شعراء على الانترنيت
داود سلمان الشويلي
اتابع منذ اكثر من عام الشعراء مجموعة من الشعراء على الفيس بوك خاصة:(
وارد بدر السالم ،حسن البصام ، محمد سوادي ، عباس ريسان، علي لفتة سعيد ، مجيد
الناصر) وهم ينشرون ما تفيض بها قريحتهم الشعرية ، وذائقتهم الابداعية ، من شعر
موزع بين الومضة الشعرية والقصيدة الطويلة ، الومضة التي تحمل بين مفرداتها كثافة شعرية،
و زخما ابداعيا ، بحيث ان البيت او البيتين ينطقان بما يوازي قصيدة في الطول او
الابداع ، اما القصيدة الطويلة لهؤلاء الشعراء فهي تحمل بين ابياتها قدرة على
الابداع ، وفن في الصياغة الشعرية المتمكنة ، وقدرة عالية في نحت ما هو شعري .
فالشاعر وارد بدر السالم عرفته اديبا سرديا ، معني بالقصة القصيرة
والرواية منذ الثمانينات ، والان اقرأ له قصائد قصيرة على شكل ومضات ، همه الرئيس
مخاطبة امراة ما في ومضة شعرية لاتتجاوز ابياتها عدد اصابع اليد الواحدة ناثرا بين
كلماتها النقاط ، يستخدمها كفراغات ، او لتنظيم البيت الشعري ، فتأت ومضاته
بمفردات قليلة جدا ، تحمل طاقة شعرية هائلة.
اما في مجال السرد فقد انجز ونشر من الروايات: المعدان ،عجائب بغداد ،
ومن الرحلات: الهندوس يطرقون باب السماء ( رحلة الى جبال الهملايا الهندية).
من قصائده / الومضة:
- (( تعبَ الشِّعرُ فيكِ
.......
سأنثركِ ...الليلةَ
........نثراً.....!))
وايضا يقول في قصيدة / ومضة اخرى:
- (( خُذْ خمرَ...... القصيدةِ
واغلقْ ...
...............أزرارَ الروح
خمرتكَ عرّتْني ...
...............يا شاعرْ !))
والتي باحت بهذه الومضة الشعرية :
(..................... امرأة)
ويقول كذلك:
- (( من لا يُكوى لسانهُ بقُبلتكِ
لن يتعلمَ النطقَ بكِ ......!))
وايضا:
- (( تحتَ ثوبِكِ الطويل
سربٌ من الملائكةِ
..... يؤثثونَ ....
حديقة من النور !))
***
اما الشاعر حسن البصام الذي كان سابقا احد السرديين في القصة القصيرة ،فهو
قاص وشاعر ثمانيني ، يكتب القصيدة الطويلة التي تفيض بكل ما هو عذب ، ومن انجازاته
الابداعية :
- اساور الذهب الاسود – مجموعة قصصية - دار رند – سوريا - 2010 .
- وشم على جبين نخلة – شعر – 2013 – دار تموز – سوريا .
من قصائدة :
- (( متطوع لتذوق رضابك
أنت صائمة
يفطرك التذوق
فلا تكوني نادمة
فاطر أنا على الدوام
كـَوني دائم السفر...
لان روحي بعذب نبعك هائمة)).
وكذلك:
- (( سأنتظرك حتى منتصف الليل
أذهب لكوخي
أتأبط ذكراك .. منفردا بصداك
سأشعل احلامي أبخرة في كل زواياه
ما عدنا منذ انحسر الموج.. نسمع صوت المد
سأطرد شياطين عناد الارواح
واطيّر فراشات الشوق
أدور على الكوخ
اتنسم أنفاس خطاك
وأحدق في البحر
ربما سهوا انحسر الموج
قد يهيج الجزر شوقا ويعود المد
هناك ماكثة ذكراك في كل زوايا الكوخ
زرقة عينيك ...
بياض حمامتيك بمنقاريهما المسودين ...
نعومة زنديك ...
وشعرك على وجهي يؤنسني
عطرك طريا عبقا مازال وديعة في صدري
اثواب غوايتك مازالت مبللة
حين تعانقنا ورقصنا تحت رذاذ الوجد
سأترقب أمواج البحر
من نافذة في أعلى الكوخ
الامواج شفاه
سأطبع فوق الموج قبلاتي
حتما ستعود اليك الشوق
على شواطئك يمتد حنيني موجا مجنونا
وماؤك على ساحل روحي ينحسر ولا يمتد
وأسألها ان كانت تحمل رسالة
وانا أعرف ما كانت تحمل حرفا
ابصري من بـُعد لنافذة الكوخ
ستطير فراشات اللهفة
تحزن ان لم تبصر في عينيك الضوء
وسيبحر قلبي اليك يتزود بالاحلام
لم يكذب يوما قلبي ولساني عليك
اهدده بالرجم وبالنار
لساني يلثغ بالسين ويلفظها باء
كل من يكذب أعمى
غاطسا في اعماق الخوف
مااعتراني يوما
اعرف ان العشق بلاء
لكن المجنون يعيش بدون ارادة
تلامس زخات الشوق
ظهر الكوخ العاري
وينحدرسيلا يهدر
يمتزج بماء البحر
ويتفصد ملحا على شغاف القلب
من يـُقنع الروح أن كل هذا النبض الدافق
صار ذكرى أو طيفا؟)).
وكذلك:
-
((انا نصف والنصف الاخر انت
مللت ..حيث التفتُ أراكِ
ملتصقة بي
كل الاشياء تحمل رسمك
والوجوه مستحمة بانفاسك
سأغير ملامحك . ..لتراك عيني غيرك
قررت أن أخاصمك .. لن أحدثكِ .. أو أستميل لكِ
سألت القلب أي كلمة تهوى ؟
قال : كل الكلام حروفه سين
: ألم أقل لك .. انت بعينها بلوى ؟)).
وكذلك:
- (( حين لم يكن حضنك
قادرا على تدفئتي
سارمي بنفسي منتحرا
في نار عشق امراة عابرة
أنت تسقين كل شئ في حدائقي
الحياة والموت
فان لم تختاري ان أعيش فيك
سوف أختار الموت في غيرك)).
***
ومن شعراء الفيس بوك الشاعر محمد سوادي ، وهو فنان تشكيلي مقتدر ، له
لوحات جميلة ، وذائقته التشكيلية عالية الحساسية تجاه ما هو فن راق ، يكتب الشعر
برومانسية عذبة ، وبطاقة خلاقة لا نظير لها:
- (( سأصلي لها ..
صلاة القديس ..
عسى أن تمنحني ...
ذلك الصليب)).
وكذلك:
- (( أختطف من الأربعة والعشرين ساعة...
بضع دقائق ..
أستقبل الفجر ..
موعدا ..
للخلود ..
بك)).
وكذلك:
- (( اهديتها ..بضع كلمات ..
عسى أن تفقه بالحب ..
بالكلمة قامت أعمدت الخليقة
وارتفعت السماوات ..
بالكلمة راودت امرأة العزيزة يوسف ..
وبالكلمة أغوت المومس انكيدو ..
وبالكلمة حرضت عشتار الالهة على جلجامش ..
وبالكلمة توسط الأنبياء والرسل ...
بين الرب والأنسان ..
وبالكلمة ..
شاغلت شهرزاد شهريار ألف ليلة ..
فسجلت ..
أروع أنتصار على وحشية الأنسان ...
ونجحت في أنسنته )).
وكذلك:
- (( لن أمل منها ..
وهي ..
تختزل ملامح ..
الوجع ..
بين قلبين ..
رغيف خبز أسمر ..
نتقاسمة ..
بطعم ..
الامهات)).
***
والشاعر علي لفتة سعيد ، شاعراتى الشعر من السرد ، له روايات ومجاميع
قصصية ، منذ الثمانينات ، صحيح انه يكتب الشعر من قديم الا ان كتاباته السردية قد
طغت على شاعريته في ذلك الزمان ( الثمانينات والتسعينات ) ، والفيس بوك فتح امامه
بابا لقول الشعر ونشره على مساحة واسعة ،ومن قصائده :
- (( دكتاتورية أنْتِ
إمْنحيني مساءً
أتظاهرُ فيه بلا قيود)).
وكذلك:
- (( ولوْ إني
سافرْتُ إليْكٍ
وأسْمعتكِ أجراسي
لنْ أحْصدَ سوى الجنونِ
وأنتِ تكسّرينَ المرايا
لترسمَ الشّظايا
أثرَ النّدم)).
كذلك:
-
(( الوجعُ كتْلةٌ تنْتظرُ الحزْنَ لينْحتَ منْها مرايا
لا أمامَ سوى هذا النّحيبُ
تعلّقُ بروحِ البوْحِ
وما قالَ سوى المطرَ
وما غابَ سوى الظّلّ
وما حضرَ سوى القلْب
أسْحبُ النّبْضَ منْ ياقةِ قميصِهِ
ليتْركَ البابَ
ضعيفٌ هو كلّما مرّ على ذاكرةِ الطّينِ
أسْمَعتْهُ المواويلُ صفيرَ النّاياتِ
وحلّقت الّنّاياتُ بروحِ القصبِ
وتهامسَ القصبُ بأذُنِ الشّمْسِ
كلّما يبسْتُ صارَ عزْفي أكْثرُ حزْنًا
تلْكَ نجْوى المساءاتِ وثلْجِ الأماني
وغناءُ النبيّاتِ حينّ انْتبذْنَ البحْث عن لحْظةِ
يقْتربُ فيها المغيبُ إذا وقبْ
ليعوذَ منْ هجيرِ الحزْنِ
ومن القلْبِ إذا وصَبْ
ليزيدَهُ هيامًا
ومن البوْحِ إذا طربْ
ليردّدَ نشيدهُ
الحصادُ صهيلُ سنابلٍ
تستقْبلَ أسْنانَ المناجلِ
تُدْركُ أنّ عرقَ الأكفِّ
طعامَ العاشقينَ
فلماذا لا يمْنحنا الحبُّ طريقًا للْحقول)).
وكذلك:
- (( الصّمْت تكاثَفَ
ولا نسْمةٌ مرّتْ
تلْكَ حروفي
زَرعْتُ بوْحَها أمام البّابِ
ويَدي مسْكونَة بالشّوْقِ
الصّمْتُ إنْ طال
سألمّ حروفي وأصْمت)).
***
الشاعر عباس ريسان ، شاعر التقي به لاول مرة على النت خلال العامين
المنصرمين فوجدته شاعرا مقتدرا من ادواته الشعرية ، ومن افكاره الخلاقة في بناء
قصيدة متماسكة ، نشر المجاميع الاتية : سومازينا السماء ،ضفاف هاربة ، وعصافير
الجوع، و صاعدا يتبعني البحر.
من شعره :
- (اشرعة واهية )
أيَّهُما أحقُّ، أيَّهُما أقوى
في البدءِ، كان الفجرُ يخربشُ وجهَ الليلِ
يمزقُ كلَّ خيوطهِ بأصابعَ ظلّهِ
الأولُ كان، وكان الآخر
حتى إنّي سمعتُ قمراً يهمسُ للنجمةِ يوماً
إختبئي ، اختبئي
غوصي تحت ردائي
جاءنا من لا يفهم إلاّ سرّ النار
أيَّهما أحقُّ
أيَّهما أقوى
الليل شراعٌ
الصبح ضياع
ولكن، كلاهما يا قدري ادهى
نتلمسُ كلَّ الأشياءِ
في الظلمة نتلمس كلَّ الأشياءِ
نراها اكثر صبحاً
بالأمسِ، قبيل 2003 كنا نتنفسُ بالظلمةِ، كنا نعيش
الآن بعد هطول الدمعة والصرخة والموت
كالفراشةِ يحرقها الضوءُ
ها نحن نموتُ
تباً ما بين الضوءِ وبين الظلمةِ
يركلنا الخوفُ)).
وكذلك:
- (( أيُّها المتقرفصون تحت افخاذ سمائي،
افرغوا دلاءكم، من وهمِ السقوطِ ،
ستمتلئُ الأعشاشُ بعصافيرِ رؤاكم،
خيطوا ما فتّقهُ الآخـر،
واركبوا فوق الموجةِ، كقوارب)).
وكذلك:
- (( لا بدّ للغيمة من مطر،
وللسماء من رحمة
تعالي لأزرعكِ عطرا على قارعة الوله
الم اقل لكِ، لابدّ للوردةِ من عطر
سأجعلك ترقصين على اصابع الدهشة
تأكدي اني سأخلعُ عنكِ ثياب الخوف
وستمشين امامي عاريةً
الا من قلبك)).
وكذلك:
- (( الوطنُ يتقوَّضُ، كآلهةٍ من ثلجٍ وشموس
وللبنادقِ زقزقةٌ، ساعة شروقِ النية، في جسدِ الذات
لذلكَ في احدى هذياناتي اقولُ:
الربُّ المصنوعُ من فاكهةِ الخيبة
يتنفسُ من أنفِ ضياعه
ويستمرئُ، كلَّ تعاليمهِ يومَ هطولها، في بوتقةِ الظلِّ
أشياؤكَ مالحةٌ جداَ
كيف لطعمكَ أن يخترقَ سماواتِ وجودك؟)).
***
الشاعر مجيد الناصر شاعر مقتدر ، لا اعرف ان كان نتاجه مطبوعا ام لا ،
لكنني اقرأ له كثيرا على الفيس بوك ، وهو شاعر يكتب من التسعينيات، ووالغالب على شعره
انه من شعر التفعيلة الذي يحافظ على الوزن:
- (( حماقةٌ ....
أنْ أستَخفَ بواجدٍ لايغمضُ
وجهالةٌ مني
.... أذا نادى الهوى..
أَتَرَيَضُ
ماذا أقولُ لمن يريد ُ توددي ؟
....أذهبْ بعيداً !
أيها المتعارِضُ ....!
أنْ جاءني المعلولُ يطلب نجدتي
... أَأَصدهُ ؟...
... وأدعهُ في بابي يَحارُ فيَمرضُ !)).
وكذلك:
- (( سالتُ اللهَ ان يعطيكِ خيرا
كثيرا دائما من غيرِ رامي
ويُدني وجهكِ المملوء بشرا
لتربةِ احمدٍ خير الانام ِ
ويَمْنحنكِ على ما انتِ فيهِ
من الخير ِالعميم على الدوام ِ
مسرات تليق بخير وجه ٍ
شبيه ُالبدر ِفي يوم ِ التمامِ)).
وكذلك:
- (( للحظ ابواب عديدة
وطرائق اخرى فريده
أن جاء لاتعتب عليه
وان مضى لن تستعيده
والحظ لايعني الضياع
اذا مضت ايام عيده
والصبر احلى مايكون
والنفس يقتلها وعيده
ان فاتك الخل فلا
تأسى ودعك من صدوده
ياتيك يوم تستريح
وتنال منه ماتريده)).
وكذلك:
- (( بكلِ عنادكِ ....
حتى لو كابرتِ
ستأتيني
حتى لو لم يدفعك أليَّ الحرمانُ
وتموتُ الجذوة فيكِ
وترَيني مثل حماقاتٍ يَفعلها الأطفالُ
سيعجبكِ فيَّ ......
شيئاً ما ...
............... وتأتيني)).
***
هذه السطور لم تكن تعريفا بالشعراء المذكورين فيها بقدر ما هي اعجاب
بشعرهم صغته في مقالة ، لا اريدها ان تكون دراسة نقدية، فاعتذر منهم اولا ، لان
اهتمامي وحبي بشعرهم هو الذي كتب هذه السطور،فثلاثة من الشعراء قد جاؤوا من الفن
السردي ( كتابة الرواية والقصة القصيرة) ، وواحد قد جاء من الفن التشكيلي ، واثنان
شاعران .
اعتذر من جميع القراء ، اذا كان هناك امر شخصي فيها فمحبتي لشعرهم هي
التي كتبت سطور هذه المقالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق