الخميس، 24 يونيو 2010

التصحيح والتجديد الاجتهادي في المذهب الشيعي - ج1

التصحيح والتجديد الاجتهادي في المذهب الشيعي
المرجع الديني سماحة اية الله الامام الشيخ حسين المؤيد انموذجا

داود سلمان الشويلي

-1-
مر الاجتهاد الشيعي - ضمن المنظومة الفقهية الاسلامية - بمراحل عدة ، فضلا عن تعدد المدارس الفقهية الشيعية الاثنية عشرية (اصوليون واخباريون) ، و تعدد واختلاف المجتهدين ، مما ادى الى اختلاف المرجعيات ضمن المدرسة الواحدة علنا ، خاصة ابتداء من سبعينات القرن الماضي (بعد وفاة المرجع السيد محسن الطباطبائي الحكيم) .
الشيخ حسين المؤيد ( 1965 ) مرجع ديني ، من عائلة عراقية عربية، علمية ، اذ كان والده طبيبا من جهة ، ومن جهة اخرى ينحدر من عائلة دينية، شاهدت له حوارا تلفازيا على قناة الشرقية نهاية العام 2009 ، وهو شخصية معتدلة منفتحة على الواقع ، وصاحب استقلالية، و له مشروع نهضوي ، ان كان ذلك في الحياة العامة او في الفقه.
ادهشتني الكثير من ارائه (وفتاويه) الدينية في الكثير من الامور ، وقد اختلف فيها مع جل علماء الاسلام من كافة المذاهب ،لا لانها – تلك الاراء والفتاوي - انطلقت من مبدأ فقه الواقع ، بل لانها تأتي من مرجعية بحثية علمية موضوعية دقيقة بعيدا عما هو سائد من بعض الاراء الفقهية السابقة غير الصحيحة وذات طابع خرافي واسطوري، مما اعطى تلك الاراء سمة الاجتهاد الذي ما زال بابه مفتوحا في الفقه الشيعي (1)على عكس غلقه في المذاهب الاسلامية الاخرى .
فابتداء من تعريفه للاسلام على انه : برنامج دنيوي، وهدف اخروي ، كما جاء في حواره لقناة الشرقية، فإن الكثير من طروحاته وارائه وفتاويه تعتبر ثورة تصحيحية في الاجتهاد الشيعي. (2)
ففي الحوار ذاك قال الكثير من الاراء الجديدة في الكثير من المسائل والامور التي افتى بها من سبقه ، فعن كيد النساء ، وما جاء في المأثور الاسلامي عن النبي او الامام علي بن ابي طالب في قضية الكيد،(اعتمادا على ما جاء في سورة يوسف على لسان العزيز عن زوجته او على لسان الفرعون ) نفى الشيخ ان تكون النساء مختصات به ، بل هو فعل مشترك مع الرجال.
اما عن مفهومه للقوامة (الرجال قوامون على النساء - الاية)، فكان رأيه ان : القوامة: ادارة الاسرة، ولا تعني التحكم بمزاجية ،وقيام الزوج بادارة الاسرة مشروطة فقهيا بالانفاق وإلا تسقط القوامة بعدم الكفاءة .
اما عن الحديث النبوي الذي يؤكد على نقص في عقول النساء فقال عنه: حديث ضعيف ويصطدم مع حقائق الشرع ويضرب به عرض الجدار وهو دخيل على الاسلام.
هذه الاراء الجديدة - والثورية اذا صحت التسمية – وغيرها – عن حلية سماع الموسيقى مثلا - دفعتني الى ان اطلع اكثر على ارائه وطروحاته وفتاويه من خلال موقعه الالكتروني، والوقوف على منظومته الفكرية الفقهية ضمن منظومة الفقه الشيعي الاثني عشري.
واذ نحن نقدم دراسة عن فكر هذا الشيخ المجتهد في المذهب الشيعي لا ننسى المجتهدين وعلماء الشيعة الاخرين الذين سبقوه او جايلوه والذين كانت لهم اراء منفتحة دون ان تخل بالاساس الشرعي للاسلام ، والتي جاهروا بها ، كالمرجع الديني العربي محمد حسين فضل الله (3) والسيد محسن الامين ،والدكتور الشيخ احمد الوائلي ، والسيد علي الامين ،على سبيل المثال لا الحصر.
واخيرا، يتصف مشروع الشيخ المؤيد النهضوي بـ :
- انفتاحه الذهني تجاه مسألة التجديد والاجتهاد الموثق .
- تفعيل الفكر الديني علميا وموضوعيا وعقلانيا.
- المراجعة الشاملة والعلمية والعقلانية للتراث الاسلامي ، وخاصة منه الشيعي للوصول الى التقارب المذهبي خدمة لاسلام قرآني صحيح.

***
- 2 –

من الامور الهامة التي يدين بها عامة الشيعة – خطأ - و يغذيها بعض رجال الدين على المنابر والحسينيات وفي بعض الكتب، والتي تعتبر – حسب رأيهم - من المقدسات، الكثير من الاحاديث النبوية التي يعيد انتاجها الكثير من رجال الدين الشيعة – المراجع والاقل منهم درجة – فتصل الى العامة من الشيعة كأمر مقدس واجب التطبيق ،ومن ثم احقية الدفاع عنها من قبلهم ، طالما هي من قول الامام او من نقوله عن اجداده عن الرسول ، والكثير من تلك الاحاديث التي نقلتها الكتب الحديثية الاربعة المهمة في المذهب الشيعي او غيرها ، تحتاج الى وثوقية صحتها، ان كانت الوثوقية تلك للسند او المتن او تضاربها الفكري مع القرآن الكريم ،وفيما يلي بعض الاحاديث التي سئل عنها الشيخ المؤيد و تناولتها فتاويه بالمراجعة والتصحيح:
رد بعض الاحاديث:
بداية ،عن كتب الحديث الشيعية يقول الشيخ: (( وحتى الكتب الاربعة تتضمن عددا غير قليل من الاحاديث التي تتصف بسند معتبر لا يمكن نسبتها الى الأئمة عليهم السلام ولا تتصف بالحجية لان متونها تحتوي على خلل فاضح يشي بان هذه الاحاديث اما ان تكون مدسوسة ووضع لها سند معتبر او مكذوبة يمكن ان يكون بعض رجال سندها ممن تم توثيقه بحسب الظاهر غير ثقة بالواقع قام بافتعالها اوالزيادة والنقصان فيها الامر الذي سبب في نظري مشكلة كبيرة في اتجاه عملية الاستنباط في المسار الصحيح . ومن هنا فانني اخذ كل هذه الامور بنظر الاعتبار في استنباط الاحكام وقد قمت بتاصيل قواعد في هذا المجال بحيث لا تكتفي عملية الاستنباط بالمصادر الموجودة وانما تعتمد منهج المقارنة والدراسة التحليلية وتتبع مسار الاحكام منذ خيوطها الاولى, كما لا تكتفي بالنظر الى اعتبار السند وانما تدقق في المتن وتدرس جو النصوص وتنفتح على كل القرائن التي يمكن ان تلعب دورا في تقييم النص )).
ويقول عن كتاب نهج البلاغة المنسوب الى الامام علي بن ابي طالب: (( واما كتاب نهج البلاغة فقد اخطا من ادعى انه من تاليف الشريف الرضي وانما الصحيح ان الشريف الرضي قام بجمع هذه الخطب والكلمات المنسوبة الى امير المؤمنين علي عليه السلام من الكتب والمصادر والمنقولات والمدونات. ولا بد من اتباع منهج التدقيق في المنقول في هذا الكتاب حسب السند والمتن فما تم له سند معتبر ولم يكن في متنه خلل يمكن حينئذ نسبته الى امير المؤمنين عليه السلام ويترك ما عداه . فالناس وقعوا في قضية نهج البلاغة بين تفريط وافراط , فالتفريط نسبة الكتاب الى الرضي نفسه ,والافراط هو القول بنسبة كل ما في الكتاب الى امير المؤمنين عليه السلام , والمنهج الوسط هو ان الكتاب ليس للشريف الرضي وانما هو مجموع ما نسب الى امير المؤمنين علي عليه السلام من خطب وكلمات , ويحكم بصحة ما كان له سند معتبر ولم يكن في متنه خلل وما لا ينافي الاعتبار .)).
آ - حديث خلق الائمة :
الحديث :((... محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن بكير بن أعين قال: كان أبو جعفر عليه السلام يقول: إن الله أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية لنا وهم ذر، يوم أخذ الميثاق على الذر، بالاقرار له بالربوبية ولمحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة وعرض الله عزوجل على محمد صلى الله عليه وآله امته في الطين وهم أظلة وخلقهم من الطينة التي خلق منها آدم وخلق الله أرواح شيعتنا قبل أبدانهم بألفي عام وعرضهم عليه وعرفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وعرفهم عليا ونحن نعرفهم في لحن القول)) – كما جاء في الكافي حسب الموقع -
يجيب الشيخ المؤيد قائلا : (( هذا الحديث و ان كان له بحسب الظاهر سند معتبرلوثاقة كل رجال سنده , الاّ أن اللازم ان يضرب به عرض الجدار فهو زخرف باطل و لا يمكن أن يقبله عقل سليم و لا يأخذ به الا أبله أو مجنون ذلك أن متنه مليء بالخلل من جهات كثيرة منها :-
أولاً :- إن نظرية أخذ الميثاق من الذر نظرية غير صحيحة و تبطلها دلائل عقلية كثيرة و لا دلالة للآية الكريمة اليها و لا يصح تفسيرها على أساسها . و عليه اذا سقطت فكرة أخذ الميثاق من الذر سقط الحديث من أساسه .
ثانياً :- لو فرض صحة نظرية أخذ الميثاق من الذر فاننا اذا رجعنا الى الآية الكريمة لوجدنا أن مساقها مختلف تماماً عن مساق المتن المذكور في الرواية , قال تعالى ( و اذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين . أو تقولوا انما أشرك آباؤنا من قبل و كنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون) . فمساق الآية الكريمة واضح في أن الهدف من أخذ الميثاق هو إقامة الحجة و سد باب التنصل و الإعتذار عن الإلتزام بالعقيدة الحقة بمبررات معينة , بينما الرواية تتحدث عن أن الميثاق بالولاية انما أخذ من الشيعة , مع انه لو أريد الانسجام مع مساق الآية الكريمة لكان اللازم أن يؤخذ الميثاق من غيرهم لسد باب التنصل و الإعتذار عن التمسك بالولاية. و من الناحية المنهجية تبقى علامة إستفهام كبيرة ترتسم امام هذه الرواية فلماذا يأخذ الله تعالى الميثاق على الربوبية من جميع البشر بينما يأخذ الميثاق بالولاية من الشيعة فقط ؟ ان هذا الاستفهام يبقى شاهداً على الخلل في مضمون الرواية .
ثالثاً :- انّ الرواية تتحدث عن أن الميثاق أخذ على الذر للأقرار لله تعالى بالربوبية و لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم بالنبوة , مع أن الآية الكريمة لا تتحدث الا عن أخذ الميثاق بالربوبية , وهذا هو المعقول و أما الميثاق بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فبلحاظ أنّ أصل الميثاق قد أخذ من الذر جميعاً أي من البشرية كلها منذ آدم عليه السلام و بلحاظ أنّ البشرية الى زمان بعثة محمد صلى الله عليه وآله وسلم لم تكن مكلفة أصلاً بالإقرار بنبوته و لا بمعرفته فما الوجه في أخذ الميثاق منهم بذلك ؟
رابعاً :- تقول الرواية أنّ الله تعالى خلق أرواح الشيعة قبل أبدانهم بألفي عام و عرضها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . و هذا كلام باطل بأي وجه صوّر فان كان النظر فيه الى عالم الذر فمن الواضح أن عالم الذر كان قبل الفي عام من خلق أبدان الشيعة , و إن كان النظر الى غير عالم الذر فبما أن أبدان الشيعة لم تخلق دفعة واحدة و انما خلق الأبدان تدريجي بتدرج الأزمنة و الأعصار فلا يلتئم ذلك مع تحديد الألفي عام كوقت لخلق الأرواح قبل الأبدان .
و الحقيقة ان هذه االرواية من مصاديق قاعدة الروايات التي تكذب متونها أسانيدها .
انّ هذه الرواية و أمثالها من تفاهات الغلاة و محاولاتهم في نسج العقائد الباطلة حول الإمامة و ان أهل البيت عليهم السلام براء من مثل هذه التفاهات و التخرصات و من اللازم تطهير الثقافة الشيعية منها .)).
ب – معنى الناصب:
الحديث : (( محمد بن إدريس في آخر ( السرائر ) نقلا من كتاب مسائل الرجال : عن محمد بن أحمد بن زياد وموسى بن محمد بن علي بن عيسى قال: كتبت إليه ـ يعني : علي بن محمد ( عليه السلام ) ـ أسأله عن الناصب ، هل أحتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت واعتقاد إمامتهما ؟ فرجع الجواب : من كان على هذا فهو ناصب)).
جواب الشيخ المؤيد : (( هذه الرواية راويها هو محمد بن علي بن عيسى وهو غير ثابت الوثاقة , و مجرد تعبير النجاشي عنه بأنه كان وجهاً في قم لا يدل على الوثاقة . مضافاً الى ان ابن ادريس لم يذكر طريقه الى محمد بن علي بن عيسى فلا يمكن الحكم بتمامية سند الرواية .
أضف الى ذلك أن تطبيق عنوان الناصب على الشخص لمجرد تقديمه لأبي بكر و عمر رضي الله عنهما و إعتقاده إمامتهما مناف لمفهوم الناصب لغةً و عرفاً , كما انه لا يتمشى مع الواقع أصلاً , كيف و قد قاتل مع الإمام علي عليه السلام في الحروب التي خاضها أيام خلافته جمع غفير ممن كانوا يقدمون أبا بكر و عمر و يعتقدون امامتهما فكيف يحكم بنصبهم و قد قاتلوا مع علي و تحت رايته و يعدّ المقتول منهم معه شهيداً بإجماع الإمامية .على أن تطبيق عنوان الناصب بهذا النحو ينافي ما هو المعلوم و المعروف من سيرة أهل البيت عليهم السلام ومسلكهم .
فالحقيقة انّ هذه الرواية لا تتصف بالحجية و يجب الإعراض عنها , وقد أعرض عنها الكثير من فقهاء الإمامية و محققيهم و أكثر من أخذ بها هم من الأخبارية الذين لا وزن لمنهجهم لدى العلماء المحققين .
و أما مستطرفات السرائر فحيث أن ابن ادريس لم يذكر طرقه الى الكتب التي نقل منها تلكم الروايات فلذا لا تتصف روايات مستطرفاته بالحجية . و قد حاول البعض علاج هذه الثغرة بمعالجات غير صحيحة . فالصحيح أن مستطرفات ابن ادريس غير واجدة لمعايير الاعتبار .)).
ج – الميلاد الاسطوري للسيدة فاطمة:
الحديث : (( حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل - رضي الله عنه - قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن يعقوب بن يزيد، قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن سدير الصيرفي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: خلق نور فاطمة عليها السلام قبل أن تخلق الارض والسماء. فقال بعض الناس: يا نبي الله فليست هي إنسية ؟ فقال صلى الله عليه وآله: فاطمة حوراء إنسية قال: يا نبي الله وكيف هي حوراء إنسية ؟ قال: خلقها الله عزوجل من نوره قبل أن يخلق آدم إذ كانت الارواح فلما خلق الله عزوجل آدم عرضت على آدم. قيل: يا نبي الله وأين كانت فاطمة ؟ قال: كانت في حقة تحت ساق العرش، قالوا: يا نبي الله فما كان طعامها ؟ قال: التسبيح، والتهليل، والتحميد. فلما خلق الله عزوجل آدم و أخرجني من صلبه أحب الله عزوجل أن يخرجها من صلبي جعلها تفاحة في الجنة و أتاني بها جبرئيل عليه السلام فقال لي: السلام عليك ورحمة الله وبركاته يا محمد، قلت: وعليك السلام ورحمة الله حبيبي جبرئيل. فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام. قلت: منه السلام وإليه يعود السلام. قال: يا محمد إن هذه تفاحة أهداها الله عزوجل إليك من الجنة فأخذتها وضممتها إلى صدري. قال: يا محمد يقول الله جل جلاله: كلها. ففلقتها فرأيت نورا ساطعا ففزعت منه فقال: يا محمد مالك لا تأكل ؟ كلها ولا تخف، فإن ذلك النور المنصورة في السماء وهي في الارض فاطمة، قلت: حبيبي جبرئيل، ولم سميت في السماء " المنصورة " وفي الارض " فاطمة " ؟ قال: سميت في الارض " فاطمة " لانها فطمت شيعتها من النار وفطم أعداءها عن حبها، وهي في السماء " المنصورة " وذلك قول الله عزوجل: " يومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله ينصر من يشاء " يعني نصر فاطمة لمحبيها.)).
فكان جواب الشيخ المؤيد : (( هذه الرواية غير صحيحة سنداً و متناً , أما السند فان راويها سدير ممن لم تثبت وثاقته , فلم يرد فيه توثيق , ودعوى وروده في أسانيد كامل الزيارات أو تفسير علي بن إبراهيم هي دعوى غير تامة لبطلان المبنى , كما ان دعوى ابن شهراشوب ان سديراً كان من خواص أصحاب الصادق عليه السلام غير مقبولة فقد تفرد بها ابن شهراشوب وهو متأخر دون أساطين علم الرجال من المتقدمين و لعله استفادها من روايات اما ان يكون راويها سدير نفسه أو من روايات مادحة لسدير مطعون في سندها .
مضافاً الى ان العلامة الحلي نقل عن علي بن احمد العقيقي قوله في سدير انه كان مخلطاً و هذا يعني ان له روايات منكرة .
و اما متنها فقد ورد في ذيل الرواية الإستشهاد بقوله تعالى { و يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء } و تفسير الآية الكريمة بان المقصود فيها نصر فاطمة لمحبيها مع ان الآية الكريمة لا علاقة لها بهذا الأمر لا من قريب ولا من بعيد , وهي غير قابلة للتطبيق عليه , فان الآية الكريمة تتحدث عن غلبة الروم لفارس بعد أن كانت فارس قد غلبتهم و قوله تعالى { يومئذ } أي يوم تغلب الروم فارس , كما أن المقصود بنصر الله تعالى الذي يفرح به المؤمنون هو نصر الله المسلمين على المشركين أو نصر الله تعالى الروم على فارس . و كل ذلك لا علاقة له بما ذكر في الرواية . فان قيل ان ذلك من باب التأويل و هو ما له علاقة ببطون القرآن الكريم .قلنا ان التفسير بالتأويل بما له علاقة ببطون القرآن الكريم لا يكون هكذا , و انما لا بد من وجود سنخ مناسبة بين الظاهر القرآني و المعنى المؤول , و من الواضح انه لا مناسبة لظاهر الآية الكريمة بالمعنى المشار اليه في الرواية .
ثم أن الرواية بعد ان ذكرت ان فاطمة عليها السلام سميت في السماء بالمنصورة فانها ذكرت أن الآية تشير الى ذلك , وفسرت نصر الله بانه نصر فاطمة لمحبيها , و هنا تكون فاطمة عليها السلام ناصرة فكيف ينسجم ذلك مع تلقيبها بالمنصورة ؟ فان كان الوجه في ذلك هوَ ان الله تعالى نصرها حيث مكنها أن تنصر محبيها فكانت منصورة من حيث انها ناصرة , كان الأجدر أن يطبق نصر الله تعالى على ذلك بان يكون المراد به نصر الله تعالى لفاطمة لأن ذلك هو الذي ينسجم مع تلقيبها بالمنصورة و لأن نصرها لمحبيها انما يرجع بالأساس الى نصر الله تعالى لها . وهكذا يتضح أن في متن الرواية فقرات غريبة تسقطها عن الحجية .
والحقيقة أن هذه الرواية التي رواها سدير مما يشهد لقول العقيقي فيه انه كان مخلطاً حيث يروي مرويات منكرة و هذه الرواية من شواهد ذلك . )).
د – اسطورة خلق الائمة ولولاهم ما عـُبد الله:
الحديث : (( مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الْعَمْرَكِيِّ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ( عليه السلام ) قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَنَا فَأَحْسَنَ خَلْقَنَا وَ صَوَّرَنَا فَأَحْسَنَ صُوَرَنَا وَ جَعَلَنَا خُزَّانَهُ فِي سَمَائِهِ وَ أَرْضِهِ وَ لَنَا نَطَقَتِ الشَّجَرَةُ وَ بِعِبَادَتِنَا عُبِدَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَوْلَانَا مَا عُبِدَ اللَّهُ .
بَابُ أَنَّ الْأَئِمَّةَ ( عليهم السلام ) وُلَاةُ أَمْرِ اللَّهِ وَ خَزَنَةُ عِلْمِهِ – المصدر الكافي)).
اجاب الشيخ المؤيد : (( هذه الرواية و ان كان لها بحسب الظاهر سند معتبر , الا أن الخلل في مضمونها يسقطها عن الحجية , و يكفي في سقوط مضمونها ما ورد في ذيلها " و بعبادتنا عبد الله عز و جل و لولانا ما عبد الله " فان في هذه الفقرة من الغلو و البعد عن الواقع و عن روح القرآن الكريم و مضامينه ما يوجب ضرب هذه الرواية عرض الجدار .
ان عبادة الله عز وجل قائمة قبل خلق البشر عبدته الملائكة و عبده الجن , و عبادته عز وجل قائمة قبل خلق أهل البيت عليهم السلام فقد عبد الله تعالى على الأرض منذ فجر الخليقة و سيظل يعبد الى أن يرث الله الأرض و من عليها . و هل من المعقول أن لا يعبد الله تعالى لولاهم مع وجود مئة و أربعة و عشرين ألف نبي توالوا على مر التاريخ عبدوا الله تعالى و دعوا الى عبادته و ربوا الناس عليها , و هل أن الناس الذين دخلوا في دين الإسلام و حداناً وزرافات و أفواجاً على يد رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم لم يقيموا عبادة الله تعالى ؟ ذلك ان عبادة هؤلاء لله عز و جل لم تكن مستندة الا الى شرع الله و دعوة رسوله صلى الله عليه و آله و سلم و كل ما عداه هو فرع له لا أصل , فكيف ينسب الشيء الى فرعه دون أصله .
و ان كان المقصود أنه لولاهم ما خلق الله تعالى الخلق فيعبدونه , فهذا أمر مخالف لروح القرآن الكريم و مضمونه و لأدبيات الإسلام بشكل عام قال تعالى :{ و ما خلقت الجن و الإنس الا ليعبدون } و ناهيك ما في هذه الآية الكريمة من الحصر و من شمولها لجميع الإنس بمن فيهم أهل البيت عليهم السلام . و في الحديث القدسي { كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لكي أعرف } ان من يطلع على ثقافة القرآن يدرك بوضوح أن الاساس في حركة البشرية و خلقتها هو معرفة الله تعالى و الكدح اليه و تجسيد خلافته على الأرض و السير الى الكمال و السعادة الأبدية , و أن المحور الذي تنشد اليه البشرية جمعاء هو الخالق المطلق , و أن الأنبياء ما هم الا سفراء الله في أرضه يربطون الناس بالله عز وجل و ليسوا سوى عباد مكرمين فضلاً عن غيرهم . و قد خلق الله تعالى الحياة و مقوماتها من أجل الانسان بما هو انسان ليوطيء له معرفته عز وجل و عبادته سبحانه . هذه هي ثقافة القرآن الكريم و كل ما عدا ذلك باطل لا يتفق مع عقل سليم و لا نقل صحيح . و لو كان شيء من هذه المضامين الغريبة صحيحاً لنطق بها القرآن الكريم و لكانت جزء من ثقافته مع انه ليس في ثقافة القرآن الكريم عين من ذلك و لا أثر حتى فيما يتصل بشخص رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و هو خير البرية فكيف بغيره . و انما هذه المضامين الشاذة هي مسحة من أفكار الغلاة الأمر الذي يشهد على أن هذه الرواية و أمثالها من موضوعاتهم الباطلة و تزييفاتهم المفضوحة . و مع أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال يوم بدر : " اللهم ان تهلك هذه العصابة فلن تعبد " و هو بشير بذلك الى أصحابه لم يجرأ أحد أن يقول انه لولاهم ما عبد الله عز و جل و ما ذاك الا لأنّ هذه المضامين غريبة على ثقافة الإسلام و أدبياته . )).
هـ - اسطورية ايام الاسبوع:
الحديث : ((حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن - يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: السبت لنا، والاحد لشيعتنا، والاثنين لاعدائنا، والثلثاء لبني امية، والاربعاء يوم شرب الدواء، والخميس تقضى فيه الحوائج، والجمعة للتنظف والتطيب، وهو عيد المسلمين وهو أفضل من الفطر والاضحى، ويوم الغدير أفضل الاعياد، وهو ثامن عشر من ذي الحجة وكان يوم الجمعة، ويخرج قائمنا أهل البيت يوم الجمعة، ويقوم القيامة يوم الجمعة، وما من عمل يوم الجمعة أفضل من الصلاة على محمد وآله)).
اجاب الشيخ المؤيد : ((هذه الرواية مرسلة و القاعدة العامة في المرسلات هي أنها ساقطة عن الحجية , الاَّ أنّ المرسِل في هذه الرواية هو محمد بن أبي عمير و قد إختلف علماء الدراية و الرجال من الإمامية في مرسلات ابن أبي عمير فمن لا يرى اعتبارها و يرى أنها لا تخرج عن القاعدة العامة في المرسلات فان هذه الرواية ستكون عنده ضعيفة سنداً و ساقطة عن الحجية . و من يرى اعتبار مرسلات ابن أبي عمير بلحاظ انه ممن شهد له بانه لا يروي و لا يرسل الا عن ثقة فهذه الرواية ستكون من ناحية السند معتبرة سنداً . الاّ أنّ هذه الرواية و ان كان لها بحسب الظاهر سند معتبر الاَّ انها ساقطة عن الحجية لما يشتمل عليه متنها من أوجه الخلل مما لا يمكن أن يكون صادراً من المعصوم بحسب مباني الإمامية فتكون الرواية حينئذ من الروايات التي تكذب متونها أسانيدها فلا يؤخذ بها و لا يعول عليها .
و أما أوجه الخلل فمنها :-
أولاً :- ما ورد فيها من خصوصيات أيام الأسبوع فهو من التشويش و الإضطراب بمكان , و أول ما يتبادر الى الذهن هو السؤال عن سنخ الاضافة المذكورة لأيام الاسبوع فهل هي اضافة في عالم التكوين أو هي اضافة في عالم التشريع أو هي إضافة خارجية في ما تقتضيه طبيعة الظروف و الحياة ؟ و على كل التقادير في الإضافة خلل و هي غير متسقة . مضافاً الى أن إضافة الجمعة الى التنظف و التطيب فتكون السمة البارزة ليوم الجمعة انه يوم تنظف و تطيب لا ينسجم مع الفضل العظيم المذكور ليوم الجمعة في الرواية و انه أفضل من الفطر و الأضحى و انه يوم خروج قائم أهل البيت و اليوم الذي تقوم فيه القيامة , فهل من المنطقي أن يوسم مثل هذا اليوم الذي له كل هذه الخصوصيات بانه يوم التنظف و التطيب و يجعل في سياق إضافة ايام أخر منها ما يضاف الى آل البيت عليهم السلام و منها ما يضاف الى شيعتهم ؟
و مما يثير التساؤل و الإستغراب و الدهشة أن لا يضاف يوم الجمعة مع ما له من الفضل حسب الرواية الى آل البيت أو شيعتهم و يضاف لآل البيت يوم السبت و هو يوم اليهود و يضاف الى شيعتهم يوم الأحد و هو يوم النصارى .
ثانياً :- ان ما ورد فيها من أن يوم الغدير كان يوم الجمعة مخالف للواقع , إذ برد التاريخ الهجري الى الميلادي يظهر أن يوم الثامن عشر من ذي الحجة لسنة عشر للهجرة يصادف يوم الخميس 15-3-632 م .
ثالثاً :- ما ذكر فيها من أفضلية يوم الجمعة على عيدي الفطر و الأضحى هو أمر غريب لا ينسجم مع الإرتكازات المتشرعية و لا مع نصوص أخرى .
رابعاً :- إن جعل يوم الغدير أفضل الأعياد يستبطن اسباغ صفة العيد الشرعي على يوم الغدير لكي يتحقق محل للمفاضلة مع أنه ليس في الإسلام عيد شرعي سوى عيدي الفطر و الأضحى فكيف تقوم المفاضلة بين ما ليس بعيد شرعي و ما هو عيد شرعي ؟ و هكذا يتضح ان هذه الرواية ليس لها إعتبار و لا يصح الأخذ بها .)).
و- اسطورية الدمعة التي تدخل الجنة:
((حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن العلاء ابن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: أيما مؤمن من دمعت عيناه لقتل الحسين عليه السلام حتى تسيل على خده بوأه الله تعالى بها في الجنة غرفا يسكنها أحقابا، وأيما مؤمن دمعت عيناه حتى تسيل على خديه فيما مسنا من الاذى من عدونا في الدنيا بوأه الله منزل صدق، وأيما مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى تسيل على خده من مضاضة أو أذى فينا صرف الله من وجهه الاذى وآمنه يوم القيامة من سخط النار.)).
فكانت اجابة الشيخ المؤيد : (( سند هذه الرواية معتبر حسب مباني علم الرجال عند الإمامية و ليس في متنها ما يوجب سقوطها عن الحجية , فالثواب المذكور فيها حيث انه مما لا يعلمه الا الله تعالى الذي أعد هذا الثواب فلا بد أن يكون علي بن الحسين عليهما السلام حين أخبر عن هذا الثواب قد أخذه رواية تنتهي إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم . كما أن الواضح من متن الرواية أن البكاء المذكور فيها ليس من باب الجزع على الميت و إنما هو بكاء على مظلومية الحسين عليه السلام سيد شباب أهل الجنة و الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم " حسين مني و أنا من حسين " و هو عمل مشروع منسجم مع الفطرة الإنسانية وَ لم يردع عنه الشرع و أيّ نفس انسانية لا تهتز باكية على مظلومية الحسين عليه السلام و الأذى الذي أصابه في سبيل الحق و العدل و تقويم الانحراف و إصلاح الأمة و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر . و أما الثواب المذكور في الرواية فحاله حال سائر الأعمال المستحبة التي أعدّ الله تعالى لمن أتى بها ثواباً و أجراً في الآخرة , فإن ذلك لا يعني الا استحقاق الثواب من حيث المبدأ , و أما الإستحقاق العملي فهو منوط بالإستقامة على شرع الله عز و جل . و من هنا ليس للإنسان أن يتساهل في أوامر الله تعالى و نواهيه بحجة أنه سينال الجنة لمجرد بكائه على مظلومية الإمام الحسين عليه السلام . )).
***
- 3 –
اجتهادات :
1 – يكفّر اغلب – ان لم اقل كل – علماء الدين الاسلامي سماع الموسيقى ، والموسيقى هي غذاء الروح ، وقد افتى الشيخ المؤيد بحلية السماع لها ، كما جاء في اجابته عن سؤال حول ذلك ، فقال : (( إن الرأي الفقهي الذي أذهب إليه هو أن الموسيقى ليست محرمة لذاتها وإنما تحرم إذا استخدمت استخداما محرما أو إذا اقترنت بفعل محرم أو إذا أدت إلى حرام ، وفي غير ذلك فإن الموسيقى حلال وإن أطربت .)).
2 - ان اهم القضايا التي شغلت الفكر الاجتهادي الشيعي واثرت بشكل سلبي على عامة الشيعة، واحدثت شرخا واسعا في الاسلام الموحد هو قضية (حادثة ) الهجوم على بيت الزهراء (4) وكسر ضلعها واسقاط جنينها.
ناقش صحة الحادثة تاريخيا قبل الشيخ المؤيد حسب اطلاعي ، المرجع الديني اللبناني السيد محمد حسين فضل الله(5) ،وقامت قيامة بعض علماء الشيعة ضده، وكفروه، وعدوه خارجا عن المذهب (انظر الهامش 3 ).
اما اجابة الشيخ المؤيد فقد جاءت عن سؤال عن الصحة التاريخية لهذه الحادثة ، فقال : ((لم يثبت ذلك عندي ... وقد ذكرنا أن حادثة كسر ضلع الزهراء عليها السلام غير ثابتة، بل القرائن المنطقية تدلل على أنها غير صحيحة ولم تكن هذه الحادثة سببا لوفاتها عليها السلام . وإنما المستفاد من النقول التاريخية أنها مرضت ووافاها الأجل سلام الله عليها . وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبرها بأنها أول أهل بيته لحوقا به.)).
وقال كذلك : (( إثبات وقوع هذه الحادثة هو الذي يحتاج إلى دليل والأدلة التي ذكرت لإثبات هذه القضية إما ضعيفة سندا أو متضاربة ومتعارضة أو مخالفة لمنطق طبيعة الأشياء وللقرائن التي لا بد من تحكيمها عند تقييم مضامين الأخبار والنقول وتفصيل ذلك موكول إلى مجاله التخصصي الأوسع)).
3 – ومن القضايا الهامة التي شغلت العامة من الشيعة – ايضا - والتي لم تجد جوابا فاصلا فيها عند علماء الدين الشيعة ومراجعهم – اذ سكتوا عن القول الفصل فيها لاسباب - هي قضية الشعائرالحسينية – هكذا تسمى – التي تقام في عاشوراء من مثل :اللطم وتطبير الرؤوس وضرب الظهر بالزناجيل.
قال الشيخ المؤيد اجابة عن سؤال حول حليتها او عدمها: (( لا يعد التطبير في حد نفسه شعيرة دينية , لأن الشعيرة الدينية هي ما جعله الله تعالى من معالم دينه وعلائمه ، وليس التطبير كذلك ، فإنه لم يجعل شرعا من معالم الدين وعلائمه ، وإنما هو من مخترعات الناس وما تواضع عليه البعض لإظهار التفجع على الإمام الحسين عليه السلام ، مع أنه ليس من المصاديق المشروعة ولا الراجحة للتفجع ، ذلك أن مورد النصوص الواردة في هذا الباب هو عناوين خاصة معينة كالحزن والبكاء والتعزية والرثاء وهي عناوين لا تنطبق على مثل التطبير ولا تتسع له ، ولو فرض وجود إطلاق في هذه النصوص أو غيرها فإنه لا يشمل مثل التطبير وضرب السلاسل وما جرى مجراهما ، لانصراف الإطلاقات عنهما عرفا لعدم كونهما من المصاديق المنظورة في العرف العام والمتعارفة عقلائيا في هذا المجال ، مضافا إلى بعدها عن مذاق الشارع حسب المرتكزات المتشرعية ،الأمر الذي يوجب إنصراف الأذهان العرفية عنها في زمان صدور النصوص .
ثم إن هذه المصاديق والأساليب لا تنسجم مع مقاصد الشريعة ومذاق الشارع وما يستفاد من مجموع خطاباته في باب حفظ النفس والبدن وصيانتهما عن الأذى والضرر وحرص الشارع على سلامتهما مما يمكن أن يستنبط منه مبغوضية هذه الأفعال عند الشارع المقدس خاصة مع عدم كونها من المصاديق اللازمة والمطلوبة . هذا إن لم يستفد من بعض الأدلة وبشكل مباشر حرمة مثل هذه الأفعال. أضف إلى ذلك إن هذه الأفعال تسيء إلى صورة الدين والمذهب وتشوه المضمون الحقيقي لإحياء قضية الإمام الحسين عليه السلام ، ولا شك في ذلك لا سيما في زماننا هذا ولو في الجملة فتكون محرمة بالعنوان الثانوي . وهكذا يتضح أن التطبير وما جرى مجراه لا يندرج في شعائر الدين ولا في العناوين الجائزة أو الراجحة .)).
وفي اجابة اخرى حرم الشيخ مثل هذه الافعال : ((نعم حيث أن التطبير حرام شرعا فإن الذي أقدم على تطبير غيره يلحقه الإثم لأنه إرتكب من الناحية التكليفية فعلا محرما وإن لم يترتب عليه شيء من الناحية الوضعية حسب ما ذكرناه.)).
و قال ايضا: (( وقد تعرٌضت هذه القضية لإفراط وتفريط , أما التفريط فهو المحاولات غير المبررة لجعلها من الحوادث التاريخية العادية أو شبه العادية وإعطائها طابعا محدودا وتسطيحها , فضلا عن محاولات أنسائها واقتلاعها من سجل الذكريات , بل منع البعض من إظهار الحزن والبكاء وإنشاد المراثي مدخلا لها في الجانب الشخصي للقضية وكأنها من قبيل التفجع على موت إنسان مع انها ليست كذلك جزما ,فان الحزن والبكاء والرثاء لأجل المظلومية أمر تنزع إليه النفس الإنسانية حسب فطرة الله التي فطر الناس عليها فكيف يحول الشارع بحكم بين النفس وما فطرت عليه وهذا غير التفجع لحادثة الموت نفسها حيث ان الموت هو قدر الله الماضي على جميع خلقه . وهذا يعبر عن جانب التفريط في القضية وهو أمر لا يتقبله منطق التأثير التاريخي . وأما جانب الإفراط فهو الذي يتعامل مع هذه القضية من خلال تضخيم بعض تفاصيلها استنادا إلى روايات ضعيفة أو التركيز على جانب المأساة والمغالاة في تحريك العاطفة الإنسانية ليتحول التعاطي معها إلى حالة الانفعال العاطفي وإهمال المحتوى العظيم والثر الذي يتصل بفلسفة هذه النهضة ودراسة أبعادها المتنوعة واستخلاص العبر والدروس منها واستنطاقها لتبقى الحادثة الملهمة على الدوام . وقد يصل هذا التركيز العاطفي إلى درجة التعبير عن العاطفة وإبراز التـفاعل مع المأساة بألوان وأشكال من الممارسات التي تعطي صورة مشوهة عن الطريقة المعقولة في إحياء الذكرى فتوجد انعكاسا سلبيا على الذكرى نفسها,بل يتسرب من خلالها الوهن إلى القاعدة الفكرية التي تنطلق منها . ولذا فإننا نرى أن هذه الممارسات غير صحيحة وليست فيها مصلحة ويجب تنزيه الشـعائر الحسينية منها والعمل على إحياء الذكرى بالطرق الصحيحة التي تـتـنــاسب وعظمتها وما تستحقه من فاعلية وبقاء ولا نعني بذلك إغفال الجانب العاطفي والمأساوي في القضية لكن يتم إبراز عنصر المأساة وما فيه من تحريك للوجدان وما يتمخض عنه من تعبير تتوهج من خلاله العاطفة الإنسانية بالأداء الصحيح الذي يتماشى والطبع العقلائي بما يحفظ للفكرة هيبتها وللحادثة عمق تأثيرها الايجابي وبالله التوفيق .)).
وقال اخيرا عن هذه المسألة : (( إن المعارضة للتطبير وما يجري مجراه ليست معارضة للشعائر الحسينية ومن الخطأ الفاحش أن ينظر إليها على أنها معارضة للشعائر الحسينية بل هي دعوة إصلاحية لتنزيه الشعائر الحسينية وإبرازها بالصورة الصحيحة والناصعة . ولماذا يتم إختزال إحياء قضية كبرى بمستوى قضية الإمام الحسين عليه السلام بمجموعة من الأساليب التي لم يرد بها نص شرعي ولا يقبلها العرف العقلائي العام وإنما جرت عليها العادة في فترة متأخرة من الزمن)). (6)
4 – هناك بعض البدع التي جاء بها علماء الدين الشيعة عبر العصور واصبحت من اساسيات المذهب، او هكذا اريد لها ان تكون ولاسباب كثيرة ربما اهمها الاسباب السياسية ، وتم نشرها بين العامة ومطالبتهم يوميا خمس مرات ، وهي ايراد الشهادة الثالثة في الاذان والاقامة.
واذا كانت بعض المراجع الشيعية تفتي باستحباب ايرادها – في الكتب وليس في المحاضرات او المجالس الحسينية - فإن الشيخ المؤيد يقول – كما قال بعض من سبقه من العلماء (7) – بعدم مشروعيتها : (( نعم ، نحن نفتي بعدم مشروعية الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة ، فإن الأذان والإقامة عبادتان توقيفيتان شأنهما شأن العبادات التوقيفية التي تؤخذ كيفيتها المحددة والمعينة من الشارع الأقدس.
وقد وردت الروايات البيانية المعتبرة في تحديد فصول الأذان والإقامة وليس في أي من هذه الروايات عن أهل البيت عليهم السلام تصريح أو تلميح إلى الشهادة الثالثة لا كفصل من فصول الأذان والإقامة ولا كزيادة خارجة عن كونها جزء منهما لكنها تلحق بالشهادتين إستحبابا أو جوازا .
وبناءً على ذلك وبحكم عدم الدليل على الجزئية أو الإلحاق لا كجزء لا يكون الإتيان بالشهادة الثالثة مشروعا لا على نحو الإستحباب لعدم الدليل ، ولا على نحو الجواز ، لأن المعتبر في فصول الأذان والإقامة هو الترتيب والموالاة في السياق ، ومن دون دليل على الجواز يكون الإتيان بالشهادة الثالثة مخلا بذلك فلا يجوز . ولذا لا يجوز الفصل بين أي من فصول الأذان أو فصول الإقامة من غير دليل لأنه إخلال بنظام الأذان والإقامة وهو مناف للإرتكاز المتشرعي القطعي القائم على أن للأذان والإقامة نظما ووحدة في السياق من حيث الترتيب والموالاة بين الفصول . إلا أن جملة من فقهاء الإمامية مع تسليمهم بعدم كون الشهادة الثالثة جزءً من فصول الأذان والإقامة وعدم جواز الإتيان بها على نحو الجزئية أفتوا بمشروعية الإتيان بها إستحبابا أو برجاء المطلوبية أو جوازا . ومستندهم في ذلك إما روايات واردة في مورد الأذان والإقامة أو روايات تحث على إتباع القول بلا إله إلا الله محمد رسول الله بالقول ( علي أمير المؤمنين ) فاستدل بها بدعوى إطلاقها الشامل للأذان والإقامة .
لكن هذه الفتوى ليست صحيحة لأن الروايات الواردة في مورد الأذان والإقامة الذاكرة للشهادة الثالثة أو ما شاكلها ضعيفة سندا بل رماها أكابر أساطين الطائفة كالصدوق والطوسي بالشذوذ والوضع وهما أقرب عصرا إلى هذه الروايات وأكثر إطلاعا على مآخذها ، وقد جزما بأن هذه الروايات من وضع الغلاة والمفوضة وشهدا بأنها موضوعة وشاذة ، وهذه الشهادة منهما إن لم تكن حسية فهي قريبة من الحس ، ولا يوجد ما يضعف هذه الشهادة بل يوجد ما يؤكدها ، وبالتالي فهذه الروايات من المقطوع به أو المطمأن به على أقل التقادير أنها موضوعة فلا يعتنى بإحتمال صدورها عن الأئمة عليهم السلام ، وعليه فهي لا تصلح مستندا لا للإستحباب ولا للإتيان برجاء المطلوبية . وأما الروايات التي أُدعي أنها مطلقة إطلاقا شاملا للأذان والإقامة فهي مضافا إلى ضعف سندها لا إطلاق لها فإطلاقها منصرف عن مثل الأذان والإقامة كعبادة توقيفية لها نظامها وسياقها المحدد . وإلا لو صح التمسك بالإطلاقات في مثل الأذان والإقامة للزم من ذلك إمكان إضافة كثير من العبارات إلى الأذان والإقامة تمسكا بإطلاقات وردت في أدلة معتبرة ، فإن الحث على الصلاة مستحب بلا شك فهل يمكن إضافة فصل للأذان أو الإقامة ولو لم يكن بعنوان الجزئية بأن يقول المؤذن أو المقيم حي على عمود الدين ، كما إن التذكير بالموت والآخرة مستحب بلا شك لكن هل معنى ذلك أن يسمح للمؤذن أو المقيم بالتلفظ بكلمات ضمن أذانه أو إقامته تذكر بالموت والآخرة بدعوى إطلاق ما دل على إستحباب التذكير بالموت والآخرة ؟
فالحقيقة إن الإرتكاز القائم على أن للأذان والإقامة نظما خاصا وسياقا معينا يمنع من شمول الإطلاقات لمثل الأذان والإقامة.
وهكذا يتضح أن الإتيان بالشهادة الثالثة في الأذان والإقامة غير مشروع ويعد بدعة يجب التحرز منها . ويتحمل العلماء مسؤولية كبيرة في بيان الأحكام الصحيحة وتنقية الأفكار وعليهم الاضطلاع بذلك بشجاعة وعدم الإكتراث بضجيج الجهلة والمغرضين ، وعلى عموم المؤمنين وعلى المثقفين والمتنورين أن لا يسمحوا بمثل هذا الضجيج الذي يعتبر مجرد بيان الرأي والفكر حسب القناعة العلمية جريمة تواجه بالطعن والضجيج والتهويل بدلا من الحوار الموضوعي والنقد العلمي . إن هناك من يريد أن يتعامل مع قضية الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة وكأنها عنصر من جوهر التشيع مع أنها قضية ليس لها أساس في فقه أهل البيت عليهم السلام ولا في ممارساتهم وحتى القائلون بمشروعيتها لا يرونها سوى أمر مستحب والمستحب يجوز تركه من غير إثم ، فلماذا كل هذا التضخيم والتهويل والتشنيع على جهود المصلحين الهادفين إلى تنقية التراث وإصلاح الأفكار والسلوك . ولعل كثيرين يتذكرون الضجة التي أقامت الدنيا ولم تقعدها على مصلحين أجلاء لمجرد بيانهم لرأي أدى إليه إجتهادهم وتفكيرهم العلمي كتلك الهجمة التي واجهها الإمام الشيخ محمد الخالصي رحمه الله لمجرد أنه أفتى بعدم مشروعية الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة . والهجمة الشرسة التي واجهها الإمام السيد محسن الأمين رحمه الله لمجرد أنه أفتى بلزوم تنزيه الشعائر الحسينية من الممارسات الدخيلة . لكن الإصلاح يشق طريقه مهما كانت المصاعب جمة ولا سيما في عصرنا عصر العلم والثقافة والرشد.
نسأل الله تعالى التسديد والرشاد ، وبالله التوفيق. )).
5– القضية الاخرى التي افتى بها الشيخ والتي تعتبر من تصحيحاته لما في مذهب الشيعة الامامية الكثير من الخرافات والكثير مما هو يناقض القرآن ، هو قضية الرجعة.
عرّف القاضي ابن براج الرجعة في (جواهر الفقه - ص 267 - 269) قائلا: (( معنى الرجعة أن الله تعالى يحيي قوما ممن توفى قبل ظهور القائم عليه السلام من مواليه وشيعته ، ليفوز بمباشرة نصرته وطاعته وقتال أعدائه ، ولا يفوتهم ثواب هذه المنزلة الجليلة التي لم يدركها ، حتى لا يستبدل عليهم بهذه المنزلة غيرهم ، والله تعالى قادر على احياء الموتى ، فلا معنى لتعجب المخالفين واستبعادهم .)).
وفي رده على الاراء التي طرحها احمد امين في كتابه فجر الاسلام ، يقول اية الله العظمى الشيخ كاشف الغطاء في - أصل الشيعة وأصولها - ص 167: ((وليس التدين بالرجعة في مذهب التشيع بلازم ، ولا إنكارها بضار ، وإن كانت ضرورية عندهم ، ولكن لا يناط التشيع بها وجودا وعدما ، وليست هي إلا كبعض أنباء الغيب ، وحوادث المستقبل ، وأشراط الساعة مثل : نزول عيسى من السماء ، وظهور الدجال ، وخروج السفياني ، وأمثالها من القضايا الشائعة عند المسلمين وما هي من الاسلام في شئ ، ليس إنكارها خروجا منه ، ولا الاعتراف بها بذاته دخولا فيه ، وكذا حال الرجعة عند الشيعة .)).
ويؤكد ص168 : ((وليس لها عندي من الاهتمام قدر قلامة ظفر)).
اما الشيخ عبدالله دشتي ، في كتابه - النفيس في بيان رزية الخميس - ص 11 - : ((ولا زال هذا الاعتقاد من الأمور التي جرّت على التشيع الاتهامات والافتراءات ، فعقيدة الرجعة التي تعني عودة جماعة من البشر إلى الدنيا بعد موتهم وقبل قيام الساعة لا تنافي أيا من أصول الدين ليكون هذا القول من الكفر الصريح .)).
واجابة عن سؤال قدم للشيخ عن صحة حديث الرجعة ، كانت اجابته: ((السند المذكور للرواية في مفروض السؤال سند معتبر تام الاّ أنّ هذه الرواية ساقطة عن الحجية و ان كان لها بحسب الظاهر سند معتبر لمنافاتها للقرآن الكريم و كل ما ينافي القرآن الكريم فانه ساقط عن الحجية و لا إعتبار به .
و من وجوه منافاتها للقرآن انّ الله تعالى قال عن المشركين :{ حتى اذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلَي أعمل صالحاً فيما تركت كلا انها كلمة هو قائلها و من ورائهم برزخ الى يوم يبعثون } , و هذه الآية الكريمة تدلل بوضوح على أن المشرك بموته اذ ينتقل الى البرزخ فانه يبقى في البرزخ الى حين البعث و هذا ينافي دعوى رجعته للحياة الدنيا لان لازم رجعته انّ مكوثه في البرزخ ليس مكوثاً مستمراً الى يوم البعث و انما تتخلله العودة الى الحياة الدنيا قبل البعث . اذن مضمون الرواية ينافي هذه الآية . و كذلك ينافي قوله تعالى عن المتقين :{ لا يذوقون فيها الموت الا الموتة الأولى } وَ من محض الإيمان هو من جملة المتقين و على رأسهم و الآية بهذا المضمون آبية عن التقييد , فالرواية في مضمونها تتنافى مع مضمون هذه الآية فالرواية في مضمونها تنافي هاتين الآيتين , مضافاً الى أنها بما تتضمنه من قضية الرجعة مغايرة للثقافة القرآنية التي لا وجود فيها لقضية الرجعة بالمعنى الذي تطرحه روايات الرجعة , فإن المستفاد من مجموع الآيات القرآنية الكريمة التي تتحدث عن الموت و ما بعده أن الخط العام للبشرية هو انها تنتقل بالموت الى عالم ما بعده و تسلك مراحله نحو الآخرة دون عودة للدنيا (...).
فالمتحصل أن القول بالرجعة بالمعنى الذي تطرحه روايات الرجعة بعيد كل البعد عن الثقافة القرآنية . ولو كانت الرجعة ثابتة لذكر القرآن ذلك ببيان لا لبس فيه خاصة فيما يتصل بالوعد و الوعيد و إقتصاص المظلومين من الظالمين و إنتقام المؤمنين من الكافرين و لكان لذلك أثر في تحقيق أهداف الرجعة مع أنه ليس في القرآن الكريم شيء واضح في ذلك . و قد إستدل القائلون بالرجعة ببعض الآيات التي لا دلالة لها على ذلك أصلاً و تفصيل الكلام عن ذلك موكول الى محل آخر إن شاء الله تعالى و منه نستمد السداد و به الإعتصام ))
وفي جواب اخر يقول الشيخ: (( أن القول بالرجعة باطل و أحاديث الرجعة مردودة لمخالفتها للقرآن الكريم و شذوذها .)).
6 – كثيرا ما دخلت في نقاش طويل حول نجاسة من كان من دين غير الاسلام ، اذ يصر بعض الشيعة (8) على نجاستهم، الا ان الشيخ المؤيد يفتي بعدم النجاسة.
فيقول : (( يجوز لك تناول الشاي أو القهوة في مفروض السؤال فان المسيحيين والصابئة غير محكومين بالنجاسة , ويبنى على طهارة أوانيهم وما شاكل حتى يثبت تنجسها .)).
7 – تربى الشيعة منذ طفولتهم على ان اكل لحم الارنب حرام ، وربما جاء هذا التحريم من فتاوي العلماء .
ففي الكافي يقول الشيخ الكليني - ج 6 - ص 246 – 250: (( 14 - محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن الأشعري ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : الفيل مسخ كان ملكا زناء ، والذئب مسخ كان أغرابيا ديوثا ، والأرنب مسخ كانت امرأة تخون زوجها ولا تغتسل من حيضها ، والوطواط مسخ كان يسرق تمور الناس ، والقردة والخنازير قوم من بني إسرائيل اعتدوا في السبت ، والجريث والضب فرقة من بني إسرائيل لم يؤمنوا حيث نزلت المائدة على عيسى ابن مريم عليه السلام فتاهوا فوقعت فرقة في البحر وفرقة في البر ، والفارة فهي الفويسقة ، والعقرب كان نماما ، والدب والزنبور كانت لحاما يسرق في الميزان .)). لا اريد ان اعلق على مثل هذه الخرافات، الا ان الشيخ المؤيد يؤكد على حلية لحم الارنب ، فيقول اجابة عن سؤال حول ذلك : ((الذي أذهب إليه هو جواز أكل لحم الأرنب على كراهية )).
8 - من الامور التي شقت صفوف المسلمين هو تأكيد علماء الدين الشيعة على ان المسلمين منقسمون الى قسمين هما : المسلمون العامة – أي غير الشيعة - والمؤمنون- الشيعة - ، اذ يعد مومنا من آمن بالولاية ، اما من لا يؤمن بها فهو مسلم طالما ردد الشهادتين ...وقد طرح هذا الرأي في جل الكتب التي ناقشت هذه القضية فضلا عن ذكرها في الفضائيات (9) .
قال الشيخ الكليني في الكافي - ج 2 - ص 51 : (( " باب " : " فضل الايمان على الاسلام واليقين على الايمان "
1 - أبو علي الأشعري ، عن محمد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر قال : قال لي أبو عبد الله ( عليه السلام ) : يا أخا جعف إن الايمان أفضل من الاسلام وإن اليقين أفضل من الايمان وما من شئ أعز من اليقين .
2 - عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، والحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد جميعا ، عن الوشاء ، عن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : سمعته يقول : الايمان فوق الاسلام بدرجة ، والتقوى فوق الايمان بدرجة ، واليقين فوق التقوى بدرجة ، وما قسم في الناس شئ أقل من اليقين . ‹ صفحة 52 › 3 - محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي ابن رئاب ، عن حمران بن أعين قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : إن الله فضل الايمان على الاسلام بدرجة كما فضل الكعبة على المسجد الحرام .)).
و يقول السيد عبد الحسين شر الدين في كتابه (الفصول المهمة في تاليف الامة) على هامش 1 الصفحة 13 : (( وربما بعضهم فرق بين الإسلام والإيمان بفارق اعتباري . والذي يظهر من قوله تعالى : " قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا " إن الإسلام عبارة عن مجرد الدخول في الدين والتسليم ؟ لسيد المرسلين وأن الإيمان عبارة عن اليقين الثابت في قلوب المؤمنين مع الاعتراف به في اللسان ، فيكون على هذا أخص من الإسلام ، ونحن نعتبر فيه الولاية مضافا إلى ذلك – فافهم)) .(10)
اي يضيف الايمان بالولاية اساسا للايمان الاسلامي مما يخرح غير الشيعة منه.
وقد ناقش الشيخ المفيد في كتابه - المسائل العكبرية – ص61 قضيه تزويج الامام علي بن ابي طالب ابنته ام كلثوم من الحليفة عمر بن الخطاب ،وقال :
(( المسألة الخامسة عشرة
وسأل أيضا عن تزويج أمير المؤمنين عليه السلام ابنته أم كلثوم عمر بن الخطاب ، وقد عرف خلافه وكفره . وقول الشيعة " إنه رد أمرهاإلى العباس " يدل [ على ] أنه كان يرى تزويجه في الشريعة ، لانه لو لم يجز لما ساغ له التزويج والتوكيل فيه .
قال السائل : فان كان عمر مسلما فلم امتنع علي من مناكحته ثم جعل ذلك إلى العباس رضى الله عنه ؟
والجواب - وبالله التوفيق - : أن المناكح على ظاهر الاسلام دون حقائق الايمان . والرجل المذكور ، وإن كان بجحده النص ودفعه الحق قد خرج عن الايمان ، فلم يخرج عن الاسلام لاقراره بالله ورسوله صلى الله عليه وآله واعترافه بالصلاة والصيام والزكاة والحج .
وإذا كان مسلما بما ذكرناه جازت مناكحته من حكم الشريعة . وليس يمتنع كراهة مناكحة من يجوز مناكحته ، للاجماع على جواز مناكحة الفاسقين من أهل القبلة لفسقهم ، وإن كانت الكراهة لذلك لا تمنع من إباحته على ما بيناه . )).
أي ان موافقة الامام علي بهذه الزيجة لكون عمر بن الخطاب مسلما على الرغم من انه غيرمؤمن.
اجاب الشيخ المؤيد عن هذه المسألة التي تفرق بين امة محمد قائلا: (( هذا التصنيف غير صحيح ونحن نذهب إلى أن كل من اعتقد بالإسلام وتبناه دينا وامتثل أحكامه وتعاليمه بالطريق الذي تيقنه بعد التثبت فهو مسلم مؤمن مهما كان مذهبه.)).
9 – س - هل الولاية التكوينية للائمة عليهم السلام مطلقة؟
طالعت اكثر من خمسين كتابا لعلماء الدين الشيعة – مراجع ورجال دين – تؤكد هذا المبدأ ،وقد نشر السيد علي عاشور كتاب : الولاية التكوينية لآل محمد (ع) (راجع القرص المدمج : مكتبة أهل البيت (ع) - الإصدار الأول). وكذلك كتاب : الولاية التكوينية ، الحق الطبيعي للمعصوم (ص) - الشيخ جلال الصغير – ط الثانية - مزيدة ومنقحة-1419 - 1998 م - دار الأعراف للدراسات - بيروت .(راجع القرص المدمج : مكتبة أهل البيت (ع) - الإصدار الأول) ، فبعد ان يؤكد الصغير الولاية الشمولية للرسول حسب تفسيره للاية ( إنما وليكم الله ورسوله والذين أمنوا )، يقول (ص203): (( ولهذا يمكن القول أن ولاية الرسول ( ص ) على هذا الكون هي ولاية مطلقة ، ومن ولايته نستنج تماثل ولاية أهل البيت ( عليه السلام ) مع ولايته ( ص ) بناء على دلالات الآية الكريمة : " أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم "...)).
الا انه على ص 95يذكر : ((ولا بد في البدء من الإشارة إلى أننا لسنا في قبالة نص شرعي يحدد الاسم ، وإنما جاء الاسم ، وإنما جاء الاسم ليشير - وبإشارة موفقة - إلى مفهوم شرعي تضمنته العديد من النصوص الشرعية ، وبكلمة أخرى أن اسم الولاية التكوينية لم يرد لا في آية قرآنية ولا في سنة شريفة ، فالنص الشريف يخلو من هذه التسمية ، ولكن هذه التسمية استخدمت في وقت متأخر لتشير إلى مفهوم تداولته العديد من الآيات القرآنية ، والنصوص الشريفة ، وبقدر عدم أهمية الاهتمام بمن وضع هذه التسمية من علماء الكلام من علمائنا الأبرار - قدس الله أنوارهم - إلا أننا نجد أن من الحق الإشارة إلى أن من وضع التسمية قد وفق أيما توفيق في الوصف الدقيق للمفهوم )).
فيما يقول الشيخ المؤيد: ((ليست مطلقة وإنما هي محدودة جدا في حالات ضيقة كالكرامات التي تكون من الله تعالى وبإرادته وتمكينه عز وجل في خصوص تلك الحالات ، وهي تنسب إلى الله تعالى بالذات والحقيقة لا إليهم عليهم السلام ، وبهذا الاعتبار يمكن إنكار الولاية التكوينية لهم على الإطلاق فإنها تنتسب بالذات والحقيقة إلى الله عز وجل.)).
10 – س – عن جواز النذر لغير الله، كالنّذر للأئمّة(ع) والسّادات والصّالحين والأولياء؟
الحق اقول ، ان كل علماء الدين الشيعة ومجتهديهم يؤكدون على ان النذر لا ينعقد الا اذا كان لله عز وجل (راجع الرسائل العملية للمجتهدين الشيعة) ، الا انه ما زال العامة من الناس يعقدون نذورهم للائمة وبعض ما يسمونهم بالاولياء التي قبورهم منتشرة على ارض العراق، والذي يشجعهم في ذلك بعض رجال الدين ، ان كان ذلك من خلال الاجابة بالايجاب ، او بالسكوت ، او بعدم تثقيف مريديهم على ذلك.
يؤكد الشيخ المؤيد على انه : ( لا ينعقد النذر إلا إذا كان لله عز وجل و لا يجوز النذر بمعنى إلزام النفس بشيء تقرباً أو طلباً لحاجة إلا لله عز وجل لكن الناذر ان نذر لله نذراً يكون فيه المنذور عائداً على الأولياء بثواب فهذا جائز ولا إشكال فيه).
11 –قرأت اكثر من كتاب لمراجع دين شيعة او رجال دين اقل درجة يؤكدون ان صحبة الخليفة ابي بكر الصديق للرسول عند الهجرة لا افضلية لها ، جاء في موضوع ( عقيدة الشيعة في تفضيل علي وإمامته عليه السلام ). الذي اعده مركز المصطفى (ص) ونشر على القرص المدمج (مكتبة أهل البيت (ع) - الإصدار الأول) : (( وأدلتهم في ذلك الله تعالى عن نفسه بلفظ الجمع ، فقال : ( إنا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون " . وقد قيل [ أيضا في هذا ] : أن أبا بكر قال : يا رسول الله حزني على أخيك علي بن أبي طالب ما كان منه . فقال له النبي : ( لا تحزن ان الله معنا ) . أي : معي ومع أخي علي ابن أبي طالب . وأما قولك أن السكينة نزلت على أبي بكر فإنه [ كفر بحت ] )).
فيما يذكر السيد الطباطبائي – في تفسير الميزان - ج 9 - ص 295 – 299: (( على انك قد عرفت في البيان السابق ان الآية بمقتضى المقام لا تتعرض الا لنصر الله سبحانه وحده نبيه ص بعينه وشخصه قبال ما يفرض من عدم نصر كافه المؤمنين له وخذلانهم إياه فدلالة الآية على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الغار لم ينصره الا الله سبحانه وحده دلاله قطعيه)).
فيما يجيب الشيح المؤيد قائلا : (( اعتقد أن أي دارس لهذه القضية لا يمكن إلا أن يخرج بنتيجة تدلل على أن هذه الصحبة هي فضيلة و منزلة هامة لأبي بكر الصّديق رضي الله تعالى عنه , وهي لم تكن مجرد صحبة طريق إقتضتها ظروف طارئة أو ما شاكل ، و انما هي صحبة اختيرت بعناية و ان ابا بكر رضي الله تعالى عنه كان فيها رفيق درب رسالي في حركة الدعوة الإسلامية .
و قد حاول بعض من تنكب الانصاف الاتيان بتبريرات تخرج هذه الصحبة عن كونها منقبة و فضيلة , لكنها تبريرات سخيفة لا يقبلها المنطق السليم و لا تنسجم مع منطق طبيعة الأشياء)) .
***
-4 -
رد الاراء الغالية:
1 - س - هل يجوز و صف الأئمة عليهم السلام بأنهم العلل الأربع ، علة صورية ، مادية ، غائية ، فاعلية.
الجواب :
لا يجوز ذلك مطلقا وهو غلو وانحراف في العقيدة ويترتب عليه في بعض الفروض الكفر والخروج عن ملة الإسلام .
***
2 - س - هل دم و فضلات الأئمة عليهم السلام طاهر؟
الجواب :
القول بطهارة دم وفضلات الأئمة (ع) ضعيف ذلك أن عمومات وإطلاقات نجاسة الدم والفضلات شاملة للجميع بمن فيهم الأئمة ، مضافا إلى الروايات المعتبرة الواردة في تطهر الأئمة من فضلاتهم وهي دالة على النجاسة وبذلك تعارض ما قد يستدل به على الطهارة ، أضف إلى ذلك أن لازم القول بطهارة الدم والفضلات هو طهارة بدن الإمام من الحدث أيضا وهذا اللازم باطل لما هو المعلوم من الأحاديث والوارد في سيرتهم من أنهم كانوا يتطهرون من الحدث أكبره وأصغره وهو دال على طرو النجاسة المعنوية الحدثية على أبدانهم عليهم السلام . ولا ينبغي أن يعد القول بنجاسة دمهم وفضلاتهم إنتقاصا فإن هذا الأمر من عوارض الطبيعة البشرية التي يتساوى فيها الجميع.
3 - س - جرى بيني وبين أحد الإخوة الذين لا أشك في إيمانهم حوار يتضمّن البحث عن طهارة أهل البيت عليهم السلام أهي مطلقة أم مقيّدة ، فكان مصرّا على أن أهل البيت ع كانوا يذهبون إلى بيت الخلاء ويتوضئون ويغتسلون وهذا كلّه يدل على أن لهم ماهو غير طاهر، والحقيقة سيدنا كان ردّي أنهم عليهم السلام حتى لو اغتسلوا هذا زيادة للتطهير وحتى لوذهبوا إلى بيت الخلاء هذا كلّه يعتبر للتبليغ حتى يعلم الناس كيف يتصرّفوا من قبيل كيفية الدخول وتقديم القدم اليسرى للدخول أو ماشاكل، وعلى فرض أن لهم عليهم السلام ماللبشر من بول وغائط وماشاكل ذلك المهم هو غير نجس بدليل إطلاق الطهارة في آية التطهير والتأكيد عليها فلم يقتنع وهو من مقلديكم فما تتفضلون علينا ببيان الأمر ؟؟
الجواب:
لقد أجبنا على سؤال مماثل فراجع موقعنا الالكتروني قسم الأسئلة العامة .
وأما الرد الذي ذكرته فهو غير صحيح ، لأنه مخالف لظاهر النصوص ، والإستدلال بآية التطهير غير تام إذ يرد عليه :
أولا :- الظاهر يتقدم على الإطلاق ويقيده ، وبما أن في النصوص ما هو ظاهر في طرو النجاسة الحدثية والخبثية عليهم عليهم السلام كسائر البشر فإن هذا الظهور يقيد الإطلاق ويتقدم عليه .
ثانيا :- إن آية التطهير لا تدل على الإرادة التكوينية لتطهيرهم عليهم السلام وإنما هي دالة على الإرادة التشريعية ، وعلى هذا الأساس فهي مؤكدة لشمولهم بالتشريعات الواردة في مسائل الطهارة والنجاسة.
4 - س - هل عيد الغدير أفضل من عيد الفطر و الأضحى ؟
الجواب:
هذه المفاضلة ليس لها محل من حيث المبدأ لانه لا يوجد في الإسلام عيد شرعي غير عيدي الفطر والأضحى .
***
من المعروف ان المذهب الشيعي هو المذهب الاسلامي الوحيد الذي ما زال فيه باب الاجتهاد مفتوحا على الرغم من ان الكثير من اجتهاداته في الكثير من المسائل الدنيوية هي ترديد لما سبق ان تم القول به قبل مئات السنين ، ان كان ذاك القول قد بني على اسس شرعية صحيحة وموثوقة ام لا ،الا انه ما زال باب الاجتهاد في هذا المذهب مفتوحا.
ومن هذا الباب – باب الاجتهاد - تأتي طروحات وآراء(11) واجتهادات ومراجعات الكثير من رجال الدين الشيعة المنفتحين على واقعهم زمكانيا دون التفريط بالحكم الالهي،ومن هؤلاء المرجع الديني سماحة اية الله الامام الشيخ حسين المؤيد الذي قدمنا في السطور السابقة مراجعة لاهم فتاويه التي تضم الرأي الصحيح وتصويب لبعض الاراء الاجتهادية وتكذيب للكثير من الاحاديث الموضوعة .
***
الهوامش:
--------------------
* المرجع الاساس لهذه الدراسة هو : الموقع الالكتروني لسماحة المرجع الديني آية الله الإمام الشيخ حسين المؤيد .
1 – على مر تاريخ المرجعيات الشيعية الاثني عشرية قلما تجد المرجع يستخدم آلية الاجتهاد ، وانما تأتي ارائه وفتاويه ضمن سياق ما جاء به سابقيه من المراجع ، الا ما ندر ، كالمرجع الديني العربي محمد حسين فضل الله في لبنان على سبيل المثال ، وكذلك الشيخ المؤيد.
2 – لا اقصد ان تلك الطروحات والاراء والفتاوي بعيدة عن الشرع ، بل انها تنطلق من فهم صحيح ودقيق للقرآن والاحاديث النبوية الصحيحة والموثقة سندا ومتنا.
3 - وخير مثال على ذلك ما طرحه من اراء تاريخية جديدة ، وتفنيده لاكثر الاراء الاسطورية التي جاء بها علماء الشيعة اب عن جد دون تمحيص وتدقيق علميين ، فكان الرد عليه تكفيره من قبل اكثر من عشرين مجتهدا شيعيا من اصل فارسي ( اؤكد على هذه النقطة ) ، فضلا عن مطالبة البعض من علماء الشيعة (اقل من درجة الاجتهاد) له بأن يبقي الامر سرا ، او على اقل تقدير ضمن حدود المجالس الخاصة، دون ان تتوسع دائرة ما يطرحه من افكار وطروحات جدية على العامة من الناس.
جاء في كتاب (( لهذا كانت المواجهة - الشيخ جلال الصغير ص 13 )) عن المرجع الديني اللبناني محمد حسين فضل الله:
(( ...بحيث جعلت أكثر من ( 21 ) مرجعا دينيا يتخذون مواقف الرفض بصورة أو أخرى ، فضلا عن مئات المجتهدين والعلماء ، وفيما صرح أغلبهم بضلاله وإضلاله ، تراوحت مواقف بعضهم بين التحفظ في تثبيت الموقف على الورق رغم وضوح موقفه العملي ، وبين من بلغ به درجة الفساد والإفساد وأدخله في دائرة الكفر ، ولعلنا في حالة كهذه لم نحصل على إجماع كهذا بين كل هذا العدد من المراجع والآيات العظام رغم اختلاف بعضهم المعروف في بعض التوجهات الاجتماعية والفقهية والأماكن ، ونذكر من بين أسمائهم الشريفة ما يلي :
1 - السيد علي السيستاني . 2 - المرحوم السيد محمد الروحاني ( أستاذ فضل الله ) . 3 - السيد محمد سعيد الحكيم . 4 - الشيخ الوحيد الخراساني . 5 - الشيخ جواد التبريزي . 6 - السيد تقي القمي . 7 - الشيخ محمد تقي البهجة . 8 - السيد محمد الحسيني الشاهرودي . 9 - السيد مهدي الحسيني المرعشي . 10 - السيد محمد الحسيني الوحيدي التبريزي . 11 - الشيخ بشير النجفي . 12 - الشيخ نوري الهمداني . 13 - الشيخ إسحاق فياض . 14 - الشيخ الفاضل اللنكراني . 15 - الشهيد الشيخ علي الغروي . 16 - الشهيد الشيخ مرتضى البروجردي )).
ويؤكد هذا الكاتب قائلا: (( ولهذا اتهموا المرجعية في النجف وقم بالتمييز العنصري بدعوى أنهم من الفرس وهو من العرب ، ومن ثم ليعزفوا على أوتار النغمة العنصرية الممجوجة)) .
وكأن الضغير يقول: هذا هو الواقع، وهذه هي الحقيقة .
ان تكفير السيد فضل الله ، جاء لتكذيبه لحادثة كسر ضلع الزهراء الفرية التاريخية التي يتناقلها بعض علماء الشيعة ، والتي كذبها ايضا الشيخ المؤيد كما سنرى لاحقا.
4 – من المعروف شرعا وعرفا وقانونيا ان البيت – الدار و العائلة - يسمى بإسم الرجل ، هذا بيت فلان ، ولم نسمع مرة ان كان ذلك في الواقع الاني او في ما قرأناه في كتب التاريخ والفقه ان بيتا ما سمي ببيت الزوجة الا في هذه الحادثة ، اذ سميت حادثة الهجوم على بيت الزهراء ونسي انه في الاصل بيت الامام علي بن ابي طالب ، فلماذا يحاول الكتبة ورجال الدين القول بذلك ؟ اليس في ذلك دس اريد منه التأثير على العامة من الشيعة وايغال في بث الضغينة بين المسلمين؟
5 – نشرت كتب كثيرة ردا على الاجابة التاريخية للسيد فضل الله من مثل كتاب: حوار مع فضل الله حول الزهراء (س) - السيد هاشم الهاشمي - الطبعة : الثانية - سنة الطبع : 1422 ه‍ / قم - الناشر : دار الهدى، وكذلك : - مظلومية الزهراء عليها السلام – السيد علي الميلاني - الذي راح يشرح حوادث إحراق البيت وإسقاط الجنين ،متهما ان كتـّاب الصحاح لم يذكروا الحادثة لانهم منعوا من تدوينها ولم بعطي دليله على هذا المنع مما يوحي للقاريء ان ادعائه باطل دون دليل .
يقول : ((إن إحراق بيت الزهراء من الأمور المسلمة القطعية في أحاديثنا وكتبنا ، وعليه إجماع علمائنا ورواتنا ومؤلفينا ، ومن أنكر هذا أو شك فيه فسيخرج عن دائرة علمائنا ، وسيخرج عن دائرة أبناء طائفتنا كائنا من كان . أما في كتب أهل السنة ، فقد جاءت القضية على أشكال ، وأنا قد رتبت القضايا والروايات والأخبار في المسألة ترتيبا ، حتى لا يضيع عليكم الأمر ولا يختلط ، وحتى تكونوا على يقظة مما يفعلون في نقل مثل هذه القضايا والحوادث فإن القدر الذي ينقلونه أيضا يتلاعبون به ، أما الذي لم ينقلوه ، أما الذي منعوا عنه ، أما الذي تركوه عمدا ، فذاك أمر آخر ، فالذي نقلوه كيف نقلوه ؟ ))
6 – سبقه الى القول بعدم مشروعيتها من علماء الدين الشيعة العرب ، السيد محس الامين (1862 – 1952 م): – اللبناني الاصل – اذ هاجم في رسالته: التنزيه لاعمال الشبيه في العادات الدينية المتبعة في اقامة الشعائر الدينية الحسينية لدى المسلمين الاماميين قائلا : ( البدع المستجدة في الاسلام ، ولا سيما لطم الخدود ، وشق الجيوب ، وجرح الرؤوس ، ودق الطبول ، وضرب الصنوج ، ولبس الاكفان، وإعلاء البكاء على الحسين بن علي في الايام العشرة الاولى من شهر محرم من كل عام ، لان في ذلك إيذاء للنفس ، وإيذاء النفس محرم شرعا وعقلا، ناهيك عن انه لا يترتب على ذلك ، اية فائدة دينية او دنيوية اجتماعية ، وهو من عمل الشيطان، وتسويل النفس الامارة بالسوء.). كما جاء في كتاب : العقل والشريعة – مباحث في الابستمولوجيا العربية الاسلامية – د. مهدي فضل الله – دار الطليعة بيروت – ط 1 - 1995 .
وكذلك ما قاله الشيخ الدكتور احمد الوائلي وتخريفه لهذه الاعمال (انظر دراستنا تخريف ، خرافة- المرحوم الشيخ الدكتور الوائلي يسفه مؤلفي الكتب الصفراء،المنشورة على موقع العلمانين العرب وموقع دهشة وغيرهما من المواقع على شبكة النت).
- ومن الطريف ان نذكر ، ان احد رجال الدين الشيعة – وهو مسؤول عن مؤسسة شيعية في لندن – قال عن ذلك في الندوة التلفزيونية - الحوار الصريح بعد التراويح – التي قدمتها قناة المستقلة الفضائية : ان هناك الكثير من هذه الممارسات في الاديان الاخرى كما عند الهنود خاصة المشي على النار وما الى ذلك!!!
وكاتب هذه السطور يؤكد على ان الاسلام جاء ليصحح الكثير من اعتقادات الاخرين في الديانات السابقة له ، وان من يقوم بمثل هذه الممارسات الخاطئة يجب ان نصحح لهم اعتقاداتهم لا ان ننقلها الى الاسلام ، وخير مثال على ذلك قصة المسلمين الذين طالبوا النبي ان يجعل لهم شجرة ذات انواط كما عند الجاهليين فرفض مطلبهم.
7 - من الطريف ان نذكر ،ان تكون البدع التي افتى بعدم مشروعيتها الشيخ المؤيد ، قد افتى ايضا بعض العلماء بعدم مشروعيتها ، و ان هؤلاء العلماء هم من اصول عربية.
8 – ليس لي علم اكيد فيما اذا كان ابناء السنة او المذاهب الاسلامية الاخرى قد ناقشوا مثل هذه القضية، وما هو جواب علمائهم.
9 – جاء ذلك في اجابات رجل الدين الذي شارك في برنامج الحوار الصريح بعد التراويح الذي قدمته قناة المستقلة في احد رمضانات الاعوام الماضية.
10 - الفصول المهمة في تأليف الامة - عبد الحسين شرف الدين – نشر قسم الإعلام الخارجي لمؤسسة البعثة- الطبعة : الأولى- التوزيع : طهران ، شارع سمية ، مؤسسة البعثة.
11 – عندما استخدم مصطلح (رأي) فانني لا اقصد ان صاحبه من مدرسة الرأي ، كأصحاب ابي حنيقة، وانما اقصد الرأي الاجتهادي المبني على الادلة الشرعية التي يعتمدها الشيعة للوصول الى الحكم الشرعي.
13 /12/ 2009

التصحيح والتجديد الاجتهادي في المذهب الشيعي- المرجع الديني سماحة اية الله الامام الشيخ حسين المؤيد انموذجا - ج2

التصحيح والتجديد الاجتهادي في المذهب الشيعي
المرجع الديني سماحة اية الله الامام الشيخ حسين المؤيد انموذجا

ج2(1)
(الشفاعة في فكر الامام الشيخ حسين المؤيد)

داود سلمان الشويلي
يمر الفكر الشيعي الاثني عشري اليوم بازمة ذاتية وموضوعية ، فهو من حيت انه فكر يعتمد الاجتهاد ، والعقل ايضا ، فهو فكر منغلق في الوقت نفسه ، و المتأخرون ما زالوا يعيدون ما قاله الاوائل في اكثر من منحى وقضية ، وشاعت فيه الخرافات والغلو .
واذا كان هذا الفكر الى ما قبل سنوات قد تحصن في الحوزات العلمية (في النجف وقم) وبين المختصين فقط ،فإن ثورة الاتصالات والانترنيت وثقافة السيدي جعلته اكثر انفتاحا، ليس على الاخر فحسب ، بل انفتح امام ابنائه العامة والخاصة ، فارتفع عنه الغطاء (كما صور غورباتشوف في كتابه البيروسترويكا في نهايات القرن الماضي الشعب السوفياتي المضغوط في قدر يغلي) ، وانكشف المستور ، وراحت الفضائيات تزيد الطين بله تنشر ما لم ينزل الله به من سلطان ، فإنبرت بعض اصوات خاصته – وما اقلهم – الى اعادة النظر فيما قيل ، لمنحه الحيوية في زمن اصبح فيه العالم كالقرية العصرية، ومن بين هذه الاصوات المرجع الديني الامام سماحة الشيخ حسين المؤيد.
وقد قدم كاتب هذه الدراسة قبل اشهر ، دراسة عن مناحي التجديد الاجتهادي والفكري عند الامام المؤيد ونشرها على مواقع الكترونية عديدة ، فها هو الجزء الثاني منها ، الذي يسلط الضوء على واحدة من اهم المسائل العقدية في الفكر الديني العالمي والفكر الاسلامي خاصة والشيعي الاثني عشري على الخصوص ، وهي مسألة الشفاعة.
***
من المسائل العقدية التي اشتركت فيها الاديان كافة – السماوية والوضعية – هي مسألة الشفاعة ، واخذت لها مساحة واسعة في الدراسات الفلسفية والكلامية(2)، وباتت عند المؤمنين - بتلك الاديان- شغلهم الشاغل وحلمهم الذي يرجون التحقق يوم الاخرة،ليفوزوا الفوز العظيم ، انها صارت ثقافة عامة منذ فجر التاريخ الى يومنا هذا.
الا ان الاختلاف الذي وقع بين الاديان ومن ثم بين المذاهب داخل كل دين في هذه المسألة، جعلها تتربع على عرش الدراسات تلك ، ومن ثم وضع لها الكثير من الاحاديث(3)- على صعيد الدين الاسلامي - التي تؤيدها من خلال الشافع والمشفوع اعتمادا على العشرات من الايات القرآنية ، فراحت كافة المذاهب الاسلامية تضع الاحكام لها ، وتتفنن بذكر من يشفع ومن الذي يشفع له.
ووضعت الاسئلة:
- هل هي خاصة بالمؤمنين ام لغيرهم، خاصة اصحاب الكبيرة ؟
- من هم المشفعون ،هل الانبياء يشفعون ام ان النبي محمد (ص) فقط يقوم بهذا الدور ، وهل هناك غيرهم؟
وهناك من وسع وهناك من ضيق .
وقد ناقش الفكر الشيعي هذه المسألة وتوصلوا الى ان من يقوم بالشفاعة هم : الأنبياء والشهداء والعلماء ص6 ، و القرآن ص22 ، والصالحون، والمؤمنون ،وخاصة النبي (ص) والائمة .
(( والشفاعة ثبتت عندنا للنبي ( ص ) وكثير من أصحابه ولجميع الأئمة المعصومين وكثير من المؤمنين الصالحين . . .)) كما يقول الطوسي ص26 .
و قال الامام على بن ابي طالب( لنا شفاعة ولأهل مودتنا شفاعة) كما يذكر الصدوق ص20.
وقال الشيخ المفيد : (( اتفقت الإمامية على أن رسول الله ( ص ) يشفع يوم القيامة لجماعة من مرتكبي الكبائر من أمته ، وأن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يشفع في أصحاب الذنوب من شيعته ، وأن أئمة آل محمد ( عليهم السلام ) كذلك ، وينجي الله بشفاعتهم كثيرا من الخاطئين )). ص25.
وفي اجابة للمرجع الديني السيد علي السيستاني عن سؤال جاء فيه: ( لمن الشفاعة الكبرى يوم القيامة ؟ 1 - الرسول الأكرم - صلى الله عليه وآله - ؟ 2 - فاطمة الزهراء - عليها السلام - ؟ 3 - علي بن أبي طالب - عليه السلام - ؟) قال :
(( رسول الله - ص - صاحب الشفاعة الكبرى ففي الأحاديث أن الأنبياء أيضا بحاجة إلى شفاعته والمراد من الشفاعة أن ولايته أي متابعته والإيمان به لو لم ينضم إلى العمل لم ينفع . ولا يبعد أن يقال أنها بهذا المعنى لا تختلف بالنسبة إلى الرسول (ص) ، فإنه كما لا ينفع العمل من دون ولائه (ص) كذلك لا ينفع من دون ولائهم سلام الله عليهم)) .( استفتاءات - السيد السيستاني - ص 242 - 243).
وجاء في تفسير الإمام العسكري (ع) - المنسوب إلى الإمام العسكري (ع) - ص 37 – 38:
(( ... شفاعة المؤمنين : فإذا كان يوم القيامة أضاف هذه الرحمة الواحدة إلى تسعة وتسعين رحمة فيرحم بها أمة محمد صلى الله عليه وآله ، ثم يشفعهم فيمن يحبون له الشفاعة من أهل الملة حتى أن الواحد ليجئ إلى مؤمن من الشيعة ، فيقول : اشفع لي . فيقول : وأي حق لك علي ؟ فيقول : سقيتك يوما ماءا . فيذكر ذلك ، فيشفع له ، فيشفع فيه ، ويجيئه آخر فيقول : إن لي عليك حقا ، فاشفع لي . فيقول : وما حقك علي ؟ فيقول : استظللت بظل جداري ساعة في يوم حار . فيشفع له ، فيشفع فيه ، ولا يزال يشفع حتى يشفع في جيرانه وخلطائه ومعارفه ، فان المؤمن أكرم على الله مما تظنون )).
في هذا التفسير يتخصص المؤمن بالشيعي فقط.
ومن هذا الفهم الشيعي للشفاعة ، تأثرت الحياة الدنيا للشيعة ، حتى وصل الامر الى القول ان زيارة ضريح الامام الحسين تدخل صاحبها الجنة، وغير ذلك، فبدأ الاتكال ، وضاعت الفرائض الالهية.
(( عن أبي عبد الله ( ع ) قال : من زار الحسين بن علي ( ع ) في شهر رمضان ومات في الطريق لم يعرض ولم يحاسب وقيل له ادخل الجنة آمنا )).(موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) - الشيخ هادي النجفي - ج 4 - ص 299 – 304 – ط الأولى 1423 – 2002 م - دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت – لبنان - شارع دكاش)
عن جعفر بن محمد ((من جاءه خاشعا محتسبا مستقيلا مستغفرا فشهد قبره في احدى ثلاث ليال من شهر رمضان أول ليلة من الشهر وليلة النصف وآخر ليلة منه تساقطت عنه ذنوبه وخطاياه)). (المصدر السابق)
((وروى عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) إني سمعتك وأنت تقول : كل شيعتنا في الجنة على ما كان منهم . قال : صدقتك كلهم والله في الجنة قال : قلت جعلت فداك إن الذنوب كثيرة كبار . فقال : أما في القيامة فكلكم في الجنة بشفاعة النبي المطاع أو وصي النبي ولكني والله أتخوف عليكم في البرزخ . قلت : وما البرزخ ؟ قال : القبر منذ حين موته إلى يوم القيامة))0 (ثلاث رسائل ، العوائد والفوائد - السيد مصطفى الخميني - ص 37)
واخيرا يقول محرر (الشفاعة حقيقة إسلامية) في صفحته الاخيرة : ((وأن الرسول ( ص) والأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) والصالحين والعمل الصالح والقرآن والملائكة كلهم يشفعون للذين يستحقون الشفاعة))
***
تعريف الشفاعة:
تعرف (4)الشفاعة لغة : (شفع شفعا ، الشئ صيره شفعا أي زوجا بأن يضيف إليه مثله ، يقال كان وترا فشفعه بآخر " أي قرنه به " . وتقول " شفع لي الأشخاص " أي أرى الشخص شخصين لضعف بصري ، وشفع شفاعة لفلان ، أو فيه إلى زيد : طلب من زيد أن يعاونه وشفع عليه بالعداوة : أعان عليه وضاده . وتشفع لي وإلي بفلان أو في فلان : طلب شفاعتي).
اما اصطلاحا فهي : (نوع من الدعاء والرجاء)و (رفع العقاب عن المذنبين) ص10.
هذا يعني ان طرفا ثالثا يسمى الشافع دخل في الوسط بين الطرف الاول المتشفع منه (المشفع) والطرف الثاني المتشفع له.
وهو ما يسمى مجازا بـ (الواسطة) بين طرف واخر، او في مفهوم المشركين قبل البعثة بمعنى :(المتخذينهم زلفى ، أي المتقرب بهم ) مع العلم ، يقول القرآن الكريم:
(وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ) (سـبأ:37)
(أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ) (الزمر:3)
وقد وردت الشفاعة وتصريفاتها في القرأن الكريم في اكثر من اية:
*(لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً) (مريم:87)
*(يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) (طـه:109)
*(وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (سـبأ:23)
*(قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (الزمر:44)
*(وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (الزخرف:86)
*( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) (البقرة:48)
*( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) (البقرة:123)
*(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (البقرة:254)
*( مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) (النساء:85)
*( كل نفس بما كسبت رهينة * إلا أصحاب اليمين * في جنات يتساءلون * عن المجرمين * ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين * فما تنفعهم شفاعة الشافعين * فما لهم عن التذكرة معرضين * كأنهم حمر مستنفرة *فرت من قسورة ).(38 - 51 )
*( ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين * الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون *ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون *هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون). (50 - 53 )
*( ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون * وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ) (الروم:13)
*( أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ) (الزمر:43)
*( فكبكبوا فيها هم والغاون * وجنود إبليس أجمعون * قالوا وهم فيها يختصمون * تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين * وما أضلنا إلا المجرمون * فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم ) (الشعراء : 94 - 101)
*(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (يونس:18)
*( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (البقرة:255)
*(وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (الأنعام:51)
*(وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ) (الأنعام:70)
*(إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (يونس:3)
*(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) (السجدة:4)
*(وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ) (غافر:18)
***
اذن، من يملك فعل الشفاعة هم :
- مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً.
- إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً.
- إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ.
- إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ.
والمنفي عنهم الشفاعة:
- من يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ.
- لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ.
- المشركون.
- المجرمون.
- اِلظَّالِمِونَ.
- الذين نسوا الدين.
- الكافرون.
- الممتنع عن الانفاق.
- المفترون.
- الغاوون .
- جنود إبليس أجمعون .
- المكذبون بيوم القيامة.
- اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا.
فيما الفكر الشيعي يذكر بلا دليل موثق اؤلئك الذين يملكون الشفاعة (بإذن الله) وهم:
- النبي (ص).
- السيدة فاطمة الزهراء.
- الامام علي بن ابي طالب و الائمة.
- الشيعة المؤمنون.
- الشهداء.
- العلماء.
- الصالحون.
وحتما ان الشهداء والعلماء والصالحين هم فقط من الشيعة طالما خص الشيعة من المؤمنين فقط .
دراستنا هذه تناقش هذه المسألة عند الامام الشيخ حسين المؤيد ، الذي رفع راية الاصلاح في المذهب الشيعي (5) فضلا عن انه صاحب مشروع اصلاحي وطني واسلامي .
***
الشفاعة عند الشيخ المؤيد:
ناقش الشيخ هذه المسألة انطلاقا من قواعد اساسية ذكرها الشيخ، منها :
1- ان الشفاعة قضية تعيش في وجدان الناس و تنعكس على سلوكهم و طريقة تفكيرهم و نظرتهم الى الأمور ، و هي مضافاً الى أنها تلتقي مع نزعة في نفس الانسان تميل الى التشبث يأطواق النجاة و ان على مستوى الامل ، فانها اتخذت بدوافع سياسية و مصلحية أيضاً لتبرير تصرفات الظالمين و من على شاكلتهم و ترميم صورتهم بين الناس و تسكين خواطرهم ازاء ما يصدر عنهم من سيئات.
2- إنّ تكوين مفهوم صائب عن الشفاعة يجب أن يمر عبر التركيز على ما ورد في القرآن الكريم و جعله الأساس الذي بناءً عليه يتم التعامل مع ما ورد في الشفاعة من أحاديث فلا يؤخذ الا بما ينسجم و المعطيات الموجودة في القرآن الكريم ، و يترك ما عدا ذلك وان كان له سند معتبر ، لأن اعتبار السند لوحده لا يكفي في حجية الحديث و انما يجب التأكد من سلامة المتن أيضاً على أساس عدم التنافي مع محكمات القرآن الكريم و مسلمات العقل و الفطرة .
ومن هذه المنهجية العلمية / الواقعية (بدوافع سياسية و مصلحية) ، ناقش الشيخ الامام مفهوم الشفاعة فكانت (نظريته) او رأيه الذي لا يبتعد عن القرآن الكريم .
***
وان نظرية الشيخ الامام ، تعتمد على :
1 - أن الأصل و القاعدة العامة في الثواب و العقاب و الجزاء هيَ الإيمان و العمل.
2 - ان للشفاعة دوراً في يوم الجزاء و ان لم تكن الأصل و القاعدة لكنها عامل مساعد .
3- ان قرار الشفاعة بيد الله تعالى وحده ، فهو مالك الشفاعة و اليه يرجع أمرها ، و ليس هناك تفويض عام بها لأحد من دون الله عز و جل.
4- إن الشفاعة يوم القيامة لا تكون الا بإذن من الله عز و جل في ذلك اليوم فليس لأحد أن يبادر بالشفاعة لأحد.
5- ان تأثير الشفاعة يتوقف على أمرين :- الأول :- اذن الله تعالى بالشفاعة . الثاني :- رضاه بها .
6- انّ الشفاعة لا تكون في كل المجالات.
7- أنّ الاذن بالشفاعة لن يعطى الا اذا ارتضى الله تعالى الشفاعة للمشفوع له، و لعل هذه الغيبية تأتي في سياق يربي الناس على عدم الاتكال على الشفاعة بدلاً من العمل.
8- لم يذكر القرآن الكريم تفاصيل المجالات التي تقبل فيها الشفاعة.
9- لم يتحدث القرآن الكريم عن تفاصيل الشافعين.
ونفهم من اعلاه :
انها بيد الله، ولا تفويض عام بها الا لمن يرتضيه و يأذن له الله، ليست عامة ،وعلى المؤمن ان لا يتكل عليها لان ايمانه وعمله هما العاملان المساعدان في الحصول عليها.
فيتوصل الشيخ الى نتيجة مفادها :
1 - أن الشفاعة قضية محدودة بحدود معينة و انها ترتبط باذن الله تعالى و لها مجالات معينة و لا تكون الا في حق أشخاص معينين .
2 - لا بد أن تعرض أحاديث الشفاعة على هذه المعطيات القرآنية فيقبل منها ما لا يتعارض و هذه المعطيات تعارض بيناً و يرفض الباقي .
وهاتان النتيجتان (أي محدودية الشفاعة وصحة الاحاديث) لم يضعهما نصب عينيه كل من ناقش هذه المسألة من فلاسفة وكلاميين ومفسرين وغيرهم.
وقد انتبه الشيخ الى قضية كانت غائبة عمن ناقش هذه المسألة وهي قضية التوبة المفتوح بابها امام المؤمنين ، ومن خلالها يمكن للعبد ان يراجع اعماله فيتوب ولا ينتظر الشفاعة الاخروية.
*(وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) (طـه:82)
اذن فالشفاعة ، كما يقول الشيخ الامام :
((ليست ذلك الباب المفتوح على مصراعيه ليكون طوق النجاة للمجرمين و الآثمين ليتعلقوا به ، و ليست رجاءً يعوّل عليه من لا يريد أن يسعى و يتواكل عن العمل إتكالاً على الشفاعة ، كما أنها ليست باباً ضيقة تختص بالمتقين فقط دون غيرهم ، فإن هذا الاختصاص لا تدل عليه آيات القرآن الكريم ، و قوله تعالى ( و لا يشفعون الا لمن إرتضى ) المقصود به من ارتضى للشفاعة و ليسَ من ارتضى بمعنى من اتقى و رضي عنه لتكون الشفاعة خاصة بالمتقين لان هذا الفهم لا ينسجم مع ما يفهم عرفاً من معنى الشفاعة و من الجو العام لآيات الشفاعة و قيودها الموحي بالشفاعة لمن يحتاج اليها في درء العذاب أو تخفيفه ، و هذا لا يتنافى مع استحقاق المذنب للعقاب الاخروي حتى تلك الذنوب التي يستحق عليها الخلود في النار لأنه قد يكون له من الأعمال و المواقف ما يفتح له معها باب الشفاعة عند الله تعالى في التخفيف أو المسامحة . نعم كل ذلك في إلاطار الذي لا يخرج بالشفاعة عن مقتضى فلسفة المعاد و عن القاعدة الأساسية في الجزاء)).
***
اخيرا :
نسأل: من هم الشافعون عند الله ، من غيره سبحانه؟
هم من ارتضى الله لهم الشفاعة.
ومن هم اؤلئك؟
انهم في غيب الله .
-------------------------
الهوامش:
1- نشر الجزء الاول على مواقع الكترونية عدة.
2- انكرت المعتزلة الشفاعة ، لتأكيد العدل الالهي.
3 - رأيي في الاحاديث النبوية : انها ما زالت غير موثقة وغير متفق عليها بين المذاهب الاسلامية ، وسبق ان قلت هذا الرأي في اكثر من دراسة ، لهذا اعتبر كل حديث موضوع ما لم يثبت العكس.
4 - (الشفاعة حقيقة إسلامية - مركز الرسالة ) سأعتمد هذا المصدر كونه يناقش الشفاعة من وجهة نظرالمذهب الشيعي المتداول في مصادره المعتمدة ، ونقارنه بمفهوم الشفاعة من وجهة نظر شيعية اخرى ، هي وجهة نظر الامام المؤيد في اجابته للسائل عن الشفاعة. وسأذكر الصفحة فقط من المصدر اعلاه عند الاخذ منه، ما لم اذكر غير ذلك.
5 - لا ننكر ان هناك رجال دين شيعة من المراجع او الذين اقل منهم درجة حوزوية ، لهم مشاريعهم اصلاحية داخل هذا المذهب.

15/6/2010


الثلاثاء، 22 يونيو 2010

مدونة داود سلمان الشويلي: وقفات مع الكليني في الكافي

رسالة الى المرجع الديني سماحة الشيخ حسين المؤيد

السادة في مكتب سماحة المرجع الديني الإمام الشيخ حسين المؤيد المحترمون
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تحية طيبة
و بعد ...
الحاقا برسالتي السابقة(*) التي ارسلتها ردا على رسالتكم في 15/4/2010اكتب لحضراتكم هذه الرسالة شاكرا فيها سماحة الامام الشيخ على اهتمامه بالدراسة وبرغبته التعرف عليّ، وطلبكم رقم هاتفي (................)، وبعد:
اود ان اوصل بواسطتكم الى الامام الشيخ المؤيد رسالتي هذه ولكم الشكر والتقدير.
***
* انا علماني – ليس بالمعنى الوجودي - مؤمن في تفكيري وحياتي ، ولا تستغرب- سماحتكم - هذا الدمج بين الاثنين ، وستوضح دراستي المنشورة – المرفقة مع هذه الرسالة في الملحق– معنى هذا التوجه.
***
*رأيي في المرجعيات الشيعية هو :
- ان اية مرجعية لا تضع الوطن اولا في كل ما يصدر منها ، فأنا غير معني بكل ما يخرج منها، مع احترامي وتقديري لها (والاسوة الحسنة حب النبي "ص" لموطنه الاصلي مكة).
- ان اية مرجعية غير عربية لا اهتم بما يصدر منها من رأي او فتوى، لانني من خلال التجربة البسيطة لي في الحياة توصلت الى نتيجة مفادها: ان الدين – أي دين – لا يسلب القومية من ابنائها ، ولما كان حديثي عن المراجع الشيعية من اصول غير عربية ، فانني ما زلت منذ ان عرفت المرجعية وما هيتها ودورها عند الشيعة ، وجدت قوميات هؤلاء المراجع متأصلة عندهم اكثر من الدين ومن المذهب ، وتلامذتهم الذين لم يخرجوا بعد من عباءاتهم ، فهم ما زالوا ينقلون لنا المذهب الشيعي بفهم صفوي عنصري وبكل ما يحمله هذا التوجه على كافة الاصعدة، وارجو ان لا يفهم من قولي هذا انني شوفيني النظرة ،لان في هذا الفهم اتهام للقرآن بالشوفينية ، اذ قال الله سبحانه في محكم كتابه : (وكذلك أنزلناه حكما عربيا ).[الرعد -37 ] (إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون). [يوسف -2 ] وحاشا الله من ذلك.
***
* ان الذي دعاني الى الكتابة عن توجهكم الفكري عند تصديكم للمرجعية هو ان ما صدر منكم يستقي من منبع اسلامي عربي اصيل ، دون الالتفات الى اعجمية المراجع الاخرين (من القوميات غير العربية) ممن زاملوك او ممن تتلمذت على ايديهم والتي – هذه المرجعية – ما زالت تقود الشيعة في العراق خاصة – الان - وما اوصلته توجهاتهم الى ما هو فيه الان بعد الاحتلال .
فما زال الاحتلال رابضا على صدر العراقيين. ولولاها لبرزت مقاومة شيعية تتصدى له،ولولاها لما تخدّر الشيعة – يذكرنا هذا الامر بمقولة ماركس الدين افيون الشعوب – باللطم وضرب الزنجيل والتطبير والزيارة مشيا على الاقدام ،حتى باتت الدوائر الحكومية والمدارس خالية من البشر ، ولولاها - كذلك - لما برزت دعاوي فرقة الشعب العراقي. (1)
ربما يرد سماحتكم على اقوالي هذه بأن المرجعية ليست السبب في ذلك ، وهذا صحيح لو نظرنا الى الامر نظرة احادية الجانب.
- اتساءل : ما هو دور المرجع ؟ هل دوره استنباط الحكم الشرعي ،وبيان الحلال والحرام فقط، ام له دورا ارشاديا ؟ وهو دور هام يفوق الدور الاول اذا علمنا ان القرآن العربي لا يحتاج في الكثير من اياته الى مفسر ومفهّم في عصرنا الحاضر بعد ان اتسعت فضاءات العقول " Reasons" من خلال تطور التعليم واتساع رقعة التطور المادي في الاتصالات وغير ذلك ؟ وانما هم بحاجة الى ربط ما جاء في القرآن مع الواقع الاني المعيّش بفهم معاصر ومنهج معاصر يجمع الاثنين معا دون ان يكون قول القرآن غريبا عن الواقع، ودون المساس بالثوابت الاصولية (العقدية).(2) وربما ستقول عن هذا القول انه قول من قال بتاريخية النص القرآني ، وهذا صحيح الى حد ما ، ولكن علينا ان نفهم هذا المنهج او العلم فهما صحيحا ، اتساءل: ما الفرق بينه وبين علم اسباب النزول وعلم الناسخ والمنسوخ؟ الم يكن علم اسباب النزول هو معرفة الواقع الذي بسببه نزلت هذه الاية اوتلك، والم يكن علم الناسخ والمنسوخ هو معرفة تدرج التحليل والتحريم وتدرج الاحكام حسب الواقع ؟
- يطل سماحتكم – وغيركم من المراجع كفضل الله والمالكي على سبيل المثال(3)- على شاشات التلفزة لتثقيف وارشاد العامة ، فيما الاخرون من المراجع لا يفعلون ذلك ؟ واذا ارادوا التوجيه فهم يعتمدون على وكلائهم مع العلم ان هؤلاء الوكلاء لا ينقلون التوجيه بصورة دقيقة ، وربما تستهجن القول هذا ، وانني شاهد على ذلك ، عندما ثقفوا العامة في انتحابات 2005 على ان من لم ينتخب قائمة معينة تحرم عليه زوجته ، ولم يصدر أي رد من مكتب المرجع الا بعد انتهاء الانتخابات، أي بعد خراب البصرة ، وكذلك في انتخابات 2010 إذ ثقف الوكلاء العامة على انتخاب قائمة ذاتها، علما ان مكتب المرجع افتى بوقوفه على مسافة واحدة من جميع القوائم، الا انه طالب بإنتخاب القائمة الاصلح ، فكان تفسير الوكلاء للعامة ان الاصلح هي قائمة معينة.
انه لعب على الذقون ان كان ذلك صادر من المرجع – حاشاه - او من مكتبه او من وكلائه ، وهذا ديدن السياسة.(4)
***
*اما بالنسبة الى رأيي في الاحاديث النبوية فهو:
اتساءل : من اين أأخذ – انا المسلم - الاحاديث الصحيحة والموثوقة ، أمن كتب الصحاح السنية ام من كتب الصحاح الشيعية؟
فبعد ان قرأت جميع صحاحات الاحاديث النبوية عند السنة والشيعة وجدت ان الكثيرمن هذه الاحاديث ،اما ان تكون :
آ- مردودة عند البعض .
ب- متناقضة بين المذاهب، وفيما بينها .
ج- غير مصدقة من القرآن ، أي تتعارض واحكامة.
د- اتهام لرجال السند بالكذب والتدليس والوضع بين المذاهب او في المذهب نفسه . (يمكن مراجعة كتب علم الجرح والتعديل، وعلم الر جال).
هـ - الكذب على الرسول بوضع الاحاديث ، وخير مثال على ذلك – حسب حافظتي - ،ما جاء في صحيح البخاري عن كيس ابي هريرة .
وكذلك، قرأت مرة ان هنالك علماء دين شيعة (كالمطهر الحلي، والمجلسي ، والبهسودي ، وغيرهم) قد اخرجوا الاف الاحاديث من الكافي بصفتها احاديث موضوعة.
فضلا عما ذكرته المصادر من ان الامام الشافعي ذكر انه لم كن هناك حديثا صحيحا سوى حديث "من كذب علي".
و – انقطاع السند في الاحاديث الشيعية. (جاء في هامش ص302 من -عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج 1 - ص 302 – 317):
( ولا يلزم من عدم ذكر اسم المنقول عنه في هذا المسلك أن يكون من المرسل . لما تقرر في الأصول أن الراوي إذا علم من حاله أنه لا يروي إلا عن الثقات كان إرساله اسنادا ( معه ) ...).
واخيرا، ان بعض ما شدني الى موقع سماحتكم هو تلك المناقشات العلمية والموضوعية التوثيقية لمتن وسند الكثير من الاحاديث في الصحاحات الشيعية ( الكتب الاربعة).
ز – تقديس اصحاب الصحاحات المعتمدة في المذهبين- كل حسب مذهبه – ولا يمكن مساسهم بالدراسة والمناقشة والنقد في الوقت الحاضر ، مع العلم ان علماء كثار وجهوا الانتقاد لتلك الاعمال قبل مئات السنين .
فممن انتقد عمل البخاري:الدار قطني ، وابو مسعود الدمشقي ، والغساني ، والذهبي ، وغيرهم من القدماء .
اما كتب الصحيح الشيعية فيكفي ما قدمه من نقد لاحدهما العلامة المطهر الحلي(اذا صدقت ذاكرتي بصحة الاسم) و والمجلسي ، والبهسودي ، وغيرهم.
عندها، اجد نفسي غير ملزم بالحديث النبوي في هذه الكتب ما لم تتشكل لجنة اسلامية لغربلة تلك الاحاديث لمعرفة الصحيح من الموضوع عند المذهبين ، والمذاهب الاخرى.
وارجو ان لا تتهمني بإنني قرآني العقيدة،ولكني اقول: هذا رأيي ، وعندما استشهد بحديث ما عند مناقشة أي شخص يعتقد صحة ذلك الحديث فهو ليس حجة عليّ ّبل حجة عليه.
***
*من المعروف عند الدارسين والمفكرين والعلماء والفقهاء، ان باب الاجتهاد ما زال مفتوحا عند الشيعة ، فيما اغلق بابه عند السنة في كافة مذاهبها بعد ان وضعت المذاهب تلك، وهذا قول صحيح في بداية تشكل المذهب – ربما تأثرا بالمعتزلة اصحاب العقل، لا اجزم بذلك من الناحية الموضوعية والعلمية– اما المتفحص لاجتهادات فقهاء ومراجع الشيعة التي وصلتنا رسائلهم العملية فلم نجد هذا الاجتهاد عندهم ، وانما هو تكرار لما قيل سابقا ، أي لا اجتهاد في فتاويهم.
وفي دراستي عن مرجعيتكم ناقشت هذا الموضوع وبينت كيف ان مرجعيتكم قد استخدمت الاجتهاد الذي توقف لمئات السنين عند الشيعة الذين راح مجتهديهم يكررون ما سبق وان قيل حتى لو كان هذا الذي قيل خطأ مكشوفا ، او ان الزمن قد عفى عليه من خلال تطور الحياة والتطور العلمي والصناعي في كافة مجالات الحياة ، او ان الاسباب التي دعت الى اتخاذ هذا الرأي الشرعي قد انتفت من الوافع . من مثل قضية التفرقة بين المسلم والمؤمن، او تحليل سماع الموسيقى او(اكل لحم الارنب) اذ ظلت هذه الاشياء وغيرها كما هي عند مجتهدي الشيعة كونهم يرددون ما سبق ان قيل فيه من فتاو ٍ ربما قيلت لاسباب انتفت الحاجة لها في زماننا الحاضر، مع العلم ان القرآن الكريم لم يحرم سوى :
(حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالازلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم فإن الله غفور رحيم). [المائدة - 3 ]
واذا اخذنا بنظر الاعتبار ان اخر اية نزلت – كما تذكر المصادر وكذلك يصدقها قول الاية - هي التي فيها قول الله (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا). فلا يلزم تحريم شيء اخر طالما لا تعافه النفس.
لنأخذ مثالا واحدا وبسيطا جدا على التحريم غير المنطقي وغير الموضوعي عند علماء الاسلام (سنة وشيعة)، وهو تحريم لعبة الشطرنج ، هذه اللعبة الفكرية والعلمية التي تساعد على توسيع فضاءات العقل " Reason" . اتساءل: ما هو سبب تحريم اللعب بها ، فضلا عن صناعتها وبيعها ؟
لنقل – والله اعلم – انها اداة تقوم عند اللعب بها بـ:
- اللهو ، واللهو يبعد العبد من الله من خلال نسيانه اوقات العبادة على اقل تقدير، اذ يجب على المسلم – كما يرى اؤلئك المحرمين للشطرنج – ان يبقى طيلة وقته مشغولا بذكر الله .
- انها اداة للمقامرة. والمقامرة حرام ، اذن فاللعب بها حرام.
لنناقش هاتين النقطتين.
- ان الله سبحانه لا يطالب العبد ان يزجي كل وقته بالتسبيج والشكر والحمد لجلالته ، والا لترك العمل – يدويا او ذهنيا – وهذا غير مقبول عنده جل شأنه.
- هنا يجب ان نقف موقفا يميز بين فوائد اللعب الاخرى بالشطرنج والمقامرة ، ويمكن ان ينصب التحريم على المقامرة فقط ، كما فرق الربا عن باقي التجارات الشرعية ، وانواع الدَين..
وكذلك قل الامر نفسه عن قضية الحجاب التي ملأت الدنيا وشغلت الناس، ليس في زماننا هذا بل قبله ايضا، بل الادهى من ذلك وصل الحال عند بعض المراجع الى حرمة كشف الوجه واليدين ، عادين جسد وصوت وحركات المرأة عورة ، وليس في القرآن ما يدل على ذلك، وحرموا عليهن – ايضا - ارتياد الحدائق والمتنزهات العامة ولو كان ذلك برفقة محرم حتى.
( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ) ( الأحزاب : 59 )
وقد شرق وغرب المفسرون في تفسير هذه الاية في كافة المذاهب.
وفي ذلك حديث طويل، اذا احتججنا بالحديث النبوي – حجة على من يصدقه موثوقا – حول اشارة النبي (ص) للمواضع التي لا تحجب (الوجه والكفين)، او ما ذكر في الطبقات لابن سعد : 7/127 عن رد الخليفة ابن الخطاب للاماء ومطالبتهن بعدم التحجب لكي لا يتشبهن بالحرائر، وكذلك راجع: طبقات ابن سعد : 8/141 ، و تفسير الطبري لسورة الأحزاب ، والصافي للكاشاني : 5/203،و تفسير شبر : 1/425.
***
* ما احوج عموم الشيعة الى تثقيفهم تثقيفا اسلاميا صحيحا ، بعيدا عن الخرافة والاساطير، من مثل: مثلث برمودا كقاعدة عسكرية للامام المهدي، وان الامام علي يحدي بالسحاب (يدفعه) وان صوته هو صوت الرعد وغير ذلك من الاساطير والحرافات بحجة الولاية التكوينية(5).(لا اعرف ان كان سماحتكم يضحك من هذا او لا ،وصدقني انا قرأت هذا في اكثر من كتاب شيعي، والادهى من هذا ان الشيخ الكوراني اتصل هاتفيا من ايران مع برنامج القول الصريح ما بعد التراويح الذي تبثه قناة المستقله في احد رمضانات السنين القليلة السابقة وذكر ذلك على الهواء ).
(هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال * ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال). [الرعد:12 - 13 ]
(ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالابصار). [النور -43 ]
اين اساطير اؤلئك من القرآن المهجور من قبل الحوزات؟
- وما احوج عموم الشيعة الى تثقيفهم - وهذا دور المجتهدين ووكلاؤهم وقراء المنابر الحسينية الذين هم طلبة او من مريدي(6) اؤلئك المراجع ، على سبيل المثال- ان زواج الشغار (كصة بكصة) حرام المعمول به لحد الان في المحافظات الشيعية، بدلا من ان نعيد عليهم في كل يوم مقتل الحسين (ع) وترديد ما قالته بعض المصادر ان الامام الحسين(ع) في ذلك اليوم ((قتل الف وتسعمأة وخمسين سوى المجروحين )).
ورحم الله المرحوم الدكتور الوائلي عندما سفه هذا القول المدون في الكتب الشيعية او المذكور على المنابر.(7)
او من مثل ما اورده اليعقوبي في تاريخه وما زال قراء المنابر الحسينية يرددونه على المنابر امام عامة الشيعة ، وهذه الكذبة هي : (( وقيل لعلي بن الحسين ما أقل ولد أبيك قال العجب كيف ولدت له إنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة فمتى كان يفرغ للنساء)).(8)
هذا غيض من فيض، ولا اريد ان اطيل على سماحتكم ، فالاساطير والخرافات والكذب والتدليس كثير وكثير، وسماحتكم قد قام بما مكنه الله بالتصحيح مهما كان يسيرا ، الا انكم اجتهدتم واصبتم ولكم حسنات الاجتهاد والاصابة.
***
* المناهج الحديثة في دراسة وتحليل ونقد النص(آليات الاشتغال في فهم الكتاب والفكر):
اتساءل: لماذا يتطيّر رجال الدين الاسلامي ومفكروه (على كافة درجاتهم العلمية ومن كافة المذاهب) – او جلهم - من استخدام المناهج الحديثة في دراسة النص الديني (القرآني والحديثي)، وكذلك دراسة القضايا التي يطرحها الفكر الاسلامي (بشري المصدر)، من مثل المنهج الديكارتي، او الانثربولوجي او الاتنولوجي، او الماركسي "الديالكتيكية" ، او التحليل النفسي (السيكلوجي)، او السيسيولوجي ،او الهرمنيوطيقية (الحديثة وليست التأويلية التي استخدمها المفسرون المسلمون قديما والتي تمتاح مما هو اسطوري وخرافي)، او الالسني،او البنيوي(ان البنيوية تدرس النص بعيداعن منشئه او خالقة ، وكذلك النص القرآني المحفوظ في اللوح المحفوظ يصبح نصا بشريا بعد تداوله ،ولهذا قال الامام علي (ع) بما معناه ان القرآن بين الدفتين يتكلم بالرجال )(9) و آليات التناص(10) او الاركيولوجية،او السميوطيقا ، وغير ذلك من المناهج؟ ليصل هذا التطير الى حد التكفير والقتل والمنع من النشر و التوزيع لمن يستخدمها،خاصة من ابناء بلدان العالم الاسلامي و العربي على الخصوص،والشواهد كثيرة ،ابتداء من محاكمة د. طه حسين (استخدامه المنهج الديكارتي في اطروحته في الشعر الجاهلي) ، مرورا برفض رسالة الدكتوراه لمحمد احمد خلف الله ( الفن القصصي في القرآن الكريم )، و قضية رفض الترقية الجامعية لـ د. ابو زيد (لاستخدامه المناهج الحديثة في تحليل الخطاب) ومن ثم تكفيره و تطليق زوجته(11) ، و اغتيال فرج فوده (لكتاباته النقدية للفكر الاسلامي الموروث) ومحاولة اغتيال نجيب محفوظ (استخدامه القصص الديني في رواية اولاد حارتنا)، و السيد القمني وكتاباته، و علي شريعتي (الايراني) وانفتاحه الفكري، ونبيل فياض وغيرهم ،وغير ذلك من الاحداث الدامية التي تعتبر وصمة عار على جبين القائمين بها، ومن يقف من ورائهم من فكر او رجال، فضلا عن استعداء الحكومات على الكتّاب لمنع نتاجاتهم الفكرية التي يشم منها رائحة المغايرة لكل ما هو موروث مهما كانت صحته الموضوعية او التاريخية، والذي اصبح ارثوذكسية مقيتة لبّست لبوس المقدس (12).
ان المنهج التاريخي الاسطوري الذي استخدمه الطبري واليعقوبي وابن هشام والواقدي وابن سعد وغيرهم في كتابة تاريخ الفكر الاسلامي وتاريخ النص المقدس وتاريخ العالم ما زال هو المستخدم في الكتابات لحد الان ، وكأن اؤلئك (الطبري واليعقوبي وابن هشام وغيرهم) مقدسون ولا يمكن المس بما قالوه او بمناهجهم.
اما الكتب التي حررها الكتاب الغرب (حتى لو كانت بالمنهجبه الفللوجية الكلاسيكية)فهي اما ممنوعة من الترجمة، او منع نشرها ،او تهديد مترجمها .
فان كانت تلك الكتب لا تحمل حقيقة ما ،فهي تحمل نصف الحقيقة ، او على اقل تقدير تحمل وجهة نظر يمكن مناقشتها.
(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين). [النحل - 125 ]
(فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين). [آل عمران -61 ]
ويبقى القبول للافكار – المطروحة في الكتب - انتقائيا ،و يتحكم به توافق تلك الافكار مع هذا المذهب او ذاك او عند رجل الدين هذا او ذاك ، عند الكل ولا استثني دينا او مذهبا .
على سبيل المثال ،الكاتب نبيل فياض كاتب لاديني، قبل له كتابين عند الشيعة لانه يتوافق وتوجهاتهم الفكرية / المذهبية، وتم الترويج لهما هما (يوم انحدر الجمل من السقيفة، أم المؤمنين تأكل أولادها) وحوربت كتبه الاخرى.
فيما رفض رفضا شديدا كتاب (فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الارباب) من قبل السنة – خاصة السلفيين – بينما ظل الكتاب متداولا ومفضلا عند الشيعة لانه من تأليف عالم دين شيعي ، ولم يجرؤ كاتب او مرجع او مفكر شيعي من رفضه او تكفيره .
وإذ لا اناقش مضمون الكتاب هنا ، اقول ان المؤلف لم يأت بجديد ،وانما كان ناقلا من مصادر سنية وشيعية سبقته في بيان ما قيل انه تحريف – زيادة او نقص- (13).
وكذلك بالنسبة لكتاب (الشيعة والتصحيح) للعلامة الشيعي موسى الموسوي الذي طبل وزمر له السلفيين وامتلآت به مواقعهم على الانترنيت لانه يخدم توجهاتهم في انتقاد مذهب الشيعة.
***
واخيرا
اذ اسف للاطالة، فهذه السطور هي نفثات قلب متألم لما وصل اليه الاسلام كدين الى ما عليه الان، وقولي هذا يجيء تمثلا بقول الامام علي (ع) في الشقشقية .
تقبلوا مني وافر التحيات واصدق الامنيات لكم بالسداد والموفقية، والله على ما اقول شهيد.
-------------------------------
الهوامش:
* نشرت دراسة بعنوان (التصحيح والتجديد الاجتهادي في المذهب الشيعي - المرجع الديني سماحة اية الله -الامام الشيخ حسين المؤيد انموذجا)على مواقع العلمانيين العرب ، وموقع دهشة ،وغيرهما من المواقع، وقد ارسل لي مكتب سماحته رسالة شكر جوابية هذا مضمونها :
(الأستاذ الفاضل السيد داود سلمان الشويلي المحترم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تحية طيبة , و بعد
تلقينا ببالغ التقدير و السرور الدراسة التي قمتم بها حول المدرسة التجديدية لسماحة المرجع الإسلامي الإمام الشيخ حسين المؤيد . و لم يكن لنا إطلاع سابق على هذه الدراسة فالشكر موصول لكم لارسالها و لمبادرتكم الكريمة في اعداد هذه الدراسة القيمة . و قد اطلع سماحة الإمام المؤيد عليها و سماحته اذ يعبر لكم عن إمتنانه و شكره فانه ينظر بكل تقدير و مودة الى مبادرتكم هذه و يعرب عن رغبته في التعرف عليكم و التواصل معكم لذا نرجو ارسال رقم هاتفكم و شيء من سيرتكم الذاتية . و نود أن نستأذنكم في نشر هذه الدراسة القيمة فاذا أذنتم في ذلك سيقوم المكتب بالتصدي لنشرها في الصحف و المواقع الإلكترونية علماً أننا و تقديراً لجهدكم المبارك و إعتزازاً به قمنا بوضع هذه الدراسة في الموقع الالكتروني لسماحة الإمام المؤيد .
على أمل التواصل معكم تفضلوا بقبول وافر الإحترام و كبير الامتنان .
15-4-2010 م مكتب سماحة الامام المؤيد
فأرسلت لهم رسالة شكر قصيرة .
1 - خير مثال على ذلك دعوة السيد حازم الاعرجي – التلفازية - الى قتل الوهابيين بعد تفجير الضريحين(مع صعوبة معرفتهم) ، والمعنى الذي فهمه الشارع الشيعي وكذلك انصاره من التيار الصدري هو قتل السنة من ابناء الوطن،وحدث ما حدث بما سمي الحرب الطائفية ، وتلاه اخوه بهاء الاعرجي في المقابلة التلفازية التي جرت قبل الانتحابات على قناة البغدادية وذكر ما اسماه بالمؤامرة على الشيعة من زمن ابو بكر الصديق الى زمن احمد حسن البكر ونسي هذا الاعرجي ان الامامين على بن ابي طالب وابنه الامام الحسن مشمولون بهذا الاتهام .
2 – سأقول كلاما ارجو ان لا يضيق صدر سماحتكم له وبه فسماحتكم ابعد من ذلك، اقول:ان العامة لا يحتاجون في وقتنا الحاضر- الى حد ما - الى من يفهّمهم حلال وحرام القرآن –على اقل تقدير - ، فلو راجعنا سور وايات القرآن الكريم ، لوجدنا سور وايات القصص التي جاءت للعبرة ولتثبيت فؤاد الرسول (ص) والمؤمنين الاوائل لا يحتاجها العامة اليوم لان حياتنا اليوم فيها من الدروس والعبر الكثير .
سمعت من على احد القنوات الشيعية احد المحاضرين الذي يعتم بعمامة سوداء يطلب من الاباء ان لا يتركوا بناتهم يقرءن سورة يوسف لان فيها امورا غير محتشمة!!!(يا للعجب).
وكذلك ، ان بعض ايات الحدود لم نستطع تطبيقها في زمننا الحاضر، (ولا اقصد من قولي هذا خطأ في التشريع ،اعوذ بالله من ذلك ، وانما اقصد ان هذه التشريعات انزلت في اوانها مع وجود الشروط الشرعية).من مثل:
- حد الزنا:
( *الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين). [النور - 2 ] (مع العلم ان هذا الحد قد تبدل الى الرجم، وفي ذلك اقوال لا مجال لذكرها).
اتساءل: عبر التاريخ الاسلامي والى يومنا هذا: كم مرة وجد فيها اثنان متلبسان بجرم الزنا حسب الشروط الشرعية (اربعة شهود من الرجال، والميل في المكحلة)؟
الجواب: مرة واحدة في زمن الرسول (ص)هرب فيها المرجوم، واخرى يذكرها التاريخ عن والي البصرة في زمن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب – اذا لم تخني الذاكرة – وشهد ثلاثة وتراجع الشاهد الرابع.
اذن لا يمكن ان نقيم هذا الحد وهو غير فعال سوى في حالة الاقرار الشخصي ، مع الاخذ بنظر الاعتبار صحة هذا الاقرار ، كما فعل النبي (ص) مع المرأة التي طلبت منه (ص)حدها بسبب الزنا فتغافل عنها مرتين – كما تذكر المصادر - وفي المرة الثالثة طلب من وليها ان يحجزها عنده لحين وضع حملها ، وعمل النبي (ص) هذا ليس معناه خوفا على الجنين فحسب بل معناه ايضا – حسب فهمي – معرفة صدق المرأة في ادعائها.
- حد السرقة:
(* والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم). [المائدة -38 ]
اتساءل: بعيدا عن حقوق الانسان ، كم شخصا تم قطع يده بسبب السرقة على طول زمن التاريخ الاسلامي؟
الجواب: ولا مرة . والحادثة الوحيدةالتي ينقلها التاريخ لنا هي حادثة سرقة ابل من قبل رقيق حاطب بن بلتعة في زمن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب والذي غرم فيها حاطبا، لانه جوّع رقيقه مما دفعهم الى السرقة والقصة معروفة ، اضافة لعدم اعماله هذا الحد في عام المجاعة.
واليوم كم من الجياع والمحتاجين في الدول الاسلامية الذين هم مشاريع سراق؟ وهل قطعت يد سارق او مختلس في يومنا هذا؟
- حد شارب الخمر:
ثالث اية نزلت عن الخمرة هي (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون). [المائدة -90]
ولما كان اللسان العربي يعرف معنى "فاجتنبوه" جيدا على انه ليس بمعنى التحريم القاطع، وانما بمعنى الابتعاد عنه ، وكذلك،ان هنالك الكثير من اعمال الشيطان غير محرمة تحريما يستدعي الحد او الكفر او الشرك (كالكذب ، والاحتيال، وغير ذلك) (الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الارض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى). [النجم - 32 ] فما اوسع رحمة الله؟ (جاءت الاحكام التكليفية في المذاهب بعد سنوات من وفاة الرسول (ص) وهي من وضع الفقهاء)
واعجب لهذا الكم الهائل من الرسائل العملية التي وضعت في تحريم الخمرة بحيث تفوق الكتب التي وضعت عن اي امر اخر ،وعندما نفتح اغلب المواقع الالكترونية للمراجع نجد لهم رسالة عملية / علمية !!! في الخمرة، وكأن الاسلام متوقفا على تحريمها ، فيما لم نجد في القرآن تحريم قاطع مانع لها كحرمة الدم ولحم الخنزير والميتة وما اهل لغير الله،وغير ذلك.
ومما احفظه من الموروث – حسب ما تذكر المصادر - حادثتين لهما مغزى ، اولاهما حدثت في زمن الرسول (ص) وهي – بما معناه – جاء احد المسلمين الى الرسول(ص) واخبره ان (فلانا) شرب الخمرة ، فسأله الرسول (ص) عن كيفية علمه ، فأجابه انه تسور على سور دار الشخص المشكو منه وشاهده يشرب الخمر ، عندها نهره رسول الله (ص) – بما معناه – عن فعلته هذه بالكشف على مستور المسلمين.
والثانية ، هي الحادثة التي حدثت زمن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب وحيرة الخليفة والصحابة عن كيفية حد شارب الخمر، فقال الامام علي ان حده حد من يهذي ، قياسا عليه . ( ملاحظة: انظر سماحتكم كيف ان الامام علي يقيس ، وفيما اعلم ان الشيعة لا يأخذون بالقياس .ارجو ان تصحح لي هذه المعلومة ان كان فيها خطأ).
فالحادثة الاولى تدعو الى عدم كشف اسرار الناس ، او عدم التجسس عليهم (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم). [الحجرات- 12 ] ،وكذلك، ان الاسلام يدعو الى السترو كتمان الاسرار.
والحادثة الثانية تبين ان لا حد على شارب الخمر في القرآن الكريم ولا سنة نبيه (ص).
- اضافة لايات تدعو الى حسن الاخلاق ... فالناس كلهم في يومنا هذا وقبل الاف السنين يعرفون ما هو الحسن وما هو القبيح منها،ان كان الانسان مسلما او يهوديا او مسيحيا او ممن يتبع دينا وضعيا او كان لا دينيا، اما الذي يخرج من قاعدة اتباع الحسن فأنه سيبقى مكشوفا امام الاخرين الذين سيستهجنون عمله.
ربما سترد علي قائلا : انك تريدنا ان نهجر القرآن الكريم تمشيا مع الاية الكريمة : (وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا). [الفرقان - 30 ]
اقول : اعوذ بالله من ان اكون من الظالمين لنفسي وممن يدعون الى هجر القرآن الكريم ، ولكني احيل سماحتكم الى ما كان من هجران له في الحوزات العلمية في النجف وقم.
آ - (( يقول الدكتور جعفر الباقري : في كتابه " ثوابت ومتغيرات الحوزة العلمية" : (( من الدعائم الأساسية التي لم تلق الاهتمام المنسجم مع حجمها وأهميتها في الحوزة العلمية هو القرآن الكريم ، وما يتعلق به من علوم ومعارف وحقائق وأسرار ، فهو يمثل الثقل الأكبر ، والمنبع الرئيسي للكيان الإسلامي بشكل عام . ولكن الملاحظ هو عدم التوجه المطلوب لعلوم هذا الكتاب الشريف ، وعدم منحه المقام المناسب في ضمن الاهتمامات العلمية القائمة في الحوزة العلمية ، بل وإنه لم يدخل في ضمن المناهج التي يعتمدها طالب العلوم الدينية طيلة مدة دراسته العلمية ، ولا يختبر في أي مرحلة من مراحل سعيه العلمي بالقليل منها ولا بالكثير . فيمكن بهذا لطالب العلوم الدينية في هذا الكيان أن يرتقي في مراتب العلم ، ويصل إلى أقصى غاياته وهو ( درجة الاجتهاد ) من دون أن يكون قد تعرف على علوم القرآن وأسراره ، أو اهتم به ولو على مستوى التلاوة وحسن الأداء . هذا الأمر الحساس أدى إلى بروز مشكلات مستعصية وقصور حقيقي في واقع الحوزة العلمية لا يقبل التشكيك والإنكار ( ص 109 )... )) . راجع : القرص الالكتروني "برنامج المعجم العقائدي ـ الاصدار الأول ".
ب - يقول آية الله الخامنئي : (( مما يؤسف له أن بإمكاننا بدء الدراسة ومواصلتنا لها إلى حين استلام إجازة الاجتهاد ، من دون أن نراجع القرآن ولو مرة واحدة ! ! ! لماذا هكذا ؟ ؟ ؟ لأن دروسنا لا تعتمد على القرآن ! !)). (المرجع نفسه ص 110 )
ويقول كذلك: )) إن الانزواء عن القرآن الذي حصل في الحوزات العلمية وعدم استئناسنا به ، أدى إلى إيجاد مشكلات كثيرة في الحاضر ، وسيؤدي إلى إيجاد مشكلات في المستقبل . . . وإن هذا البعد عن القرآن يؤدي إلى وقوعنا في قصر النظر ! ! )). (المرجع نفسه ص 110 )
- يقول آية الله محمد حسين فضل الله : ((فقد نفاجأ بأن الحوزة العلمية في النجف أو في قم أو في غيرهما لا تمتلك منهجا دراسيا للقرآن ! ! )). (المرجع نفسه ص 111 )
فضلا عن انه لا يوجد خطيب منبر شيعي يثقف الناس على القرآن الكريم ، وانما هؤلاء الخطباء (روزخونية)هم رجال اسميهم قاتلي الامام الحسين (ع) بالترديد، ودون تقديم الدروس والعبر من واقعة الطف ،انه استدرار للدموع والفلوس.
اما التفاسير ، فهي إما ان تكون عالة على تفسير الطبري واسرائيلياته (بالنسبة للسنة) وإما عالة على تفسيرالقمي وخرافاته واساطيره التي لم ينزل الله بها من سلطان(بالنسبة للشيعة).
اقول: ان العقلانية العربية غائبة عن مناهجنا عند المراجع او المفسيرين او الوعاظ او قراء المنبر الحسيني ، وكذلك المعممين الذين يخرجون على الفضائيات(السنية والشيعية) (كالانوار ، الغدير،المعارف الشيعيات ، ووصال وصفا السنيتان السلفيتان)اللاتي بدأن يتهجمن الواحدة على الاخرى لاظهار مساوئ المذهب الاخر، (مثال على ذلك : الكوراني صاحب مثلث برمودا القاعدة العسكرية للامام المهدي وغيره من الشيعة، وعرعور والدليمي من السنة وغيرهم العشرات ).
ان ما نحتاج اليه هو تثبيت العقيدة القرآنية واصول الدين بلا اساطير وخرافات ، وتصحيح كل ما جاء به الفكر الاسلامي (السني والشيعي والمذاهب الاخرى) من امور لم ينزل بها الله من سلطان، في عقول المسلمين وليس في قلوبهم فحسب، أي ان يكون التصديق في العقل وليس في القلب، ايمان عقلي لا غيبي (والشيعة عندهم العقل مصدرا في التشريع كما اعلم ).
3 – يمكن ان نضيف اخرين من ايران كالخامنئي وغيره ، الا ان هؤلاء سياسيون بإمتياز(حسب نظرية ولاية الفقيد)، وانا حسب قناعاتي المتواضعة لا احبذ دخول المراجع في معترك السياسة سوى من باب ارشاد العامة، أي ان يكونوا مرشدين للعامة امام تغول السياسيين، فالسياسة تفسد عندما يدخلها الدين ، والدين يفسد عندما تدخله السياسة كذلك.
4 – لا يغيب عن بالنا ما قام به احد الائتلافات الشيعية من تحويل مرجعيته المذهبية من الخامنئي الى السيستاني لدفع تهمة ايرانيته ولتجيير اتباع السيستاني له في الانتخابات ، الا ان الناس كشفوا المستور، لهذا نراه قد خسر اغلب مقاعده في البرلمان في الانتخابات الاخيرة.
5 – راجع كتاب الولاية التكوينية – الحق الطبيعي للمعصوم للشيخ جلال الصغير ، والولاية التكوينية لال محمد للسيد علي عاشور.
6 – استخدمت لفظة مريد ولم استخدم لفظ مقلد ، لما في لفظة مريد من ظلال صوفية هي الان عند اولائك المقلدين تجاه مراجعهم.
7 - في احدى محاضرات المرحوم الشيخ الدكتور الوائلي ، المعروضة على الفضائيات ومحطات الاذاعة الشيعية، وكذلك في الاقراص المدمجة ، يسفه مثل هذه الاكاذيب حتى يصل به التسفيه الى القول : انه لو اعطي مثل هذا العدد الى جزار دجاج فكم يحتاج من الوقت لذبح الدجاج السهل ذبحه ؟
وقد قمنا بمعادلة حسابية فكان الناتج:
لو ان الجزار يذبح في كل دقيقة واحدة دجاجة واحدة لتطلب منه لذبح1950 دجاجة 32 ساعة ونصف الساعة، فكيف بقتل الرجال؟ وواقعة كربلاء لم تدم سوى ساعات؟
8 - قمنا بعملية حسابية فكانت النتيجة: .
1000 ركعة وكل ركعة تتطلب حوالي دقيقتين- على اقل تقدير - للقيام بها = 2000دقيقة = 33 ساعة في اليوم الواحد !!! أي ان يوم الامام ليس كأيامنا انه يوم اسطوري!!!
ملاحظة: ربما تكون اجابة الذين يأسطرون الواقع او الاشخاص كأصحاب الامثلة السابقة التي سقتها في اعلاه،هو ان الله قادر على كل شيء.
وانا اقول معهم ان الله قادر على كل شيء ، ولكن !!!! هل الله سبحانه يغير النواميس التي وضعها منذ الخلق الاول ؟
لو فعل ذلك لكان فعله عبثا، وحاشاه من العبث ، حيث قرأت القرآن اجمعه فلم اجد اية واحدة يخبرنا الله سبحانه فيها انه غير في نواميسه الكونية ، سوى في يوم القيامة . (يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار [ابراهيم - 48 ]. (إذا زلزلت الارض زلزالها). [الزلزلة - 1 ]. (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين [الانبياء - 104 ].
فالله سبحانه قادر على ان يمحو وينسخ ويُنسي (عباده) بعض احكامه التشريعية بين دين واخر، وفي الدين الواحد، وبالمقابل لم ولن يغيرنعمته على عباده ما لم يغيروا هم ما في انفسهم (ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم). [الانفال- 53 ]
وهذا لا يعني نفي القدرة عن الله في التغيير بعد الخلق.
اما ان يغير سبحانه نواميسه العامة للطبيعة الحية وغير الحية فحاشاه عن ذلك.
9 – اكثر من درس النص القرآني بوساطة المناهج الحديثة كأبي زيد واركون على سبيل المثال اصطدم باشكالية بين ان يكون النص الهي المصدر، وبين ان يكون تاريخي ، ولو عادوا الى فهم الامام علي (ع) للنص القرآني لوجدوا ان هذه الاشكالية قد حلت.
10 – يمكن مراجعة كتابي (الذئب والخراف المهضومة- دراسات في التناص الابداعي– بغداد – دار الشؤون الثقافية العامة- 2001.)
11 – راجع كتاب :التفكبر في زمن التكفير - ضد الجهل والزيف والخرافة - د/ نصر حامد ابو زيد – ط2 – مكتبة مدبولي – القاهرة – 1995.
12 – اخر ما سمعت قول الشيخ الدكتور حامد الربيعي على قناة الديمقراطية عصر يوم الاربعاء المصادف 16 / 6 / 2010 في برنامج سياسي عن العراق ، بعد ان عرض مجموعة من كتبه التي تدرس – حسب قوله – في الحوزة العلمية ، قال عن كتاب منها انه طبع في العراق والان لو رجع الى العراق لقتلوه.
12 –في تفسير الدر المنثور للسيوطي تفسير لآيتي (الخلع) و (الحفد) وهما ايتان لم تثبتا في القرآن الامام وانما هما من قرآن أبي –الدر المنثور – ج 6 ص420 - الناشر : دار المعرفة للطباعة والنشر - بيروت – لبنان.(راجع القرص الالكتروني مكتبة اهل البيت)
‏الجمعة‏، 23‏ نيسان‏، 2010
---------------------------------------
ملحق:
العلمانية المؤمنة
داود سلمان الشويلي
في دراسة سابقة لي نشرت على هذا الموقع ، اتهمني احد قراء الدراسة على الموقع بانني طائفي ، فرددت عليه بأدب: بانني علماني التفكير ، وعلمانيتي هذه علمانية مؤمنة ، أي بقدر ما انا علماني – بالمفهوم العام للعلمانية – فانا ايضا رجل مؤمن ، وايماني هذا ينطلق من الاسلام كوني رجلا ولد وتربى في عائلة ومجتمع اسلاميين ، وهذا ينطبق ايضا على من يعيش في كنف عائلة ومجتمع مسيحي ، او يهودي او براهمي او... او... او.
سألني – بعد ذلك - احد المتصلين بي على الشات عن مفهوم العلمانية المؤمنة ، منكرا وجودها ومن ثم الاعتقاد بها ، وله الحق في ذلك ، اذ انها من اعتقاداتي الخاصة ولا الزم بها احدا ، فبقدر ما انا مؤمن بوجود الله ومن ثم الانبياء والرسل ورسالاتهم السماوية ، او مفكري الانسانية الذين انتجوا ما يمكن عده دينا وضعيا ،كونفوشيوس وبوذا وغيرهما ، فضلا عن الفكر الانساني الاخر، فانا ايضا علماني لنظرتي الى الكون وما فيه من مخلوقات ، وما في تلك المخلوقات من شعور واحاسيس ، وحواس (افعال مادية وروحية).
لو عدنا الى اساس الفكر العلماني ، ومن ثم اصل اشتقاق الكلمة في اللغات الاوربية ، فإن كلمة "Saeculum" اللاتينية الاصل تعني في احدى معانيها "العصر" ثم تطورت الى ان تعني "العالم" أو "الدنيا". و اخذت منها الانكليزية كلمة "Secularism" التي اصبحت ذات رؤية دنيوية شاملة للكون وما فيه.
واذا كانت العلمانية في الاساس لا تصطدم مع الدين ولا اريد لها ان تكون كذلك ، فإن التطور العلمي الذي حصل في كل شيء بعد النهضة الاوربية قد جعلها عند البعض تتناسى المعتقدات الدينية ومن ثم تتصادم مع الدين حتى اصبحت العلمانية في اكثر معانيها شيوعا نظرة الحادية شاملة للكون.
في الفكر الاسلامي ، ولا اقول الدين الاسلامي ، ان القرآن كتاب معجر علميا ، واذا كانت بعض الايات القرآنية تدعو الى التفكر العلمي ، فهذا لا يعني انها تحمل قيم ونتائج علمية بحت ، مع العلم ان العلم غير ثابت النتائج فهو في حالة متغيرة وقابلة للتطور ، ان الدين ثابت والعلم متغير.
من هذا المنطلق واجه الكثير من فلاسفة ومتكلمي ورجال الدين الاسلامي علمية القرآن – او كون القرآن يحمل حلول علمية لكل شيء- وقالوا بعدمها ، وهذا لم يضر القرآن شيئا بل اخرجه من امتحان صعب اراد البعض ان يزجه فيه، فظهرت مدارس كثيرة ربما اهمها مدرسة المعتزلة ،ولا ننكر دور البعض من مفكري الاسلام في العصور السابقة والذين اتهموا بالالحاد والزندقة، مع العلم ان بعضهم كان مسلما مؤمنا ولم يكن الحاديا.
اقول: انا رجل مؤمن علماني، او علماني مؤمن ، (مؤمن بالله وملائكته ورسله وكتبه واليوم الاخر)ولا انظر الى كل الظواهر الدنيوية ، الدولة ومؤسساتها، التطور العلمي ، افعال البشر ، الظواهر الطبيعية ... على انها مسيرة من الله ، بل هي من فعل نواميس الطبيعة وكذلك البشر كل حسب العائدية ، اما ان يكون الله قد احكم القوانين العامة لخلقه ، الكون وما فيه ، فهذا ما اعتقد به ، بعد ذلك فهي تسير ضمن قوانينها العامة تلك ، فالكون غير قادر على تجاوز تلك القوانين (النواميس)، والا فانه سيختل ومن ثم سينتهي ، ولا البشر قادرون على تجاوز ما جبلوا عليه من قوانين عامة (الا الحالات المرضية وهي امور ذات علة خارجية)، كل ينتج قوانينه الخاصة ضمن القوانين العامة التي جبل عليها منذ النشأة الاولى .
اما الذي يدعي ان الله قادر على كل شيء ، فأقول له انت مصيب ضمن حدود، وهي حدود النشأة الاولى ، اما بعد ذلك ، فالله سبحانه لا ينقض ناموسا اقامه ، والا كان ذلك عبثا، والله حاشاه من ذلك.
هذا ببساطة ما كنت اعنيه بالعلمانية المؤمنة ، ولا ارى في ذلك وسطية لا في التفكيرولا في المنهج.
وحتما ان هذا الاعتقاد سيغضب الكثير من اصحاب التفكير الدوغماتي .‏
‏الثلاثاء‏، 22‏ حزيران‏، 2010