الثلاثاء، 28 يونيو 2016

استطلاع




نشرت " ثقافية " جريدة ( المدى ) الاستطلاع الذي فام به الروائي علي لفته سعيد عن النقد ، وكانت اجابتي كما نشرت في الصفحة ، شكرا لمحرر الصفحة والزميل علي لفته سعيد.
استطلاع عن النقد
------------------------:
داود سلمان الشويلي
ج/ المفهوم القديم للنقد هو " تقييم وتقويم " ، ويمكن مراجعة كتاب "الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري- للآمدي " ، وكتاب " الشِّعر والشُّعراء للدينوري" ، و كذلك نقد د. علي جواد الطاهر ، من العراق ، الى حد ما على الرغم من انطباعيته ،و نقد د. طه حسين ، و دراسات د. احسان عباس ، على المستوى العربي ، على سبيل المثال ، اي انه وسيلة تربط بين المؤلف والنص.
وهكذا استمر النقد سابقا ، يتحدث عن المؤلف ، و نصه المكتوب ، ويقيمه و يقومه ، وظل الطرف الثالث في عملية الكتابة و القراءة ، الطرف المهم في هذه العملية الابداعية ، القاريء ، قصيا عن النص ، وكأن المؤلف ، يؤلف نصا ، ويطور اداته الفنية والتعبيرية ، ويقدم افكارا ، ويصوغ عالما ، ويقدم خبرة ، لنفسه وللنص ، ولا شأن للقاريء بعد ذلك بكل هذه النواحي .
وبعض المدارس والمناهج النقدية الحديثة تلقي الضوء على الجوانب المخفية – او التي تبدو مخفية – في النص ، وردم بعض الفجوات التي تقع داخله ، مرئية او غير مرئية ، بعيدا عن مؤلفه ، وكأن النقد بهذه العملية ما هو الا مصباح كاشف يضيء ظلمات النص فقط ، اي يقدم النص جاهزا امام القاريء بكل وضوح ، و ظل القاريء قصيا ايضا عن اللعبة الابداعية " القراءة والكتابة " ، اذ اصبح للنقد في هذه الحالة ) قوة تسلطية ) ليس على النص نفسه ، وانما على القاريء ، واصبح القاريء وعاء يستقبل ما يسكب فيه ، وبهذا فقد تم تغييبه ومن ثم نعيه .
ان ما يريده القاريء هو التفاعل ، و فتح ابواب النص امامه ليكون بمقدوره فهم النص وتذوقه من خلال التفاعل معه بمتعة كبيرة ، وعند هذا يعاد الاعتبار له ، حيث مثل هذا النقد يجعل القاريء، او " يضعه " في موقف متكافئ مع النص ، لا اداة استقبال سلبي له ، النقد الذي يفتح وعيه ، او السماح للقاريء بخلق وعيه الجديد ، من خلال اخذ بيده ،و مساعدته غير المشروطة في امتلاك وعيا جديدا يضاف الى وعيه السابق خاص بالنص المنقود والمقروء .
بهذا الفعل النقدي المسبوق بقراءة " واعية " ومدركة لخفايا النص الابداعي ، وهما من شروط الناقد الحديث ، يمكن تجنب الكثير من النصوص التي لا تمتثل لشروط العملية الابداعية .
وبهذا لا يكون للنقد مفهوما فوقيا متعاليا ، بل مفهوما واعيا ومدركا ، وسيواكب العمل الابداعي ، " الحقيقي " ، طالما ان هذا العمل يتحلى بابسط شروط العمل الابداعي الفني ، من خلال السماح للقاريء بإنشاء وعي مدرك يتفهم النص المنقود .
النقد الحديث لا يقف بوجه العمل السهل ، ولا سلطة عليه ، طالما يوجد هناك مال ودور نشر ، اذ كلها تبحث عن المال ، ودوره فقط تجنب النصوص غير الممتلثة للشروط الابداعية لاي نص ، وابعاده عن طريقه ، وهذا يتطلب من الناقد القراءة الفاحصة والواعية والمدركة للنص ، ولهذا اسمي ما اقوم به من نقود للنصوص الابداعية " قراءة " لانها هي قراءة من بين قراءات يقوم بها غيري.

ليست هناك تعليقات: