الخميس، 28 أبريل 2011

الخمس في الفقه الشيعي الامامي الاثني عشري - (الامام الشيخ حسين المؤيد وموقفه من خمس المكاسب)

الخمس في الفقه الشيعي الامامي الاثني عشري
والمرجعية الرشيدة
(الامام الشيخ حسين المؤيد وموقفه من خمس المكاسب)

داود سلمان الشويلي

بسم الله الرحمن الرحيم
((قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الاولين * وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير *وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير * واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شئ قدير * إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم * إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الامر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور * وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الامور * يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون * وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين)). (1)
***
في هذه الدراسة ، سنستقرئ تاريخية فقه الخمس عند الشيعة الامامية الاثني عشرية ، من خلال قراءة اراء الفقهاء الاقدمين وموقفهم من شمول خمس المكاسب ، وكذلك رأي اشهر فقهاء المذهب في عصرنا الحالي ، ومن ثم نذكر الرأي الشرعي لسماحة الامام الشيخ المؤيد ، الذي خالف فيه اغلب اراء فقهاء المذهب في عدم شمول المكاسب بالجباية .
***
فرض "الخمس" بعد معركة بدر كما هو موضح في ايات سورة الانفال اعلاه، والتي يفهم منها ان " الخمس" يكون على ما يغنم في المعركة وليس في غيرها.
الا ان الفقه الشيعي الامامي الاثني عشري ومنذ قرنين تقريبا اوجب على عامة الشيعة الخمس في كل شيء، ووضعوا له شروطا وقوانين تصل حد ايقاف تنفيذ المسلم الشيعي لفرض شرعه الله في كتابه العزيز وهو الحج مثلا ، اذا تعارضت مصاريفه المالية مع جباية الخمس ، فالجباية تكون واجبة عند ذاك!!!.
وحديثنا في هذه السطور سيكون منصبا على المكاسب التي يحصل عليها الشيعي ، وهل تكون خاضعة لجباية الخمس منها ام لا ؟
تضاربت اراء فقهاء الشيعة – اعتمادا على الروايات المتناقضة – في هذه المسألة ، فمنهم من يذكر ان الائمة اوجبوا الخمس على المكاسب ، ومنهم من يروي احاديث تبين عكس ذلك .
ولو تصفحنا كتب الحديث الشيعية لرأينا هذا التناقض واضح بيّن لا لبس فيه ، بين وجوبه في المكاسب وعدمه ، وبين عدم جبايته اساسا ، وانما هو حلال زلال للشيعة. (2)
***
الموقف الفقهي الشيعي الامامي من الخمس:
في كتابه (( تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه)) وضع مؤلفه أحمد الكاتب جردة تاريخية مفصله عن اراء الفقهاء في الخمس ، نذكرها رغم طولها للفائدة المرجوة منها ،جاء فيها:
(( لقد كان الشيخ المفيد يعتقد - كما يقول في (المقنعة ) : ان الأنفال لله وللرسول خاصة ، وهي للإمام القائم مقامه من بعده خالصة له كما كانت له (ص) في حياته ، ولا يحق لأحد ان يعمل في شيء من الأنفال الا بأذن الإمام العادل ، فمن عمل فيها بأذنه فله أربعة أخماس المستفاد منها وللامام الخمس .
ولما كان (الإمام العادل) في المصطلح الامامي - كما يقول الطوسي في :(الخلاف في الفقه ) يعني : (الإمام المعصوم المعين من قبل الله تعالى ) وانه منذ وفاة الإمام الحسن العسكري سنة 260 هـ هو (الإمام الثاني عشر المهدي محمد بن الحسن العسكري ) الذي ولد سنة 255 هـ وغاب بعد ذلك الى اليوم ، فانه يصبح : المالك الحقيقي للأنفال ، وكذلك المالك الحقيقي للخمس ، وهو قانون خاص غير الزكاة يفرضه الشيعة على المغانم والأرباح ، ويعتقدون ان عليهم تقديمه لله وللرسول وللامام ولليتامى والمساكين وابناء السبيل من بني هاشم ، وان سهم الله والرسول وذي القربى يجب تقديمه للإمام (الذي يمثل ذوي القربى ) والذي واليوم (الإمام المهدي المنتظر ) كما يجب إعطاؤه الأسهم الثلاثة الأخرى : اسهم اليتامى والمساكين وابناء السبيل ، لكي يوزعها على الأصناف الثلاثة من بني هاشم .
وقد أدى الالتزام بنظرية (الانتظار) الى الوقوع في أزمة حادة في موضوع الخمس والأنفال في (عصر الغيبة) ، فمن جهة : ان الإمام المهدي هو الشخص الوحيد صاحب الخمس والأنفال ، والذي يحق له استلامها وتوزيعها(3) ، ومن جهة أخرى : لا سبيل الى الوصول اليه لأداء حقوقه ، كما لا توجد اية نصوص منه في مسالة توزيعها والتصرف فيها في ظل الغيبة.
ومن هنا فقد احتار الفقهاء في حكم الخمس والأنفال ، وقد قال الشيخ المفيد في :(المقنعة):• قد اختلف قوم من أصحابنا في ذلك عند الغيبة ، وذهب كل فريق منهم الى مقال:
فمنهم من يسقط فرض إخراجه ، لغيبة الإمام ، وما تقدم من الرخص فيه من الأخبار.
و بعضهم يوجب كنزه ، ويتأول خبرا ورد :( ان الأرض تظهر كنوزها عند ظهور الإمام ، وانه (ع) اذا قام دلّه الله على الكنوز فيأخذها من كل مكان).
وبعضهم يرى صلة الذرية وفقراء الشيعة على طريق الاستصحاب.
وبعضهم يرى عزله لصاحب الأمر ، فان خشي إدراك الموت قبل ظهوره وصّى به الى من يثق به في عقله وديانته حتى يسلم الى الإمام ، ثم ان ادرك قيامه .. والا وصّى به الى من يقوم مقامه في الثقة والديانة، ثم على هذا الشرط الى ان يظهر امام الزمان .
وهذا القول عندي أوضح من جميع ما تقدم ، لأن الخمس حق لغائب لم يرسم فيه قبل غيبته رسما يجب الانتهاء اليه فوجب حفظه الى وقت ايابه ، والتمكن من إيصاله اليه او وجود من انتقل بالحق اليه ، ويجري ذلك مجرى الزكاة التي يعدم عند حلولها مستحقها فلا يجب عند ذلك سقوطها ، ولا يحل التصرف فيها على حسب التصرف في الأملاك ، ويجب حفظها بالنفس او الوصية الى من يقوم بإيصالها الى مستحقها من اهل الزكاة من الأصناف .
وان ذهب ذاهب الى ما ذكرناه في شطر الخمس الذي هو خالص الإمام وجعل الشطر الآخر لأيتام آل محمد وابناء سبيلهم ومساكينهم على ما جاء في القرآن لم يبعد إصابته الحق في ذلك ، بل كان على صواب .وانما اختلف أصحابنا في هذا الباب لعدم ما يلجأ اليه من صريح الألفاظ ، وانما عدم ذلك لموضع تغليظ المحنة مع إقامة الدليل بمقتضى العقل في الأمر من لزوم الأصول في حظر التصرف في غير المملوك الا بأذن المالك وحفظ الودائع لأهلها ورد الحقوق .
ويلاحظ : ان المفيد يكشف عن الحيرة في موضوع الخمس والغموض الذي يلفه ، ويتحدث عن عدم وجود نصوص صريحة من (الإمام المهدي) او غيره حول حكم الخمس في (عصر الغيبة) وهو ما أدي الى ظهور عدد من الأقوال الغريبة المنافية للعقل والقرآن من قبيل إسقاط الخمس او دفنه في الأرض او إلقائه في البحر او عزله والوصية به الى يوم ظهور المهدي ، وهو الرأي الذي اختاره المفيد .
وقد اتخذ الشيخ المفيد هذا الرأي اعتمادا على التزامه بنظرية (الانتظار للإمام المهدي الغائب) التي كانت تعني تحريم إقامة الدولة في (عصر الغيبة) او القيام بمسئولياتها ، ومنها استلام الخمس وتوزيعه .
وقد أيد الشيخ الطوسي في :(المبسوط) رأي الشيخ المفيد ، وعزى اختلاف الشيعة في حكم الخمس في (عصر الغيبة) الى عدم وجود نص معين.
واستعرض الطوسي مختلف الآراء ورفض الإباحة بقول مطلق • لأنه ضد الاحتياط ، وتصرف في مال الغير بغير إذن قاطع وأوجب شطر الخمس الى شطرين ودفن الشطر الخاص بالامام ، اوالايصاء به حتى ظهوره .
وذهب الشيخ الطوسي في :(النهاية) الى تحليل الخمس للشيعة في حال الغيبة في الأمور التي لا بد لهم منها من المناكح والمتاجر والمساكن ، ورفض التصرف فيما عدا ذلك .
وذكر اختلاف أقوال أصحابنا في حكم الخمس في الكنوز وغيرها ، وذلك لعدم وجود نص معين ، وقال:• لو ان انسانا استعمل الاحتياط وعمل على أحد الأقوال المتقدم ذكرها من الدفن والوصاية لم يكن ماثوما .
ومن الواضح ان الشيخ الطوسي قد بنى موقفه على أساس الظن والتخمين ، او الاحتياط ، كما بنيت الأقوال الأخرى على ما يشبه ذلك ، ولم يكن يمتلك نصا معينا ، كما يقول . والسبب في ذلك ... هو الإيمان بحصر إقامة الدولة في (الإمام المعصوم) وعدم جواز أقامتها لأي أحد من الفقهاء او غيرهم في (عصر الغيبة).
وقد سجل الشيخ أبو الصلاح الحلبي تقدما في (الكافي في الفقه) فرفض نظرية دفن الخمس ، وافتى بلزوم إخراج الخمس ، ولكنه قال بعزل شطره لولي الأمر (المهدي المنتظر) انتظارا للتوصل اليه ، فان استمر التعذر أوصى حين الوفاة الى من يثق بدينه وبصيرته ليقوم بأداء الواجب مقامه ، واخراج الشطر الآخر الى مساكين آل علي وجعفر وعقيل والعباس وايتامهم وابناء سبيلهم .
والتزم سلار في (المراسم) في كتاب الخمس بنظرية التحليل والإباحة وقال:• ان الأئمة (ع) قد أحلوا الخمس في زمان الغيبة كرما وفضلا للشيعة خاصة .
وفصّل القاضي ابن براج في (المهذب) في تحليل الخمس بين المساكن والمناكح والمتاجر ، فأجاز التصرف فيها زمان غيبة الإمام (ع) للشيعة فقط دون غيرهم ، وبين غير ذلك مما يختص به الإمام ، فلم يجز التصرف في شيء منه ، ورجّح نظرية الاحتفاظ بسهم الإمام أيام الحياة الى حين إدراك الإمام المهدي ، ووجوب دفعه اليه بعد الوفاة . ومع انه ذكر أيضا نظرية الدفن المعتمدة على خبر إخراج الأرض لكنوزها عند ظهور القائم ، الا انه قال عن نظرية الاحتفاظ بسهم الإمام من الخمس والايصاء به لحين ظهوره :• انها أحوط واقوى في براءة الذمة .
وظلت مشكلة إخراج الخمس وتوزيعه في (عصر الغيبة) تراوح مكانها لدى علماء القرن السادس ، بتأثير الحيرة والازمة الكبرى التي نجمت من جراء حصر المتكلمين الامامة والتنفيذ بالامام المعصوم (المهدي المنتظر الغائب) وتحريم إقامة الدولة لغيره في (عصر الغيبة) .
وكاد موقف محمد ابن ادريس الحلي ( 543 - 598) ان يكون مطابقا لموقف القاضي ابن براج ، فقد قال في (السرائر) بإباحة الخمس في المساكن والمتاجر والمناكح للشيعة في عصر الغيبة ، وذكر اختلاف أقوال الشيعة لعدم وجود النص ، كما استعرض مختلف الأقوال ورد القول الذي يبيح الخمس بشكل مطلق ، بشدة ، ورفض نظرية الدفن التي قال بها الشيخ الطوسي وغيره اعتمادا على خبر واحد ، واختار نظرية الحفظ والوصية بسهم الإمام من الخمس ، وقال:• الأولى عندي الوصية به والوديعة ، ولا يجوز دفنه ، لأنه لا دليل عليه . وهذا الذي أخبرناه وافتيانا به ، وهو الذي يقتضيه الدين أصول المذهب وأدلة العقول وأدلة الفقه وأدلة الاحتياط.
وأكد المحقق الحلي نجم الدين جعفر بن الحسن ( 602 - 676) في :( شرائع الاسلام - كتاب الخمس): ثبوت إباحة المناكح والمساكن والمتاجر حال الغيبة ، وقال:• لا يجب إخراج حصة الموجودين من أرباب الخمس منه .
وقد مال الشيخ يحيى بن سعيد الحلي ( 601 - 690) في :(الجامع للشرائع) الى نظرية إباحة الخمس وغيره للشيعة حال الغيبة كرما من الأئمة وفضلا ، وذكر اختلاف الشيعة فيما يستحقه الإمام من الكنوز وغيره ، فاستعرض مختلف الأقوال من الإباحة المطلقة الى الحفظ والوصية والدفن والتفريق والصرف على الفقراء الصالحين ، ولكنه لم يختر رأيا معينا وتردد قائلا: الله اعلم.
اما العلامة الحسن بن المطهر الحلي فقد أكد في :(تحرير الأحكام) إباحة الأئمة لشيعتهم المناكح في حال ظهور الإمام وغيبته ، وقال: ان الشيخ الطوسي قد ألحق المساكن والمتاجر. وافتى بصراحة بعدم وجوب إخراج حصة الموجودين من أرباب الخمس منه.
واستقرب الشهيد الأول ( -786) في : (الدروس الشرعية): صرف نصيب الأصناف عليهم مستحبا في حال الغيبة ، والتخيير في نصيب الإمام بين الدفن والايصاء ، وصلة الأصناف مع الإعواز ، وأكد إباحة المناكح والمساكن والمتاجر وعموم الأنفال حال الغيبة .
واعتبر في :(البيان) القول بحفظ نصيب الإمام الى حين ظهوره من أصح الأقوال ، ورخّص في حال الغيبة : المناكح والمتاجر والمساكن .
وبالرغم من ان المحقق الكركي ( - 940) كان قد ابتعد عن نظرية :(التقية والانتظار) خطوات واسعة ، وذلك بتبنيه لنظرية :(النيابة العامة) وقيامه بإعطاء الملك الصفوي (طهماسب بن اسماعيل) إجازة الحكم باسمه كنائب عن الإمام المهدي ، الا انه أفتى في :(جامع المقاصد في شرح القواعد) بالتخيير في نصيب الإمام بين الحفظ بالوصية الى ان يسلم اليه عند ظهوره وبين قسمة حقه على الأصناف ، ولم يقل بوجوب صرف نصيب الإمام على الفقراء والمساكين وابناء السبيل وحاجات الدولة الشيعية الأخرى .
وتردد محمد بن الحسن الحلي ، في :(إيضاح الفوائد في شرح اشكالات القواعد) في الموقف من الخمس حال الغيبة ، وخيّر المكلف بين الحفظ بالوصية الى ان يسلم اليه ، وبين صرف النصف الى أربابه وحفظ الباقي ، وبين قسمة حقه على الأصناف.
واستظهر المقدس الاردبيلي ( - 993) في :( مجمع الفائدة والبرهان) : إباحة مطلق التصرف في أموال الإمام الغائب للشيعة ، خصوصا مع الاحتياج ، وقال:• اعلم ان عموم الأخبار ... يدل على السقوط بالكلية في زمان الغيبة والحضور ، بمعنى عدم الوجوب الحتمي فكأنهم (عليهم السلام) اخبروا بذلك فعلم عدم الوجوب الحتمي واضاف:• فلا يرد انه لا يجوز الإباحة لما بعد موتهم (عليهم السلام) فانه مال الغير ، مع التصريح في البعض بالسقوط الى القائم ويوم القيامة. بل ظاهرها : سقوط الخمس بالكلية حتى حصة الفقراء أيضا ، واباحة أكله مطلقا ، سواء أكل من في ماله ذلك او غيره . وهذه الأخبار هي التي دلت على السقوط حال الغيبة وكون الإيصال مستحبا ، كما هو مذهب البعض ، مع ما مرّ من عدم تحقق محل الوجوب الا قليلا ، لعدم دليل قوي على الأرباح والمكاسب وعدم الغنيمة ولكنه استدرك قائلا:• هذا ولكن لا ينبغي الاحتياط التام وعدم التقصير في إخراج الحقوق خاصة حقوق الأصناف الثلاثة .. بل لو صرف حصته (عليه السلام) أيضا في الذرية العلوية أظن عدم البأس وبراءة الذمة بذلك ، وان لم نقدر على الجزم بالوجوب والتضييق بذلك على صاحب الحق للاحتمالات المذكورة ، ولما ذكره الأصحاب من احتمال الدفن والايصاء وغير ذلك .
ورجح سقوط خمس الأرباح في زمان الغيبة ، وقال:• المستفاد من الأخبار الكثيرة في بحث الأرباح كصحيحة الحرث بن المغيرة النضري وصحيحة الفضلاء وصحيحة زرارة وصحيحة علي بن مهزيار وصحيحة ضريس وحسنة الفضيل ورواية محمد بن مسلم ورواية داود بن كثير ورواية الحرث بن المغيرة ورواية معاد بن كثير ، ورواية اسحق بن يعقوب ورواية عبد الله بن سنان ورواية حكم مؤذن بني عبس : إباحة الخمس للشيعة. وتصدى للرد على بعض الاشكالات الواردة على هذا الرأي وقال: • ان أخبار الإباحة أصح أصرح فلا يسوغ العدول عنها بالأخبار المذكورة ، وبالجملة : ان القول بإباحة الخمس مطلقا في زمان الغيبة لا يخلو عن قوة.
ولكن السبزواري احتاط أخيرا استحبابا بصرف جميع الخمس على الأصناف الموجودين .
وهكذا فعل محمد حسن الفيض الكاشاني في :(مفاتيح الشريعة) حيث اختار نظرية سقوط ما يختص بالامام المهدي الغائب ، لتحليل الأئمة ذلك للشيعة ، وأوجب صرف حصص الباقين الى اهلها ، واستحسن احتياطا صرف الكل اليهم .
وقد ذكر الشيخ جعفر كاشف الغطاء ( - 1227) في :(كشف الغطاء) : تحليل الأئمة الأنفال للامامية من شيعتهم.
وبحث الشيخ محمد حسن النجفي ( - 1266) في :( جواهر الكلام) حكم أموال الإمام (ع) في زمان الغيبة ، بشكل مفصل ، وقال بعد ان استعرض الأخبار التي تحلل الخمس للشيعة:• وكيف كان فسبر هذه الأخبار المعتبرة الكثيرة التي كادت تكون متواترة ، المشتملة على التعليل العجيب والسر الغريب ، يشرف الفقيه على القطع بإباحتهم (ع) شيعتهم زمن الغيبة ، بل والحضور الذي هو كالغيبة في قصور اليد وعدم بسطها : سائر حقوقهم (ع) في الأنفال ، بل وغيرها مما كان في أيديهم ، وأمره راجع اليهم مما هو مشترك بين المسلمين ثم صار في أيدي أعدائهم ، اما غير الشيعة فهو محرم عليهم أشد تحريم وابلغه ولا يدخل في أملاكهم شيء منها .
وقال في المسألة الثالثة من كتاب الخمس من (جواهر الكلام) :• صرح جماعة بأنه ثبت شرعا إباحتهم (ع) المناكح والمساكن والمتاجر في حال الغيبة ، وان كان ذلك بأجمعه للإمام (ع) او بعضه فانه مباح ولا يجب إخراج حصة الموجودين من أرباب الخمس منه ... وان كان في عباراتهم نوع اختلاف بالنسبة للمباح هو الأنفال او الخمس او الأعم .
واستعرض أقوال العلماء القائلين بالتحليل والسقوط في عصر الغيبة ، وتردد فيها .
ثم استعرض أقوال القائلين بالعزل والحفظ والوصية بالخمس الى ان يظهر (الإمام المهدي) ونفى وجود اي دليل على ذلك سوى ما أشار اليه المفيد : من كون الخمس حقا لإمام لم يأمرنا ما نصنع فيه فيجب حفظه له كما في سائر الأمانات الشرعية.
ورفض النجفي :• دعوى وجوب دفع حق الإمام (ع) للأصناف الآن من حيث وجوب الإتمام حتى في هذا الزمان وقال :• انها مما لا تستأهل ان يسود بها قرطاس او يستعمل فيها يراع .
وقد أباح السيد علي الطباطبائي في :( رياض المسائل) كتاب الخمس : المناكح من الخمس للشيعة ، على الاشهر ، وقال: ان الشيخ ألحق بها المتاجر والمساكن.
وقال عن الأنفال : انها للإمام ولا يجوز لأحد ان يتصرف فيها الا باذنه ، بالنص والإجماع .
والتزم السيد محمد علي الطباطبائي (- 1009) بنظرية (التقية والانتظار) فقال في :(مدارك الأحكام) عن الخمس والأنفال في حال الغيبة :• الأصح إباحة الجميع ، كما نص عليه الشهيدان وجماعة ، للأخبار الكثيرة المتضمنة لاباحة حقوقهم في حال الغيبة.. وكيف كان فان المستفاد من الأخبار المتقدمة إباحة حقوقهم (ع) من جميع ذلك . )) . (4)
وذكر الكاتب استغراف الشيخ حسن الفريد من عدم سؤال الكليني للامام المهدي عن الخمس ، فذكر في كتابه اعلاه :
(( وقد تعجب الشيخ حسن الفريد (زميل الامام الخميني ) في كتابه) : رسالة في الخمس) واستغرب بحيرة وتساءل عن السر وراء عدم سؤال الكليني من (صاحب الزمان) عبر وكيله النوبختي عن حكم مسألة الخمس في (عصر الغيبة) )).
***
رأي الفقهاء المعاصرون في الخمس:
1 - جاء في (منية السائل - السيد الخوئي - ص 54 – 61) :
((... ( س ) إذا جاء موسم الحج وفي نفس الوقت جاء موعد اخراج الخمس الذي عليه ، فإذا أخرج الخمس نقصت أموال الحج فلا يستطيع الذهاب وإن حج ولم يدفع الخمس منع حق من حقوق الله ، فما العمل وأيهما يقدم ؟ .
( ج ) لا بد من التخميس فإن بقيت استطاعته وجب عليه الحج وإلا لم يجب وليعلم أنه لا اعتبار بوصول رأس السنة التي تجعل بل المدار على أن يحول الحول ( السنة ) على الربح فحينئذ إذا كان قد حال على بعض الأموال الحول يجب تخميسه فقط فالباقي يجوز صرفه في المؤنة التي منها الحج ، فإذا لم يكفي فهو غير مستطيع ويسقط عنه الحج في هذه السنة .
( س ) إذا قرأنا من كتاب عشر صفحات فهل يطلق عليه أنه قد قرأ ، بحيث لو دار عليه الحول لا يخمس أم كم ينبغي القراءة منه حتى إذا دار عليه الحول لا يخمس ؟ .
( ج ) إذا كانت القراءة حسب الحاجة إليها في أثناء السنة فلا خمس فيه .
( س ) هل يجوز دفع الخمس من مال المالك بدون علمه ورخصته لمن يعلم باستحقاق الخمس في ماله تأكيدا . . إذا كان هذا المالك معاندا ورافضا لدفع الحق الشرعي ؟
( ج ) نعم مع كسبه الرخصة المأخوذة من الحاكم .
( س ) هناك بعض المواد التي تدعمها الدولة فتباع بأسعار زهيدة للمستهلك والمواد نفسها تباع بسعر آخر في السوق قد يصل إلى عشرين ضعفا أو أكثر عن السعر الأول وهي مما تثقل كاهل المستهلك ذي الدخل المحدود والفقير شرعا ، فهل يتم احتساب الخمس لهذه المواد عند رأس السنة على أساس السعر المدعوم أو سعر السوق ؟ .
( ج ) الخمس لازم على تلك المواد بسعر السوق وقت الدفع .
( س ) هناك بعض الشركات تعطي موظفيها قروضا لشراء أرض وبناء بيت للسكن وتخصم من قيمة الأرض 50 % ومن البيت 20 % فهل يجب الخمس في الأقساط المسددة من المبالغ المقترضة من الشركة قبل وبعد سكن البيت ؟ .
( ج ) إن صارت معمورة لسكنهم فسكنوا فيها قبل أو مع موعد خصم القسط فلا خمس على التسديدات التي لحقتهم من فوائدهم وإن عمروها لغير مسكنهم أو سكنوها بعد مرور عام من التسديد لزمهم خمس جميع بدل التسديد لغير السكن وخمس ما سبق بعام من تسديد السكن قبل أن يحققوا فيها السكن .
( س ) لو أراد شخص بناء سكن له ولعياله فوضع الأساس في السنة الأولى وأقام الأعمدة والسقوف في السنة الثانية وجهز وأتم في السنة الثالثة كل ذلك كان من أرباح في أثناء السنة ومن ديون ، فما الذي يجب فيه الخمس ؟ والخمس يكون بحسب القيمة الفعلية أخر الثلاث سنين من الانتهاء أم بحسب الكلفة لكل آخر سنة بحيث يجمع مجموع ما كلفه على مدى الثلاث سنين ويخرج الخمس أم بحسب القيمة الفعلية لكل آخر سنة مما أنجز ؟ .
( ج ) نعم عليه أن يؤدي خمس البناء بسعر يوم دفع خمس عدا الثمن الذي بقي عليه من دين ، وكان له في كل سنة قبل أن يكمل البناء أن يخرج خمس كلفة ما يصرف في السنة ويعمر بما قد خمسه حتى لا يتكلف الخمس بسعر غال .
( س ) شخص وهب أولاده أرضا ومتعلق فيها الخمس منذ سنين والآن زاد ثمنها كثيرا فهل يجب على هذا الشخص أن يدفع خمس ثمنها زمن الهبة أو خمس ثمنها الآن ؟ .
( ج ) نعم يجب عليه أن يدفع خمس ثمنها زمن الهبة والله العالم .
( س ) ما رأيكم في رجل اشترى قطعة أرض بمبلغ لم يمر عليه سنة ثم مر أكثر من سنة على تملكه الأرض ، ثم أراد أن يخمس ، هل يتعلق الخمس بسعر الشراء أم بقيمة الأرض حين التخميس ، مع العلم أن الأرض مشتراة للاقتناء لا للتجارة ؟ .
( ج ) في الصورة المفروضة على الرجل تخميس الأرض بسعرها الحالي ولا فرق في هذا الحكم بين أن يكون شراؤها للاقتناء أو للتجارة .
( س ) ما رأيكم في رجل اشترى قطعة أرض بمبلغ مر عليه سنة ، ثم مر أكثر من سنة على تملكه للأرض ثم أراد أن يخمس ، هل يتعلق الخمس بسعر الشراء أم بقيمة الأرض حين التخميس ؟ . مع العلم أن الأرض مشتراة للاقتناء لا للتجارة ؟ .
( ج ) على الرجل في هذه الصورة تخميس الأرض بسعرها المشتراة )).
***
2 – جاء في (استفتاءات - السيد السيستاني - ص 11) :
(( السؤال : أعمل لدى شركة تمنح موظفيها قروضا لبناء منازل لهم ، وقد اقترضت مبلغا من الشركة التي أعمل فيها فشيدت منزلا فيه مع زيادته بمبلغ من جيبي الخاص . وعملت لي رأس سنة للخمس ، وقد سددت جزءا من ذلك الخمس ، ثم بعت المنزل لبناء منزل لأسكن فيه ( حيث أني أسكن مع والدي في الوقت الراهن ) بقيمة المنزل المباع . فماذا عن الخمس المتبقي ؟ وإذا كان مبلغ بيع المنزل شيكا هل فيه خمس أم لا ؟
الجواب : يجب الخمس في الربح إذا لم يصرف في مؤونة السنة ولا يجب فيما يعادل القرض إلا إذا بقي ودفعت قسطه ولا فرق بين كون الثمن شيكا أو نقدا إلا إذا لم يكن للمشتري رصيد وحينئذ فلا يجب الخمس في الربح إلا بعد استلام الثمن أو امكان استلامه .
سؤال : ما رأي سماحتكم بالنسبة إلى الأموال المدخرة لشراء السكن والتي مضى عليها حول كامل ؟ هل يجب أن تخمس أم لا ؟ وإذا كان الخمس فيها واجبا فهل لنا الرجوع في هذه المسألة إلى السيد الكلبايكاني مع بأننا انتقلنا إلى تقليده بعد وفاة السيد الخوئي ثم رجعنا إليكم بعد وفاته ؟
الجواب : يجب فيها الخمس ولا يجوز الرجوع)) .
***
3 - جاء في ( الفتاوى الميسرة - السيد السيستاني - ص 229 وما بعدها) :
((...قال أبي : يجب الخمس فيما يأتي :
1 - ما يغنمه المسلمون في الحرب من الأموال المنقولة وغيرها للكفار الذين يحل قتالهم .
2 - ما يستخرج من المعادن كالذهب والفضة والنحاس والحديد والكبريت وغيرها ، وكذلك النفط والفحم الحجري ، بعد طرح تكاليف الانتاج والتصفية ، شرط أن تبلغ القيمة السوقية للكمية المستخرجة منها ما يساوي قيمة خمسة عشر مثقالا صيرفيا من الذهب المسكوك . أو يزيد .
3 - الكنوز ، شرط أن تبلغ قيمة الكمية المستخرجة منها خمسة عشر مثقالا صيرفيا من الذهب أو أكثر ، ومن الفضة مائة وخمسة مثاقيل أو أكثر بعد استثناء تكاليف الاخراج .
4 - ما أخرج بالغوص من البحر أو الأنهار الكبار مما يتكون فيها اللؤلؤ والمرجان وغيرهما إذا بلغت قيمته دينارا ذهبيا .
5 - المال الحلال المخلوط بالمال الحرام في بعض صوره .
6 - الأرباح السنوية المتحصلة من تجارة أو صناعة أو هدية أو زراعة أو حيازة أو أي كسب آخر بما في ذلك أجور العمل والرواتب و . . . و . . .
وقاطعته : - معنى هذا أن أرباح التجار يجب أن تخمس ؟
- ليست أرباح التجار وحدها يجب أن تخمس بل أرباح كل مستفيد بما فيهم أنت وأنا . (...) أما إذا كانت لك مهنة تتعاطاها في معاشك فابدأ بالحساب من تاريخ الشروع بالاكتساب .
- لو اشتريت بدلة لي ومضى عليها عام ولم ألبسها ؟ - إدفع خمسها . وكذلك يخمس رب الأسرة - مثلا - وكل مالك ما اشتراه من حاجيات بيتية أثناء العام ولم يستخدمها ، بما في ذلك ما يفضل في بيته من رز أو طحين أو حنطة أو شعير أو سكر أو شاي أو ماش أو عدس أو معلبات أو دهن أو حلويات أو نفط أو غاز أو غيرها .
- معنى هذا كل ما زاد عن الحاجة فلم يستخدم أو يؤكل أو يلبس أو . . أو . . يخمس . - نعم . . فإذا حل يوم إخراج الخمس تقوم بعملية جرد شاملة للفائض عن الحاجة السنوية وتدفع خمسه من عينه ، أو تقدر قيمته وتدفع خمسه .
- أأقدر قيمته يوم حساب الخمس أم قيمته حين الشراء ؟
- بل قيمته السوقية عند حساب الخمس ، لا قيمته التي اشتريته بها .
- ولو لم أخمس حاجة كان يجب علي أن أخمسها ؟
- لا يحل لك التصرف بها حينئذ حتى تدفع الخمس ، ويجوز بإذن الحاكم الشرعي إذا رأى مصلحة في ذلك .
- والمتوفى إذا كان في ذمته خمس ولم يوص باخراجه فما هي وظيفة الورثة ؟
- يلزمهم إخراجه من أصل ما خلفه مقدما على الوصية والإرث .(...) فبادرت قائلا - وماذا يفعل التاجر أو مالك الأرض الزراعية أو صاحب المعمل الصناعي أو الملاك أو العامل أو الموظف أو الطالب أو غيرهم إذا كان لا يخمس ولا يحاسب نفسه لاخراج الخمس سنوات وسنوات غنم خلالها واستفاد وربح أموالا وعمر ديارا واشترى أثاثا وفراشا وحاجيات وملابس ، ثم تنبه إلى وجوب إخراج الخمس من هذه الأرباح ؟
- يجب عليه إخراج الخمس من هذه الأرباح من كل ما ذكرت وعددت إذا لم يكن من مؤنة سنته ، بل كان فائضا عن حاجته السنوية .
- اضرب لي مثلا على ما تقول .
- الدار التي اشتراها ولم يتخذها مسكنا له ، لأنه يملك دارا أخرى غيرها ملائمة لسكناه ، يجب عليه إخراج خمسها . والأثاث الذي اشتراه ولم يستخدمه لعدم احتياجه إليه يجب عليه إخراج خمسه . والحاجيات التي اشتراها ولا يحتاج إليها من هو في مستواه يجب عليه إخراج خمسها .
- وما كان من مؤنته السنوية كالدار التي اشتراها لسكناه أو الأثاث الذي اشتراه واستخدمه لحاجته إليه وما شاكل ذلك .
- إذا كان قد اشترى الدار مثلا أو الأثاث من أرباح نفس تلك السنة سنة سكناه في الدار ، أو استخدامه الأثاث فلا يجب عليه تخميسها ، وكذلك غيرها من أمثالها .
- وإذا كان قد اشترى الدار لسكناه مثلا من أرباح تجمعت عنده من سنين سابقة مضافا إليها أرباح تلك السنة - سنة سكناه في الدار - كما هو حال الكثير من الناس اليوم - كما أظن - ممن تجمعت لديهم أرباح من سنين سابقة فاختلط عليهم حساب الخمس ؟
- يجب عليه مراجعة الحاكم الشرعي أو من يقوم مقامه ليجري معه مصالحة بشأن المقدار المشكوك أنه من أرباح السنين السابقة أو من ربح سنة السكنى في الدار ، وأما ما يتعين إنه من أرباح السنين السابقة فلا بد من إخراج خمسه فورا .
- وإذا لم يكن قادرا على أداء الخمس دفعة واحدة معجلا أو كان يجد في ذلك حرجا ومشقة ؟
- يقسطه عليه الحاكم الشرعي أو من يقوم مقامه بعد أن ينقله إلى ذمته بالمداورة ليؤديه تدريجيا من غير مسامحة أو اهمال .
- أنا الآن أسكن معك في نفس الدار فهل يجب علي الخمس ، أو يكفي خمسك عن نفسك ؟
- نعم يجب عليك إخراج الخمس من ربحك حتى لو كنت معي في نفس الدار إذا ربحت وبقي ربحك عندك سنة كاملة لم تستخدمه فيها لعدم احتياجك إليه .
- لو اشتغلت في العطلة الصيفية - أنا الطالب - بأجر شهري ولم تأخذه أنت أبي مني كي أصرفه على نفسي . . . على ملابسي مثلا ، على حاجياتي فهل يجب علي أن أخمس أجري الشهري ؟
- إذا صرفته فيما يناسبك ويليق بك فلا خمس عليك ، وإن ادخرته أو بعضا منه حتى مر عليه العام وجب عليك تخميس المدخر .
- محل تجاري اشتراه صاحبه ( بسرقفلية ) هو وأدوات العمل فيه وأخرج خمسه في السنة الأولى . فهل يجب عليه إخراج خمس زيادة القيمة التي تطرأ على السرقفلية والأدوات كل عام ؟
- كلا ، بل يجب عليه تخميس الزيادة الطارئة بعد بيع المحل وظهور الربح فيه إذا لم يصرفها من مؤنة سنته .
- الأواني المعدة للطعام والشراب لو استعملت كتحفيات للزينة ، فهل يعد هذا الاستعمال استعمالا مسقطا للخمس ؟
- إذا كان وجودها متعارفا عند أمثاله من الناس وعدم وجودها نقصا حسبت عندئذ من مؤنة السنة . ولا خمس عليها .
- كمية من العملة خمسها مالكها ثم حولها إلى عملة أخرى فتضاعفت قيمتها بالقياس إلى العملة الأولى فقرر حفظها وادخارها ومر على ذلك عام .
- لا يجب عليه تخميس القيمة الزائدة ما دام المالك قاصدا حفظ المال وادخاره فعلا .
- بعض المواد الغذائية تدعمها الدولة فتباع بأسعار زهيدة قياسا بأسعارها السوقية المرتفعة . فلو لم يستهلك منها مالكها شيئا حتى مر عليها عام فهل يتم احتساب قيمة المواد على أساس السعر المدعوم أو على أساس سعر السوق ؟
- تقدر على أساس سعر السوق وقت دفع الخمس .
- قطعة أرض اشتراها صاحبها شرعا واستغلها ولكنها مسجلة باسم غيره في دائرة الطابو بحيث يحق لهذا الغير انتزاعها من مالكها الشرعي ساعة ما يشاء . فهل يجب عليه تخميسها الآن أو حتى تسجل في دائرة الطابو باسمه ؟
- يجب عليه تخميسها الآن إن انطبقت عليه شروط الخمس مارة الذكر .
- المكافأة التقاعدية التي تدفعها الدولة إلى الموظف المتقاعد أيجب عليه إخراج خمسها عند قبضها مباشرة أم حتى يحل رأس سنته ؟
- يخمس الفائض منها عند حلول رأس سنته .
- وإذا أخرجت الخمس فلمن أدفعه ؟
- الخمس نصفان نصف للإمام المنتظر ( عجل الله فرجه الشريف ) . يصرف في الأمور التي يضمن أو يحرز رضا الإمام في صرفها فيها وبإجازة من المرجع [ الأعلم المطلع والمحيط بالجهات العامة ] أو يدفع إليه ، ونصف للفقراء وأبناء السبيل من الهاشميين المؤمنين وكذلك أيتام الفقراء المؤمنين منهم العاملين بفرائض دينهم القويم . ويقصد بالهاشميين الذين ينتسبون من جهة الأب إلى هاشم جد النبي الكريم محمد صلى الله عليه والسلام . هذا [ ولا يجوز اعطاء الخمس لمن تجب نفقته على صاحب المال كالأب والأم والزوجة والولد ] ، كما لا يجوز دفعه إلى من يصرفه في الحرام ، [ بل يعتبر أن لا يكون في الدفع إليه إعانة على الإثم وإن لم يكن يصرفه في الحرام ، كما لا يجوز اعطاؤه لتارك الصلاة أو شارب الخمر أو المتجاهر بالفسق ] ...)).
وجاء على موقع بيانات، الرأي الفقهي للسيد محمد حسين فضل الله في الخمس ، إذ قال: (5)
(( وتفصيل أحكامه يقع في مسائل:
م179: يجب الخمس في أمور عديدة، أهمها:
1 ـ الثروات الطبيعية المستخرجة من الأرض، سواء من البر أو البحر، وكذا ما يوجد فيها من كنوز مذخورة، وهي:
أ ـ المعادن المستخرجة من الأرض، كالذهب والبترول والملح والأحجار الكريمة، مثل الماس والعقيق وغيرها، شرط أن تكون قيمة ما يخرجه المكلف من الأرض عشرين ديناراً ذهباً فصاعداً، فلا يجب الخمس فيما قلّ عن هذا المقدار.
ب ـ الكنوز المدفونة في باطن الأرض والتي لا يعلم لها مالك مسلم، أو كان مالكها المسلم قديماً لا تعرف له ذرية، شرط أن تبلغ قيمة الكنز عشرين دينار ذهباً فصاعداً، فلا يجب الخمس في الأقل من هذا المقدار.
ج ـ ما يستخرج من البحر بالغوص مما هو من غير الحيوان، كاللؤلؤ والمرجان والإسفنج ونحوها، ولا يجب فيه الخمس إلا إذا بلغ النصاب، ومقداره دينار فصاعداً، فلا يجب في ما هو أقل من دينار.
2 ـ المال الحلال المختلط بالحرام: وذلك كما إذا اختلط المال الحلال بشيء من الأموال المصطلح عليها بـ(السحت)، مثل: ثمن الخمر والميتة وآلات اللهو والربا وما أشبه ذلك من الأرباع المحرمة، فإذا جهل الإنسان المسلم مقدار الحرام، ولم يعرف مالكه ليرده إليه، وجب عليه أن يخمس ذلك المال ليصبح حلالاً وليجوز له التصرف فيه.
3 ـ أرباح المكاسب: وهي كل ما يستفيده الإنسان من طريق التجارة أو الزراعة أو الهبة أو نحوها، حيث ينبغي للإنسان أن يحدد يوماً معيناً في كل سنة، ويسمى (رأس السنة)، ليرى ما بقي معه من أمواله هذه التي اكتسبها خلال السنة بعدما صرف منها في مختلف حاجاته الدنيوية والأخروية على نفسه وعياله وضيوفه، فيخمسه)).
***
نفهم من الايات الكريمات اعلاه ومن الاحاديث والروايات المثبتة في كتب الحديث الشيعية ان خمس المكاسب غير مشمول في الجباية ، الا ان فقهاء ومراجع الشيعة الامامية الاثني عشرية في القرنين السابقين خاصة ، اثناء الغيبة، كلهم يدخلون المكاسب الشخصية (كالراتب الشهري ، والاجرة اليومية ، ومكسب أي تجارة كبرت او صغرت وغيرها من المكاسب وحتى المال المسروق ... الخ) ضمن قائمة جباية الخمس، عدا مرجع واحد لم يجعل المكاسب في تلك القائمة ، وهو سماحة الامام الشيخ حسين المؤيد .
ان الامام الشيخ حسين المؤيد ، قال صراحة ان مبانيه الفقهية قد تغيرت كثيرا عما بدأ به ، فراح يبذل الجهد للوصول الى الحكم الشرعي دون ان يعيد ما تم قوله سابقا ، وكأني به يتمثل مقولة الامام ابي حنيفة في ان الذين سبقونا هم رجال ونحن رجال ، وليأتي حكمه الشرعي منزها من الاغراض الشخصية ، ومن الطائفية السياسة او الفكرية، ومن النقل الببغاوي ، والتتبع اللاواعي ، الذي ذمه الله في محكم كتابه : ((وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون ))، بل انه ينهل من القرآن الكريم ، ومن السنة النبوية الموثقة عنده .
ان رأي الامام الشيخ المؤيد ، وهو رأي شرعي ، سيجد صداه الواسع بين ابناء المذهب الشيعي الامامي الاثني عشري ، وخاصة بين الذين يرون ان الفقهاء قد تمادوا بإسم الدين والامام الغائب في جباية الاموال من حصة ما تعبوا للحصول عليه في كدهم اليومي ،ويحرمهم – على سبيل المثال – من حق الله ، في اداء فريضة الهية تصبوا اليها نفوسهم المؤمنة ، وامنية العمر ، وهب اداء فريضة الحج .
فضلا عن ذلك ، فإن فقهاء الشيعة ومراجعهم ،قد ابعدوا مقلديهم كثيرا – بدون وعي منهم - عن فرض اوجبه الله سبحانه، وقرنه مع الصلاة ، وهو الزكاة ، فراح عامة الشيعة لا يعرفون عنه كثيرا ، بل ان من تشملهم جباية الزكاة لا يعرفون واجباتهم اتجاهها في حياتهم ، وكان على المراجع ان يجبوا فرض الله هذا من مقلديهم – على الرغم من النسبة القليلة له - ، وتوزيعه في جهاته الشرعية المذكورة في القرآن ،ليكون مقلديهم قد برأوا ذمتهم امام الله ، الا انهم – غفر الله لهم – يعرفون جيدا انهم سيخرجون من المولد بلا حمص، كما يقول المثل الشعبي المصري، او بالنزر اليسير الذي لا يغني ولا يسمن.
***
رأي سماحة الامام الشيخ المؤيد في خمس المكاسب :
يقول سماحته عن خمس المكاسب :
(( الذي أذهب اليه هو أن خمس أرباح المكاسب ليس من التشريعات على مستوى الأحكام الشرعية الثابتة في الشريعة الإسلامية , فهو ليس كالزكاة التي هي ضريبة نص عليها القرآن الكريم و قرنها بالصلاة في مواضع كثيرة , وَ وردت نصوص نبوية في بيان أحكامها و تصدى رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم لجبايتها . فخمس أرباح المكاسب ليس كالزكاة من حيث كونه حكماً من الأحكام الثابتة في الشريعة الإسلامية .
الاّ أن عدداً من أئمة آل البيت عليهم السلام تصدوا لطلب خمس أرباح المكاسب من شيعتهم , و أوجبوا عليهم دفع هذا الخمس و وردت في هذا نصوص كثيرة , و ثبت هذا الأمر في الواقع التاريخي , و كان له رد فعل في فرق شيعية أخرى حيث أن بعض أئمة و فقهاء الزيدية اعترضوا على ذلك في وقته .
و الذي يدقق في هذه القضية يجد أن الائمة الذين أوجبوا الخمس في أرباح المكاسب لم يوجبوه بوصفه حكماً شرعياً ثابتاً من أحكام الشريعة , و انما بنوا ذلك على أساس امامتهم و ولايتهم التي تعطيهم صلاحية فرض ضريبة على قواعدهم المنتمية لهم و المعتقدة بإمامتهم , فيكون وجوب دفع الخمس اليهم طاعة لولي الأمر , و يكون هذا الخمس من الأحكام الولائية و من الأحكام التي يملأ بها ولي الأمر ما اصطلح عليه الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره بمنطقة الفراغ و التي يملأها ولي الأمر حسب مقتضيات المصلحة العامة , و هذه الأحكام وان أخذت طابع الإلزام و وجوب الطاعة من وجهة نظر شيعية الا انها ليست من الأحكام الشرعية الثابتة في الشريعة و انما هي من القوانين التنفيذية التي يصدرها الإمام بصفته ولياً للأمر . و يبدو أن الأئمة عليهم السلام قد رأوا أن وجود ميزانية مالية بأيديهم لسد حاجات شيعتهم و ضمان إستقلاليتهم لممارسة دورهم في الإمامة ضرورة تستدعي فرض ضريبة على شيعتهم لتحقيق هذا الهدف فأوجبوا عليهم ذلك باعتبار ولايتهم التي يعتقد بها شيعتهم .
و هذا هو الذي يفسر تحليل الخمس من قبل بعض الأئمة في فترات معينة و تجميد طلبه في فترات معينة . فان خمس أرباح المكاسب لو كان حكماً شرعياً ثابتاً في الشريعة كالزكاة فانه ليس للإمام تعطيل هذا الحكم الشرعي أو جعل الناس في حل من إمتثاله اذ ليست له ولاية على الأحكام الشرعية الثابتة في نفسها في الشريعة و لذا ليس له تعطيل الزكاة أو جعل الناس في حل من دفعها في نفسها . بل ان لسان التحليل انما يتناسب مع الأحكام الولائية التي يصدرها الإمام ملأً لمنطقة الفراغ و لا يتناسب مع الأحكام الشرعية الثابتة في الشريعة الإسلامية .
و أما النصوص الصادرة من الأئمة عليهم السلام الدالة على خلاف ذلك فهي محل مناقشة علمية ولا تصمد أمام التحقيق.
و في ضوء هذا الفهم , لا يكون اخراج خمس أرباح المكاسب واجباً على المكلف كحكم شرعي تكليفي أولي . و ما طلبه الأئمة بحكم الولاية فقد أحلوه و أباحوه لشيعتهم و لا يجب عليهم دفعه الا اذا طلبه من له الولاية عليهم بحكم ولايته .
و أما الزكاة فهي ضريبة منصوصة في الشريعة اٍلاسلامية و يجب دفعها إمتثالاً لحكم ثابت في الشريعة . و نحن نميل الى وجوبها في الأوراق النقدية و عدم إختصاص وجوبها بالذهب و الفضة المسكوكين بسكة المعاملة . ((. (6)
***
من خلال فتوى سماحة الامام الشيخ المؤيد،نفهم ان سماحته يفرق بين الغنائم والمكاسب .
1 – خمس الغنائم قد شرع بنص ،اي انه حكم شرعي.
2- خمس ارباح المكاسب ليست من الأحكام الشرعية الثابتة، لانها تفتقد لدليل.
3 – فرق كبير بين الخمس في المكاسب ، والزكاة المفروضة.
***
الهوامش:
1 - الانفال :38 - 46 .
2 - راجع:
- الاستبصار - الشيخ الطوسي - ج 2 - ص 54 – 66 ، باب وجوب الخمس فيما يستفيده الانسان حالا بعد حال ، من الحديث 180 الى الحديث 186 .
وباب ما أباحوه لشيعتهم عليهم السلام من الخمس في حال الغيبة ، من الحديث 188 الى الحديث 197 .
وباب :في الأموال ، وما ورد من التشدد في الخمس والاستبداد به فهو يختص بالأموال ، والذي يدل على هذا المعنى ، الحديث 198 .
- و راجع:من لا يحضره الفقيه - الشيخ الصدوق - ج 2 - ص 39 – 51، باب الخمس ، من الحديث 1644 الى الحديث 1663 . واغلبها احاديث غير مسندة وغالبا ما يستخدم عبارات من مثل : (وجاء رجل ، وسأل الامام دون ان يذكر اسم السائل، وقال الصادق، وروي عن ،عن احدهما ... الخ).
- و راجع:الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 408 الى ص 413و ص 538 الى ص 549.
3 – التأكيد من عندي.
4 - راجع تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه - أحمد الكاتب.
5 - راجع موقع بيانات.
6 – راجع الموقع الالكتروني لسماحته.