الأحد، 15 يونيو 2014

الحروفية وتشكلاتها الفنان محمد هاشم المنشد انموذجا








الحروفية وتشكلاتها
الفنان محمد هاشم المنشد انموذجا
داود سلمان الشويلي
رحلة الابجديات - كلغة تواصلية فيما بعد - مرت بمراحل عديدة عبر التاريخ ، حتى وصلت الى حالة من التجريد الفني في الشكل خاصة ، اذ انه هو المنظور لعين الرائي .
ومن ضمن التيارات التشكيلية المهمة التي اشتغل عليها الفنان التشكيلي العربي والعراقي  والعالمي ايضا  هو تيار الحروفية بكل صورها وتجلياتها.
وقد اتبع الفنان التشكيلي اربع اتجاهات في استلهامه للحرف العربي ، منها :
- استلهام جمالية للحرف و الخط العربي.
- استلهام رمزية الحرف العربي.
-  استلهام القيمة التأويلية للحرف العربي.
- استلهام القيمة التوضيحية للخط العربي.
وقد كان للحرف  تاثيرا كبيرا على ذائقة المتلقي مهما كانت ثقافته ، اذ ان التاويل الشعبي التداولي - وكذلك الصوفي - لبعض الناس يعطي قيمة كبيرة لهذه الحروف ، ان كان ذلك على سلوكيات الناس او احاسيسهم وحتى على عقولهم ، لانها – هذه الحروف – تحمل ابعادا ايحائية بصرية ، اي الرؤية العينية ، او مضمونية ، من خلال ما يحمله هذا  الحرف من قيم مضمونية مباشرة او غير مباشرة.
والحروفية على الرغم من انها اتجاه صوفي، فانها راحت تلعب كثيرا في اتجاهات الفن التشكيلي العراقي، فراح الكثير من فنانينا العراقيين يشتغلون عليها وينتجون اعمالا تشكيلية حروفية عديدة ، وقد اتبع الفنان محمد هاشم المنشد هذا الاتجاه وابدع فيه ومن خلاله اعمالا كثيرة ، من خلال استلهامه للخط العربي وفي كل الاتجاهات اعلاه.
اتبع المنشد استلهام جمالية الخط العربي فانتج لوحات فنية عالية الجودة ، وعاليه الافكار التي تنبع منها ، وترتكز عليها .
ولم يكن هذا الاتجاه قد تفرد فيه الحرف العربي ، وانما مازج ما بينه كقيمة جمالية ، وما بين تشكله مع حروف اخرى ليكون لنا كلمة او لفظة معينة ، كان تكون اسم الجلاله مثلا، حيث استغل الفنان فضاء اللوحة فنيا ان كان ذلك بين الحرف والكلمة ،وبينها وبين الوحدة الهندسية  المرافقة لها، ومن ثم توزيع اللون ، واللوحة رقم / 1 نموذجا لهذا الاستلهام .
فالفنان يمزج بين الحرف المنفرد ، الموجود ضمن مجموعة من الحروف المجردة الاخرى ، في وسط اللوحة ، وبين اية قرانية في اسفلها، وبين لفظ الجلالة ، وتشكيلات هندسية وزخرفية على الجانبين .
وفي اللوحة /2 نرى المنشد قد استلهم الحرف العربي كقيمة فنية عندما شكل لفظا معينا ، ومن ثم شكل من هذا اللفظ جملة تطغي عليها جمالية خطية ولونية ، كان تكون على شكل اية قرانية ، وهو الاغلب الاعم .
وفي اللوحة /3 استلهم المنشد زخرفة القباب نصف الدائرية التي يتوزع داخلها ، ومن حولها ، تشكيلات زخرفية هندسية ،وحروف ،وكلمات .
هذه نماذج ثلاثة اشتغل عليها الفنان المنشد ، ليس بالاستنساخ ، او القياسات المسطرية ، وانما بتنوع تشكيلي جميل ، من حيث الزخرفة ، واللون ، وتوزيع محتويات اللوحة ، ولم تكن هذه النماذج هي الوحيدة التي اشتغل عليها  ، لكنها الاشهر من  بين تصاميمه الجميلة.
تعتمد اللوحة عند الفنان محمد على عناصر فنية اربع، هي : الحرف وتشكلاته ، الرسم ، الوحدات الهندسية ، اللون .
وقد كان للزخرفة الجمالية للخط العربي كجزء من معمار اللوحة دور كبيرفي رسم الخطوط لاستخدامها لغايات فلسفية ، ودينية ،ونفسية ،و إيحائية ،وروحية ،وغيرها.
فقد بدأ الخط العربي كفن مع تدوين القران ، ثم اخذ الناسخون يجودونه في كتاباباتهم ومن هنا نشأت هذه الخطوط التي اعطت بعدا جماليا وروحيا للكتابة.
ان تشكيل الحروف في لوحات الفنان محمد يعتمد على توزيع ما في اللوحة من وحدات زخرفية هندسية ، وما فيها من هارمونك الالوان المستخدمة ، فتتشكل بعد ذلك  كخطاب جمالي موجه الى المتلقي بالحرف والصورة الكلية لها.
تؤشر أعمال الفنان المنشد  قيماً جمالية  ذات قدرة تداولية بسبب ما فيها من وضوح الخطاب الجمالي، ولما تتمتع به من قدرة على التعبير الصادق عن مضامينها الدينية ، والاجتماعية ،والثقافية ،والتي يبحث عنها المتلقي العربي والعراقي خاصة.
ان قراءة مثل هذه اللوحات الحروفية  - وما خرج من بين انامل الفنان المنشد - تتم وفق رؤية جمالية معاصرة ذات ابعاد فكرية عميقة تمتزج  فيها الافكار الدينية ، والافكار الاجتماعية والثقافية على " كنفاص " اللوحة ذاتها ، لما في الحرف والخطوط  خاصة من عمق حضاري يمتد الى نشأتها الاولى.
ان استخدام الحرف في اللوحة هو توسيع لمدارك الفنان ، واثراء للوحة ذاتها ، اذ طرحت الكثير من التاويلات الجمالية لما تزخر به من اشارات كثيرة في التعمية والتضليل التي يحاول الفنان استخدامهما اضافة لمكونات اللوحة.
تبقى هناك لوحات استخدم فيها الفنان المنشد اشخاصا و مزجهم مع الحروف والكلمات ، والزخرفة ،والالوان ، تبقى هذه اللوحات الى حديث اخر .






ليست هناك تعليقات: