الثلاثاء، 22 يونيو 2010

رسالة الى المرجع الديني سماحة الشيخ حسين المؤيد

السادة في مكتب سماحة المرجع الديني الإمام الشيخ حسين المؤيد المحترمون
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تحية طيبة
و بعد ...
الحاقا برسالتي السابقة(*) التي ارسلتها ردا على رسالتكم في 15/4/2010اكتب لحضراتكم هذه الرسالة شاكرا فيها سماحة الامام الشيخ على اهتمامه بالدراسة وبرغبته التعرف عليّ، وطلبكم رقم هاتفي (................)، وبعد:
اود ان اوصل بواسطتكم الى الامام الشيخ المؤيد رسالتي هذه ولكم الشكر والتقدير.
***
* انا علماني – ليس بالمعنى الوجودي - مؤمن في تفكيري وحياتي ، ولا تستغرب- سماحتكم - هذا الدمج بين الاثنين ، وستوضح دراستي المنشورة – المرفقة مع هذه الرسالة في الملحق– معنى هذا التوجه.
***
*رأيي في المرجعيات الشيعية هو :
- ان اية مرجعية لا تضع الوطن اولا في كل ما يصدر منها ، فأنا غير معني بكل ما يخرج منها، مع احترامي وتقديري لها (والاسوة الحسنة حب النبي "ص" لموطنه الاصلي مكة).
- ان اية مرجعية غير عربية لا اهتم بما يصدر منها من رأي او فتوى، لانني من خلال التجربة البسيطة لي في الحياة توصلت الى نتيجة مفادها: ان الدين – أي دين – لا يسلب القومية من ابنائها ، ولما كان حديثي عن المراجع الشيعية من اصول غير عربية ، فانني ما زلت منذ ان عرفت المرجعية وما هيتها ودورها عند الشيعة ، وجدت قوميات هؤلاء المراجع متأصلة عندهم اكثر من الدين ومن المذهب ، وتلامذتهم الذين لم يخرجوا بعد من عباءاتهم ، فهم ما زالوا ينقلون لنا المذهب الشيعي بفهم صفوي عنصري وبكل ما يحمله هذا التوجه على كافة الاصعدة، وارجو ان لا يفهم من قولي هذا انني شوفيني النظرة ،لان في هذا الفهم اتهام للقرآن بالشوفينية ، اذ قال الله سبحانه في محكم كتابه : (وكذلك أنزلناه حكما عربيا ).[الرعد -37 ] (إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون). [يوسف -2 ] وحاشا الله من ذلك.
***
* ان الذي دعاني الى الكتابة عن توجهكم الفكري عند تصديكم للمرجعية هو ان ما صدر منكم يستقي من منبع اسلامي عربي اصيل ، دون الالتفات الى اعجمية المراجع الاخرين (من القوميات غير العربية) ممن زاملوك او ممن تتلمذت على ايديهم والتي – هذه المرجعية – ما زالت تقود الشيعة في العراق خاصة – الان - وما اوصلته توجهاتهم الى ما هو فيه الان بعد الاحتلال .
فما زال الاحتلال رابضا على صدر العراقيين. ولولاها لبرزت مقاومة شيعية تتصدى له،ولولاها لما تخدّر الشيعة – يذكرنا هذا الامر بمقولة ماركس الدين افيون الشعوب – باللطم وضرب الزنجيل والتطبير والزيارة مشيا على الاقدام ،حتى باتت الدوائر الحكومية والمدارس خالية من البشر ، ولولاها - كذلك - لما برزت دعاوي فرقة الشعب العراقي. (1)
ربما يرد سماحتكم على اقوالي هذه بأن المرجعية ليست السبب في ذلك ، وهذا صحيح لو نظرنا الى الامر نظرة احادية الجانب.
- اتساءل : ما هو دور المرجع ؟ هل دوره استنباط الحكم الشرعي ،وبيان الحلال والحرام فقط، ام له دورا ارشاديا ؟ وهو دور هام يفوق الدور الاول اذا علمنا ان القرآن العربي لا يحتاج في الكثير من اياته الى مفسر ومفهّم في عصرنا الحاضر بعد ان اتسعت فضاءات العقول " Reasons" من خلال تطور التعليم واتساع رقعة التطور المادي في الاتصالات وغير ذلك ؟ وانما هم بحاجة الى ربط ما جاء في القرآن مع الواقع الاني المعيّش بفهم معاصر ومنهج معاصر يجمع الاثنين معا دون ان يكون قول القرآن غريبا عن الواقع، ودون المساس بالثوابت الاصولية (العقدية).(2) وربما ستقول عن هذا القول انه قول من قال بتاريخية النص القرآني ، وهذا صحيح الى حد ما ، ولكن علينا ان نفهم هذا المنهج او العلم فهما صحيحا ، اتساءل: ما الفرق بينه وبين علم اسباب النزول وعلم الناسخ والمنسوخ؟ الم يكن علم اسباب النزول هو معرفة الواقع الذي بسببه نزلت هذه الاية اوتلك، والم يكن علم الناسخ والمنسوخ هو معرفة تدرج التحليل والتحريم وتدرج الاحكام حسب الواقع ؟
- يطل سماحتكم – وغيركم من المراجع كفضل الله والمالكي على سبيل المثال(3)- على شاشات التلفزة لتثقيف وارشاد العامة ، فيما الاخرون من المراجع لا يفعلون ذلك ؟ واذا ارادوا التوجيه فهم يعتمدون على وكلائهم مع العلم ان هؤلاء الوكلاء لا ينقلون التوجيه بصورة دقيقة ، وربما تستهجن القول هذا ، وانني شاهد على ذلك ، عندما ثقفوا العامة في انتحابات 2005 على ان من لم ينتخب قائمة معينة تحرم عليه زوجته ، ولم يصدر أي رد من مكتب المرجع الا بعد انتهاء الانتخابات، أي بعد خراب البصرة ، وكذلك في انتخابات 2010 إذ ثقف الوكلاء العامة على انتخاب قائمة ذاتها، علما ان مكتب المرجع افتى بوقوفه على مسافة واحدة من جميع القوائم، الا انه طالب بإنتخاب القائمة الاصلح ، فكان تفسير الوكلاء للعامة ان الاصلح هي قائمة معينة.
انه لعب على الذقون ان كان ذلك صادر من المرجع – حاشاه - او من مكتبه او من وكلائه ، وهذا ديدن السياسة.(4)
***
*اما بالنسبة الى رأيي في الاحاديث النبوية فهو:
اتساءل : من اين أأخذ – انا المسلم - الاحاديث الصحيحة والموثوقة ، أمن كتب الصحاح السنية ام من كتب الصحاح الشيعية؟
فبعد ان قرأت جميع صحاحات الاحاديث النبوية عند السنة والشيعة وجدت ان الكثيرمن هذه الاحاديث ،اما ان تكون :
آ- مردودة عند البعض .
ب- متناقضة بين المذاهب، وفيما بينها .
ج- غير مصدقة من القرآن ، أي تتعارض واحكامة.
د- اتهام لرجال السند بالكذب والتدليس والوضع بين المذاهب او في المذهب نفسه . (يمكن مراجعة كتب علم الجرح والتعديل، وعلم الر جال).
هـ - الكذب على الرسول بوضع الاحاديث ، وخير مثال على ذلك – حسب حافظتي - ،ما جاء في صحيح البخاري عن كيس ابي هريرة .
وكذلك، قرأت مرة ان هنالك علماء دين شيعة (كالمطهر الحلي، والمجلسي ، والبهسودي ، وغيرهم) قد اخرجوا الاف الاحاديث من الكافي بصفتها احاديث موضوعة.
فضلا عما ذكرته المصادر من ان الامام الشافعي ذكر انه لم كن هناك حديثا صحيحا سوى حديث "من كذب علي".
و – انقطاع السند في الاحاديث الشيعية. (جاء في هامش ص302 من -عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج 1 - ص 302 – 317):
( ولا يلزم من عدم ذكر اسم المنقول عنه في هذا المسلك أن يكون من المرسل . لما تقرر في الأصول أن الراوي إذا علم من حاله أنه لا يروي إلا عن الثقات كان إرساله اسنادا ( معه ) ...).
واخيرا، ان بعض ما شدني الى موقع سماحتكم هو تلك المناقشات العلمية والموضوعية التوثيقية لمتن وسند الكثير من الاحاديث في الصحاحات الشيعية ( الكتب الاربعة).
ز – تقديس اصحاب الصحاحات المعتمدة في المذهبين- كل حسب مذهبه – ولا يمكن مساسهم بالدراسة والمناقشة والنقد في الوقت الحاضر ، مع العلم ان علماء كثار وجهوا الانتقاد لتلك الاعمال قبل مئات السنين .
فممن انتقد عمل البخاري:الدار قطني ، وابو مسعود الدمشقي ، والغساني ، والذهبي ، وغيرهم من القدماء .
اما كتب الصحيح الشيعية فيكفي ما قدمه من نقد لاحدهما العلامة المطهر الحلي(اذا صدقت ذاكرتي بصحة الاسم) و والمجلسي ، والبهسودي ، وغيرهم.
عندها، اجد نفسي غير ملزم بالحديث النبوي في هذه الكتب ما لم تتشكل لجنة اسلامية لغربلة تلك الاحاديث لمعرفة الصحيح من الموضوع عند المذهبين ، والمذاهب الاخرى.
وارجو ان لا تتهمني بإنني قرآني العقيدة،ولكني اقول: هذا رأيي ، وعندما استشهد بحديث ما عند مناقشة أي شخص يعتقد صحة ذلك الحديث فهو ليس حجة عليّ ّبل حجة عليه.
***
*من المعروف عند الدارسين والمفكرين والعلماء والفقهاء، ان باب الاجتهاد ما زال مفتوحا عند الشيعة ، فيما اغلق بابه عند السنة في كافة مذاهبها بعد ان وضعت المذاهب تلك، وهذا قول صحيح في بداية تشكل المذهب – ربما تأثرا بالمعتزلة اصحاب العقل، لا اجزم بذلك من الناحية الموضوعية والعلمية– اما المتفحص لاجتهادات فقهاء ومراجع الشيعة التي وصلتنا رسائلهم العملية فلم نجد هذا الاجتهاد عندهم ، وانما هو تكرار لما قيل سابقا ، أي لا اجتهاد في فتاويهم.
وفي دراستي عن مرجعيتكم ناقشت هذا الموضوع وبينت كيف ان مرجعيتكم قد استخدمت الاجتهاد الذي توقف لمئات السنين عند الشيعة الذين راح مجتهديهم يكررون ما سبق وان قيل حتى لو كان هذا الذي قيل خطأ مكشوفا ، او ان الزمن قد عفى عليه من خلال تطور الحياة والتطور العلمي والصناعي في كافة مجالات الحياة ، او ان الاسباب التي دعت الى اتخاذ هذا الرأي الشرعي قد انتفت من الوافع . من مثل قضية التفرقة بين المسلم والمؤمن، او تحليل سماع الموسيقى او(اكل لحم الارنب) اذ ظلت هذه الاشياء وغيرها كما هي عند مجتهدي الشيعة كونهم يرددون ما سبق ان قيل فيه من فتاو ٍ ربما قيلت لاسباب انتفت الحاجة لها في زماننا الحاضر، مع العلم ان القرآن الكريم لم يحرم سوى :
(حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالازلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم فإن الله غفور رحيم). [المائدة - 3 ]
واذا اخذنا بنظر الاعتبار ان اخر اية نزلت – كما تذكر المصادر وكذلك يصدقها قول الاية - هي التي فيها قول الله (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا). فلا يلزم تحريم شيء اخر طالما لا تعافه النفس.
لنأخذ مثالا واحدا وبسيطا جدا على التحريم غير المنطقي وغير الموضوعي عند علماء الاسلام (سنة وشيعة)، وهو تحريم لعبة الشطرنج ، هذه اللعبة الفكرية والعلمية التي تساعد على توسيع فضاءات العقل " Reason" . اتساءل: ما هو سبب تحريم اللعب بها ، فضلا عن صناعتها وبيعها ؟
لنقل – والله اعلم – انها اداة تقوم عند اللعب بها بـ:
- اللهو ، واللهو يبعد العبد من الله من خلال نسيانه اوقات العبادة على اقل تقدير، اذ يجب على المسلم – كما يرى اؤلئك المحرمين للشطرنج – ان يبقى طيلة وقته مشغولا بذكر الله .
- انها اداة للمقامرة. والمقامرة حرام ، اذن فاللعب بها حرام.
لنناقش هاتين النقطتين.
- ان الله سبحانه لا يطالب العبد ان يزجي كل وقته بالتسبيج والشكر والحمد لجلالته ، والا لترك العمل – يدويا او ذهنيا – وهذا غير مقبول عنده جل شأنه.
- هنا يجب ان نقف موقفا يميز بين فوائد اللعب الاخرى بالشطرنج والمقامرة ، ويمكن ان ينصب التحريم على المقامرة فقط ، كما فرق الربا عن باقي التجارات الشرعية ، وانواع الدَين..
وكذلك قل الامر نفسه عن قضية الحجاب التي ملأت الدنيا وشغلت الناس، ليس في زماننا هذا بل قبله ايضا، بل الادهى من ذلك وصل الحال عند بعض المراجع الى حرمة كشف الوجه واليدين ، عادين جسد وصوت وحركات المرأة عورة ، وليس في القرآن ما يدل على ذلك، وحرموا عليهن – ايضا - ارتياد الحدائق والمتنزهات العامة ولو كان ذلك برفقة محرم حتى.
( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ) ( الأحزاب : 59 )
وقد شرق وغرب المفسرون في تفسير هذه الاية في كافة المذاهب.
وفي ذلك حديث طويل، اذا احتججنا بالحديث النبوي – حجة على من يصدقه موثوقا – حول اشارة النبي (ص) للمواضع التي لا تحجب (الوجه والكفين)، او ما ذكر في الطبقات لابن سعد : 7/127 عن رد الخليفة ابن الخطاب للاماء ومطالبتهن بعدم التحجب لكي لا يتشبهن بالحرائر، وكذلك راجع: طبقات ابن سعد : 8/141 ، و تفسير الطبري لسورة الأحزاب ، والصافي للكاشاني : 5/203،و تفسير شبر : 1/425.
***
* ما احوج عموم الشيعة الى تثقيفهم تثقيفا اسلاميا صحيحا ، بعيدا عن الخرافة والاساطير، من مثل: مثلث برمودا كقاعدة عسكرية للامام المهدي، وان الامام علي يحدي بالسحاب (يدفعه) وان صوته هو صوت الرعد وغير ذلك من الاساطير والحرافات بحجة الولاية التكوينية(5).(لا اعرف ان كان سماحتكم يضحك من هذا او لا ،وصدقني انا قرأت هذا في اكثر من كتاب شيعي، والادهى من هذا ان الشيخ الكوراني اتصل هاتفيا من ايران مع برنامج القول الصريح ما بعد التراويح الذي تبثه قناة المستقله في احد رمضانات السنين القليلة السابقة وذكر ذلك على الهواء ).
(هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال * ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال). [الرعد:12 - 13 ]
(ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالابصار). [النور -43 ]
اين اساطير اؤلئك من القرآن المهجور من قبل الحوزات؟
- وما احوج عموم الشيعة الى تثقيفهم - وهذا دور المجتهدين ووكلاؤهم وقراء المنابر الحسينية الذين هم طلبة او من مريدي(6) اؤلئك المراجع ، على سبيل المثال- ان زواج الشغار (كصة بكصة) حرام المعمول به لحد الان في المحافظات الشيعية، بدلا من ان نعيد عليهم في كل يوم مقتل الحسين (ع) وترديد ما قالته بعض المصادر ان الامام الحسين(ع) في ذلك اليوم ((قتل الف وتسعمأة وخمسين سوى المجروحين )).
ورحم الله المرحوم الدكتور الوائلي عندما سفه هذا القول المدون في الكتب الشيعية او المذكور على المنابر.(7)
او من مثل ما اورده اليعقوبي في تاريخه وما زال قراء المنابر الحسينية يرددونه على المنابر امام عامة الشيعة ، وهذه الكذبة هي : (( وقيل لعلي بن الحسين ما أقل ولد أبيك قال العجب كيف ولدت له إنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة فمتى كان يفرغ للنساء)).(8)
هذا غيض من فيض، ولا اريد ان اطيل على سماحتكم ، فالاساطير والخرافات والكذب والتدليس كثير وكثير، وسماحتكم قد قام بما مكنه الله بالتصحيح مهما كان يسيرا ، الا انكم اجتهدتم واصبتم ولكم حسنات الاجتهاد والاصابة.
***
* المناهج الحديثة في دراسة وتحليل ونقد النص(آليات الاشتغال في فهم الكتاب والفكر):
اتساءل: لماذا يتطيّر رجال الدين الاسلامي ومفكروه (على كافة درجاتهم العلمية ومن كافة المذاهب) – او جلهم - من استخدام المناهج الحديثة في دراسة النص الديني (القرآني والحديثي)، وكذلك دراسة القضايا التي يطرحها الفكر الاسلامي (بشري المصدر)، من مثل المنهج الديكارتي، او الانثربولوجي او الاتنولوجي، او الماركسي "الديالكتيكية" ، او التحليل النفسي (السيكلوجي)، او السيسيولوجي ،او الهرمنيوطيقية (الحديثة وليست التأويلية التي استخدمها المفسرون المسلمون قديما والتي تمتاح مما هو اسطوري وخرافي)، او الالسني،او البنيوي(ان البنيوية تدرس النص بعيداعن منشئه او خالقة ، وكذلك النص القرآني المحفوظ في اللوح المحفوظ يصبح نصا بشريا بعد تداوله ،ولهذا قال الامام علي (ع) بما معناه ان القرآن بين الدفتين يتكلم بالرجال )(9) و آليات التناص(10) او الاركيولوجية،او السميوطيقا ، وغير ذلك من المناهج؟ ليصل هذا التطير الى حد التكفير والقتل والمنع من النشر و التوزيع لمن يستخدمها،خاصة من ابناء بلدان العالم الاسلامي و العربي على الخصوص،والشواهد كثيرة ،ابتداء من محاكمة د. طه حسين (استخدامه المنهج الديكارتي في اطروحته في الشعر الجاهلي) ، مرورا برفض رسالة الدكتوراه لمحمد احمد خلف الله ( الفن القصصي في القرآن الكريم )، و قضية رفض الترقية الجامعية لـ د. ابو زيد (لاستخدامه المناهج الحديثة في تحليل الخطاب) ومن ثم تكفيره و تطليق زوجته(11) ، و اغتيال فرج فوده (لكتاباته النقدية للفكر الاسلامي الموروث) ومحاولة اغتيال نجيب محفوظ (استخدامه القصص الديني في رواية اولاد حارتنا)، و السيد القمني وكتاباته، و علي شريعتي (الايراني) وانفتاحه الفكري، ونبيل فياض وغيرهم ،وغير ذلك من الاحداث الدامية التي تعتبر وصمة عار على جبين القائمين بها، ومن يقف من ورائهم من فكر او رجال، فضلا عن استعداء الحكومات على الكتّاب لمنع نتاجاتهم الفكرية التي يشم منها رائحة المغايرة لكل ما هو موروث مهما كانت صحته الموضوعية او التاريخية، والذي اصبح ارثوذكسية مقيتة لبّست لبوس المقدس (12).
ان المنهج التاريخي الاسطوري الذي استخدمه الطبري واليعقوبي وابن هشام والواقدي وابن سعد وغيرهم في كتابة تاريخ الفكر الاسلامي وتاريخ النص المقدس وتاريخ العالم ما زال هو المستخدم في الكتابات لحد الان ، وكأن اؤلئك (الطبري واليعقوبي وابن هشام وغيرهم) مقدسون ولا يمكن المس بما قالوه او بمناهجهم.
اما الكتب التي حررها الكتاب الغرب (حتى لو كانت بالمنهجبه الفللوجية الكلاسيكية)فهي اما ممنوعة من الترجمة، او منع نشرها ،او تهديد مترجمها .
فان كانت تلك الكتب لا تحمل حقيقة ما ،فهي تحمل نصف الحقيقة ، او على اقل تقدير تحمل وجهة نظر يمكن مناقشتها.
(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين). [النحل - 125 ]
(فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين). [آل عمران -61 ]
ويبقى القبول للافكار – المطروحة في الكتب - انتقائيا ،و يتحكم به توافق تلك الافكار مع هذا المذهب او ذاك او عند رجل الدين هذا او ذاك ، عند الكل ولا استثني دينا او مذهبا .
على سبيل المثال ،الكاتب نبيل فياض كاتب لاديني، قبل له كتابين عند الشيعة لانه يتوافق وتوجهاتهم الفكرية / المذهبية، وتم الترويج لهما هما (يوم انحدر الجمل من السقيفة، أم المؤمنين تأكل أولادها) وحوربت كتبه الاخرى.
فيما رفض رفضا شديدا كتاب (فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الارباب) من قبل السنة – خاصة السلفيين – بينما ظل الكتاب متداولا ومفضلا عند الشيعة لانه من تأليف عالم دين شيعي ، ولم يجرؤ كاتب او مرجع او مفكر شيعي من رفضه او تكفيره .
وإذ لا اناقش مضمون الكتاب هنا ، اقول ان المؤلف لم يأت بجديد ،وانما كان ناقلا من مصادر سنية وشيعية سبقته في بيان ما قيل انه تحريف – زيادة او نقص- (13).
وكذلك بالنسبة لكتاب (الشيعة والتصحيح) للعلامة الشيعي موسى الموسوي الذي طبل وزمر له السلفيين وامتلآت به مواقعهم على الانترنيت لانه يخدم توجهاتهم في انتقاد مذهب الشيعة.
***
واخيرا
اذ اسف للاطالة، فهذه السطور هي نفثات قلب متألم لما وصل اليه الاسلام كدين الى ما عليه الان، وقولي هذا يجيء تمثلا بقول الامام علي (ع) في الشقشقية .
تقبلوا مني وافر التحيات واصدق الامنيات لكم بالسداد والموفقية، والله على ما اقول شهيد.
-------------------------------
الهوامش:
* نشرت دراسة بعنوان (التصحيح والتجديد الاجتهادي في المذهب الشيعي - المرجع الديني سماحة اية الله -الامام الشيخ حسين المؤيد انموذجا)على مواقع العلمانيين العرب ، وموقع دهشة ،وغيرهما من المواقع، وقد ارسل لي مكتب سماحته رسالة شكر جوابية هذا مضمونها :
(الأستاذ الفاضل السيد داود سلمان الشويلي المحترم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تحية طيبة , و بعد
تلقينا ببالغ التقدير و السرور الدراسة التي قمتم بها حول المدرسة التجديدية لسماحة المرجع الإسلامي الإمام الشيخ حسين المؤيد . و لم يكن لنا إطلاع سابق على هذه الدراسة فالشكر موصول لكم لارسالها و لمبادرتكم الكريمة في اعداد هذه الدراسة القيمة . و قد اطلع سماحة الإمام المؤيد عليها و سماحته اذ يعبر لكم عن إمتنانه و شكره فانه ينظر بكل تقدير و مودة الى مبادرتكم هذه و يعرب عن رغبته في التعرف عليكم و التواصل معكم لذا نرجو ارسال رقم هاتفكم و شيء من سيرتكم الذاتية . و نود أن نستأذنكم في نشر هذه الدراسة القيمة فاذا أذنتم في ذلك سيقوم المكتب بالتصدي لنشرها في الصحف و المواقع الإلكترونية علماً أننا و تقديراً لجهدكم المبارك و إعتزازاً به قمنا بوضع هذه الدراسة في الموقع الالكتروني لسماحة الإمام المؤيد .
على أمل التواصل معكم تفضلوا بقبول وافر الإحترام و كبير الامتنان .
15-4-2010 م مكتب سماحة الامام المؤيد
فأرسلت لهم رسالة شكر قصيرة .
1 - خير مثال على ذلك دعوة السيد حازم الاعرجي – التلفازية - الى قتل الوهابيين بعد تفجير الضريحين(مع صعوبة معرفتهم) ، والمعنى الذي فهمه الشارع الشيعي وكذلك انصاره من التيار الصدري هو قتل السنة من ابناء الوطن،وحدث ما حدث بما سمي الحرب الطائفية ، وتلاه اخوه بهاء الاعرجي في المقابلة التلفازية التي جرت قبل الانتحابات على قناة البغدادية وذكر ما اسماه بالمؤامرة على الشيعة من زمن ابو بكر الصديق الى زمن احمد حسن البكر ونسي هذا الاعرجي ان الامامين على بن ابي طالب وابنه الامام الحسن مشمولون بهذا الاتهام .
2 – سأقول كلاما ارجو ان لا يضيق صدر سماحتكم له وبه فسماحتكم ابعد من ذلك، اقول:ان العامة لا يحتاجون في وقتنا الحاضر- الى حد ما - الى من يفهّمهم حلال وحرام القرآن –على اقل تقدير - ، فلو راجعنا سور وايات القرآن الكريم ، لوجدنا سور وايات القصص التي جاءت للعبرة ولتثبيت فؤاد الرسول (ص) والمؤمنين الاوائل لا يحتاجها العامة اليوم لان حياتنا اليوم فيها من الدروس والعبر الكثير .
سمعت من على احد القنوات الشيعية احد المحاضرين الذي يعتم بعمامة سوداء يطلب من الاباء ان لا يتركوا بناتهم يقرءن سورة يوسف لان فيها امورا غير محتشمة!!!(يا للعجب).
وكذلك ، ان بعض ايات الحدود لم نستطع تطبيقها في زمننا الحاضر، (ولا اقصد من قولي هذا خطأ في التشريع ،اعوذ بالله من ذلك ، وانما اقصد ان هذه التشريعات انزلت في اوانها مع وجود الشروط الشرعية).من مثل:
- حد الزنا:
( *الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين). [النور - 2 ] (مع العلم ان هذا الحد قد تبدل الى الرجم، وفي ذلك اقوال لا مجال لذكرها).
اتساءل: عبر التاريخ الاسلامي والى يومنا هذا: كم مرة وجد فيها اثنان متلبسان بجرم الزنا حسب الشروط الشرعية (اربعة شهود من الرجال، والميل في المكحلة)؟
الجواب: مرة واحدة في زمن الرسول (ص)هرب فيها المرجوم، واخرى يذكرها التاريخ عن والي البصرة في زمن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب – اذا لم تخني الذاكرة – وشهد ثلاثة وتراجع الشاهد الرابع.
اذن لا يمكن ان نقيم هذا الحد وهو غير فعال سوى في حالة الاقرار الشخصي ، مع الاخذ بنظر الاعتبار صحة هذا الاقرار ، كما فعل النبي (ص) مع المرأة التي طلبت منه (ص)حدها بسبب الزنا فتغافل عنها مرتين – كما تذكر المصادر - وفي المرة الثالثة طلب من وليها ان يحجزها عنده لحين وضع حملها ، وعمل النبي (ص) هذا ليس معناه خوفا على الجنين فحسب بل معناه ايضا – حسب فهمي – معرفة صدق المرأة في ادعائها.
- حد السرقة:
(* والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم). [المائدة -38 ]
اتساءل: بعيدا عن حقوق الانسان ، كم شخصا تم قطع يده بسبب السرقة على طول زمن التاريخ الاسلامي؟
الجواب: ولا مرة . والحادثة الوحيدةالتي ينقلها التاريخ لنا هي حادثة سرقة ابل من قبل رقيق حاطب بن بلتعة في زمن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب والذي غرم فيها حاطبا، لانه جوّع رقيقه مما دفعهم الى السرقة والقصة معروفة ، اضافة لعدم اعماله هذا الحد في عام المجاعة.
واليوم كم من الجياع والمحتاجين في الدول الاسلامية الذين هم مشاريع سراق؟ وهل قطعت يد سارق او مختلس في يومنا هذا؟
- حد شارب الخمر:
ثالث اية نزلت عن الخمرة هي (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون). [المائدة -90]
ولما كان اللسان العربي يعرف معنى "فاجتنبوه" جيدا على انه ليس بمعنى التحريم القاطع، وانما بمعنى الابتعاد عنه ، وكذلك،ان هنالك الكثير من اعمال الشيطان غير محرمة تحريما يستدعي الحد او الكفر او الشرك (كالكذب ، والاحتيال، وغير ذلك) (الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الارض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى). [النجم - 32 ] فما اوسع رحمة الله؟ (جاءت الاحكام التكليفية في المذاهب بعد سنوات من وفاة الرسول (ص) وهي من وضع الفقهاء)
واعجب لهذا الكم الهائل من الرسائل العملية التي وضعت في تحريم الخمرة بحيث تفوق الكتب التي وضعت عن اي امر اخر ،وعندما نفتح اغلب المواقع الالكترونية للمراجع نجد لهم رسالة عملية / علمية !!! في الخمرة، وكأن الاسلام متوقفا على تحريمها ، فيما لم نجد في القرآن تحريم قاطع مانع لها كحرمة الدم ولحم الخنزير والميتة وما اهل لغير الله،وغير ذلك.
ومما احفظه من الموروث – حسب ما تذكر المصادر - حادثتين لهما مغزى ، اولاهما حدثت في زمن الرسول (ص) وهي – بما معناه – جاء احد المسلمين الى الرسول(ص) واخبره ان (فلانا) شرب الخمرة ، فسأله الرسول (ص) عن كيفية علمه ، فأجابه انه تسور على سور دار الشخص المشكو منه وشاهده يشرب الخمر ، عندها نهره رسول الله (ص) – بما معناه – عن فعلته هذه بالكشف على مستور المسلمين.
والثانية ، هي الحادثة التي حدثت زمن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب وحيرة الخليفة والصحابة عن كيفية حد شارب الخمر، فقال الامام علي ان حده حد من يهذي ، قياسا عليه . ( ملاحظة: انظر سماحتكم كيف ان الامام علي يقيس ، وفيما اعلم ان الشيعة لا يأخذون بالقياس .ارجو ان تصحح لي هذه المعلومة ان كان فيها خطأ).
فالحادثة الاولى تدعو الى عدم كشف اسرار الناس ، او عدم التجسس عليهم (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم). [الحجرات- 12 ] ،وكذلك، ان الاسلام يدعو الى السترو كتمان الاسرار.
والحادثة الثانية تبين ان لا حد على شارب الخمر في القرآن الكريم ولا سنة نبيه (ص).
- اضافة لايات تدعو الى حسن الاخلاق ... فالناس كلهم في يومنا هذا وقبل الاف السنين يعرفون ما هو الحسن وما هو القبيح منها،ان كان الانسان مسلما او يهوديا او مسيحيا او ممن يتبع دينا وضعيا او كان لا دينيا، اما الذي يخرج من قاعدة اتباع الحسن فأنه سيبقى مكشوفا امام الاخرين الذين سيستهجنون عمله.
ربما سترد علي قائلا : انك تريدنا ان نهجر القرآن الكريم تمشيا مع الاية الكريمة : (وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا). [الفرقان - 30 ]
اقول : اعوذ بالله من ان اكون من الظالمين لنفسي وممن يدعون الى هجر القرآن الكريم ، ولكني احيل سماحتكم الى ما كان من هجران له في الحوزات العلمية في النجف وقم.
آ - (( يقول الدكتور جعفر الباقري : في كتابه " ثوابت ومتغيرات الحوزة العلمية" : (( من الدعائم الأساسية التي لم تلق الاهتمام المنسجم مع حجمها وأهميتها في الحوزة العلمية هو القرآن الكريم ، وما يتعلق به من علوم ومعارف وحقائق وأسرار ، فهو يمثل الثقل الأكبر ، والمنبع الرئيسي للكيان الإسلامي بشكل عام . ولكن الملاحظ هو عدم التوجه المطلوب لعلوم هذا الكتاب الشريف ، وعدم منحه المقام المناسب في ضمن الاهتمامات العلمية القائمة في الحوزة العلمية ، بل وإنه لم يدخل في ضمن المناهج التي يعتمدها طالب العلوم الدينية طيلة مدة دراسته العلمية ، ولا يختبر في أي مرحلة من مراحل سعيه العلمي بالقليل منها ولا بالكثير . فيمكن بهذا لطالب العلوم الدينية في هذا الكيان أن يرتقي في مراتب العلم ، ويصل إلى أقصى غاياته وهو ( درجة الاجتهاد ) من دون أن يكون قد تعرف على علوم القرآن وأسراره ، أو اهتم به ولو على مستوى التلاوة وحسن الأداء . هذا الأمر الحساس أدى إلى بروز مشكلات مستعصية وقصور حقيقي في واقع الحوزة العلمية لا يقبل التشكيك والإنكار ( ص 109 )... )) . راجع : القرص الالكتروني "برنامج المعجم العقائدي ـ الاصدار الأول ".
ب - يقول آية الله الخامنئي : (( مما يؤسف له أن بإمكاننا بدء الدراسة ومواصلتنا لها إلى حين استلام إجازة الاجتهاد ، من دون أن نراجع القرآن ولو مرة واحدة ! ! ! لماذا هكذا ؟ ؟ ؟ لأن دروسنا لا تعتمد على القرآن ! !)). (المرجع نفسه ص 110 )
ويقول كذلك: )) إن الانزواء عن القرآن الذي حصل في الحوزات العلمية وعدم استئناسنا به ، أدى إلى إيجاد مشكلات كثيرة في الحاضر ، وسيؤدي إلى إيجاد مشكلات في المستقبل . . . وإن هذا البعد عن القرآن يؤدي إلى وقوعنا في قصر النظر ! ! )). (المرجع نفسه ص 110 )
- يقول آية الله محمد حسين فضل الله : ((فقد نفاجأ بأن الحوزة العلمية في النجف أو في قم أو في غيرهما لا تمتلك منهجا دراسيا للقرآن ! ! )). (المرجع نفسه ص 111 )
فضلا عن انه لا يوجد خطيب منبر شيعي يثقف الناس على القرآن الكريم ، وانما هؤلاء الخطباء (روزخونية)هم رجال اسميهم قاتلي الامام الحسين (ع) بالترديد، ودون تقديم الدروس والعبر من واقعة الطف ،انه استدرار للدموع والفلوس.
اما التفاسير ، فهي إما ان تكون عالة على تفسير الطبري واسرائيلياته (بالنسبة للسنة) وإما عالة على تفسيرالقمي وخرافاته واساطيره التي لم ينزل الله بها من سلطان(بالنسبة للشيعة).
اقول: ان العقلانية العربية غائبة عن مناهجنا عند المراجع او المفسيرين او الوعاظ او قراء المنبر الحسيني ، وكذلك المعممين الذين يخرجون على الفضائيات(السنية والشيعية) (كالانوار ، الغدير،المعارف الشيعيات ، ووصال وصفا السنيتان السلفيتان)اللاتي بدأن يتهجمن الواحدة على الاخرى لاظهار مساوئ المذهب الاخر، (مثال على ذلك : الكوراني صاحب مثلث برمودا القاعدة العسكرية للامام المهدي وغيره من الشيعة، وعرعور والدليمي من السنة وغيرهم العشرات ).
ان ما نحتاج اليه هو تثبيت العقيدة القرآنية واصول الدين بلا اساطير وخرافات ، وتصحيح كل ما جاء به الفكر الاسلامي (السني والشيعي والمذاهب الاخرى) من امور لم ينزل بها الله من سلطان، في عقول المسلمين وليس في قلوبهم فحسب، أي ان يكون التصديق في العقل وليس في القلب، ايمان عقلي لا غيبي (والشيعة عندهم العقل مصدرا في التشريع كما اعلم ).
3 – يمكن ان نضيف اخرين من ايران كالخامنئي وغيره ، الا ان هؤلاء سياسيون بإمتياز(حسب نظرية ولاية الفقيد)، وانا حسب قناعاتي المتواضعة لا احبذ دخول المراجع في معترك السياسة سوى من باب ارشاد العامة، أي ان يكونوا مرشدين للعامة امام تغول السياسيين، فالسياسة تفسد عندما يدخلها الدين ، والدين يفسد عندما تدخله السياسة كذلك.
4 – لا يغيب عن بالنا ما قام به احد الائتلافات الشيعية من تحويل مرجعيته المذهبية من الخامنئي الى السيستاني لدفع تهمة ايرانيته ولتجيير اتباع السيستاني له في الانتخابات ، الا ان الناس كشفوا المستور، لهذا نراه قد خسر اغلب مقاعده في البرلمان في الانتخابات الاخيرة.
5 – راجع كتاب الولاية التكوينية – الحق الطبيعي للمعصوم للشيخ جلال الصغير ، والولاية التكوينية لال محمد للسيد علي عاشور.
6 – استخدمت لفظة مريد ولم استخدم لفظ مقلد ، لما في لفظة مريد من ظلال صوفية هي الان عند اولائك المقلدين تجاه مراجعهم.
7 - في احدى محاضرات المرحوم الشيخ الدكتور الوائلي ، المعروضة على الفضائيات ومحطات الاذاعة الشيعية، وكذلك في الاقراص المدمجة ، يسفه مثل هذه الاكاذيب حتى يصل به التسفيه الى القول : انه لو اعطي مثل هذا العدد الى جزار دجاج فكم يحتاج من الوقت لذبح الدجاج السهل ذبحه ؟
وقد قمنا بمعادلة حسابية فكان الناتج:
لو ان الجزار يذبح في كل دقيقة واحدة دجاجة واحدة لتطلب منه لذبح1950 دجاجة 32 ساعة ونصف الساعة، فكيف بقتل الرجال؟ وواقعة كربلاء لم تدم سوى ساعات؟
8 - قمنا بعملية حسابية فكانت النتيجة: .
1000 ركعة وكل ركعة تتطلب حوالي دقيقتين- على اقل تقدير - للقيام بها = 2000دقيقة = 33 ساعة في اليوم الواحد !!! أي ان يوم الامام ليس كأيامنا انه يوم اسطوري!!!
ملاحظة: ربما تكون اجابة الذين يأسطرون الواقع او الاشخاص كأصحاب الامثلة السابقة التي سقتها في اعلاه،هو ان الله قادر على كل شيء.
وانا اقول معهم ان الله قادر على كل شيء ، ولكن !!!! هل الله سبحانه يغير النواميس التي وضعها منذ الخلق الاول ؟
لو فعل ذلك لكان فعله عبثا، وحاشاه من العبث ، حيث قرأت القرآن اجمعه فلم اجد اية واحدة يخبرنا الله سبحانه فيها انه غير في نواميسه الكونية ، سوى في يوم القيامة . (يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار [ابراهيم - 48 ]. (إذا زلزلت الارض زلزالها). [الزلزلة - 1 ]. (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين [الانبياء - 104 ].
فالله سبحانه قادر على ان يمحو وينسخ ويُنسي (عباده) بعض احكامه التشريعية بين دين واخر، وفي الدين الواحد، وبالمقابل لم ولن يغيرنعمته على عباده ما لم يغيروا هم ما في انفسهم (ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم). [الانفال- 53 ]
وهذا لا يعني نفي القدرة عن الله في التغيير بعد الخلق.
اما ان يغير سبحانه نواميسه العامة للطبيعة الحية وغير الحية فحاشاه عن ذلك.
9 – اكثر من درس النص القرآني بوساطة المناهج الحديثة كأبي زيد واركون على سبيل المثال اصطدم باشكالية بين ان يكون النص الهي المصدر، وبين ان يكون تاريخي ، ولو عادوا الى فهم الامام علي (ع) للنص القرآني لوجدوا ان هذه الاشكالية قد حلت.
10 – يمكن مراجعة كتابي (الذئب والخراف المهضومة- دراسات في التناص الابداعي– بغداد – دار الشؤون الثقافية العامة- 2001.)
11 – راجع كتاب :التفكبر في زمن التكفير - ضد الجهل والزيف والخرافة - د/ نصر حامد ابو زيد – ط2 – مكتبة مدبولي – القاهرة – 1995.
12 – اخر ما سمعت قول الشيخ الدكتور حامد الربيعي على قناة الديمقراطية عصر يوم الاربعاء المصادف 16 / 6 / 2010 في برنامج سياسي عن العراق ، بعد ان عرض مجموعة من كتبه التي تدرس – حسب قوله – في الحوزة العلمية ، قال عن كتاب منها انه طبع في العراق والان لو رجع الى العراق لقتلوه.
12 –في تفسير الدر المنثور للسيوطي تفسير لآيتي (الخلع) و (الحفد) وهما ايتان لم تثبتا في القرآن الامام وانما هما من قرآن أبي –الدر المنثور – ج 6 ص420 - الناشر : دار المعرفة للطباعة والنشر - بيروت – لبنان.(راجع القرص الالكتروني مكتبة اهل البيت)
‏الجمعة‏، 23‏ نيسان‏، 2010
---------------------------------------
ملحق:
العلمانية المؤمنة
داود سلمان الشويلي
في دراسة سابقة لي نشرت على هذا الموقع ، اتهمني احد قراء الدراسة على الموقع بانني طائفي ، فرددت عليه بأدب: بانني علماني التفكير ، وعلمانيتي هذه علمانية مؤمنة ، أي بقدر ما انا علماني – بالمفهوم العام للعلمانية – فانا ايضا رجل مؤمن ، وايماني هذا ينطلق من الاسلام كوني رجلا ولد وتربى في عائلة ومجتمع اسلاميين ، وهذا ينطبق ايضا على من يعيش في كنف عائلة ومجتمع مسيحي ، او يهودي او براهمي او... او... او.
سألني – بعد ذلك - احد المتصلين بي على الشات عن مفهوم العلمانية المؤمنة ، منكرا وجودها ومن ثم الاعتقاد بها ، وله الحق في ذلك ، اذ انها من اعتقاداتي الخاصة ولا الزم بها احدا ، فبقدر ما انا مؤمن بوجود الله ومن ثم الانبياء والرسل ورسالاتهم السماوية ، او مفكري الانسانية الذين انتجوا ما يمكن عده دينا وضعيا ،كونفوشيوس وبوذا وغيرهما ، فضلا عن الفكر الانساني الاخر، فانا ايضا علماني لنظرتي الى الكون وما فيه من مخلوقات ، وما في تلك المخلوقات من شعور واحاسيس ، وحواس (افعال مادية وروحية).
لو عدنا الى اساس الفكر العلماني ، ومن ثم اصل اشتقاق الكلمة في اللغات الاوربية ، فإن كلمة "Saeculum" اللاتينية الاصل تعني في احدى معانيها "العصر" ثم تطورت الى ان تعني "العالم" أو "الدنيا". و اخذت منها الانكليزية كلمة "Secularism" التي اصبحت ذات رؤية دنيوية شاملة للكون وما فيه.
واذا كانت العلمانية في الاساس لا تصطدم مع الدين ولا اريد لها ان تكون كذلك ، فإن التطور العلمي الذي حصل في كل شيء بعد النهضة الاوربية قد جعلها عند البعض تتناسى المعتقدات الدينية ومن ثم تتصادم مع الدين حتى اصبحت العلمانية في اكثر معانيها شيوعا نظرة الحادية شاملة للكون.
في الفكر الاسلامي ، ولا اقول الدين الاسلامي ، ان القرآن كتاب معجر علميا ، واذا كانت بعض الايات القرآنية تدعو الى التفكر العلمي ، فهذا لا يعني انها تحمل قيم ونتائج علمية بحت ، مع العلم ان العلم غير ثابت النتائج فهو في حالة متغيرة وقابلة للتطور ، ان الدين ثابت والعلم متغير.
من هذا المنطلق واجه الكثير من فلاسفة ومتكلمي ورجال الدين الاسلامي علمية القرآن – او كون القرآن يحمل حلول علمية لكل شيء- وقالوا بعدمها ، وهذا لم يضر القرآن شيئا بل اخرجه من امتحان صعب اراد البعض ان يزجه فيه، فظهرت مدارس كثيرة ربما اهمها مدرسة المعتزلة ،ولا ننكر دور البعض من مفكري الاسلام في العصور السابقة والذين اتهموا بالالحاد والزندقة، مع العلم ان بعضهم كان مسلما مؤمنا ولم يكن الحاديا.
اقول: انا رجل مؤمن علماني، او علماني مؤمن ، (مؤمن بالله وملائكته ورسله وكتبه واليوم الاخر)ولا انظر الى كل الظواهر الدنيوية ، الدولة ومؤسساتها، التطور العلمي ، افعال البشر ، الظواهر الطبيعية ... على انها مسيرة من الله ، بل هي من فعل نواميس الطبيعة وكذلك البشر كل حسب العائدية ، اما ان يكون الله قد احكم القوانين العامة لخلقه ، الكون وما فيه ، فهذا ما اعتقد به ، بعد ذلك فهي تسير ضمن قوانينها العامة تلك ، فالكون غير قادر على تجاوز تلك القوانين (النواميس)، والا فانه سيختل ومن ثم سينتهي ، ولا البشر قادرون على تجاوز ما جبلوا عليه من قوانين عامة (الا الحالات المرضية وهي امور ذات علة خارجية)، كل ينتج قوانينه الخاصة ضمن القوانين العامة التي جبل عليها منذ النشأة الاولى .
اما الذي يدعي ان الله قادر على كل شيء ، فأقول له انت مصيب ضمن حدود، وهي حدود النشأة الاولى ، اما بعد ذلك ، فالله سبحانه لا ينقض ناموسا اقامه ، والا كان ذلك عبثا، والله حاشاه من ذلك.
هذا ببساطة ما كنت اعنيه بالعلمانية المؤمنة ، ولا ارى في ذلك وسطية لا في التفكيرولا في المنهج.
وحتما ان هذا الاعتقاد سيغضب الكثير من اصحاب التفكير الدوغماتي .‏
‏الثلاثاء‏، 22‏ حزيران‏، 2010

ليست هناك تعليقات: