الثلاثاء، 17 يونيو 2014

البوح الذاتي في المجموع القصصية " كاتب الديوان" لخليل حشلاف

البوح الذاتي في المجموع القصصية " كاتب الديوان" لخليل حشلاف

داود سلمان الشويلي

 للبوح الذاتي عالم واسع وكبير ، وقد اخذ له في النص الروائي والقصي مساحة واسعة في سرد الاحداث ، وفي توصيل موضوعة النص بشخوصها وعوالمها الى المتلقي.
تضم المجموعة القصصية ( كاتب الديوان ) للصديق (الفيسبوكي) الروائي خليل حشلاف الجزائري الجنسية ، والذي اصدر سابقا روايته الاولى ( عاصفة الجن ) ، وقد صدرت المجموعة من دار طوى للثقافة والنشر والاعلام  في لندن - 2012.
قصصا اغلبها استخدم اسلوب البوح الذاتي الذي يقدمه بطل القصة الى نفسه من داخل نفسه ، فهو يبوح لنفسه بما يراه في احلام اليقظة من امور يفرزها الواقع او تفرزها مخيلته ، وخوفه من الاشياء.
في اغلب قصص المجموعة نجد علاقة البطل مع الاخر مقطوعة ، فيكملها بحلم اليقظة هذا ، يتخيله او يتصوره.
في قصة (نسر بلا أجنحة)  يفدم لنا القاص شاعرا يتجول عبر العصور، يطرح اسئلة كبيرة يبحث فيها عن الذات الهائم في ملذات الدنيا ، في النهاية يملاه الدوار ويسمع وقع خطوات ريبة من الباب فيظن انهم اتون للقبض على رجل ليس هو بل انه مخبأة منذ الازل فقرر ان يرميه من الشباك فيخاف الرجل ويبق هو جامدا.
وفي قصة ( الاخلاء) يشكل عنده الكتاب شيء كبير وثمين وفي الوقت نفسه يشكل قنبلة فهو حين رميه في نهاية القص يسمع انفجار ودوي، انه كالقنبلة اليدوية.
وتقدم قصة( ظمأ ) رؤية حب تقليدي على الورق ،مؤداها ان تلك الحبيبة التي تمنع من الحب يسقط عنها اخوها صفة الحياة حبا،  فتموت،  ولم يستطع الحبيب من تقبيلها إلا برفقة غربان الموت ، واخيرا يمضي (ليجرب ما تخيله ، ويترك نهاية قصته لكاتب اخر ، وتسلل من سطح البناية ال التي كانت تسمر عينيها في نافذة غرفته العالية ) ص18.
وفي قصة ( كاتب الديوان) وهي القصة التي حملت المجموعة اسمها ، يبحث بطل القصة – الراوي - عن رجل خرج من اوراق كاتب الديوان  ص19... ولا يعرف – الراوي - ان كان صاحب الديوان قد قتل ام لا.
يقول : ((لكن ذلك الرجل الذي تسلل من فتحة النافذة هاربا من أرواق كاتب الديوان على غفلة منه ضاعت من خشيته،  فالطريق تلتبس بالحق وبالباطل ومن أجل أن لا يضيع بطل قصته سار في الشارع الأعظم.. ومن ضوء إلى أخر يلتفت((. ص19
وفي قصة ( ثلج مدينة جنوبية) يكون بطلها الرسام الشيوعي الذي يقرا عن فان كوخ
يسمع اصواتا  تتحدث اليه ص24 ، وينقل بعين الرائي وعلى شكل منلوج داخلي ما يحدث من امور للناس والاشياء ص24.
وفي قصة (ثلج مدينة جنوبية ) تحدث أمور صبيانية ، يتذكرها بطل القصة،  فيقول:(وشعرت أني أذوب،  كنت مبهورا بألوان من الأحاسيس من العسير مناداتها،  أظن أن هناك قوس قزح وتسللت،  سقطت كرة الثلج).
لكن القاص ينهي القصة بصورة مفاجأة على الدم ، فيقول (دمٌ،  دمٌ،  السرير،  الغرفة،  اللوحات،  من يرسم فان غوغ غيره؟)

في قصة (اوراق امراة تحتمي باسوارها) نقرأ ثلاث رسائل كتبتها امراة لم ترسل ولم تصل لاحد ص29 وجاءت هذه الرسائل كالبوح الذاتي.
وفي قصة (طائر الليل) ، ينقلنا القاص الى عالم غرائبي ،القصة تضم البطل ، وشخصا اخر ، والطائر النقار ، وحوار يدور بينهما ص31 ،  وفي نهاية القصة يقول : ( تقدمنا وظلت خطانا قريبة منه ... لقد خرجنا والطائر ينقر الى اخر مصباح حيث ما لا نهاية ! ) ص 31.
وفي قصة ( نوابض السرير الحديدي ) يذكرنا بعالم كافكا وبطله الذي يتحول الى صرصور ، حيث يحلم البطل الضائعة نفسه والتائه (ص34 ص38 ) حلما في نومه ، اذ يرى ذبابة ويتحدث معها ، ص32 .
و في قصة ( عسس الليل) يدور حوار بين البطل وبين صبي عن شخص مجنون .
وفي قصة ( منازل الضوء) وكذلك القصص الاخرى لا تخرج عن الاسلوب نفسه.
تتصف قصص المجموعة بالتكثيف السردي للاحداث ، الاحداث التي ترويها وتتحرك فيها الشخوص ، وكذلك بالاشخاص ، حتى انك لا تجد في اغلب القصص سوى بطل واحد يروي ما حدث ، وكذلك تكثيف في اللغة .
ان سرّ نجاح العمل القصصي في هذه المجموعة هو قدرته على إثارته للنقاش في ذهنية القاريء ،وقابليته ايضا لتعدد القراءات التي تنفتح على فضاءات واسعة من التفكير ومن ثم التأويل.
ويبقى خليل حشلاف في هذه المجموعة القاص الذي يحدث نفسه بما يمكن ان يكون عليه واقعه، ويعيش تخيلاته هو ، في عوالم تغريبية ، عوالم الحلم والتخيلات،وهو يرود تلك العوالم بعد ان يأس من العالم الواقعي الذي يعيش فيه ، عالم السياسة والفساد واللا امان ،فراح يبحث عن عالمه الخاص .









ليست هناك تعليقات: