الاثنين، 27 يونيو 2016

حوار صحفي






حوار صحفي
---------------::
نشرت صحيقة ( الحقيقة ) على صفحتها ( الوان واشكال ) الحوار الصحفي الذي اجرته معي الأديبة و الباحثة و الإعلامية التونسية: فضيلة مسعي.شكرا للشاعرة والاعلامية فضيلة مسعى ، وشكرا للشاعر عدنان الفضلي:
-----------------------------------------------------------------------
"لا أعبد الأساطير ولا التراث ، انا افكّكهما لأصل إلى الجوانب الخفيّة منهما"
-----------------------------------------------------------------------------
حوار مع الأديب و الباحث العراقي المتميّز داود سلمان الشويلي
حاورته الأديبة و الباحثة و الإعلامية التونسية: فضيلة مسعي.
في حروفه تمترست الدّهشة بأعذاق السؤال ، على ورق يحبّره و بين السّطر و السّطر تطالعك نخلة عراقية تطرح للزّائر تمرها..في بلد معطّر بأكسير الجرح و رائحة كمأ الأمنيات النّابت على ضفّتي دجلة و صدر الفرات. تتدثّر و أنت الزّائر لمملكة كلماته بقوس قزح و معطف نسجته الشّمس لمجابهة الأيّام الحوالك..
ستقرأ له.. و تقرأ.. و لن تكتفي بالقليل مع قهوة الصباح أو شاي المساء.. ستلتهم ما كتب كما تلتهم تمر العراق اللّذيذ..
مخظوظ أنت أيّها الزّائر الكريم لمملكة كلماته التي بنيت على عرصات من طمأنينة و سؤال و جمعت من شجر الإبداع الأصيل و الجميل و المتنوّع و الفريد.
هو الرّوائي الإشكالي : القاصّ المتعدّد الطّرائق الأسلوبية بحديثها و قديمها و الباحث الإسلامي المجدّد و المنقّب في ذاكرة شعبه و أساطير بلده العريق عراق الأعراق كما أسميه دائما.
قذفت به الهندسة الكهربائية فأناخ ببعيره المحمّل بعلوم عصره في جنان العلوم الإنسانية.
هو عضو الإتّحاد العام للأدباء والكتّاب العراقيين و عضو مؤسس لفرع الإتحاد في محافظة ذي قار- وعضو هيئة إدارية وهو عضو جمعية الشعراء الشعبين فرع ذي قار و عضو هيئة إدارية فيها لدورة واحدة .
شارك في أغلب دورات مهرجان المربد الشعري و شارك في ندوات أدبية داخل المحافظة وخارجها ( في الحلة والبصرة والموصل وبغداد) .
نشر دراساته في المجلاّت الأدبية العراقية والعربية ( الاقلام ، الموقف الثقافي ، افاق عربية ، الترث الشعبي ، ومجلة افكار الاردنية ، والهدف البيروتية وغيرها ) وفي أكثر المواقع الإلكترونية ذات الإختصاص، والصحف العراقية والعربية.
حائز على الجائزة التقديرية عن قصة ( الموت حياة ) في المسابقة الابداعية لعام 1992 وعلى الجائزة الاولى عن قصة ( النهر يجري دائما ً) في المسابقة الابداعية لعام 2000
و على الجائزة الثالثة عن رواية ( طريق الشمس ) في مسابقة الرواية لعام 2001.
له سبع إصدارات بين رواية و قصّة و نقد و بحوث في الفقه الإسلامي
و ما يقارب الأربعين إصدارا ينتظر النشر.
سعدنا جدّا بمحاورة أحد الأدباء المتميّزين في العراق و أحد الباحثين في الفقه الإسلامي المتنورين الأستاذ داود سلمان الشويلي و هذا عطره أرشه عليكم:
----------------------------------------------------------------------
" القرآن ليس ككتاب مقدّس ، بل لأنّه يحمل لغة أدبية ثرية وغنية أفادتني كثيرا عند الكتابة "
--------------------------------------------------------------------------
س - -لك ذكريات مع الكتّاب و الكتب أيّ أديب لاحظت أنّه نفخ فيك من روحه في بداياتك و أيّ كتاب تربّع على عرش الذاكرة.؟.
ج/ للكتاب معي ذكريات كثيرة ، إلاّ أنّ الكتاب الذي أثّر فيّ كثيرا هو " القرآن " ليس ككتاب مقدّس ، أو ما فيه من تشريعات ، أو حلال و حرام ، بل لأنّه يحمل لغة أدبية ثرية وغنية أفادتني كثيرا عند الكتابة ،وما فيه من خيال خاصّة في القصص والأخبار ، وكذلك الكتاب المنهجي التدريسي ( قراءتي – القراءة الخلدونية ) للصفّ الأوّل الإبتدائي الذي منحني الكثير، فقد علّمني، و وضعني على طريق الرّسم والخطّ ،الفنين اللّذين أجدت فيهما فيما بعد .
والكتّاب الذين لهم التأثير الكبير في مسيرتي الإبداعية ، هم جميع من قرأت لهم ، إذ كلهم أفادوني في مسيرة حياتي الكتابية ، وأضافوا لي جديدا ، حتى الكتّاب التجاريين، أو الفاشلين حسب تقيمات الكتّاب الآخرين ، قد أضافوا لي الكثير في معرفة كيف أتجاوز أخطائي.
------------------------------------------------------------------
"علينا أن نفتح الأبواب، ونشرعها واسعا "
-----------------------------------------------------------------------
س- و أنت المفكّر الإسلامي ألا تلاحظ بأنّ باب التجديد قد أغلق عند ويل للمصلّين
و أضرّ بالفكر التنويري الإسلامي؟
ج/ ليس هذا فحسب ... لقد اغلق باب التساؤل كذلك عندما جاءت الايات (( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ* أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ*(...) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ* قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ)) والسؤال هو اول المعرفة ، فغلق باب التجديد – فعل وقول – عند المسلمين حتى راحوا يرددون بعد 1400 عام ما قيل من دين ومن فكر إسلامي وقتذاك .
علينا أن نفتح الأبواب، ونشرعها واسعا ، لكي نضع مجتمعاتنا الإسلامية على الطّريق الصّحيح في زمن التقدّم العلمي ، وغزو الفضاء ، وغزو جسم الكائن الحي ومعرفة كلّ أسراره، وثورة الانترنيت وأجهزة المواصلات .
انا لا أعبد الأساطير ولا التراث ، انا افكّكهما لأصل إلى الجوانب الخفيّة منهما ، لأقول كلمتي عند ذاك .
المجتمعات الإسلامية تعيش الأساطير ، كلّ مجتمع يعيش أساطيره التي بناها وكوّنها عبر مرور الزّمن ، علينا أن نفكّكها ، واعادت صياغتها من جديد، لكي نحذّر تلك المجتمعات منها .
وهكذا كان عملي في دراستي عن أسطورة يوسف التوراتية / القرآنية، أو دراستي عن أسطورة " ذو القرنين " وأسطورة "ياجوج وماجوج ".
س-- ألا ترى بأنّ المدارس الإبداعية الجديدة قد خدمت الإثنين أكثر من أيّ حقبة تاريخية أخرى؟
ج / إذا كنت تقصدين الأسطورة والتّراث نعم قد خدمتهما كثيرا ،وفي الوقت نفسه قد فكّكتهما ، وأعادت صياغتهما مرّة أخرى ، وقدّمتهما إلى القرّاء.
س-- النّاقد و الباحث و الأديب داود سلمان الشويلي يكتب النّقد الأدبي و البحث الإسلامي و القصّة و الرّواية فهل تميل للكتابة الإبداعية أكثر من البحث و إن خيرت بين القصّة و الرّواية أيهما تختار؟.
ج/ الذائقة النقدية والفكرية هي البوصلة التي تهديني إلى قول شيء ما وفي أيّ مجال كان من تلك المجالات،فحتّى النّقد والبحث الإسلامي فيهما إبداع ، وإذا كنت قد أبدعت في مجال القصّة أو الرّواية فإنّني أجد كتاباتي الأخرى ليست بعيدة عن الإبداع ، إنّها من صميم الإبداع ، وفيها الكثير منه.
طبعت لي ثلاث كتب في مجالات الدّراسة والنّقد ، وما زلت أحتفظ بعدد كبير من الكتب التي كتبتها نقدا أو دراسة مخطوطة ومنشورة في المواقع الإلكترونية المعتبرة، ولي مثلها في الفكر الإسلامي ، بحثا ودراسة ، ولا فرق عندي بين الإثنين ، الكلّ فيه إبداع ، والإبداع يأتي من ذائقة الكاتب الإبداعية، وليس من الموضوع ، أو التخصصّ ، طالما أنّك تحب الإثنين.
س-- كتبت رواية " الحبّ في زمن النت" فهل تؤمن بالحبّ على المواقع الافتراضية و هل تنجح علاقة كهذه حسب رأيك؟
ج/ رواية (الحبّ في زمن النت) أعدّها إحدى الرّوايات التي تناولت هذا العالم الافتراضي المخيف والمحبّب، كانت نصف أحداثها مستقات من تجربة شخصيّة .
نعم أنا من المؤمنين بأنّ النت لو أحسن استخدامه سيكون مثمرا في هذا الجانب ، والعلاقة التي تنتج من هذا العالم الافتراضي حالها حال العلاقات الأخرى التي تنتج في العالم الواقعي ، فهي إمّا أن تكون ناجحة ، أو أن تكون فاشلة.
س-- ماذا أضافت النت للأديب و للأدب و هل من سلبيات لها؟
ج/ لكلّ شيء سلبيات وإيجابيات ، ومن سلبيات هذا العالم الافتراضي هو عدم استخدامه بصورة جيّدة دون أن يقول إنّ هذا شيء وفر النت للاديب والادب الحصول على الكتاب او الدراسة بصورة سهلة ويسيرة ، وسهل لهم الانتشار السريع ، ووصول المادة المكتوبة الى جمهور غفير من المتابعين ،وسهل لهم الكتابة ، والطبع ، وكل هذه العمليات تحتاج الى زمن طويل .
النت سلاح بحدّين ، ومن أحسن استخدامه سيرتاح كثيرا ، والأدباء والكتّاب الذين يحترمون أنفسهم قد استفادوا كثيرا منه لأنّهم أحسنوا استخدامه.
س-- عندما يذكر العراق بحضورك بماذا تحسّ و ماذا تتمنّى؟
ج/ العراق ليس شيء يمكن حمله والتنقّل به، العراق هو الكيان الذي أعيش فيه ، هو لحمي ودمي وعظامي وكلّ شيء في كياني ... هو الوجود الذي نعيش من أجله ، هو كلّ شيء ... وأتمنّى له الأمن والاستقرار .
س-- ما رأيك بالقتال السنّي الشيعي في العراق؟ .
ج/ الإثنان مسلمان ،وينهلون من فكر واحد، وعلى القارىء اللّبيب أن يعرف هذا الفكر الذي ينهل منه السنّة والشيعة وهم يقتتلون .
س-- لماذا لا نجد دورا لأدباء و مفكري و مثقفي العراق في إرجاع اللّحمة بين الأخوة و أبناء العمومة المتقاتلين في العراق؟
ج / السياسة هي الطاغية ، لا مجال للأدباء والمفكّرين في جمهورية العراق الآن ، فقد أخرجتهم السياسة منها، حبست صوتهم ، وهذه الديمقراطية التي أريد بها أن تسود في العراق ، هي ديمقراطية عرجاء ، إنّها قل ما تريد قوله وغادر.
س-- ما رأيك بما تخطّطه الإمبريالية العالميّة لتقسيم العراق؟
ج/ وهل سكتت الإمبريالية في وقت ما عن أيّ شعب مغلوب على أمره حتتّى أعطي رأيا بما تخطّطه ضدّ العراق ... إنّ أيّ استقلال لنا نحن الشعوب المغلوب على أمرها هو المزيد من مخطّطات الهيمنة والتقسيم ، هذا هو قدرنا الذي وضعنا فيه سياسينا منذ 1400 سنة مضت ، إلاّ بعض الضوء القليل الذي اغتالته أيدي بعضنا في هذه الألف وأربعمائة عام ، وكانت الهيمنة في المائة عام الماضية بالسّلاح ، وهو الصّوت العالي في كلّ هذا أمام مجتمعات تناقش لحدّ هذه الساعة كيف نستنجي من البول والغائظ ، وكيف تستطيع أن تتزوج أربعة نساء دون أن نخرج من الدين ، وكيف أنّ بول البعير فيه صحّة وعافية ، وأخيرا أعلن جهاد النّكاح ، فألهينا أنفسنا به.
هذا قدرنا طالما الذين يتربّعون على الكراسي في العالم العربي من هؤلاء الذين يفكّرون ذاك التفكير.
س- عندما تقف أمام نهري دجلة و الفرات بماذا تشعر.؟
ج/ تدخّلت فيهما السياسة فغادر ما فيهما من خير وجمال ، أحد سياسيّ اليوم قال لسياسيّ آخر من محافظة أخرى إنّهم سيسدّون الفرات إن فعلوا كذا أو كذا ، وتركيا أخذت جمال وخير هذين النهرين ببناء سدودها حتّى قيل إنّها تقايض الماء بالنفط.
فماذا تريدين من الأديب أو المفكّر أو المثقّف بعد هذا الخراب الذي حلّ بهما .
ياليت الجواهري ينهض من موته ، هل يكتب مرة أخرى ( يادجلة الخير)، أم أنّه سيعيد كتابة قصيدته ( يا ابن الفراتين )؟
أشعر بالأسى لهذين النهرين ، ولكنّي سأتفاءل بالخير ، وما يجلبه المستقبل لنا ،وأردّد قصيدة الجواهري ( يا دجلة الخير ) ، وهل هناك من شيء غير أن نتفاءل؟
س-- و أنت الذي حصلت على عديد الجوائز هل تراها ضرورية كدفع مادي
و معنوي للأديب؟
ج/ أنا اعدّها حافزا للأديب في أن يستمرّ في الكتابة ، ووقفة مراجعة لكلّ انجازاته الأدبية ، ولكي يعرف أنّه موجود أمام الصورة من خلال كتاباته، إضافة لما فيها من مردود مادّي يحتاجه في حياته الإبداعية.
الجائزة هي مثل الطّوق الذي يطوّق الرّقبة ، إمّه طوق عبودية ، لا تستطيع الفكاك منه الاّ بتجاوز ما قدّمته من انجازات نحو الأفضل والأحسن والأجود .
فزت في الجائزة التقديرية عن قصّة ( الموت حياة ) في المسابقة الإبداعية لعام 1992،وفزت بالجائزة الأولى عن قصّة ( النهر يجري دائما ً) في المسابقة الإبداعية لعام 2000 .
هكذا تجدينني أطوّر دائما أداتي القصصية والرّوائية والبحثية.
س-- داود الشويلي له عديد المخطوطات التي تنتظر النور ورقيا..هل نقول إنّك اكتفيت بالنّشر الإلكتروني أم إنّه ما باليد حيلة؟.
ج/ لم تكتمل الكتابة الإبداعية أو غير الإبداعية الاّ بتقيّدها ، و التقييد هو طبعها في كتاب ونشرها بين النّاس ، ولكنّني أقول ما بيدي من حيلة لظروفي المادية، والنت ربّما يقوم مقام الطّبع ، حيث أنّه يقدّم انجازك الأدبي لآلاف القرّاء ليطلعوا عليه ، وأجد ذلك برسائل القرّاء التي تصلني أو بردودهم أو إعجابهم.
س --في الختام كيف ترى مستقبل الأدب العربي و الرّواية أساسا؟
ج/ الرّواية في انتشار مستمرّ، وواسع ،فقرننا الذي نعيش فيه هو قرن الرّواية وقصيدة النّثر والأقصوصة ، وتجدين في إجابتي مفارقة كبيرة ، إذ كيف يكون قرننا هو قرن الرّواية والأقصوصة ، كيف يستقيم ذلك؟
الرّواية هي فنّ الحدث الطويل ، والأقصوصة هي فنّ الحدث القصير جدا، ونحن نحتاج إلى الإثنين ... الرّواية التي تقدّم لنا حياتنا بشموليتها الواسعة ، والأقصوصة التي تنقل لنا جزء منها ، وعلينا الاختيار ، أمّا المدارس الأدبية في كلا الجنسين فهي تنويع ، وصورة بعدّة وضعيات .
شكرا على كرم الإجابة و لك و لأبناء العراق السامقين كنخيله أجمل تحيّة.
.

ليست هناك تعليقات: