الأربعاء، 25 يونيو 2014

المرأة البدينة بين الشعر و الفن التشكيلي-


نشر صحيفة( الحقبقة) على صفحة ( اشكال والوان )

 دراستي عن الخطاب التشكيلي للفنانة عاليا الوهاب بعنوان

 (المرأة البدينة بين الشعر و الفن التشكيلي - الخطاب 

لجمال المرأة البدينة ...الفنانة عالية الوهاب انموذجا ) ... 

شكرا للشاعر عدنان الفضلي:



المرأة البدينة بين الشعر و الفن التشكيلي

الخطاب التشكيلي لجمال المرأة البدينة ...الفنانة عالية الوهاب

 انموذجا

داود سلمان الشويلي
ان الحصول على اللذة والمنفعة الشخصية التي ترضي الإنسان وتجعله في حالة امينة ومستقرة ، تستدعي منه البحث عن تلك الحالة لكي يأمن غدر الزمان كما يقال ، وهذا البحث اوصله  - كانسان عربي خاصة - الى المرأة البدينة .
وللمرأة البدينة افضلية على المرأة التي تتمتع بالرشاقة والحيوية الجسدية، إذ ان الذين بفضلونها يعتقدون أن نساء هذا النوع هن الأكثر ملائمة لهم ، لما تثيره في نفوسهم من مشاعر شتى ، إذ ان شعور الرجل بالقلق كما اكدت دراسة أمريكية لباحثين بجامعة  ( وستمنستر) يدفعه للجوء إلى المرأة البدينة ليشعر براحة نفسية وروحية وطمأنينة.
وترى الدراسة ان الرجل يعتقد انه كلما كبر خصر المرأة، ازدادت نضجا، لتكون المرأة عند ذاك مهيئة للتعامل مع حالات القلق والتوتر، مما يجعل منها الشريك الأكثر إثارة وجاذبية في الأوقات المضطربة.
وكان العرب اجدادنا يطلقون علي تلك المراة مصطلح  "الخديجة" أي الممتلئة الذراعين والساقين ، وهناك مسميات كثيرة ايضا من مثل :"البرمادة" التي ترتج من سمنتها ، و"العبلاء"و هي من كان أعلاها خفيفا وأسفلها كثيبا  .
والبدانة من أهم مقاييس الجمال عند الرجل العربي للمرأة ، لهذا يصفونها بخرساء الحجول، لأن بدانتها تمنع ارتطام الحجول بجسد المراة فتصبح خرساء.
ففي العصر  الجاهلي كانت المرأة البدينة تمثل الصورة المثلى للجمال ،فهي ضخمة الأوراك، عظيمة العجز، حيث  بدانة المرأة كانت دليلا على ترفها وغناها والحياة ألارستقراطية التي تعيشها ، وهذا يدل على أن الشاعر يمكنه من نيل بنات الطبقات الراقية في ذلك العصره .
فمواصفات المرأة الجميلة هي ان تكون سمينة، ضخمة العجيزة، ثقيلة الأرداف، وكاعبة  النهدين ،اي كبيرتهما ، وقد ذكر ذلك في القران ( الكواعب الأتراب).
 يقول الشاعر أعشى همذان وهو يصف المراة البدينة :
ثقلت روادفها ومال بخصرها ... كفل كما مال النقا المتقصف
ويقول الشاعر المتوكل الليثي واصفا اياها:
إذا تمشي تأود جانباها ... وكاد الخصر ينخزل انخزالا
تنوء بها روادفها إذا ما...وشاحها على المتنين جـــــالا
ويقول النابغة الذبياني:
والبطن ذو عُكَن خميص  طيّه ... والصدر تنفجه بثدي مُقعد

ويقول النابغة الذبياني:
مخطوطة المتنين،غير مفاضة ...  ريَّا الروادف ، بضّة المتجرّد .
ويقول عمر بن أبي ربيعة:
خَدَلَّجَة اذا انصرفت * رأيت وشاحها قلقا
وساقا تملأ الخُلخـــا * لَ فيه تراه مُختَنقا.
كما يقول عمرو بن كلثوم في معلقته :
ومَتْنَى لَدِنَةٍ سمنت وطالت ... روادفها تنوء بما ولينا
ويقول كعب بن زهير في قصيدته التي أستجدى بها عطف النبي بعد ان اهدر دمه ، وقد عفا عنه بعد ذلك :
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول...               متيم إثرها لم يفد مكبول
وما سعاد غداة البين إذ رحلوا ... إلا أغن غضيض الطرف مكحول
هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة...           لا يشتكى قصر منها ولا طول
تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت...   كـأنه مـنهل بالـروح مـعلول
ويقول كعب بن زهير :
هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة
 كل هذا وغيره منذ ان قيل اول بيت شعر ، يدل على ان جمال المرأة في الماضي ، كان البدانة الجميلة.
***
بعد ان استعرضنا جانبا من نظرة العرب لمواصفات المرأة الجميلة ، وهي المراة التي تحمل مواصفات البدانة ،علينا ان نقرا خطاب الفن التشكيلي وهو ينظر الى تلك المواصفات الجمالية لها ، وهل ما زال خطاب المجتمع متمسكا بتلك المواصفات ، ام انه غادرها؟
امامنا اعمال فنانة تشكيلية عراقية خاضت تجربة تقديم خطاب تشكيلي عن مواصفات المرأة العربية وجماليات جسدها ، والتي يحب الرجل ( والمجتمع كذلك الى حد ما ) ان تكون فيها تلك المواصفات ، وهي الفنانة التشكيلية عالية الوهاب التي قدمت مجموعة من اللوحات التشكيلية التي تشكل منها خطابها التشكيلي في هذا المجال في احد معارضها.
منذ سنواتها الاولى ( 1960 – 1968 ) كانت الفنانة الوهاب ، ترسم بقلم الرصاص لوحات لوجوه النساء تبدو فيها المرأة بدينة الى حد ما ، حيث انها  بعد تلك الفترة قد راحت فرشاتها وألوانها تدرج على كنفاس اللوحة لتعبر عن مشاعرها واحاسيسها الإنسانية لما يمكن ان تكون عليه المواصفات العربية لجمال المرأة ، مازجة  ما هو خيالي بما هو واقعي ، فرسمت المرأة البدينة ذات الملامح الجميلة والمطلوبة من الرجل العربي.
في واحد من معارضها الاخيرة قدمت خطابها التشكيلي عن المواصفات التي راتها هي الجديرة بجمال المرأة والمحببة عند الرجل العراقي خاصة والعربي عامة ، والتي تنشيء عنده جراءها التخيلات الحسية ، التي تدفعه لتقبل نصفه الاخر ( المرأة / الانثى ) ان كان ذلك في الحياة اليومية ،او على سرير الزوجية.
المنجز التشكيلي لخطابها الفني وضعته الفنانة في اكثر من اثني عشرة لوحة  اختيرت من على صفحتها في الفيس بوك ، هذه اللوحات تعكس بما لا يقبل الشك بان الفنانة مؤمنة بما تقدمه في منجزها التشكيلي ، من جماليات المرأة العربية.
البدانة في نساء تلك اللوحات التشكيلية واضحة للعيان ، والبدانة المحببة ، فكانت المرأة تسبح في فضاء اللوحة وهي شبه عارية ، لا يستر جسمها سوى اللباس الداخلي والستيان ، وفي بعض الاحيان نجدها وقد لبست نفنوفا شفافا جدا ، وهذا مرده الى ان الفنانة تريد ان توصل الى المتلقي افكارها عن المرأة التي تحمل مواصفات الجمال العربي في الغرفة الخاصة بها ، غرفة الزوجية.
يمكن تقسيم خطاب الفنانة عالية الوهاب التشكيلي الى ثلاثة انواع ، اول هذه الانواع  الخطاب الذي تبدو فيه المراة شبه عارية لتبين للاخر مفاتن جسدها ، و الثاني تبدو فيه المراة وقد ارتدت نفنوفا شفافا لتزيد من حسية نظرة الاخر لها ، اما الثالث فقد بدت المراة اكثر حشمة من النوعين الاولين، الا انها اكثر حسية امام نظرة الرجل ، لما تشكله ملابسها من تجسيم لمفاتن جمالها  بالموصفات العربية  ، انها من الملابس التي وردت في حديث للنبي بانها: تصف وتشف.
في النوع الاول ، اكثر من خمس لوحات تشكيلية انجزتها الفنانة لتقدم من خلالها خطابها التشكيلي عن هذا الموضوع ، والتي قدمت فيه المرأة البدينة شبه عارية سوى ما يغطي منتصفها ونهودها ، أي اللباس الداخلي والستيان ، وقد استخدمت  الوان الابيض والاحمر والازرق في رسم الملابس ، مع خلفيات متنوعة لابراز مفاتن المرأة البدينة.
في واحدة من لوحات هذا النوع قدمت المرأة ذات المفاتن البدينة ،في وضع رياضي ، اذ تحمل اثقال ( دمبلسات ) في يديها وهذه اشارة لقوة المرأة العربية البدينة ، وما  تمنحه من امان واستقرار في الحياة الزوجية كما اشارت الدراسة الامريكية الانفة الذكر ، وفي وسط تلك المرأة بطن ممتلئة، غير مترهلة ،وثديين كبيرين ،وقد تغنى الشعراء بمثل هدا الجمال، اذ قال الشاعر النابغة الذبياني:
والبطن ذو عُكَن خميص  طيّه ... والصدر تنفجه بثدي مُقعد
وفي لوحة اخرى ترسم فتاة ذات ارداف كبيرة ، وكذلك اثدائها ، وكأنها تتمثل بقول الشاعر عمرو بن كلثوم في معلقته :
ومَتْنَى لَدِنَةٍ سمنت وطالت ... روادفها تنوء بما ولينا
وقد زينت خلفية اللوحة ( الباك راوند ) بالوان تبدو للمتلقي وكأنها ازهار ، كما كانت الوان لباسها الداخلي وستيانها ، اذ جعلتها الفنانة تسبح في عالم مورد جميل ، وقد اغمضت عينيها لتعيش اجواءها الوردية وهي تحلم بالرجل العربي ، الذي هو الاخر يحلم بهذا الجسد الوثير .
في النوع الثاني هناك اربع لوحات قالت فيهما الفنانة خطابها التشكيلي ، حيث ارتدت المرأة البدينة نفنوفا يشف ويصف ما تحته  من جماليات بدانة المرأة .
في احدى لوحات هذا النوع لبست المرأة البدينة ثوبا شفافا ازرق اللون بحيث تبدو من خلاله جميع مفاتن البدانة المحببة لحواس الرجل ، كالرقبة والساعدين والثديين والبطن ، والاوراك والافخاذ، وهذا تجسيد لما يحلم به الرجل من ملامح المرأة التي يحب ويهوى.
المرأة هذه تسبح في فضاء من الورود والازهار التي صنعتها فرشاة الفنانة في خلفية اللوحة ( الباك راوند ) .
في لوحة ثانية في هذا النوع ، وضعت الفنانة امرأتها البدينة واللابسة لنفنوف قصير في منتصف اللوحة وهي ترفع اصابع كفها الثلاثة وتبتسم ، وكانها تحيي نفسها بانتصارها على شبح المرأة غير البدينة الواقفة في طرف اللوحة الشمالي،فهل كان رفع اصابع كفها يمثل انتصارها في معركة الجمال والاستحواذ على قلب الرجل ، ام شيئا اخر؟ اترك الاجابة للفنانة القديرة.
في لوحة ثالثة ترسم الفنانة الراقصة المصرية المثيرة لاحاسيس كل الرجال سامية جمال ، وقد اثرت جسدها كثيرا ،خاصة منطقة الارداف والصدر، وجعلته يحمل مواصفات الجمال العربي للمرأة ، وهو البدانة المحببة، وفي الخلفية لم تنس ان تملأها بالنظارة والمحبين والمشجعين ، وكـأنها تريد ان ترسل رسالة الى متلقي فنها ان هذه المواصفات هي مواصفات جمال المرأة العربية .
في النوع الثالث من خطابها ، انجزت الفنانة لوحة واحدة ، كما يظهر من على جدار صفحتها في الفيس بوك ، هذه اللوحة هي رسم امرأتين من الخلف ارتدين بدلات من قطعتين حمر اللون ، وقد " وصفت وشفت" ما ورائها من جسد المرأتين الممتليء، خاصة الارداف والعجيزة، وقد كان ذلك من خلال الطيات والكسرات التي صنعتها فرشاة الفنانة في ملابسهن والتي بانت من خلال الظل والضوء.
ان تقديم الفنانة التشكيلية عاليا الوهاب خطابها الفني التشكيلي بهذا الانجاز الفني الذي توزع على اكثر من لوحة يحمل رأيها في مواصفات جمال المرأة العربية من وجهة نظر المرأة نفسها ،والرجل كذلك.
ان الفن التشكيلي هو الاخر كما الشعر نقل لنا ما في شعورنا واحاسيسنا من صورة للمواصفات الجمالية للشخص الاخر ، فتعاون الفنين الشعري والتشكيلي في تقديم خطاب الجمال العربي ، من خلال رسم او وصف موصفات ذلك الجمال .
ان الفنانة عالية الوهاب وهي تنجز لوحاتها تلك ، وتعرضها في احد معارضها ، هي على بينة كاملة من مشاعر واحاسيس الرجل العراقي والعربي ايضا ، في توجهه في اختيار مثل هذا الجمال بالنسبة للمرأة التي ستكون حبيبته او زوجته.




ليست هناك تعليقات: