الاثنين، 27 يونيو 2016

في سؤال التابو




نشرت مجلة (تاتو) في عددها لهذا الشهر استطلاعا قام به الشاعر والروائي علي لفتة سعيد ، وقد تضمن الاستطلاع سؤال مفاده: ( النص الادبي يعد نصا فردانيا يتوجه به الى المجموع وهم القراء المثقفين الذين يؤلفون امة ..وانه نص يخاطب الاخر ومخيلته وعقله وحتى عاطفته فلا بد ان يمنح الكثير من الحرية لكي يؤدي رسالته..ورغم ما للأدب ونصوصه من تأثير على ثقافة مجتمع وامة وانه لسان حضارتها وتنورها فان هناك في مجتمعاتنا العربية ثمة تابوات لا يمكن اختراقها ومنها السلطة الدينية..فهل تعتقد ان الدين والسلطة الدينية تحد من رسالة المؤلف المنتج وهل ما زال الاديب العربي يخاف من الاقتراب من هذا التابو ولماذا يخاف ومن جعل هذه السلطة مخيفة اصلا.؟) وكانت اجابتي عن السؤال هي :
جواب لسؤال الاستطلاع
----------------------:
داود سلمان الشويلي
لقد خاض سلفنا من المؤلفين العرب والاسلاميين خاصة قبل اكثر من مئتي عام في مسالة الجنس تحت اسم " النكاح "، و وضعوا مؤلفات كثيرة عنه ، بمفهومه العامي وليس الخاص ، و كانوا هؤلاء الكتاب من ائمة الدين الكبار ،ولهم في القضايا الدينية وفي الفقه مؤلفات كثيرة ، مثل السيوطي والنفراشي ،ويمكن الاطلاع على تلك المؤلفات في بحث لي نشر على المواقع الالكترونية المعتبرة بعنوان (الادب الايروتيكي في التراث العربي ) وكانوا في مؤلفاتهم تلك يسمون الاشياء باسمائها دون عيب، او خجل، او ممنوع ،او محذور، او ما شكل ذلك من التعابير والمصطلحات الجديدة.
اما في ادبنا منذ اكثر من مئة عام تقريبا ، فقد ناقشت الرواية العربية "المعتبرة " خاصة الجنس كغريزة متأصلة في المخلوقات دون اسفاف او مجانية في الطرح، حيث غادرت الصورة التجارية له ، اما عندنا في الرواية العراقية " المعتبرة " على اقلها ، فما زال الرقيب الداخلي لذاكرة الادباء ، يعمل بصورة جيدة ليل نهار ، لا يهدأ ولا يكل كطائرة " الاواكس " للانذار المبكر ، لاتخفي عنه شاردة ولا واردة في هذا المجال.
والجنس حاله حال الممنوعات الاخرى ( التابوات ) ، الدين ، والسياسة ،ما زال يشكل عائقا عند الكثير من روائينا ، فتركوه اضطرارا ، فلم يكن مطروحا في نصوصهم الابداعية الا نادرا ،وبشكل سريع ، لان تناوله – عند البعض - يعتبر مهمة غير سهلة ، ويشكل فخا ابداعيا على الاديب الحاذق تجاوزه ، ذلك لان الكتابة عنه ، وفيه ، وعليه تشكل عند البعض هما كبيرا ، لهذا فهم لايطرحونه في نصوصهم كموضوع من المواضيع الاجتماعية الاخرى ، وانما اهملوه ، او مروا عليه مر الكرام تلميحا لا تصريحا.
اننا كمجتمع اسلامي تعودنا من خلال العرف السائد على الممنوع في هذا الجانب ، ليس كتعليمات منزلة ، وقوانين مشرعة من رجال الدين ، انه العرف المتاصل فينا منذ القدم ، وهذا العرف هو ضد مسيرة الدين وتشريعاته واوامره ونواهيه ، وانتقل هذا العرف الى الادب ، والرواية والقصة خاصة ، من خلال كتابهما المبدعين وغير المبدعين .
ان السلطة الدينية العامة وليست الخاصة وغير المعتبرة تعد واحدة من التحديات لرسالة الكاتب الثقافية / الاجتماعية، اذ انها تكبله بقيود اكراهية قوية،حيث ما زال كاتب الرواية او القصة القصيرة يخاف من الاقتراب منه، فيلجأ في الكثير من الاحيان الى الرمز ، او الكناية ، او الكتابة الملغزة التي في بعض الاحيان لا يجيد بعض كتابنا مثل هذه الكتابة .
ادعو من خلال هذا الاستطلاع الى تناول مسألة الجنس حالها حال الموضوعات التي تتناولها الرواية والقصة القصيرة دون مباشرة او مجانية من حيث الفكرة والطرح والتناول ، لا لنؤسس لموضوعات جديدة ، وانما ليقول الكاتب كلمته في تلك الموضوعات المهمة ، وليكون انجازه الابداعي حافلا بالموضوعات التي تهم المجتمع الذي يعيش فيه .

ليست هناك تعليقات: