الأربعاء، 17 أغسطس 2011

الحسن والحسين - مسلسل تلفزيوني يزيف التاريخ (*)

الحسن والحسين

مسلسل تلفزيوني يزيف التاريخ (*)

داود سلمان الشويلي

عرضت قناة بغداد الفضائية – ابتداء من اول يوم رمضان – مسلسل (الحسن والحسين) وهو من تاليف محمد المساري و محمد العميان ، واخراج عبد الباري ابو الخير، والاستشارة الشرعية والتاريخية كانت للشيخ حسن الحسيني.

بداية تؤكد هذه السطور على الامور التالية:

1 – من خلال عرض المسلسل ، يتبين للمشاهد ان هدف القائمين على انتاجه هو هدف وحدوي بين المسلمين ، وبيان مدى قوة الاخوة بين ال البيت والصحابة.

2 – ان مؤسسة تشريعية عراقية عليا (البرلمان العراقي) طالب هيئة الاعلام العراقية منع عرض هذا المسلسل في أي قناة عراقية بهدف – ايضا – وحدوي بين المسلمين العراقيين ، وقد قامت الهيئة وبسرعة البرق بالمنع دون فحص المسلسل والافكار التي يحملها.

بالنسبة الى ثانيا اعلاه، فان الدستور (!!!) يعطي لحرية الاعتقاد قيمة عليا ، ويحميها ، وفي الوقت نفسه ،لا يقبل أي عراقي ان يكون البرلمان مؤسسة رقابية مانعة لاي عمل فني او ادبي او تاريخي ما لم يمس الثوابت الوطنية ، وما لم يؤكد هذا المنع الادلة الكافية ، فضلا عن انه ليس من واجباته القيام بذلك، بل هذا من صميم واجبات هيئة الاعلام العراقية.

اما بالنسبة الى اولا ، وعلى الرغم من الهدف السامي المفترض للقائمين على انتاج المسلسل ، وما تحمله الرؤية الفنية الخاصة بكتابته ، فان هناك تشويشا وعدم وضوح للافكار والمواقف المطروحة فيه، وكذلك ، هناك تزييفا لما جاء في اكثر المصادر التاريخية – عند كل المسلمين - من روايات حول الحوادث التي قدمها المسلسل.

وعن تشويش وضبابية وعدم وضوح الافكار والمواقف الفكرية المبنية على موقف اصحاب الجمل - على سبيل المثال - ، خاصة موقف الزبير بن العوام ، أذ تبين ذلك من قوله انه خرج للاصلاح مرة، وبين قوله انه قد خرج لمقاتلة قتلة عثمان مرة اخرى، مع العلم ان مقاتلة قتلة عثمان حسب الشرع الاسلامي هو امر خارج عن يده ويد جماعته او أي شخص اخر ، لان ذلك من واجبات الخليفة ، ولي الامر، وليس من واجب الاشخاص بدون امر الخليفة وولي امر الامة، وهي القضية التي حاول ان يسوقها المسلسل ، في ان خروج اصحاب الجمل كان للاصلاح ، كما روجت قناة فضائية تبث من لندن اكثر من مرة هذه الافكار التي كانت متبناة من قبل بعض المسلمين ، مع العلم انه لا يستقيم الخروج على الخليفة والاقتصاص من قتلة عثمان من قبل اشخاص غير مخولين – شرعا - بذلك ، التي قسمت القبائل الاسلامية في البصرة خاصة ،الى قسمين (كما اخبرنا المسلسل عن قبيلة بني سعد على سبيل المثال) ، ومقولة الاصلاح. (1)

اما بالنسية لتزييف التاريخ ورواياته (2) ، فعلى سبيل المثال : رمي اليهود (ممثلهم ابن سبأ) بالقيام بالفتنة (مقتل عثمان ، ومن ثم معركة الجمل) فقط،وهذا ما يؤكد لمن شاهد المسلسل على ان الاسلام من السهولة ان يمنى بالفتن من قبل اشخاص معدودين ، اضافة لتقديمه لبعض من اعتمد عليهم الخليفة علي ابن ابي طالب في جيش الخلافة على انهم متهمون يمقتل عثمان(كالاشتر ، ومحمد بن ابي بكر) ، وهي في الاعمال الدرامية لها دلالة كبيرة.

فضلا عن ذلك ، فقد تجاوز المسلسل الكثير من الامور الموثقة تاريخيا عن تفاصيل معركة الجمل، وتجاوزه ايضا للحوارالذي دار بين الخليفة علي بن ابي طالب و الزبير ، ورجوع الزبير عن رأيه ،منا روتها المصادر، وامور كثيرة طمسها المسلسل.

وكذلك ،تجاوزه حادثة رفع المصاحف من قبل جيش معاوية في صفين والتي سببت في شق جيش الخليفة وخروج الكثير منه وتكوين جماعة سميت بالخوارج ، واكتفى – المسلسل - برسالة موجهة من معاوية الى علي بن ابي طالب تطلب الاحتكام الى كتاب الله ، والرسالة لم تذكرها المصادر التاريخية كافة وانما ذكرت حادثة رفع المصاحف على اسنة الرماح من قبل جبش معاوية .

وايضا ، فان ما اراد المسلسل تسويقه للمشاهدين :هو ان الفئة الباغية – حسب قول النبي (ص) لعمار - التي قتلت عمار بن ياسر – حسب قول معاوية - هي جماعة الخليفة علي بن ابي طالب الذين قاتل في صفهم.

لقد كان التزييف لروايات التاريخ وطمس البعض ، والتشويش وعدم وضوح الافكار واضحا لمن قرأ مصادر ومراجع تاريخ تلك الفترة الاسلامية كافة.

---------------------------

* كتبت هذه الملاحظات عن الحلقات الثلاثة عشر التي بثت فقط ، قبل الايقاف.

1 – ناقشت ذلك في دراسة سابقة بعنوان: (مع الحلقة الاولى من برنامج تاريخ الامم " قصة عام الجماعة واسرار الصلح بين الحسن ومعاوية" - اعادة تكوين عقل المسلم -، وهو البرنامج الذي قدمته تلك القناة في رمضان سابق ، وقد نشرت الدراسة في اكثر من موقع الكتروني.

2 – نشرت على اكثر من موقع الكتروني دراسة عن مسلسل (يوسف الصديق ) بعنوان : (يوسف الصديق - مسلسل تلفزيوني ايراني يبتعد عن النص القرآني ليبشر بدولة اسرائيل ) ناقشت فيها – ايضا – كيف زيّف كاتب المسلسل الكثير من الروايات التاريخية الصحيحة لاسباب كثيرة.

‏17‏/08‏/2011

ليست هناك تعليقات: