسألت السيد صفي الدين محمد بن محمد بن بشير العلوي الموسوي ، ونجم الدين حيدر بن الأيسر رحمهما الله تعالى وكانا من أعيان الناس وسراتهم وذوي الهيئات منهم وكانا صديقين لي وعزيزين عندي فأخبراني بصحة القصة وأنهما رأياها في حال مرضها وحال صحتها . وحكى لي ولده هذا أنه كان بعد ذلك شديد الحزن لفراقه عليه السلام حتى أنه جاء إلى بغداد وأقام بها في فصل الشتاء وكان كل أيام يزور سامرا ويعود إلي بغداد فزارها في تلك السنة أربعين مرة طمعا أن يعود له الوقت الذي مضى ، أو يقضى له الحظ بما قضى ، ومن الذي أعطاه دهره الرضا ، أو ساعده بمطالبه صرف القضا ، فمات رحمه الله بحسرته وانتقل إلى الآخرة بغصته والله يتولاه وإيانا برحمته بمنه وكرامته)) .
جواب سماحة الشيخ الامام:
(( لا يمكنني الحكم بصحة هذه القصة لما فيها من ثغرات توجب بمجموعها التوقف فيها ، منها :-
إن السيد رضي الدين ابن طاووس لم ينقل هذه القصة في أي من كتبه مع انه شاهد عيان عليها ، و انفرد الأربلي بروايتها و رواها عن غير ابن طاووس مع ان ابن طاووس من مشايخه .
إن إسماعيل الهرقلي شخص لم يوثق و القصة أساساً منقولة عنه و ما جرى له ينفرد هو بروايته ، بمعنى انه هو الذي ينسب ما جرى له الى المهدي و يروي قصة ذلك .
ان الوزير مؤيد الدين القمّي المذكور في القصة لم يكن من الشيعة الإمامية ، بينما تظهره القصة انه ممن يعتقد بوجود المهدي و غيبته .
ان القصة تقول بان المهدي نهى إسماعيل الهرقلي عن أخذ مال من المستنصر بالله , و أحاله الى شخص اسمه علي بن عوض على أن يكتب اليه ابن طاووس ، و ان المهدي يوصيه بان يعطيه الذي يريد ثمَّ لا تذكر القصة شيئاً من ذلك لا من حيث الطلب من ابن طاووس أن يكتب الى علي بن عوض , و لا من حيث استلام اسماعيل الهرقلي شيئاً من علي بن عوض , و لم يعرف من هو علي بن عوض هذا , و لماذا يحيل اليه المهدي .
ورد في القصة ان الهرقلي خرج من بغداد يوم السبت قاصداً سامراء و انه كان في الاسبوع نفسه في سامراء , و بقي فيها الى يوم الخميس حيث جرت له قصة اللقاء ثم خرج يوم الجمعة فبات في منطقة اوانا و خرج منها يوم السبت قاصداً بغداد . ثم ذكر انه بعد أن وصل بغداد و عرف الوزير بخبره و أحضر الأطباء الذين كشفوا عنه قبل مغادرته بغداد الى سامراء و أخبروه بتعذر علاج التوثة ثم لما أحضرهم الوزير سألهم متى كشفوا عنه قالوا قبل عشرة أيام و هذا يعني أن مجموع ما استغرقه سفر الهرقلي من بغداد الى سامراء ذهاباً و من سامراء الى بغداد اياباً هو يومان يوم ذهاباً و يوم إيابا , مع أن المسافة بين بغداد و سامراء لا تقل عن ثلاثة و عشرين فرسخاً و من المستبعد جداً ان تقطع هذه المسافة على خيل في يوم واحد ذهاباً و يوم واحد اياباً , بل يحتاج المسافر في الظروف العادية الى ما لا يقل مجموعه عن خمسة أيام ذهاباً و إياباً , حيث لا بد من إراحة الخيل في الطريق و التوقف للصلاة و الأكل و الاستراحة خاصة لشخص مبتلى بهذه الغدّة .
السرعة المذهلة في اطلاع الناس على القضية و انتظارهم على أبواب المدينة لرؤية الهرقلي دون موعد مسبق سواء في أوانا أو في بغداد و بالطريقة التي يذكرها الهرقلي , و انفاذ من أسماه الناظر لكتاب الى بغداد بهذا الشأن و وصول الكتاب و تأثيره بهذه السرعة . مضافاً الى انّ المفروض حسب القصة اشتهار هذه القصة على المستوى الشعبي العام و انها حظيت باهتمام واسع بحيث استحقت متابعة الوزير ثم الخليفة مع أن هذه القصة لم تنقل الا من خلال الأربلي و لم يرد لها ذكر في أي كتاب آخر .
كل هذه النقاط اذا أخذت بعين الاعتبار أوجبت التوقف في صحة هذه القصة)) .
وهكذا اثبت سماحة الشيخ الامام عدم صحة هذه الروايات ، ومن ثم عدم اثبات اللقاء بالمهدي ، واللقاء هذا يعد من العقائد الهامة عند بعض الشيعة، عامة وخاصة.
***
ما يخالف القران

الذي سنقرأه في الرواية الاتية ، يمثل عقيدة ما زال الكثير من الشيعة الاثني عشرية يعتقدون بها ، مع العلم انها مخالفة للقرآن الكريم ، وكان على رجال الدين الشيعة ، و المفسرين التي اوردوها في تفاسيرهم ان يعرفوا انها تناقض القرآن الكريم ، فلا يأخذوا بها.
1 – (( يروى أن كميلاً جالساً مع أمير المؤمنين (ع) في مسجد البصرة ، ومعه جماعة من أصحابه ، فقال بعضهم : ما معنى قوله عز وجل : " فيها يفرق كل أمر حكيم " قال عليه السلام : ليلة النصف من شعبان ، والذي نفس علي بيده أنه ما من عبد إلا وجميع ما يجري عليه من خير وشر مقسوم له في ليلة النصف من شعبان إلى آخر السنة ، في مثل تلك الليلة المقبلة ، وما من عبدٍ يحييها ، ويدعو بدعاء الخضر (ع) إلا أجيب له ...
* ما الفرق بين هذه الرواية وبين هذه الآية " فيها يفرق كل أمر حكيم " الذي أجمع العلماء بأنها المقصود بها ليلة القدر في شهر رمضان ؟
* ما هو تأويل أن ليلة النصف من شعبان يقسم الآجال والأرزاق , وقد تظافرت الروايات أن تقسيم الآجال والأرزاق ليلة القدر في شهر رمضان المبارك ؟)).
جواب سماحة الشيخ الامام:
ولان منهجية سماحة الشيخ الامام تعتمد فحص السند والمتن فحصا موضوعيا ،وعرض الرواية على القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة عنده ، يجيب قائلا:
(( هذه الرواية رواية شاذة لا يؤخذ بها لمخالفتها لما ورد في القرآن الكريم بشأن ليلة القدر . و آيات القرآن تفسر بعضها بعضاً قال تعالى : { إنا أنزلناه في ليلة القدر } وهي واضحة الدلالة في أن إنزال القرآن الكريم كان في ليلة القدر . وقال تعالى في سورة الدخان : { إنا أنزلناه في ليلة مباركة أنا كنّا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم } وهي تعني بقرينة ما ورد في سورة القدر أن الليلة المباركة التي يفرق فيها كل أمر حكيم هي ليلة القدر وهي الليلة التي أنزل فيها الكتاب المبين وهو القرآن الكريم . ومن البعيد جداً أن يكون المقصود بالكتاب في سورة الدخان هو الكتاب الذي يسجل فيه ما يقسم للناس من أرزاق وآجال , وذلك لقوله تعالى : { إنا كنا منذرين } حيث تضفي هذه العبارة ظهوراً في أن المراد بالكتاب هو كتاب الهداية والإرشاد الذي أنزل على محمد صلى الله عليه واله وسلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور وهو القرآن الكريم . مضافاً إلى أن هذه الرواية ليست نقية السند )).
***
2 – (( هذا الحديث من مختصر بصائر الدرجات : أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن حماد بن عثمان عن محمد بن مسلم قال سمعت حمران بن اعين وابا الخطاب يحدثان جميعا قبل ان يحدث أبو الخطاب ما احدث انهما سمعا أبا عبد الله " ع " يقول اول من تنشق الارض عنه ويرجع إلى الدنيا الحسين بن علي عليهما السلام وان الرجعة ليست بعامة وهي خاصة لا يرجع الامن محض الايمان محضا أو محض الشرك محضا .
هل هذا الحديث صحيح سنداً ؟
هل طريق مختصر البصائر معتبر؟ )).
جواب سماحة الشيخ الامام:
(( السند المذكور للرواية في مفروض السؤال سند معتبر تام الاّ أنّ هذه الرواية ساقطة عن الحجية و ان كان لها بحسب الظاهر سند معتبر لمنافاتها للقرآن الكريم و كل ما ينافي القرآن الكريم فانه ساقط عن الحجية و لا إعتبار به .
و من وجوه منافاتها للقرآن انّ الله تعالى قال عن المشركين :{ حتى اذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلَي أعمل صالحاً فيما تركت كلا انها كلمة هو قائلها و من ورائهم برزخ الى يوم يبعثون } , و هذه الآية الكريمة تدلل بوضوح على أن المشرك بموته اذ ينتقل الى البرزخ فانه يبقى في البرزخ الى حين البعث و هذا ينافي دعوى رجعته للحياة الدنيا لان لازم رجعته انّ مكوثه في البرزخ ليس مكوثاً مستمراً الى يوم البعث و انما تتخلله العودة الى الحياة الدنيا قبل البعث . اذن مضمون الرواية ينافي هذه الآية . و كذلك ينافي قوله تعالى عن المتقين :{ لا يذوقون فيها الموت الا الموتة الأولى } وَ من محض الإيمان هو من جملة المتقين و على رأسهم و الآية بهذا المضمون آبية عن التقييد , فالرواية في مضمونها تتنافى مع مضمون هذه الآية فالرواية في مضمونها تنافي هاتين الآيتين , مضافاً الى أنها بما تتضمنه من قضية الرجعة مغايرة للثقافة القرآنية التي لا وجود فيها لقضية الرجعة بالمعنى الذي تطرحه روايات الرجعة , فإن المستفاد من مجموع الآيات القرآنية الكريمة التي تتحدث عن الموت و ما بعده أن الخط العام للبشرية هو انها تنتقل بالموت الى عالم ما بعده و تسلك مراحله نحو الآخرة دون عودة للدنيا .
{ قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم الى يوم القيامة لا ريب فيه و لكن أكثر الناس لا يعلمون } الجاثية 26 .
{ كيف تكفرون بالله و كنتم أمواتاً فاحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم اليه ترجعون } البقرة 28 .
{ و هو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ان الانسان لكفور } الحج 66 .
{ كل نفس ذائقة الموت و انما توفون أجوركم يوم القيامة } آل عمران 185 .
{ الله يتوفى الأنفس حين موتها و التي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت و يرسل الأخرى الى أجل مسمى } الزمر 42.
{ ثم أماته فأقبره ثم اذا شاء أنشره } عبس .
{ و جائت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد و نفخ في الصور ذلك يوم الوعيد } ق .
{ أفما نحن بميتين الا موتتنا الاولى و ما نحن بمعذبين ان هذا لهو الفوز العظيم . لمثل هذا فليعمل العاملون } الصافات 58-60 .
{ انك ميت و انهم ميتون ثم انكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون } .
فالمتحصل أن القول بالرجعة بالمعنى الذي تطرحه روايات الرجعة بعيد كل البعد عن الثقافة القرآنية . ولو كانت الرجعة ثابتة لذكر القرآن ذلك ببيان لا لبس فيه خاصة فيما يتصل بالوعد و الوعيد و إقتصاص المظلومين من الظالمين و إنتقام المؤمنين من الكافرين و لكان لذلك أثر في تحقيق أهداف الرجعة مع أنه ليس في القرآن الكريم شيء واضح في ذلك . و قد إستدل القائلون بالرجعة ببعض الآيات التي لا دلالة لها على ذلك أصلاً و تفصيل الكلام عن ذلك موكول الى محل آخر إن شاء الله تعالى و منه نستمد السداد و به الإعتصام)) .
تعليق:
نستفاد من جواب (فتوى) الشيخ الامام ان لا رجعة للميت مرة اخرى الى الحياة الدنيا اعتمادا على ما جاء في القرآن الكريم ، الا ان اعتقاد كل رجال الدين الشيعي بالرجعة اعتقادا لا شك فيه ، ويمكن مراجعة المضان المعتبرة عندهم لنرى مصداق هذا الاعتقاد ، وهو – حسب اجابة الامام الشيخ – اعتقاد خاطئ يناقض القرآن الكريم.([12])
***
وثوقية الرواة وصحة السند

دراسة الاحاديث النبوية علم واسع وكبير ، ويقوم هذا العلم الذي اخترعه ووضع اسسه ومقوماته المسلمون الاوائل ، على دراسة متن الحديث واسانيده ، وقد برع الكثير من العلماء فيه قديما وحديثا ، اذ قاموا ايضا بوضع تقسيمات محددة وبينة الحدود والسمات للاحاديث تلك .
وصنفت - خدمة لهذا العلم - المصنفات العديدة لدراسة رجال السند ، سميت بكتب الرجال عند الشيعة والسنة.
واذا كان سماحة الشيخ الامام قد اعتمد على ما قدمه الاولون في هذا العلم فإنه – ومن خلال مشروعه الاصلاحي والتجديدي - لم ينس دوره في ابداء رأيه (فتواه)([13]) في احاديث كثيرة عرضت عليه، وهنا ستقدم هذه الدراسة بعضا مما قاله في بعض الاحاديث.
***
1 - الاحاديث المرسلة:
الاحاديث المرسلة نوع من انواع الحديث النبوي حسب تقسيمات علماء الحديث ، والحديث المرسل هو : (هو الذي يرويه المحدث بأسانيد متصلة إلى التابعي فيقول التابعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم).([14])
وسماحة الشيخ الامام يرى : ( القاعدة العامة في المرسلات هي أنها ساقطة عن الحجية).
ومن اطرف ما قرأت عن الاحاديث المرسلة عند بعض علماء الدين الشيعي قول البعض : (( ولا يلزم من عدم ذكر اسم المنقول عنه في هذا المسلك أن يكون من المرسل . لما تقرر في الأصول أن الراوي إذا علم من حاله أنه لا يروي إلا عن الثقات كان إرساله اسنادا)). ([15])
السؤال :
(( هذا الحديث من الصدوق - الخصال : حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن - يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: السبت لنا، والاحد لشيعتنا، والاثنين لاعدائنا، والثلثاء لبني امية، والاربعاء يوم شرب الدواء، والخميس تقضى فيه الحوائج، والجمعة للتنظف والتطيب، وهو عيد المسلمين وهو أفضل من الفطر والاضحى، ويوم الغدير أفضل الاعياد، وهو ثامن عشر من ذي الحجة وكان يوم الجمعة، ويخرج قائمنا أهل البيت يوم الجمعة، ويقوم القيامة يوم الجمعة، وما من عمل يوم الجمعة أفضل من الصلاة على محمد وآله
هل هذا الحديث صحيح سنداً او مرسل ؟ )).
جواب سماحة الشيخ الامام:
(( هذه الرواية مرسلة و القاعدة العامة في المرسلات هي أنها ساقطة عن الحجية , الاَّ أنّ المرسِل في هذه الرواية هو محمد بن أبي عمير و قد إختلف علماء الدراية و الرجال من الإمامية في مرسلات ابن أبي عمير فمن لا يرى اعتبارها و يرى أنها لا تخرج عن القاعدة العامة في المرسلات فان هذه الرواية ستكون عنده ضعيفة سنداً و ساقطة عن الحجية . و من يرى اعتبار مرسلات ابن أبي عمير بلحاظ انه ممن شهد له بانه لا يروي و لا يرسل الا عن ثقة فهذه الرواية ستكون من ناحية السند معتبرة سنداً . الاّ أنّ هذه الرواية و ان كان لها بحسب الظاهر سند معتبر الاَّ انها ساقطة عن الحجية لما يشتمل عليه متنها من أوجه الخلل مما لا يمكن أن يكون صادراً من المعصوم بحسب مباني الإمامية فتكون الرواية حينئذ من الروايات التي تكذب متونها أسانيدها فلا يؤخذ بها و لا يعول عليها .
و أما أوجه الخلل فمنها :-
أولاً :- ما ورد فيها من خصوصيات أيام الأسبوع فهو من التشويش و الإضطراب بمكان , و أول ما يتبادر الى الذهن هو السؤال عن سنخ الاضافة المذكورة لأيام الاسبوع فهل هي اضافة في عالم التكوين أو هي اضافة في عالم التشريع أو هي إضافة خارجية في ما تقتضيه طبيعة الظروف و الحياة ؟ و على كل التقادير في الإضافة خلل و هي غير متسقة . مضافاً الى أن إضافة الجمعة الى التنظف و التطيب فتكون السمة البارزة ليوم الجمعة انه يوم تنظف و تطيب لا ينسجم مع الفضل العظيم المذكور ليوم الجمعة في الرواية و انه أفضل من الفطر و الأضحى و انه يوم خروج قائم أهل البيت و اليوم الذي تقوم فيه القيامة , فهل من المنطقي أن يوسم مثل هذا اليوم الذي له كل هذه الخصوصيات بانه يوم التنظف و التطيب و يجعل في سياق إضافة ايام أخر منها ما يضاف الى آل البيت عليهم السلام و منها ما يضاف الى شيعتهم ؟
و مما يثير التساؤل و الإستغراب و الدهشة أن لا يضاف يوم الجمعة مع ما له من الفضل حسب الرواية الى آل البيت أو شيعتهم و يضاف لآل البيت يوم السبت و هو يوم اليهود و يضاف الى شيعتهم يوم الأحد و هو يوم النصارى .
ثانياً :- ان ما ورد فيها من أن يوم الغدير كان يوم الجمعة مخالف للواقع , إذ برد التاريخ الهجري الى الميلادي يظهر أن يوم الثامن عشر من ذي الحجة لسنة عشر للهجرة يصادف يوم الخميس 15-3-632 م .
ثالثاً :- ما ذكر فيها من أفضلية يوم الجمعة على عيدي الفطر و الأضحى هو أمر غريب لا ينسجم مع الإرتكازات المتشرعية و لا مع نصوص أخرى .
رابعاً :- إن جعل يوم الغدير أفضل الأعياد يستبطن اسباغ صفة العيد الشرعي على يوم الغدير لكي يتحقق محل للمفاضلة مع أنه ليس في الإسلام عيد شرعي سوى عيدي الفطر و الأضحى فكيف تقوم المفاضلة بين ما ليس بعيد شرعي و ما هو عيد شرعي ؟
و هكذا يتضح ان هذه الرواية ليس لها إعتبار و لا يصح الأخذ بها )).
تتوضح من اجابة الشيخ الامام امور منها:
- لا صحة للاحاديث المرسلة .
- ليوم الجمعة افضلية غير الافضلية التي يخصصها له الحديث.
- ان يوم الغدير ليس عيدا شرعيا.(وستأتي الاجابة في موضعها عن يوم الغدير).
***
2 - عدم وثوقية الراوي: ([16])
(( هل هذا الحديث صحيح؟
محمد بن إدريس في آخر ( السرائر ) نقلا من كتاب (مسائل الرجال ) : عن محمد بن أحمد بن زياد وموسى بن محمد بن علي بن عيسى قال : كتبت إليه ـ يعني : علي بن محمد ( عليه السلام ) ـ أسأله عن الناصب ، هل أحتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت واعتقاد إمامتهما ؟ فرجع الجواب : من كان على هذا فهو ناصب)) .
جواب سماحة الشيخ الامام الامام:
(( هذه الرواية راويها هو محمد بن علي بن عيسى وهو غير ثابت الوثاقة , و مجرد تعبير النجاشي عنه بأنه كان وجهاً في قم لا يدل على الوثاقة . مضافاً الى ان ابن ادريس لم يذكر طريقه الى محمد بن علي بن عيسى فلا يمكن الحكم بتمامية سند الرواية .
أضف الى ذلك أن تطبيق عنوان الناصب على الشخص لمجرد تقديمه لأبي بكر و عمر رضي الله عنهما و إعتقاده إمامتهما مناف لمفهوم الناصب لغةً و عرفاً , كما انه لا يتمشى مع الواقع أصلاً , كيف و قد قاتل مع الإمام علي عليه السلام في الحروب التي خاضها أيام خلافته جمع غفير ممن كانوا يقدمون أبا بكر و عمر و يعتقدون امامتهما فكيف يحكم بنصبهم و قد قاتلوا مع علي و تحت رايته و يعدّ المقتول منهم معه شهيداً بإجماع الإمامية .على أن تطبيق عنوان الناصب بهذا النحو ينافي ما هو المعلوم و المعروف من سيرة أهل البيت عليهم السلام ومسلكهم .
فالحقيقة انّ هذه الرواية لا تتصف بالحجية و يجب الإعراض عنها , وقد أعرض عنها الكثير من فقهاء الإمامية و محققيهم و أكثر من أخذ بها هم من الأخبارية الذين لا وزن لمنهجهم لدى العلماء المحققين")) .
***
3 - عدم صحة السند والمتن:
(( هل هذا الحديث صحيح؟ ([17])
حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل - رضي الله عنه - قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن يعقوب بن يزيد، قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن سدير الصيرفي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: خلق نور فاطمة عليها السلام قبل أن تخلق الارض والسماء. فقال بعض الناس: يا نبي الله فليست هي إنسية ؟ فقال صلى الله عليه وآله: فاطمة حوراء إنسية قال: يا نبي الله وكيف هي حوراء إنسية ؟ قال: خلقها الله عزوجل من نوره قبل أن يخلق آدم إذ كانت الارواح فلما خلق الله عزوجل آدم عرضت على آدم. قيل: يا نبي الله وأين كانت فاطمة ؟ قال: كانت في حقة تحت ساق العرش، قالوا: يا نبي الله فما كان طعامها ؟ قال: التسبيح، والتهليل، والتحميد. فلما خلق الله عزوجل آدم و أخرجني من صلبه أحب الله عزوجل أن يخرجها من صلبي جعلها تفاحة في الجنة و أتاني بها جبرئيل عليه السلام فقال لي: السلام عليك ورحمة الله وبركاته يا محمد، قلت: وعليك السلام ورحمة الله حبيبي جبرئيل. فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام. قلت: منه السلام وإليه يعود السلام. قال: يا محمد إن هذه تفاحة أهداها الله عزوجل إليك من الجنة فأخذتها وضممتها إلى صدري. قال: يا محمد يقول الله جل جلاله: كلها. ففلقتها فرأيت نورا ساطعا ففزعت منه فقال: يا محمد مالك لا تأكل ؟ كلها ولا تخف، فإن ذلك النور المنصورة في السماء وهي في الارض فاطمة، قلت: حبيبي جبرئيل، ولم سميت في السماء " المنصورة " وفي الارض " فاطمة " ؟ قال: سميت في الارض " فاطمة " لانها فطمت شيعتها من النار وفطم أعداءها عن حبها، وهي في السماء " المنصورة " وذلك قول الله عزوجل: " يومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله ينصر من يشاء " يعني نصر فاطمة لمحبيها)).
جواب سماحة الشيخ الامام:
(( هذه الرواية غير صحيحة سنداً و متناً , أما السند فان راويها سدير ممن لم تثبت وثاقته , فلم يرد فيه توثيق , ودعوى وروده في أسانيد كامل الزيارات أو تفسير علي بن إبراهيم هي دعوى غير تامة لبطلان المبنى , كما ان دعوى ابن شهراشوب ان سديراً كان من خواص أصحاب الصادق عليه السلام غير مقبولة فقد تفرد بها ابن شهراشوب وهو متأخر دون أساطين علم الرجال من المتقدمين و لعله استفادها من روايات اما ان يكون راويها سدير نفسه أو من روايات مادحة لسدير مطعون في سندها .
مضافاً الى ان العلامة الحلي نقل عن علي بن احمد العقيقي قوله في سدير انه كان مخلطاً و هذا يعني ان له روايات منكرة .
و اما متنها فقد ورد في ذيل الرواية الإستشهاد بقوله تعالى { و يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء } و تفسير الآية الكريمة بان المقصود فيها نصر فاطمة لمحبيها مع ان الآية الكريمة لا علاقة لها بهذا الأمر لا من قريب ولا من بعيد , وهي غير قابلة للتطبيق عليه , فان الآية الكريمة تتحدث عن غلبة الروم لفارس بعد أن كانت فارس قد غلبتهم و قوله تعالى { يومئذ } أي يوم تغلب الروم فارس , كما أن المقصود بنصر الله تعالى الذي يفرح به المؤمنون هو نصر الله المسلمين على المشركين أو نصر الله تعالى الروم على فارس . و كل ذلك لا علاقة له بما ذكر في الرواية . فان قيل ان ذلك من باب التأويل و هو ما له علاقة ببطون القرآن الكريم .قلنا ان التفسير بالتأويل بما له علاقة ببطون القرآن الكريم لا يكون هكذا , و انما لا بد من وجود سنخ مناسبة بين الظاهر القرآني و المعنى المؤول , و من الواضح انه لا مناسبة لظاهر الآية الكريمة بالمعنى المشار اليه في الرواية .
ثم أن الرواية بعد ان ذكرت ان فاطمة عليها السلام سميت في السماء بالمنصورة فانها ذكرت أن الآية تشير الى ذلك , وفسرت نصر الله بانه نصر فاطمة لمحبيها , و هنا تكون فاطمة عليها السلام ناصرة فكيف ينسجم ذلك مع تلقيبها بالمنصورة ؟ فان كان الوجه في ذلك هوَ ان الله تعالى نصرها حيث مكنها أن تنصر محبيها فكانت منصورة من حيث انها ناصرة , كان الأجدر أن يطبق نصر الله تعالى على ذلك بان يكون المراد به نصر الله تعالى لفاطمة لأن ذلك هو الذي ينسجم مع تلقيبها بالمنصورة و لأن نصرها لمحبيها انما يرجع بالأساس الى نصر الله تعالى لها . وهكذا يتضح أن في متن الرواية فقرات غريبة تسقطها عن الحجية .
والحقيقة أن هذه الرواية التي رواها سدير مما يشهد لقول العقيقي فيه انه كان مخلطاً حيث يروي مرويات منكرة و هذه الرواية من شواهد ذلك )).
***
4 - صحة السند وغرابة المتن:
(( حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن أبان بن تغلب قال قال أبو عبد الله ع دمان في الإسلام حلال من الله عز و جل لا يقضي فيهما أحد بحكم الله حتى يبعث الله عز و جل القائم من أهل البيت ع فيحكم فيهما بحكم الله عز و جل لا يريد على ذلك بينة الزاني المحصن يرجمه و مانع الزكاة يضرب رقبته ، هل هذا الحديث صحيح سنداً ؟ )).
جواب سماحة الشيخ الامام:
(( سند الرواية حسب مباني الإمامية في علم الرجال معتبر . و لكن متنه غريب :-
ما ورد من أن أحداً لا يقضي في الذمين المذكورين بحكم الله تعالى . فهذا المضمون غريب جداً على تنوع المحتملات المتصورة في القضية و هي :-
المحتمل الأول :- عدم تحقق الجرم الموجب لهذه العقوبة الا بعد خروج القائم .
و هذا المحتمل باطل لتحقق الجرم .
المحتمل الثاني :- عدم ثبوت الجرم قضائياً أو عند الحاكم و هو محتمل باطل لتحقق ذلك تاريخياً .
المحتمل الثالث :- عدم قضاء أحد بحكم الله في هذا الجرم قبل خروج القائم .
و هذا المحتمل باطل ايضاً و قد ورد أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أقام حد الرجم على الزاني المحصن و الزانية المحصنة و وردت روايات في أن أميرالمؤمنين علياً عليه السلام أقام هذا الحد و أقيم في زمن خلافته . فهذا المضمون غريب .
التعبير في الرواية " يبعث الله عز و جل القائم " فهذا التعبير غريب لان البعث انما يستعمل في ارسال الرسل و بعث الانبياء و القائم ليس منهم جزماً فاستعمال هذا التعبير لبيان خروج القائم في غير محله .
ما ورد في متن الحديث من أن القائم لا يريد البينة للحكم على الزاني المحصن بالرجم و على مانع الزكاة بالقتل .
فان كان المقصود بذلك انه يقضي بعلمه كحاكم فهو يندرج في جواز قضاء القاضي بعلمه كقاضي لكن التعميم المذكور في الرواية غير صحيح لامكان ان لا يحصل له كقاضي العلم بالجرم فيحتاج الى البينة . و ان كان المقصود به انه يحكم بعلم الغيب فهذا مضافاً الى استناده الى مبنى باطل , فانّ القائم عليه أن يقيم شرع الله تعالى و يحكّم موازين القضاء الشرعية في مؤسساته القضائية و من هذه الموازين الرئيسة الأخذ بالبينة مضافاً الى أن المهدي حسب الروايات يحكم العالم كله و من غير المنطقي ان يتصدى للقضاء في كل ما يجري في العالم بنفسه فيحتاج الى مؤسسات قضائية و هي لا بد أن تستند الى موازين القضاء المتعارفة .
فهذه الرواية و ان كان لها بحسب الظاهر سند معتبر لكن غرابة متنها يوجب ردها )).
***
رفض البدعة

يعر الفراهيدي البدعة بـ : (إحداث شئ لم يكن له من قبل خلق ولا ذكر ولا معرفة ). ([18]).
اما في الدين خاصة فيعرفها الجواهري :( الحدث في الدين بعد الاكمال) .([19] ).
ويقسم المختصون البدعة الى قسمين : البدعة الحسنة والبدعة السيئة، ولا بدعة في ما فيه دليل من القرآن والسنة.
وقد ابتلى الفكر الاسلامي بالبدع السيئة التي هي مدار دراستنا هذه .
***
بدعة عيد الغدير:
((س :هل عيد الغدير أفضل من عيد الفطر و الأضحى ؟ )).
جواب سماحة الشيخ الامام:
(( هذه المفاضلة ليس لها محل من حيث المبدأ لانه لا يوجد في الإسلام عيد شرعي غير عيدي الفطر والأضحى)) .
***
عن زواج المتعة:
(( هل هذا الحديث صحيح سنداً ؟ كتاب حسين بن سعيد و النوادر: ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (ع) قال ما تفعلها عندنا إلا الفواجر . بحار الانوار ج.100 .هل طريقه من المجلسي لكتاب حسين بن سعيد و النوادراحمد بن محمد بن عيسى صحيح؟ )). ([20])
جواب سماحة الشيخ الامام:
(( هذه الرواية مروية في نوادر أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم , و سندها في النوادر معتبر، و قد رواها صاحب الوسائل عن النوادر و سنده الى كتاب النوادر معتبر)) .
تعليق:
من جواب الشيخ الامام عن صحة السند والمتن ، يمكن الوصول الى فتوى تقول ان زواج المتعة زواج غير شرعي، لان من تفعله هي المرأة الفاجرة.
***
عدم رفض المخالفين لعقيدة الشيعة

ذكر الكليني في الكافي ص 67 عن الامام ابي عبد الله – حسب اسناده - :
(( ... قال : ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة فيؤخذ به ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة ووافق العامة ، قلت : جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة ووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا لهم بأي الخبرين يؤخذ ؟ قال : ما خالف العامة ففيه الرشاد)).
والعامة عند الشيعة هم السنة، أي ان ما خالفهم على الرغم من صحته ففيه الرشاد والاخذ به.
ناقشنا هذا الامر في كتابنا (وقفات مع الكليني في الكافي) وبينا عدم صحة هذا الحديث ، الا ان رجال الدين الشيعة يأخذون به في امور كثيرة.
وسماحة الشيخ الامام المؤيد لا يأخذ بهذا الحديث ، بل اساس بناء فتواه يعتمد الدليل من القرآن والسنة النبوية الصحيحة سندا ومتنا.
***
1 - الصلاة مع السنة:
((سئل مرجع شيعي لبناني عن إجزاء صلاة الجمعة مع أهل السنة فأجاب بأنها غير مجزية عن صلاة الظهرو هو يعني كما يعرف سماحتكم عدم وقوع الجمعة مع أهل السنة صحيحة و الا لو كانت صحيحة لأجزأت حالها حال الجمعة خلف إمام شيعي معللاً ذلك بأن الشروط تامة غير محققة . فما هو رأي سماحتكم ؟)).
جواب سماحة الشيخ الامام:
(( يقع جوابنا على هذا السؤال في نقطتين :-
1-الذي أذهب اليه و أفتي به هو صحة صلاة الجمعة مع أهل السنة و إجزاؤها عن صلاة الظهر .
2-الفتوى المشار اليها في السؤال قد صيغت صياغة ضبابية من حيث ضبابية التعليل الوارد فيها إذ المقصود بعدم تمامية الشروط ان كان يرجع الى شروط إمام الجمعة فهذا يعني عدم صحة صلاة الجمعة خلف إمام سني . و حينئذ هذه الفتوى خاطئة حتى بمعايير الفقه الإمامي لأنّ ما دلّ على صحة و إجزاء الصلاة جماعة في الصلوات اليومية خلف إمام سني يدل بنفسه على صحة صلاة الجمعة خلفه و إجزائها و النصوص الواردة بخصوص صلاة الجمعة و المستدل بها على عدم الإجزاء مخدوشة اما سنداً أو متناً أو دلالةً , و إن كان المقصود بها ما يرجع الى سائر الشروط الأخرى اذا لم تتوفر كشرط المسافة المعينة بين جمعتين حسب الفقه الإمامي لم تصح الجمعة حتى لو كانت خلف إمام شيعي)) .
ويكمل سماحته في اجابة لسؤال مماثل، فيقول : (الصلاة خلف إمام جماعة سني جائزة وصحيحة ، وكل من الإمام والمأموم يعمل بمقتضى مذهبه ).

***
2 - صلاة التراويح:
(( إن كانت صلاة التراويح بدعة لم يقم بها النبي (ص) فهل كل مالم يقم به النبي (ص) بدعة ، فإذا كان هناك من يصلي 100 ركعة في اليوم فهل ذلك بدعة ،حتى وإن لم يقم بها النبي صلي الله عليه واله و سلم؟ ))
جواب سماحة الشيخ الامام:
(( المعروف عند فقهاء الإمامية هو عدم مشروعية صلاة التراويح أي صلاة نافلة شهر رمضان جماعة والى هذا ذهب عدد من أئمة الزيدية وفقهائهم . وَ اعتبرها الإمامية بدعة بإعتبار أن الجماعة غير مشروعة في النوافل , و إنما تشرع في الفرائض اليومية وفي بعض الصلوات كصلاة الجمعة والعيدين والإستسقاء .
والذي أذهب اليه و أفتي به هو مشروعية صلاة الجماعة في النوافل وعلى هذا فان صلاة التراويح مشروعة وليست بدعة مضافاً الى ذلك ورد الخبر المعتبر الدال على مشروعيتها بالخصوص فقد روى الإمام زيد بن علي في مجموعه الحديثي عن أبيه عن جده عن علي عليهم السلام أنه أمرالذي يصلي بالناس صلاة القيام في شهر رمضان أن يصلي بهم عشرين ركعة يسلم في كل ركعتين ويراوح ما بين كل اربع ركعات فيرجع ذو الحاجة و يتوضأ الرجل , وأن يوتر بهم من آخر الليل حين الإنصراف .
ودعوى أن ذلك محمول على التقية خاطئة جداً فلم يكن علي عليه السلام يتقي أحداً في أحكام الله عز وجل ولو كان يرى التراويح بدعة لذكر ذلك وإستدل عليه , وكم قضية خالف فيها كبار الصحابة وبعضهم كان على سدة الخلافة وجهر برأيه دون تقية , ولم يكن خلافه في الرأي موجباً لأي شائبة عليه من ألآخرين , وبشكل عام كان الصحابة يختلفون في الفتوى دون أن يؤدي الإختلاف الى تباغض أو تناحر او ما شاكل . ومما يدلل على ان ذلك لم يكن تقية هو انه أمر بصلاة عشرين ركعة , مع ان الناس قبل ذلك كانوا يصلون أقل من عشرين ركعة مما يدلل على ان أمره بالتراويح لم يكن مماشاة لغيره .
هذا وقد نقل العلامة محمد بن يحيى الحوثي الزيدي في كتابه المختار من صحيح الأحاديث و الآثار عن الحسن بن يحيى وهو من أئمة الزيدية قوله : أجمع آل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم على أن التراويح ليست بسنة من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولا من أمير المؤمنين عليه السلام و أن علياً قد نهى عنها و أن الصلاة عندهم وحداناً أفضل وكذلك السنة الا الفريضة فإن الجماعة فيها أفضل .
ونلاحظ على ذلك :-
أولاً :- كيف يتحقق الإجماع وقد روى الامام زيد الرواية المتقدمة الدالة على مشروعية التراويح ومشروعية صلاة الوتر جماعة , وقد رواها دون أن يبدي أي تحفظ عليها ولا على الحكم نفسه .
ثانياً:- كيف أجمعوا على أن علياً عليه السلام نهى عنها والإمام زيد يروي ما يدل على خلاف ذلك .
ثالثاً :- ان عدم كون التراويح سنة من النبي صلى الله عليه واله وسلم لا يدل على انها بدعة إذ غاية الأمر ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لم يسن الجماعة في قيام رمضان , لكن هذا لا يعني انها غير مشروعة اذ لا ملازمة بين الأمرين كما هو واضح . ثم التعبير بانها وحداناً أفضل ينفي بدعيتها .
رابعاً :- نقل عن بعض أئمة الزيدية انه كان يصلي التراويح بأهله في بيته وهذا يعني انها ليست بدعة في نفسها .
خامساً :- قد يكون التعبير بالبدعة في بعض الكلمات يقصد به ما يقابل السنة لا ما يقابل المشروع فلا دلالة له على عدم المشروعية .
سادساً :- لو كان علي عليه السلام ينهى عن صلاة التراويح لعرف عنه ذلك , ولتضافر نقله لا سيما اذا كان النهي عنه أيام خلافته عليه السلام . بينما تضافر النقل على انه كان يأمر بالتراويح ويقيم لها أئمة . فعن ابي عبد الرحمن السلمي وغيره أن علياً قام بهم في رمضان . وعن عرفجة أن علياً كان يأمر الناس بقيام شهر رمضان ويجعل للرجال إماماً وللنساء إماماً . قال :- فأمرني فأممت النساء .
وعن أبي عبد الرحمن السلمي وغيره قال : دعا علي القراء فأمر منهم رجلاً يصلي بالناس عشرين ركعة وكان علي يوتر بهم .
سابعاً :- روى الإمام الربيع في مسنده عن ابي عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فصلى بصلاته ناس ثم صلى الليلة الثانية فكثر الناس ثم تجمعوا في الليلة الثالثة والرابعة فلم يخرج اليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح قال : قد رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج اليكم الا أني خشيت أن يفرض عليكم . وذلك في رمضان .
وسند الرواية معتبر , مما يدل على مشروعية التراويح , فلم يأت عمر رضي الله عنه ببدعة وإنما جمعهم على إمام واحد وقد نقل ان ذلك كان بتحريض من علي عليه السلام .
ففي كنز العمال عن علي عليه السلام قال : أنا حرضت عمر على قيام شهر رمضان و أخبرته أن فوق السماء السابعة حظيرة يقال لها حظيرة القدس يسكنها قومٌ يقال لهم الروح فاذا كانت ليلة القدر استأذنوا ربهم تبارك وتعالى في النزول الى الدنيا فيأذن لهم فلا يمرون بأحد يصلي أو على الطريق الا دعوا له فأصابه منهم بركة , فقال عمر : يا أبا الحسن فنحرض الناس على الصلاة حتى تصيبهم البركة ؟ فأمر الناس بالقيام .
وفي مصنف ابن ابي شيبة وفي كنز العمال وفي المغني : خرج علي أول ليلة من رمضان والقناديل تزهر وكتاب الله يتلى فقال : نور الله لك يا ابن الخطاب في قبرك كما نورت مساجد الله تعالى بالقرآن )).
***
عدة المطلقة اليائس:
(( قرات في احدى اجاباتكم ان المطلقة اليائس تعتد وعدتها ثلاثة اشهر قمرية، ومن المعلوم ان اليائس لاعدة عليها )).
جواب سماحة الشيخ الامام:
(( عدم اعتداد اليائسة هو المعروف عند فقهاء الإمامية . ولكن الذي أفتي به وأذهب إليه هو وجوب العدة على المطلقة اليائسة و أختلف في هذا الأمر مع ما هو المعروف عند فقهاء الإمامية فالأدلة التي استدلوا بها على عدم وجوب العدة على اليائسة هي محل مناقشة عندي فالصحيح هو ما ذهب إليه جمهور المسلمين من وجوب العدة على المطلقة اليائسة )).
تعليق:
1 - جاء في (الأحكام الشرعية - الشيخ المنتظري - ص 486) :
(( مسألة 2714 : لا عدة للمرأة التي لم تبلغ تسع سنين ، ولا للمرأة اليائس . يعني يجوز لها أن تتزوج بعد الطلاق فورا ، حتى لو كان الزوج قاربها )).
2 – في (حواريات فقهية - السيد محمد سعيد الحكيم - ص 249) :
(( - إذا كانت بالغة مدخولا بها غير يائس ولا حامل فعدتها حيضتان كاملتان )).
***
الشعائر الحسينية
يمارس بعض العامة من الشيعة دون الخاصة من رجال الدين بعض الممارسات المستوردة من الهند ([21]) ، كاللطم وضرب الرؤوس بالسيوف والقامات ، وضرب الظهر بالزناجير ، وقد افتى الكثير من مجتهدي الشيعة بحرمتها ، وسكت البعض عنها ، لانها اعمال مستحبة برأيهم الفقهي ، اما الذين حرموها فلم تنشر فتاويهم بين عامة الشيعة ، وهذا يعني قبول فعلها من باب الاستحباب ، الا ان سماحة الشيخ الامام له رأي صريح بها ،وهو حرمة هذه الممارسات.
***
1- معنى الشعائر الحسينية:
(( س 1 - هل التبرع بالدم في يوم عاشوراء او يوم أربعينية الحسين عليه السلام يعتبر من شعائر الحسينية ؟ خصوصا ما يتردد في أواسط الناس ان بدل التطبير وضرب الزناجير الأفضل التبرع بالدم.
س 2 - هل التطبير و الضرب الزناجير والتي تدمي الشخص مباح في رأي سماحتكم ؟ أي هل يقع إشكال شرعي على ذلك ؟
س 3 - هل التطبير والضرب الزناجير يعتبر من الشعائر الحسينية ؟ خصوصا مجتمعا يمارسها من سنين)).
جواب سماحة الشيخ الامام:
(( جواب السؤال الأول: لا يعتبر من الشعائر الحسينية و إن كان فيه ثواب جزيل و خدمة إنسانية , و هو ممارسة صحيحة بدلاً عن التطبير الذي هو ممارسة خاطئة و فعل محرم .
جواب السؤال الثاني: لا يجوز التطبير و ضرب الزناجيل .
و في ذلك إشكال شرعي , فإن التطبير و ضرب الزناجيل عمل محرم , و ليس ذلك من الشعائر الحسينية , و اذا أتى الشخص به على أنه من الشعائر يكون مبتدعاً و يأثم إثمين إثماً لحرمة العمل نفسه , و إثماً للابتداع .
جواب السؤال الثالث: لا يعتبر من الشعائر الحسينية , و طول الممارسة لا يجعلها شعيرة , و إنما هي عادة خاطئة و عمل محرم)) .
***
2 - ضرب الزنجيل والتطبير:
(( ماحكم سماحتكم في الممارسات التي تشوب الشعائر الحسينية من قبيل الزنجيل والتطبير وكل ما من شئنه الحاق اذى بالجسد )).
جواب سماحة الشيخ الامام:
(( لاشك في ان نهضة الامام الحسين عليه السلام لم تكن حدثا تاريخيا عابرا أو واقعة مأساوية كسائر الوقائع العادية التي تحفل بها الازمنة, وانما كانت واقعة من اهم الوقائع الكبرى التي يهتز لها الوجدان الانساني وتطبع بصماتها على الناس . وقلما يظفر المتأمل في سجل التاريخ بحادثة كحادثة كربلاء , وقضية كقضية أبي الاحرار الامام الحسين عليه السلام في اثارتها للوجدان الجماهيري وتحريكها للعاطفة الانسانية بصورة مستمرة وبالزخم نفسه الذي زلزلت به ساحة الاحداث في المقطع الذي وقعت فيه تلك الملحمة الخالدة التي ترائت للناس اسطورة في ماعرضته من مشاهد وسطرته من معاني وخلفته من آثار . وقد خلقت هذه الحادثة قاعدة جماهيرية متصلة تبنتها وتعهدت بالنضال في سبيلها هدفا وفكرا ومنهجا ورصيدا وعملا , وكان لهذا الامر دوره في ادامة هذه القضية وترسيخها في الالباب والقلوب , انها ظاهرة تناغم أخاذ بين هذه القضية التي توقد بحرارتها النفوس فتطفق تعبر عما يجول فيها من رؤى ومشاعر وبين هذه النفوس التي جندت لأداء وظيفتها ازاء هذه القضية كالزيت يحترق بالنار فيمونها لتبقى شعلتها ملتهبة وملهبة مادام له وجود . وقد تعرٌضت هذه القضية لافراط وتفريط , أما التفريط فهو المحاولات غير المبررة لجعلها من الحوادث التأريخية العادية أو شبه العادية واعطائها طابعا محدودا وتسطيحها , فضلا عن محاولات انسائها واقتلاعها من سجل الذكريات , بل منع البعض من اظهار الحزن والبكاء وانشاد المراثي مدخلا لها في الجانب الشخصي للقضية وكانها من قبيل التفجع على موت انسان مع انها ليست كذلك جزما ,فان الحزن والبكاء والرثاء لاجل المظلومية امر تنزع اليه النفس الانسانية حسب فطرة الله التي فطر الناس عليها فكيف يحول الشارع بحكم بين النفس وما فطرت عليه وهذا غير التفجع لحادثة الموت نفسها حيث ان الموت هو قدر الله الماضي على جميع خلقه . وهذا يعبر عن جانب التفريط في القضية وهو امر لايتقبله منطق التاثير التاريخي . واما جانب الافراط فهو الذي يتعامل مع هذه القضية من خلال تضخيم بعض تفاصيلها استنادا الى روايات ضعيفة أو التركيز على جانب الماساة والمغالاة في تحريك العاطفة الانسانية ليتحول التعاطي معها الى حالة الانفعال العاطفي واهمال المحتوى العظيم والثر الذي يتصل بفلسفة هذه النهضة ودراسة ابعادها المتنوعة واستخلاص العبر والدروس منها واستنطاقها لتبقى الحادثة الملهمة على الدوام . وقد يصل هذا التركيز العاطفي الى درجة التعبير عن العاطفة وابراز التـفاعل مع المأساة بألوان واشكال من الممارسات التي تعطي صورة مشوهة عن الطريقة المعقولة في احياء الذكرى فتوجد انعكاسا سلبيا على الذكرى نفسها,بل يتسرب من خلالها الوهن الى القاعدة الفكرية التي تنطلق منها . ولذا فاننا نرى أن هذه الممارسات غير صحيحة وليست فيها مصلحة ويجب تنزيه الشـعائر الحسينية منها والعمل على احياء الذكرى بالطرق الصحيحة التي تـتـنــاسب وعظمتها وما تستحقه من فاعلية وبقاء ولا نعني بذلك اغفال الجانب العاطفي والمأساوي في القضية لكن يتم ابراز عنصر المأساة وما فيه من تحريك للوجدان وما يتمخض عنه من تعبير تتوهج من خلاله العاطفة الانسانية بالاداء الصحيح الذي يتماشى والطبع العقلائي بما يحفظ للفكرة هيبتها وللحادثة عمق تأثيرها الايجابي وبالله التوفيق )).
***
القصص في القرآن

ضم القرآن الكريم سورا وايات جاءت بشكل قصصي تروي لنا حياة الانبياء والرسل السابقين لنبينا محمد (ص) ، وكذلك قصص عن الاقوام السالفة عن عصر البعثة النبوية ، وقصص اخرى في مواضيع شتى ، وان المراد من تلك القصص كما قال الله سبحانه عدة وظائف لم تكن الوظيفة التاريخية احداها: ([22])
(تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ) (لأعراف:101)
(وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) (هود:120)
(كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) (طـه:99)
(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً) (الفرقان:32)
اذن وظيفتها هي : ( تثبيت فؤاد النبي ، موعظة وذكرى للمؤمنين ).
وقد درس المسلمون قديما وحديثا ، هذه القصص وبينوا وظيفتها وسبب ورودها في كتاب الهي، وانقسم المسلمون فيها الى قسمين : قسم قال انها حدثت حقيقة في الواقع ، اما القسم الثاني ، فمنهم من قال ان قصص القرآن اخذت الاطار العام لما حدث واقعا ولم تفصّل ، ومنهم من قال : انها جاءت للتمثيل ولم تقع حقيقة ، او ان لها اصل حقيقي.
وقد تناول الشيخ الامام محمد عبدة (من المتأخرين ) في بداية القرن الماضي هذه القصص - على سبيل المثال - فقال عنها : ([23])
(( وتقرير التمثيل في القصة على هذا المذهب هكذا. ان اخبار الله الملائكة يجعل الانسان خليفة في الارض هو عبارة عن تهيئة الارض وقوى هذا العالم وارواحه لوجود نوع من المخلوقات يتصرف فيها فيكون بها كمال الوجود في هذه الارض .
وسؤال الملائكة عن جعل خليفة يفسد في الارض لانه يعمل باختياره ويعطي استعدادا في العلم والعمل لاحد لهما هو تصوير لما في استعداد الانسان لذلك وتمهيد لبيان انه لا ينافي خلافته في الارض . وتعليم ادم الاسماء كلها بيان لاستعداد الانسان لعلم كل شيء في هذه الارض وانتفاعه به في استعمارها. وعرض الاسماء على الملائكة وسؤالهم عنها وتنصلهم في الجواب تصوير لكون الشعور الذي يصاحب كل روح من الارواح المدبرة للعوالم محدودا لا يتعدى وظيفته. وسجود الملائكة لادم عبارة عن تسخير هذه الارواح والقوى له ينتفع بها في تربية الكون بمعرفة سنن الله تعالى في ذلك . واياه ابليس واستكباره عن السجود تمثيل لعجز الانسان عن اخضاع روح الشر وايطال داعية خواطر السوء التي هي مثال التنازع والتخاصم والتعدي و الافساد في الارض . ولولا ذلك لجاء على الانسان زمن يكون فيه افراده كالملائكة بل اعظم او يخرجون عن كونهم من هذا النوع البشري... الخ )) .
وقال كذلك عند تفسيره لقصة هاروت وما روت من سورة البقرة ما يلي :
((: بينا غير مرة ان القص جاءت في القرآن لاجل الموعظة والاعتبار لا لبيان التاريخ ولا للحمل على الاعتقاد بجزئيات الاخبار عند الغابرين وانه ليحكي من عقائدهم الحق والباطل ومن تقاليدهم الصادق والكاذب ومن عاداتهم النافع والضار لاجل الموعظة والاعتبار فحكاية القرآن لا تعدو موضع العبرة ولا تتجاوز مواطن الهداية ولا بد ان يأتي في العبارة اوالسياق واسلوب النظم ما يدل على استحسان الحسن واستهجان القبيح)). ص 205 – المصدر السابق.
بعد ذلك يقول الاستاذ خلف الله : (( ونستطيع ان نختم هذا العرض لاقوال المفسرين بذلك النص الواضح البين الذي يصور رأي الاستاذ الامام في القصة التمثيلية . جاء في المنار ما يلي:
واما تفسير الايات على طريقة الخلف في التمثيل فقال فيه ان القرآن كثيرا ما يصور المعاني بالتعبير عنها بصيغة السؤال والجواب او باسلوب الحكاية لما في ذلك من البيان والتأثير فهو يدعو بها الاذهان الى ما وراءها من المعاني كقوله تعالى " يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد" فليس المراد ان الله تعالى يستفهم منها وهي تجاوبه وانما هو تمثيل لسعتها وكونها لا تضيق بالمجرمين مهما كثروا ونحو قوله عز وجل بعد ذكر الاستواء الى خلق السماء " فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا آتيا طائعين" والمعنى في التمثيل ظاهر.)) ص196 – المصدر السابق.
***
وعن ورود قصة ياجوج وماجوج في القرآن الكريم ، يسأل احد المؤمنين سماحة الشيخ اللامام المؤيد قائلا:
(( الموضوع الذى اثيره امامكم اخذ حيزا واسعا و اهتماما كبيرا من قبل علماء الدين و المفسرين بل حتى طلاب الدراسات العليا الذين جعلوا من هذا الموضوع مجال البحث فى الا طروحة المقدمة للحصول على شهادة الماجستير او الدكتوراه .
الموضوع يتعلق بقصة ياجوج و ماجوج مع ذى القرنين الواردة فى سورة الكهف ، لقد اطلعت على الكثير من كتب التفسير و الكتب الخاصة بهذا الموضوع و كذلك بعض المواقع الدينية و استطيع ان الخص النتيجة بما يلى :
- الغالبية العظمى تشير الى احاديث للرسول عليه الصلاة و السلام تذكر فيه وجود هذه الاقوام و تتوسع فى ذكر صفاتها و خواصها التى تختلف عن صفات البشر و انها موجودة منذ ذلك الوقت محجوزة خلف السد و الى قرب قيام الساعة وانها تقوم بحفر فتحة فى هذا السد يوميا الا ان هذه الفتحة تعود فتنغلق و تتكرر هذه الحالة بشكل يومى و الى قيام الساعة .
- بعض المفسرون ينهون عن الاستفهام عن هذا الموضوع و يجب اخذ ه كما هو و يعتبرون ان هذا الاستفسار انما يعتبر تشكيكا فى مصداقية ما ورد فى القران الكريم .
وردت استفسارات عديدة جدا الى المواقع الدينية كما قراتها تسال عن اين توجد هذه الاقوام و بهذه الاعداد الهائلة و اين هذا السد الذى يحجزهم و كيف لم يمكن اكتشاف وجودهم الى الان بالرغم من التطور العلمى الذى لم يترك اى بقعة من الارض دون معرفة ما موجود على سطحها او فى باطنها و طبقاتها ، ان هذا السؤال اجده مشروعا طالما ان الغاية منه هو المعرفة و ليس التشكيك او التكذيب
- بعض المفسرون شرحوا بان السد قد دك فى وقته و ان هذه الاقوام قد خرجت و اندمجت مع غيرها من الاقوام و انهم سيعاودون الظهور قرب قيام الساعة .
هنا اود ان استفسر من سماحتكم حول ما يلى :
ما هى رؤية سماحتكم حول هذه القصة المتعلقة بياجوج و ماجوج و قصة السد ؟
هل ان الاستفسار عن تفاصيل هذا الموضوع يعتبر غير مشروع كما يعتبره بعض علماء الدين )).
جواب سماحة الشيخ الامام:
(( لا يعتبر الاستفسار عن هذه القصة أمراً غير مشروع , فليس هناك من النصوص الشرعية ما يمنع من الاستفسار أو ما يحجر على العقول . و للانسان أن يبحث دائماً حتى يتمكن من الوصول الى الحقيقة , و ليس في البحث تكذيب للقرآن الكريم فالقرآن الكريم له مصداقية تتضائل أمامها و تذوب كل نقاط التشكيك , و ليس من المنطقي أن يعكس الانسان جهله الناشيء من قصور في رؤيته أو نضب في مادة بحثه على القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه . و ما أكثر الحقائق التي جاء بها القرآن الكريم و لم تكتشف في قرون مضت ثم جاء التطور العلمي ليكشف هذه الحقائق التي سبق اليها القرآن الكريم .
و لا بد للباحث أن يتقيد بمنهج معين في التعامل مع آيات القرآن الكريم فيما يتصل بامثال هذه الامور . فالقرآن الكريم ليس كتاب تاريخ أو جغرافيا و ليس كتاباً لبيان حقائق الفيزياء أو الكيمياء أو ما شاكل , و انما هو كتاب هداية و دستور عمل و سفر عقيدة و ايمان , و اذا تطرقت بعض آياته الى قصص تاريخية فليس الغرض منها سرد التاريخ و انما الغرض بيان الدروس و العبر التي تصب في الاهداف المتوخاة للقرآن الكريم ككتاب هداية و ايمان . و من هنا نجد أن آيات القرآن الكريم لا تتوقف كثيراً عند التفاصيل التاريخية الا في حدود معينة يقتضيها هدف النص القرآني .
و من هنا فان الآيات الكريمة التي تحدثت عن ذي القرنين و الأحداث التي جرت له لم تدخل في تفاصيل شخصية ذي القرنين و لا الخصوصيات الزمكانية لهذه الأحداث لان الهدف ليس الا استخلاص الدروس و العبر التي تتصل بالعقيدة و السلوك الايماني .
و من الامور المهمة كمنهج في التعامل مع الايات القرآنية التي تتحدث عن أحداث تاريخية :-
عدم التعويل على الأحاديث المروية في تفسير هذه الآيات مما لا ينسجم و حدود هذه الآيات و معطياتها أو لا ينسجم مع الواقع القطعي لان كثيراً من هذه الأحاديث ضعيف أو موضوع أو مدسوس من الإسرائيليات .
لا يصح محاكمة ما يعرضه القرآن الكريم الى التاريخ و قد أشار المرحوم سيد قطب في كتابه القيّم في ظلال القرآن الى هذه الحقيقة قائلاً :-
" و من البديهي أنه لا تجوز محاكمة القرآن الكريم الى التاريخ لسببين واضحين :-
أولهما :- ان التاريخ مولود حديث العهد فاتته أحداث لا تحصى في تاريخ البشرية لم يعلم عنها شيئاً . و القرآن يروي بعض هذه الأحداث التي ليس لها لدى التاريخ علم عنها .
و ثانيهما :- ان التاريخ – و ان وعى بعض هذه الأحداث – هو عمل من أعمال البشر القاصرة يصيبه ما يصيب جميع أعمال البشر من القصور و الخطأ و التحريف . و نحن نشهد في زماننا هذا – الذي تيسرت فيه اسباب الاتصال و وسائل الفحص – أن الخبر الواحد أو الحادث الواحد يروى على أوجه شتى و ينظر اليه من زوايا مختلفة و يفسر تفسيرات متناقضة و من مثل هذا الركام يصنع التاريخ مهما قيل بعد ذلك في التمحيص و التدقيق .
فمجرد الكلام عن استفتاء التاريخ فيما جاء به القرآن الكريم من القصص كلام تنكره القواعد العلمية المقررة التي ارتضاها البشر قبل أن تنكره العقيدة التي تقرر أن القرآن هو القول الفصل " .
و أقول يجب الالتفات الى ما يلي :-
لا يعوّل على الأحاديث التي توسعت في ذكر خصوصيات هذه القصة لا سيما ما يخرج عن حدود ما جاء به القرآن الكريم و ما لا يسنده الواقع القطعي و ما لا ينسجم و مضمون الآيات الكريمة الواردة بهذا الشأن .
ان عدم وجود شواهد تاريخية فيما بين أيدينا من تاريخ لا يمكن أن يزعزع ايماننا بصحة ما ورد في القرآن الكريم لان مصداقية القرآن الكريم فوق كل الشبهات و لأن المنهج العلمي يرفض محاكمة آيات القرآن الى التاريخ كما تقدم قبل قليل .
يجب التقيد بفهم معتدل لآيات القرآن الكريم و عدم تحميلها ما لا تحتمل فعلى سبيل المثال ليس في قوله تعالى " فما اسطاعوا أن يظهروه و ما أستطاعوا له نقبا " دلالة على التأبيد الدائم و انما يمكن أن يكون وصفاً للحالة في وقت بناء السد و في ذلك المقطع الزماني فلا ينافي تطور الأحداث فيما بعد و تغير المشهد التاريخي لذا لا يمكن طرح التساؤل عن أنه كيف لم يتم إكتشاف وجود هؤلاء الى الآن برغم التطور العلمي , لسبب بسيط و هو أن الآية الكريمة تتحدث عن مقطع زمني لا ينفي تغير المشهد التاريخي بفعل تسلسل الأحداث . و ليس من الصحيح تحميل الآيات أكثر من مداليلها . و قوله تعالى " قال هذا رحمة من ربي فاذا جاء وعد ربي جعله دكاء و كان وعد ربي حقاً " لا دلالة له على بقاء المشهد التاريخي الحاصل في ذلك الوقت . لأن المذكور في الآية الكريمة نقل لكلام ذي القرنين و هذا يعني تصور ذي القرنين نفسه . مضافاً الى أن الحديث هو عن السد نفسه و ليس عن الأقوام التي خلفه .
ان عدم اكتشاف السد على فرض عدم تشخيصه لا يثير أدنى شك في ما جاء به القرآن الكريم فالآية لم تذكر زمان هذا الحدث فقد يكون حدثاً بعيداً جداً في أعماق التاريخ السحيقة و يكون السد موجوداً حقيقة لكن التغيرات الجيولوجية أخفته . و نحن نشهد في زماننا إكتشاف آثار لم تكن معروفة أصلاً قبل عقود من الزمن بفعل التنقيبات الأثرية و تكتشف مدن تحت التراب , و التنقيبات الأثرية لم تبلغ مداها في جميع بقاع الأرض فمن الممكن أن يفاجأ الناس بفتح علمي أثري يكتشف هذا السد .
هذا , و للعلامة الطاهر بن عاشور في تفسيره بيان يرى فيه أن ذا القرنين كان ملكاً من ملوك الصين و ذلك لما يلي :-
ان بلاد الصين اشتهر أهلها منذ القدم بأنهم أهل تدبير و صنايع .
ان معظم ملوكهم كانوا أهل عدل و تدبير .
ان من سماتهم تطويل شعر رؤوسهم و جعلها في ظفيرتين .
ان سداً وردما عظيماً لا يعرف له مثيل في العالم موجود بين الصين و بلاد المغول و هو المشهور بالسور الأعظم .
ما روته أم حبيبة عن زينب بنت جحش رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه آله و سلم خرج ليلة فقال ويل للعرب من شر قد أقترب فتح اليوم من الردم ماجوج و ياجوج هكذا و أشار بعقد تسعين من السبابة و الابهام .
و من المعلوم أن زوال عظمة سلطان العرب كان على يد المغول فيتعين أن ياجوج و ماجوج هم المغول و أن الردم هو الفاصل بين الصين و منغوليا و كان موجوداً في حدود سنة 247 ق.م .
وهكذا يصل الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى الى أن الردم المذكور في الآية الكريمة هو سور الصين العظيم الذي بناه أحد ملوك الصين .
لكن المذكور عن سور الصين أنه مبني من الطين و الحجارة بينما القرآن الكريم يتحدث عن سور مبني من الحديد الذي أذيب عليه النحاس حيث أن إختلاط النحاس المذاب بالحديد يزيد من صلابته و قيل ان هذه الطريقة استخدمت حديثاً في تقوية الحديد حيث وجد أن اضافة نسبة من النحاس اليه تضاعف مقاومته و صلابته فكان هذا الذي هدى الله تعالى اليه ذا القرنين و ذكره في القرآن الكريم سبقاً للعلم البشري الحديث بقرون .
اذن ليس المقصود بالردم سور الصين و ربما يكون السد أمام هجمات المغول لكن ليس سور الصين و انما سد آخر لم يتم إكتشافه لحد الآن أو أن سور الصين ليس كله من طين و حجارة و انما كان جزء منه قديماً قد استعمل في بنائه الحديد و القطر .
و كيفما كان فإننا نتقيد بالحدود المذكورة في الآيات الكريمات , و قد ذكرته الآيات الكريمات لأخذ العبر و الدروس الإيمانية و لا يهمنا أين كان هذا السد مكاناً و في أي زمان و انما المهم وقوع هذه القضية كحدث تاريخي أخبر عن وقوعه القرآن الكريم و من أصدق من الله حديثاً)) .
تعليق:
اذن ، لا يمكن محاكمة قصص القرآن محاكمة التاريخ، لان الله سبحانه وتعالى لم يرد ذلك وانما اراد منها ان تؤدي دورا مهما هو :( تثبيت فؤاد النبي ، موعظة وذكرى للمؤمنين) اما غير ذلك فليس من مهاتها .
***
في السياسة

الفهم الواقعي للعلاقة بايران:
ربما هذا الموضوع لا علاقة لهما بدراسات هذا الجزء ، الا ان بعض الساسة العرب والكتاب وضعوا جميع شيعة العراق في الجانب الايراني ، اذ صنفوهم على اساس مذهبي ، أي تابعين الى ايران في كل شيء (المذهب والسياسة)، فتدخلت السياسة في المذهبية ، واذا كان بعض ما قالوه ينطبق الى حد ما على البعض من شيعة العراق وهم اقلية جدا ، الا ان اغلبية الشيعة في العراق ينظرون الى ايران نظرة غير مذهبية ، وانما نظرة سياسية بحت، لهذا السبب كان هذا الموضوع هنا.
***
(( سؤالي لكم هو كالتالي:- هل صحيح أنكم إتهمتم إيران على أنها أخطر من أمريكا وإسرائيل في خبر سابق ؟ )).
جواب سماحة الشيخ الامام:
((جاء ذلك في حديث عن مخاطر النفوذ الايراني في العالم العربي و الاسلامي بحكم أن النظام الايراني له مشروع قومي ايراني يوظف الاسلام و المذهب كأدوات لتسويق هذا المشروع و بسط الهيمنة و النفوذ لمصالح ايرانية لا تنسجم مع المصلحة الاسلامية الرسالية , و قد جاءت هذه المقارنة بلحاظ أن الستراتيجية الاسرائيلية واضحة في عدائيتها للعرب و المسلمين و لا يمكن ان تنطلي عليهم بينما تتستر الستراتيجية الإيرانية ببرقع الدين و المذهب فتنطلي على كثير من الناس فهي أخطر من هذه الناحية)) . ([24])
***
ملحق – 1 -
مفهوم الرجعة في المذهب الشيعي الامامي

جاء في (الرجعة في أحاديث الفريقين - الشيخ نجم الدين الطبسي - ص 2 وما بعدها) :
(( ان مسألة الرجعة من أمهات المسائل العقائدية ومما أجمعت عليها الامامية وقامت عليها عشرات من الروايات الصحيحة كما حدثت في الأمم السابقة كرات ومرات واتفق أيضا رجوع عشرات الأموات إلى الدنيا في هذه الأمة ، وكتب الفريقين طافحة بذكر أسمائهم وقصصهم وقضاياهم . ومع ذلك لا أدري ما هذا الموقف السلبي من بعض إخواننا المسلمين ، والضوضاء و هذه الأجواء ولماذا هذا النحو من التهجم الشرس ضد عقيدة مستوحاة من أكثر من خمسة مأة رواية فليكن عذرهم جهلهم بالحقائق والمصادر أضف إلى ذلك العصبية العمياء التي تحول دون استيعاب الواقع . نسأل الله حسن العاقبة (... ) الرجعة في اللغة : بالفتح هي المرة في الرجوع ومعناه العود إلى الدنيا بعد الموت .
1 - قال ابن فارس : " رجع : الراء والجيم والعين ، أصل كبير مطرد منقاس ، يدل على رد و تكرار . تقول : رجع يرجع رجوعا إذ أعاد وراجع الرجل امرأته وهي الرجعة والرجعة . . . والاسم الرجعة . . ..
2 - ابن الأثير : " الرجعة : المرة في الرجوع ومنه حديث ابن عباس : . . . سأل الرجعة عند الموت . . . أي سأل ان يرد إلى الدنيا ليحسن العمل ويستدرك ما فات . . . والرجعة مذهب من العرب . . . ومذهب طائفة من فرق المسلمين . . . ".
3 - الفيروزآبادي : " يؤمن بالرجعة أي بالرجوع إلى الدنيا بعد الموت ".
4 - الطريحي : " الرجعة بالفتح ، اي المرة في الرجوع بعد الموت بعد ظهور المهدي عليه السلام ".
5 - الشيرازي : " الرجعة كضربة ، الرجوع وفلان يؤمن بالرجعة أي بالرجوع ، رجوع النبي ( صلى الله عليه وآله ) والمؤمنين إلى الدنيا " .
الرجعة في الاصطلاح : وهي عندنا بمعني رجوع الحجج الإلهية ورجوع الأئمة الطاهرين ورجوع ثلة من المؤمنين وغيرهم إلى الدنيا بعد قيام دولة المهدي . وقد فسرها البعض برجوع دولة الحق لا رجوع الأموات إلى الدنيا وهو تفسير شاذ لا يقول به مشهور الامامية .
1 - قال الصدوق : " إن الذي تذهب إليه الشيعة الإمامية ، ان الله تعالي يعيد عند ظهور لمهدي قوما ممن كان تقدم موته من شيعته وقوما من أعدائه " .
2 - وقال المفيد : " اتفقت الامامية على وجوب رجعة كثير من الأموات إلي الدنيا قبل يوم القيامة وان كان بينهم في معنى الرجعة اختلاف " .
وقال أيضا : " انما يرجع إلى الدنيا عند قيام القائم من محض الايمان أو محض الكفر محضا فأما سوى هذين فلا رجوع إلى يوم المآب ".
توضيح الاختلاف : لعل المراد بالاختلاف الذي أشار إليه الشيخ المفيد هو تأويل بعض الشيعة الإمامية ، للأخبار المستفيضة في الرجعة إلى رجوع دولة الحق ، ورجوع الامر و النهي إلي الأئمة ( عليهم السلام ) والى شيعتهم واخذهم بمجاري الأمور ، دون رجوع أعيان الأشخاص واليه أشار الشيخ الصدوق قائلا : " وان قوما من الشيعة تأولوا الرجعة على معناها : رجوع الدولة والامر والنهي من دون رجوع الأشخاص وإحياء الأموات ". أقول : وهؤلاء كأنهم عجزوا عن فهم هذه الروايات وتصحيح القول بالرجعة استنادا إلى النصوص المتظافرة . الامكان والوقوع . قبل الخوض في الأدلة واثبات هذه الفكرة ، لدينا سؤال يطرح نفسه وهو هل ان الرجعة امر ممكن ذاتا أم ممتنع ومحال . والجواب : لا يرى العقل اي استبعاد في ذلك ولا يراها من الممتنعات العقلية كاجتماع النقيضين والضدين وذلك لان مفاد الرجعة التي نعتقدها هي عبارة عن احياء بعض النفوس في هذه النشأة بعد ما ذاقت الموت وهذا امر ممكن الحصول والوقوع وشئ معقول ، كيف وهو من رشحات قدرة الخالق تعالى قدره الذي عمت قدرته جميع الممكنات . اذن لا يلزم من القول بها محال ولا المنافاة للتكليف بل على المستشكل فيها من الالتزام بأحد الامرين : اما انكار الصغرى ودعوى ان الرجعة ليست من الأمور الممكنة . أو انكار الكبرى ودعوى ان الله ليس بقادر - والعياذ بالله - على أن يحيي الموتى ، وكلاهما في حيز المنع بلا ريب . وحينئذ : فلو قامت الأدلة الصحيحة على هذه العقيدة والفكرة . فمن اللازم قبولها والالتزام بها ، كأي عقيدة من العقائد الاسلامية التي تبناها المسلمون والتزموا بها نتيجة لقيام البراهين الصحيحة والأدلة القاطعة . هل الرجعة امر واقع ؟ قد يقال : هب أن الرجعة امر ممكن ولكن هل هو امر واقع ؟ إذ ليس كل امر ممكن هو واقع أيضا . والجواب : لدينا شواهد قرآنية وأحاديث شريفة ونصوص تاريخية ، تصرح بالحيات بعد الموت - في هذه الدنيا - وتحقق الرجعة في الأمم السابقة وفي هذه الأمة المرحومة بالذات وقد صنف بعض علماء السنة في هذا الحقل مصنفات وأوردوا قائمة بأسماء الذين رجعوا إلى الدنيا بعد الموت )).
***
وجاء في (عقائد الإمامية - الشيخ محمد رضا المظفر - ص 80 وما بعدها) :
((إن الذي تذهب إليه الإمامية أخذا بما جاء عن آل البيت عليهم السلام أن الله تعالى يعيد قوما من الأموات إلى الدنيا في صورهم التي كانوا عليها ، فيعز فريقا ويذل فريقا آخر ، ويديل المحقين من المبطلين والمظلومين منهم من الظالمين ، وذلك عند قيام مهدي آل محمد عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام . ولا يرجع إلا من علت درجته في الإيمان أو من بلغ الغاية من الفساد ، ثم يصيرون بعد ذلك إلى الموت ، ومن بعده إلى النشور وما يستحقونه من الثواب أو العقاب ، كما حكى الله تعالى في قرآنه الكريم تمني هؤلاء المرتجعين الذين لم يصلحوا بالارتجاع فنالوا مقت الله أن يخرجوا ثالثا لعلهم يصلحون : ( قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل ) " المؤمن : 11 " . نعم قد جاء القرآن الكريم بوقوع الرجعة إلى الدنيا ، وتظافرت بها الأخبار عن بيت العصمة . والإمامية بأجمعها عليه إلا قليلون منهم تأولوا ما ورد في الرجعة بأن معناها رجوع الدولة والأمر والنهي إلى آل البيت بظهور الإمام المنتظر ، من دون رجوع أعيان الأشخاص وإحياء الموتى . والقول بالرجعة يعد عند أهل السنة من المستنكرات التي يستقبح الاعتقاد بها ، وكان المؤلفون منهم في رجال الحديث يعدون الاعتقاد بالرجعة من الطعون في الراوي والشناعات عليه التي تستوجب رفض روايته وطرحها . ويبدو أنهم يعدونها بمنزلة الكفر والشرك بل أشنع ، فكان هذا الاعتقاد من أكبر ما تنبز به الشيعة الإمامية ويشنع به عليهم . ولا شك في أن هذا من نوع التهويلات التي تتخذها الطوائف الإسلامية فيما غبر ذريعة لطعن بعضها في بعض والدعاية ضده . ولا نرى في الواقع ما يبرر هذا التهويل ، لأن الاعتقاد بالرجعة لا يخدش في عقيدة التوحيد ولا في عقيدة النبوة ، بل يؤكد صحة العقيدتين ، إذ الرجعة دليل القدرة البالغة لله تعالى كالبعث والنشر ، وهي من الأمور الخارقة للعادة التي تصلح أن تكون معجزة لنبينا محمد وآل بيته صلى الله عليه وعليهم وهي عينا معجزة إحياء الموتى التي كانت للمسيح عليه السلام ، بل أبلغ هنا لأنها بعد أن يصبح الأموات رميما ( قال من يحيى العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ) " يس : 79 " . وأما من طعن في الرجعة باعتبار أنها من التناسخ الباطل ، فلأنه لم يفرق بين معنى التناسخ وبين المعاد الجسماني ، والرجعة من نوع المعاد الجسماني ، فإن معنى التناسخ هو انتقال النفس من بدن إلى بدن آخر منفصل عن الأول ، وليس كذلك معنى المعاد الجسماني ، فإن معناه رجوع نفس البدن الأول بمشخصاته النفسية فكذلك الرجعة . وإذا كانت الرجعة تناسخا فإن إحياء الموتى على يد عيسى عليه السلام كان تناسخا ، وإذا كانت الرجعة تناسخا كان البعث والمعاد الجسماني تناسخا . إذن ، لم يبق إلا أن يناقش في الرجعة من جهتين ( الأولى ) أنها مستحيلة الوقوع ( الثانية ) كذب الأحاديث الواردة فيها . وعلى تقدير صحة المناقشتين فإنه لا يعتبر الاعتقاد بها بهذه الدرجة من الشناعة التي هو لها خصوم الشيعة . وكم من معتقدات لباقي طوائف المسلمين هي من الأمور المستحيلة أو التي لم يثبت فيها نص صحيح ، ولكنها لم توجب تكفيرا وخروجا عن الإسلام ، ولذلك أمثلة كثيرة : منها الاعتقاد بجواز سهو النبي أو عصيانه ، ومنها الاعتقاد بقدم القرآن . ومنها القول بالوعيد ، ومنها الاعتقاد بأن النبي لم ينص على خليفة من بعده . على أن هاتين المناقشتين لا أساس لهما من الصحة ، أما أن الرجعة مستحيلة فقد قلنا أنها من نوع البعث والمعاد الجسماني غير أنها بعث موقوت في الدنيا ، والدليل على إمكان البعث دليل على إمكانها . ولا سبب لاستغرابها إلا أنها أمر غير معهود لنا فيما ألفناه في حياتنا الدنيا ، ولا نعرف من أسبابها أو موانعها ما يقربها إلى اعترافنا أو يبعدها وخيال الانسان لا يسهل عليه أن يتقبل تصديق ما لم يألفه ، وذلك كمن يستغرب البعث فيقول ( من يحيي العظام وهي رميم ) فيقال له : ( يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ) . نعم في مثل ذلك ، مما لا دليل عقلي لنا على نفيه أو إثباته أو نتخيل عدم وجود الدليل ، يلزمنا الرضوخ إلى النصوص الدينية التي هي من مصدر الوحي الإلهي ، وقد ورد في القرآن الكريم ما يثبت وقوع الرجعة إلى الدنيا لبعض الأموات كمعجزة عيسى عليه السلام في إحياء الموتى ( وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله ) وكقوله تعالى ( أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه ) والآية المتقدمة ( قالوا ربنا أمتنا اثنتين . . . ) فإنه لا يستقيم معنى هذه الآية بغير الرجوع إلى الدنيا بعد الموت ، وإن تكلف بعض المفسرين في تأويلها بما لا يروي الغليل ولا يحقق معنى الآية . وأما المناقشة الثانية ، وهي دعوى أن الحديث فيها موضوع ، فإنه لا وجه لها لأن الرجعة من الأمور الضرورية فيما جاء عن آل البيت من الأخبار المتواترة . وبعد هذا ، أفلا تعجب من كاتب شهير يدعي المعرفة مثل أحمد أمين في كتابه ( فجر الإسلام ) إذ يقول : ( فاليهودية ظهرت في التشيع بالقول بالرجعة ) ، فأنا أقول له على مدعاه : فاليهودية أيضا ظهرت في القرآن بالرجعة ، كما تقدم ذكر القرآن لها في الآيات المتقدمة . ونزيده فنقول : والحقيقة أنه لا بد أن تظهر اليهودية والنصرانية في كثير من المعتقدات والأحكام الإسلامية لأن النبي الأكرم جاء مصدقا لما بين يديه من الشرائع السماوية وإن نسخ بعض أحكامها ، فظهوراليهودية أو النصرانية في بعض المعتقدات الإسلامية ليس عيبا في الإسلام ، على تقدير أن الرجعة من الآراء اليهودية كما يدعيه هذا الكاتب . وعلى كل حال فالرجعة ليست من الأصول التي يجب الاعتقاد بها والنظر فيها ، وإنما اعتقادنا بها كان تبعا للآثار الصحيحة الواردة عن آل البيت عليهم السلام الذين ندين بعصمتهم من الكذب ، وهي من الأمور الغيبية التي أخبروا عنها ، ولا يمتنع وقوعها)) .
***
جاء في (أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - ص 458 وما بعدها ) :
((إن فكرة الرجعة التي تحدثت عنها بعض الآيات القرآنية والأحاديث المروية عن أهل بيت الرسالة مما يشنع بها على الشيعة ، فكأن من قال بها رأى رأيا يوجب الخروج عن الدين ، غير أن هؤلاء نسوا أو تناسوا أن أول من أبدى نظرية الرجعة هو الخليفة عمر بن الخطاب ، فقد أعلن عندما شاعت رحلة النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) بأنه ما مات وليعودن فيقطعن أيدي وأرجل أقوام . . . عن أبي هريرة قال : لما توفي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قام عمر بن الخطاب ، فقال : إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) توفي ، وإن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والله ما مات ، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران ، فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ، ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات ، والله ليرجعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كما رجع موسى ، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مات! ! ولا يخفى أن كلام الخليفة لو كان كلاما حقيقيا لا بد أن يحمل على أن النبي ما مات موتا لا رجوع فيه وإنما يرجع فيقوم بما أخبر عنه الخليفة ، ولو أراد من نفي موته أنه ما زال حيا فهو خلاف رأي جميع الصحابة الذين اتفقوا على موته ( صلى الله عليه وآله ) ، ولم يكن موت النبي ( صلى الله عليه وآله ) أمرا يدركه جميع الناس ولا يدركه الخليفة . إن الرجعة بمعنى عود جماعة قليلة إلى الحياة الدنيوية قبل يوم القيامة ثم موتهم وحشرهم مجددا يوم القيامة ليس شيئا يضاد أصول الإسلام ، وليس فيه إنكار لأي حكم ضروري ، وليس القول برجعتهم إلى الدنيا يلغي بعثهم يوم القيامة ، وكيف لا يكون كذلك وقد أخبر سبحانه عن رجوع جماعة إلى الحياة الدنيوية ، نظير :
1 - إحياء جماعة من بني إسرائيل.
2 - إحياء قتيل بني إسرائيل.
3 - موت ألوف من الناس وبعثهم من جديد .
4 - بعث عزير بعد مائة عام من موته.
5 - إحياء الموتى على يد عيسى ( عليه السلام ). فلو كان الاعتقاد برجوع بعض الناس إلى الدنيا قبل القيامة أمرا محالا ، فما معنى هذه الآيات الصريحة في رجوع جماعة إليها ؟ ولو كان الرجوع إلى الدنيا على وجه الإطلاق تناسخا فكيف تفسر هذه الآيات ؟ إن الاعتقاد بالذكر الحكيم يجرنا إلى القول بأنه ليس كل رجوع إلى الدنيا تناسخا ، وإنما التناسخ الباطل عبارة عن رجوع الإنسان إلى الدنيا عن طريق النطفة والمرور بمراحل التكون البشري من جديد ليصير إنسانا مرة أخرى ، وأين هذا من الرجعة وعود الروح إلى البدن الكامل من جميع الجهات من دون أن يكون فيها رجوع من القوة إلى الفعلية ، أو دخول روح في بدن آخر ، إنسانا كان أو حيوانا ؟ ! اتفقت الشيعة على بطلان التناسخ وامتناعه ، وقد كتبوا فيه مقالات ورسائل يقف عليها من كان له إلمام بكتبهم وعقائدهم ، وقد ذكروا أن للتناسخ أنواعا وأقساما ، غير أن الرجوع إلى الدنيا من خلال دخول الروح إلى البدن الذي فارقه عند الموت لا يعد تناسخا ، وإنما هو إحياء للموتى ، الذي كان معجزة من معاجز المسيح . كل ذلك يدل على أنه ليس أمام القول بالرجعة عراقيل وموانع ، وإنما هو أمر ممكن لو دل عليه الدليل القطعي نأخذ به وإلا فنتركه في سنبله ، والحال أن بعض الآيات والروايات تدل على أنه سيتحقق الرجوع إلى هذه الدنيا قبل يوم القيامة لبعض الناس على وجه الإجمال ، وأما من هم ؟ وفي أي وقت يرجعون ؟ ولأي غرض يعودون إلى الدنيا ؟ فليس هنا مقام بيانها ، إنما نكتفي ببيان بعض الآيات الدالة على وقوعه قبل البعث ، وإليك الآيات . قال سبحانه : { وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون * ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون }. لا يشك من أمعن النظر في سياق الآيات وما ذكره المفسرون حولها ، في أن الآية الأولى تتعلق بالحوادث التي تقع قبل يوم القيامة ، وعليه تكون الآية الثانية مكملة لها ، وتدل على حشر فوج من كل جماعة قبل يوم القيامة ، والحال أن الحشر في يوم القيامة يتعلق بالجميع لا بالبعض ، يقول سبحانه : { ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا }. أفبعد هذا التصريح يمكن تفسير الآية السابقة بيوم البعث والقيامة ؟ وهذه الآية تعرب عن الرجعة التي تعتقد بها الشيعة في حق جماعة خاصة ، وأما خصوصياتها فلم يحدث عنها القرآن الكريم ، وجاء التفصيل في السنة . وقد سأل المأمون العباسي الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن الرجعة ، فأجابه بقوله : " إنها حق قد كانت في الأمم السالفة ونطق بها القرآن وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يكون في هذه الأمة كل ما كان في الأمم السالفة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ". وأما من هم الراجعون ؟ وما هو الهدف من إحيائهم ؟ فيرجع فيه إلى الكتب المؤلفة في هذا الموضوع ، وإجمال الجواب عن الأول : أن الراجعين لفيف من المؤمنين ولفيف من الظالمين . وقال المفيد ناقلا عن أئمة أهل البيت : إنما يرجع إلى الدنيا عند قيام القائم من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا ، وأما ما سوى هذين فلا رجوع لهم إلى يوم المآب. وقال أيضا في المسائل السروية : والرجعة عندنا تختص بمن محض الإيمان ، ومحض الكفر دون ما سوى هذين الفريقين. وإجمال الجواب عن الثاني ما ذكره السيد المرتضى ، قال : إن الله تعالى يعيد عند ظهور المهدي - عجل الله تعالى فرجه الشريف - قوما ممن كان تقدم موته من شيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ومشاهدة دولته ، ويعيد أيضا قوما من أعدائه لينتقم منهم . ملاحظات جديرة بالانتباه 1 - إن الرجعة وإن كانت من مسلمات عقائد الشيعة ، ولكن التشيع ليس منوطا بالاعتقاد بها ، فمن أنكرها فقد أنكر عقيدة مسلمة بين أكثر الشيعة ، ولكن لم يكن ركنا من أركان التشيع ، ولأجل ذلك نرى أن جماعة من الشيعة أولوا الأخبار الواردة في الرجعة إلى رجوع الدولة إلى شيعتهم وأخذهم بمجاري الأمور دون رجوع أعيان الأشخاص ، والباعث لهم على هذا التأويل هو عجزهم عن تصحيح القول بها نظرا واستدلالا ، ولكن المحققين من الإمامية ، أخذوا بظواهرها وبينوا عدم لزوم استحالة عقلية على القول بها لعموم قدرة الله على كل مقدور ، وأجابوا عن الشبه الواردة عليها ، وإلى هذا الاختلاف يشير الشيخ المفيد بقوله : واتفقت الإمامية على رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة وإن كان بينهم في معنى الرجعة اختلاف . ويشير إلى الاختلاف تلميذه الجليل الشريف المرتضى في المسائل التي وردت عليه من الري ومنها حول حقيقة الرجعة ، فأجاب : بأن الذي تذهب إليه الشيعة الإمامية أن الله تعالى يعيد عند ظهور المهدي قوما ممن كان تقدم موته من شيعته ، وقوما من أعدائه ، وأن قوما من الشيعة تأولوا الرجعة على أن معناها رجوع الدولة والأمر والنهي إلى شيعتهم ، من دون رجوع الأشخاص ، وإحياء الأموات .
2 - كيف يجتمع إعادة الظالمين مع قوله سبحانه : { وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون } فإن هذه الآية تنفي رجوعهم بتاتا ، وحشر لفيف من الظالمين يخالفها . والإجابة عن السؤال واضحة ، فإن الآية مختصة بالظالمين الذين أهلكوا في هذه الدنيا ورأوا جزاء عملهم فيها ، فالآية تحكم بأنهم لا يرجعون ، وأما الظالمون الذين رحلوا عن الدنيا بلا مؤاخذة فترجع طائفة منهم ليروا جزاء عملهم فيها ثم يردون إلى أشد العذاب في الآخرة ، فالآية تنفي رجوع طائفة من الظالمين الذين ماتوا حتف الأنف .
3 - إن الظاهر من قوله تعالى : { حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون * لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون } هو نفي الرجوع إلى الدنيا بعد مجئ الموت لأي أحد . والإجابة عنها واضحة ، فإن الآية كسائر السنن الإلهية الواردة في حق الإنسان ، فهي تفيد أن الموت بطبعه ليس بعده رجوع ، وهذا لا ينافي رجوع البعض استثناء ولمصالح عليا ، كما مرت الآيات الواردة في هذا المضمار . أضف إلى ذلك أن عود بعض الظالمين إلى الدنيا - على القول بالرجعة - إنما هو لأجل عقابهم والانتقام منهم ، وأين هذا من طلب هؤلاء الكفار الرجوع لأجل تصحيح عملهم والقيام بما تركوه من الصالحات ، ورد هذا الفرع من الرجوع لا يكون دليلا على نفي النوع الأول منه .
***
جاء في ( الرجعة أو العودة إلى الحياة الدنيا بعد الموت - مركز الرسالة - ص 6 وما بعدها ) :
(( ولقد اتخذت الرجعة وسيلة للطعن والتشنيع على مذهب الإمامية حتى عدها بعض المخالفين من المستنكرات التي يستقبح الاعتقاد بها ، مع أن الدليل على إمكانها وارد في الكتاب الكريم بصريح العبارة وبما لا يقبل التأويل أو الحمل ، ومع أنها من أشراط الساعة كنزول عيسى ( عليه السلام ) وظهور الدجال وخروج السفياني وأمثالها من القضايا الشائعة عند المسلمين ولا يترتب على اعتقادهم بها أدنى إنكار لأي حكم ضروري من أحكام الإسلام ، وفوق ذلك أن الرجعة دليل على القدرة البالغة لله تعالى كالبعث والنشور ، وهي من الأمور الخارقة للعادة التي تصلح أن تكون معجزة كبرى لنبينا وآل بيته المعصومين ( عليهم السلام ) . فمن أجل توضيح مباني هذا الاعتقاد وإزالة اللبس الذي يعتري أذهان البعض حوله ، قام مركزنا بإصدار هذه الدراسة التي تحتوي على ستة فصول تلم بأطراف الموضوع تعريفا وأدلة وأحكاما باعتماد ما ورد في الكتاب العزيز والأحاديث المستفيضة عن النبي الأكرم وأهل بيته الطاهرين ( عليهم السلام ) ، نسأل الله تعالى أن ينفع بها . إنه ولي التوفيق مركز الرسالة المقدمة الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على الحبيب المصطفى الأمين وآله الهداة الميامين وصحبهم المتقين . وبعد : إن أنباء الغيب وحوادث المستقبل وما سيقع من الفتن والملاحم وعلامات الظهور وأشراط الساعة وغيرها تعد من المسائل التي أولاها المحدثون أهمية خاصة ، ذلك لأن الكتاب الكريم والسنة المباركة يدلان على أن الموت ليس هو النتيجة النهائية لرحلة الروح والبدن في هذا الكون ، بل هو نافذة تطل على حياة جديدة وعوالم مختلفة * ( أيحسب الانسان أن يترك سدى * ألم يك نطفة من مني يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوى * فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى * أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ) *. روى سعد بن عبد الله الأشعري بالإسناد عن بريدة الأسلمي ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( كيف أنت إذا استيأست أمتي من المهدي ، فيأتيها مثل قرن الشمس ، يستبشر به أهل السماء وأهل الأرض ؟ فقلت : يا رسول الله بعد الموت ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : والله إن بعد الموت هدى وإيمانا ونورا . قلت : يا رسول الله ، أي العمرين أطول ؟ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الآخر بالضعف ). وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : ( أيها الناس ، إنا خلقنا وإياكم للبقاء لا للفناء ، لكنكم من دار إلى دار تنقلون ، فتزودوا لما أنتم صائرون إليه ). إن اعتقادنا بعودة بعض الناس إلى الحياة بعد الموت لم يكن اعتباطيا ، وإنما كان تبعا للآثار الصحيحة المتواترة التي حفلت بها كتب أصحابنا ، واحتلت مساحة واسعة من أحاديث النبي وعترته الطاهرة ( عليهم السلام ) الذين ندين بعصمتهم من الكذب ، وعلى هذا إجماعهم ، وإجماعهم حجة لقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ). وقد دل الكتاب الكريم على الحشر الخاص قبل يوم القيامة ، وهو عودة بعض الأموات إلى الحياة في قوله تعالى : * ( ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون ) * كما دل على الحشر العام بعد نفخة النشور في نفس السورة بقوله : * ( ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض ) * إلى قوله تعالى : * ( وكل أتوه داخرين ) ويستفاد من مجموع الآيتين أن يوم الحشر الخاص هو غير يوم النفخ والنشور الذي يحشر فيه الناس جميعا ، وبما أنه ليس ثمة حشر بعد يوم القيامة بدليل الكتاب والسنة ، فلا بد أن يكون الحشر الخاص واقعا قبل يوم القيامة ، فهو إذن من العلامات الواقعة بين يدي الساعة ، كظهور الدجال وخروج السفياني ونزول عيسى من السماء وطلوع الشمس من مغربها وغيرها من الأشراط المدلولة بالكتاب والسنة . كما دل الكتاب الكريم على رجعة بعض الناس في الأمم السابقة إلى الحياة بعد الموت في عدة آيات صريحة لا تقبل التأويل ، منها قوله تعالى : * ( ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم ) * وهو يدل على إمكان الرجعة في هذه الأمة أيضا لقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( لتركبن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع ، حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتم ). وملخص الاعتقاد بالرجعة هو أن الله تعالى يعيد في آخر الزمان طائفة من الأموات إلى الدنيا ممن محضوا الإيمان محضا أو محضوا الكفر محضا ، فينتصر لأهل الحق من أهل الباطل ، وعلى هذا إجماع الشيعة الإمامية الاثني عشرية ، وقد علم دخول المعصوم في هذا الاجماع بورود الأحاديث المتواترة عن النبي وأهل بيته المعصومين ( عليهم السلام ) الدالة على اعتقادهم بصحة الرجعة . إن الاعتقاد بالرجعة على ما جاء في الروايات عن آل البيت ( عليهم السلام ) من ضروريات المذهب الشيعي ، وقد بحث العلماء عن حكم من أنكر شيئا من الضروريات - من أتباع المذهب أو سائر من نطق بالشهادتين - في الكتب المتعلقة بهذا الشأن ، الأمر الذي لسنا الآن بصدد التحقيق عنه في هذه الرسالة . والاعتقاد بالرجعة من مظاهر الإيمان بالقدرة الإلهية ، فقد روي أن ابن الكواء الخارجي سأل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن الرجعة - في حديث طويل - قال ( عليه السلام ) في آخره : ( لا تشكن يا بن الكواء في قدرة الله عز وجل ). وسأل أبو الصباح الإمام الباقر عن الرجعة ، فقال ( عليه السلام ) : ( تلك القدرة ، ولا ينكرها إلا القدرية ، تلك القدرة فلا تنكرها ) وبمثل ذلك أجاب ( عليه السلام ) عبد الرحمن القصير. إن من يعتقد بأن الله تعالى هو الذي برأ الخلق من العدم إلى حيز الوجود كيف يشك ويتردد في أنه يعجزه إعادتهم ! ومن قدر على الابتداء فهو على الإعادة أقدر ، قال تعالى : * ( وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم * الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون * أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم * إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) * . هذه هي الرجعة التي كثرت التهويلات والتشنيعات على المعتقدين بها حتى عدوها أسطورة وقولا بالتناسخ ، وأن معتقدها خارج عن الإسلام والدين ، وأنها من مفتريات عبد الله بن سبأ ، وما إلى ذلك من التشدق على مدرسة الإسلام الأصيل ، إننا لا نعطي الحق لمن لا يؤمن برجعة بعض الأموات إلى الحياة الدنيا بعد الموت لعدم ثبوته عنده ، بل عليه أن يبحث ويسأل أهل الذكر وليس من حقه أن يشنع على من يقول بذلك لتواتر الأحاديث وثبوت النصوص عنده ، إذ لا حجة للجاهل على العالم . ويحق لنا في هذا المقام أن نسأل المنكرين لأنباء الغيب وما يقع في المستقبل ، ما الدليل على زعمكم أنه لا يوجد ثمة عودة إلى الحياة بعد الموت ؟ وما الحجة التي تعزز ما تذهبون إليه ؟ هل تخلل أحد منكم في آفاق المستقبل ، وسبر أغوارها ، ووقف على حقيقة الأمر ثم عاد وأخبر أنه لم يجد شيئا مما أخبر به القرآن الكريم والعترة النبوية الطاهرة ( عليهم السلام ) ؟ في هذا البحث سنحاول تسليط الضوء على تعريف الرجعة وفقا لما ورد عن أئمة الإمامية وعلمائهم ، ونسوق الأدلة التي احتجوا بها لإثبات صحة الاعتقاد بها من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة والاجماع وغيرها من القرائن المختلفة ، ونبين أيضا الهدف منها وحكم منكريها ، وجملة من احتجاجات العلماء وردودهم على الاشكالات المطروحة حول هذا الموضوع وغيرها إن شاء الله تعالى)) .
***
ملحق – 2 -
الحديث الصحفي مع جريدة الزمان

عمان- رند الهاشمي

اتهم المرجع الديني الشيخ حسين المؤيد إيران بامتلاكها مشروعا قوميا ,يهدف إلى السيطرة على المنطقة . وقال إن إيران (أكثر خطرا على الدول العربية من أمريكا وإسرائيل) وأضاف أن لديها مشروعا قوميا(يهدف إلى السيطرة على المنطقة). وقال المؤيد خلال ندوة نظمها نادي خريجي الجامعات والمعاهد العراقية في عمان ( ان العراق اليوم يعيش بين مشروعين نقيضين مشروع يرفض الاحتلال ويسعى الى إخراجه بشتى السبل , ومشروع آخر يسعى الى تأصيل الحالة الموجودة في العراق ) .وأوضح ( إن الاحتلال أوجد انقساما سياسيا , وصور هذا الانقسام على أنه انقسام بين نظرتين لمواجهة الاحتلال , إحداها نظرية تؤمن بالعمل العسكري المسلح لطرد المحتل , وأخرى تؤمن بالمقاومة السلمية والسياسية لإخراجه ). ورفض المؤيد هذا التقسيم وقال ( أن هذا التصور غير صحيح وخاطئ , فالانقسام الحاصل في العراق عقب الاحتلال لم يكن على هذا الأساس , وإنما هو بين نظرية اختارت مواجهة الاحتلال ومشروعه , وأخرى موالية للاحتلال للحصول على مكاسب وهذا تصدع كبير وخطير داخل المجتمع العراقي ) . وشن المؤيد , الذي درس في مدارس قم الإيرانية وعاش فيها قرابة العقدين من الزمن هجوما عنيفا على النظام الإيراني , واصفا إياه بأنه ( نظام يسعى لتحقيق مطامع قومية على حساب شعوب المنطقة , وتحت يافطة الدين والمذهب ) . ونفى أن يكون لإيران أي مشروع شيعي أو إسلامي , وقال ( إن مشروعها قومي ينطلق من سيكولوجية تحتقر العرب وتكرههم ) . وذهب الى ( ان خطر التمدد الإيراني على العراق والمنطقة العربية أكبر من الخطر الأمريكي والإسرائيلي ) . وكشف المؤيد عن وجود ما وصفه بخلايا نائمة في الوطن العربي قال إنهم من العرب وتم تجنيدهم من قبل إيران وكشفنا بعضها . كما أن هناك مقار إيرانية في العراق يتم فيها تخزين السلاح وتهريبه الى تلك الخلايا النائمة في الوطن العربي حسب قوله . (جريدة (الزمان) الدولية - العدد 2497- 10/9/2006)
المصدر : الموقع الالكتروني لسماحة الشيخ الامام المؤيد.
***
‏الاثنين‏، 28‏ حزيران‏، 2010






[1] - خير دليل على فقه الواقع من القديم هو تغيّر فقه الامام الشافعي ، بين ان يكون قد بناه عندما كان في العرق، وغيّر فيه عندما ارتحل الى مصر ، اما من واقع العصر الحالي فهناك اصوات عديدة تدعو اليه ، دون ان يصيب العقيدة شيئا.
[2] - ليس معنى هذا ان يأتي المجتهد المتأخر بغير ما اتى به المتقدم ، وانما معناه ان يفحص اجتهاد المتقدم الذي قيل بتأثيرات ايدولوجية او سياسية او غيرهما ليقول كلمته هو فيه .
[3] - حديث مروي عن الامام الصادق ، وهو براء منه ،كما بينا في دراسة سابقة.
[4] - يعتمد الشيخ الامام في تقديم ادلته على ما جاء من صحيح عنده في المذاهب الاخرى ، مثل اعتماده الصحاحات واقوال ابن تيمية على سبيل المثال. وابن تيمية هذا من الد اعداء متطرفي رجال الدين الشيعة في وقتنا الحاضر.
[5] - في دراستي هذه اعتمدت على اجابات الشيخ الامام - المنشورة على موقعه الالكتروني -عن اسئلة واستفسارات ارسلها بعض المؤمنين للحصول على اجابات منه ، وكثيرا ما كنت اثبت السؤال والجواب معا ، او اكتفي بالجواب فقط.
[6] - مثل قول البعض: ان مثلث برمودا هو القاعدة العسكرية للامام المهدي ، مع العلم ان هذا المثلث لم يكتشف الا قبل عقود من السنوات ولم يكن في زمان الائمة معروفا.
[7] - لم ينظر ابناء المذاهب السنية الى هذا المبدء عند اخذهم ما في الصحاحات من احاديث ومرويات ، فظلت متناقضة مع القرآن الكريم، او فيما بينها، او داخل متنها.راجع دراستنا : (وقفات مع البخاري في صحيحه).
[8] - كأحمد الكاتب مثلا وكتابه : تطور الفكر السياسي الشيعي.

[9] - راجع : الفوائد المدنية والشواهد المكية - محمد أمين الإسترآبادي ، السيد نور الدين العاملي - ص 86 وما بعدها.
[10] - من طريف ما اذكره من رواية من اثق بصدقه انه بعد الاحتلال الامريكي للعراق ، جاء احد المصلين خلف رجل الدين المرحوم السيد محمد حسين السيد راضي ، وقال له : لقد التقيت يوم امس بالامام المهدي ، فما كان من السيد الا بادره بقوله : اذا التقيت به مرة ثانية قل له انه مدعو لتناول الغداء معي ، فبهت الرجل ولم يعرف كيف يرد على السيد، فابتسم السيد وذهب عنه.(سمعت هذه الرواية بعد عام 2005 والعهدة على الراوي).
[11] - راجع : بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 52 - ص 61 وما بعدها.
[12] - راجع الملحق (1) مفهوم الرجعة في المذهب الشيعي الاثني عشري.
[13] - ان الفتوى هي رأي المجتهد في مسألة ما ، وهذا الرأي يتحصل عليه ببذل الجهد اعتمادا على القرآن والسنة النبوية الصحيحة ، اضافة لامور اخرى يعتمدها كل مذهب من مذاهب الاسلام العديدة ـ كالعقل والاجماع والاستحسان و ...الخ.
اذن الفتوى هي رأي ، الا انها لا تخضع للرأي الشخصي المحض.
[14] - معرفة علوم الحديث - الحاكم النيسابوري - ص 25 .
[15] - راجع : هامش ص302 من -عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج 1 - ص 302.
[16] - ربما يجد البعض من القراء ان منهجيتي في توزيع الموضوعات في هذه الدراسة على عنوانات تحمل اسماء محددة ، يشوبه بعض الخلط ، واقول : ان الموضوع هو الذي يحدد اين يكون من خلال قرينة تؤخذ من متنه ، فنجد مثلا ان موضوعا ما يمكن ان نضعه تحت عنوانينكثيرة،الا اننا اخترنا من بين تلك العناوين عنواا واحدا يضمه بسبب ان متنه هو الذي يحدد عنوانه ، فنجد ان موضوعا ما يتحدث عن خلل في المتن وخلل في السند ، فنضعه تحت عنوان الخلل في السند لان مدار الموضوع الرئيسي يدور حول ذلك.
[17] - يمكن ان نضع الحديث هذا تحت عنوان : محاربة الغلو في العقيدة.
[18] - كتاب العين – ج 2.
[19] - الصحاح : الجواهري – ج 3.
[20] - بعد مراجعة ج 100 من بحار الانوار وجدت ان مدار الحديث والاحاديت التي سبقته تدور حول زواج المتعة ، وهذا يعني ان المرأة التي تعمل هذا الفعل هي فاجرة.
[21] - هذا ما صرح به الشيخ حسن الصفار (من علماء الشيعة السعوديين ) في واحدة من المقابلات التلفازية.
[22] - اقصد بالوظيفة التاريخية هو سرد لاحداث تاريخية وقعت حقيقة.
[23] - راجع : الفن القصصي في القران الكريم – محمد احمد خلف الله – سينا للنشر – الانتشار العربي – لندن – بيروت – القاهرة – ط4 - 1999 – ص197.
[24] - راجع الملحق (2): الحديث الصحفي مع جريدة الزمان.
.