عالم الرواية
داود سلمان الشويلي
(( بمناسبة رحيل الرواية " دوريس ليسينغ" الحائزة على جائزة نوبل 2007 يوم 17 تشرين
الثاني 2013 )).
ان الحكايات والقصص الشعبي ، هي اللون الادبي - رغم شفاهيته - الذي استطاع ان يتخطى حاجز الواقع الى ما بعده ، فأصبح قادرا على تقديم مادة حية وجميلة لما هو مخالف للعالم الواقعي الذي تعيش فيه الشخصية ( بطل النص ) ، فأصبح عند ذلك يمتلك عالمين ، احدهما عالم الواقع ( العالم المعلوم ) والاخر عالم اللاواقع ( عالم اللا معلوم) والذي مثلته مدرسة التحليل النفسي بـ ( عالم اللاشعور).
كان الانتقال بين العالمين من السهولة بمكان ، كالانتقال بين سطح يابس
، واخر ملئ بالماء ، او كأنتقال انسان حالم . او انسان يقرأ في كتاب ما ، او يتسلى
بلعبة ما ، ودون ارادة منه ينتقل تفكيره الى عوالم اخرى ( ذكريات ، رؤى).
سهولة الانتقال من العالم الواقعي الى العالم الاخر في القصص الشعبي
قد اتاحتها قدرة التفكير الشعبي في الاعتقاد بالعالم الاخر الذي لا يبعد عن العالم
الواقعي (المعلوم ) بشيء... يكون الارتحال اليه سهل بسهولة دخول الدار من بابها .
ان المقدمة القصيرة عن هذين العالمين افرزتها رحلة جميلة وممتعة اثناء
قراءتي لرواية ( مذكرات من نجا ) للروائية الانكليزية ( دوريس لسنغ ) وقد جمعت هذه
الرواية هذين العالمين ، اضافة لما يرمز له العالم الاخر ( عالم اللاواقع ) جمعا
لا نشاز فيه ، حتى ان القاريء لهذه الرواية لا يقع في التباس الانتقال ، وانما
يترك البطلة - وهي تنقل له الاحداث- تنتقل بخفة ويسر ، وهو يتابعها في ذلك .
ان بطلة ( مذكرات من نجا ) لا تجد صعوبة في ترك عالمها الواقعي وهي
تعيش في احدى الشقق السكنية والانتقال الى ما يقع بعد ذلك الواقع ( العالم الاخر )
اي الانسحاب الى منطقة اللاشعور ( الدخول في عالم التذكر ) كما كان يفعل بطل القصص
الشعبي عند انتقاله بكل سهولة ويسر .
واذا كان القصص الشعبي لم يطرح مباشرة ثيمة العالم الاخر ، كون هذا
العالم الاخر هو رمز لشيء لم تفصح عنه ، فأن بطلة الرواية - التي لا اسم لها - هي
الاخرى لم تفصح عما يرمز اليه العالم الذي يقع خلف جدار شقتها ، ذلك الجدار الذي
تخترقه بكل سهولة ، كما يحدث في افلام ( كاسبر ) ، الا انها كانت تلمح الى ان ذلك
العالم ما هو الا رمز لشيء اخر ، هذا الشيء هو ما تقوم بتشكيله في هيئة شقة بغرف
متعددة لكنها شقة قديمة تحتاج الى شيء من الترميم والترتيب ... انه ( اللاشعور )
... غور في الماضي ... ذلك الماضي الذي يحتاج الى ترميم هو الاخر ليبدو نظيفا
مرتبا .
ان الانتقال لما هو خلف الجدار ، والذي يتم دائما اثناء تدخين سيكارة ما بعد الفطور ، والتي هي السيكارة الوحيدة التي سمحت البطلة لنفسها بتدخينها ، ما هو الا انتقال لمرآى مشاهد وصور حية نابضة بالحياة ، انه عالم الذكرى المنسي ... هذا العالم الذي نحتاجه جميعنا لنرمم به سيرة حياتنا الآنية والمستقبلية بما هو مخفي وماض من تلك السيرة ... وهي مهمة صعبة ، الا ان اسلوبها كان مبتكرا والذي استطاعت الكاتبة استخدامه لتقدم لنا حياة بطلتها الماضية ، بعيدا عن اسلوب الرسائل ، او المونولوج الداخلي او الفلاش باك وغير ذلك من اساليب العودة الى الماضي التي استخدمها فن كتابة الرواية منذ نشأته.
ان الانتقال لما هو خلف الجدار ، والذي يتم دائما اثناء تدخين سيكارة ما بعد الفطور ، والتي هي السيكارة الوحيدة التي سمحت البطلة لنفسها بتدخينها ، ما هو الا انتقال لمرآى مشاهد وصور حية نابضة بالحياة ، انه عالم الذكرى المنسي ... هذا العالم الذي نحتاجه جميعنا لنرمم به سيرة حياتنا الآنية والمستقبلية بما هو مخفي وماض من تلك السيرة ... وهي مهمة صعبة ، الا ان اسلوبها كان مبتكرا والذي استطاعت الكاتبة استخدامه لتقدم لنا حياة بطلتها الماضية ، بعيدا عن اسلوب الرسائل ، او المونولوج الداخلي او الفلاش باك وغير ذلك من اساليب العودة الى الماضي التي استخدمها فن كتابة الرواية منذ نشأته.
انه عالم فني جديد ومبتكر ، يعيدنا الى عوالم الحكايات والقصص الشعبي .
***
ودوريس من مواليد إيران عام 1919من ابوين انكليزيين ،ونشأت في روديسيا ،قم عادت الى موطنها الاصلي انكلترا ،واعتنقت الشيوعية ثم طلقتها، فازت بجائزة نوبل للاداب عام 2007 .
***
ودوريس من مواليد إيران عام 1919من ابوين انكليزيين ،ونشأت في روديسيا ،قم عادت الى موطنها الاصلي انكلترا ،واعتنقت الشيوعية ثم طلقتها، فازت بجائزة نوبل للاداب عام 2007 .
اصدرت : (العشب يغني)، و (الحقيقة الخامسة)، و (جدات) و(مذكرات من
نجا)و (المسير في الظل)و (أجمل الأحلام) و(أطفال العنف)، وغيرها من الروايات
والقصص القصيرة والدراسات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق