الاثنين، 27 يونيو 2016

السخرية الحادة والتحريض المخفي ... الخطاب الكاريكيتيري للفنان " حسون الشنون ") .



غدا يوم الاحد 17 / 8 تنشر صحيفة ( الخقيقة ) على صفحة ( اشكال والوان ) دراستي عن فن الكاريكيتير الذي يقدمه الفنان حسون الشنون بعنوان ( السخرية الحادة والتحريض المخفي ... الخطاب الكاريكيتيري للفنان " حسون الشنون ") ... شكرا للشاعر عدنان الفضلي.
السخرية الحادة والتحريض المخفي
الخطاب الكاريكيتيري للفنان " حسون الشنون "
* الكاريكاتير بوصفهِ خطاباً مقاوماً وانتقادياً وساخراً *
قراءة : داود سلمان الشويلي 
الكاريكاتير هو الفن الساخر والتحريضي من انواع الفنون التشكيلية، والسخرية التي يحملها هي سخرية مأساوية، او سخرية ملهاتية "مضحكة "، والمبالغة كذلك في السخرية ، لهذا يمكن عدها السلاح الاكثر امضاء في اي ظاهرة غير سوية ، وغير قويمة ، والواقع اليومي عند هذا يكون هو الملهم لذلك. والصورة التي يقدمها هذا الفن تبالغ في إظهار تحريف الملامح الطبيعية، أو خصائص ومميزات شخص أو جسم ما، وذلك بهدف السخرية ،أو النقد السياسي اوالاجتماعي . وفن الكاريكاتير له القدرة العالية على توجيه النقد ،اكثر مما تقوم به المقالات والتقارير الصحفية ، وهدفه الاساس هو بناء فكر وعقل الانسان من اجل الوصول الى واقع افضل. ان فن الكاريكاتير هو القدير على اظهار عيوب الاشخاص والمجتمع من اجل اصلاحها وتجاوزها . وبهذا نرى أن هذا الفن قد اتبع طريقين ، الاول بالتشكيل فقط ، والثاني بالتعليق مع التشكيل على شكل نكتة او حوار قصير والذي يظهر المفارقة في الفكرة المراد توصيلها. الصورة الكاريكاتيرية المقدمة في وسائل الاعلام هي رسالة - تحمل طابع السخرية المبالغ بها - من الرسام إلى المتلقي وهو ابن المجتمع ، ومن هذا فإن الفكرة الكاريكاتيرية الاساسية تنقسم إلى عدة أنواع ، منها الافكار السياسية ومنها الافكار الاجتماعية. ورغم أن الكاريكاتير يستخدم البساطة في الرسم لنقل المعنى والمضمون، إلا أن له الدور المؤثر في الدفاع عن قضايا مهمة سياسية واجتماعية في حياة الانسان. وبهذا فان هذا الفن استخدم الصورة والكلمة في التعبير عن فكرة ما ليؤثر عميقا في وجدان وفكر وعقل المتلقي. لهذا ، فانه جمع مدهش بين الخيال والواقع من خلال منظور واحد، لهذا فهو الأقرب إلى الإنسان لانه فن طريف وممتع ، وايضا هو فن الضربة القاضية لريشة فنان من خلال التعبير عن فكرة او راي في حركة فنية خفيفة من جهة ثانية. وحديثنا عن فن الكاريكاتير يستدعي منا الوقوف على ما انجزه الفنان حسون الشنون من لوحات كاريكاتيرية شكب منها معرضا افتتح مؤخرا في مدينة الناصرية. امامنا الان العشرات من تلك اللوحات الكاريكاتيرية ، وسنقوم بدراستها فنيا واسلوبيا وكذلك فكريا ، لنصل الى الهدف الذي يبغيه هذا الفن ، وتوجهه الخاص والعام .
ولاجل الدراسة قسمنا اللوحات التي انجزها الفنان الشنون الى مجاميع ، هي : 
* لوحات تنتقد الظواهر الاجتماعية .
* لوحات تنتقد الظواهر السياسية. 
* لوحات تنتقد ظواهر الكترونية مجتمعية . 
* لوحات تنتقد الانتخابات. 
* لوحات تنتقد افعال البرلمان. 
* لوحات تنتقد الدوائر والمؤسسات والموظفين.
* لوحات تنتقد الحكومة. 
* لوحات تنتقد ظواهر دينية. 
* لوحات تنتقد كذب السياسين؟
* مجموعة لوحات "ابو نعال ". 
* مجموعة لوحات " ابو شعلية ". 
* لوحات متفرقة. 
وعن " انتقاد الظواهر الاجتماعية " بقدم لنا الفنان لوحة لاحد ( الذكور ) من اصحاب الثروة الحديثة، وبيده مسبحة ، ويصعد سيارة فيها اربعة من نسائه المحجبات ، ويشاهد احدى النساء وهي سافرة ( ملحومة ) فيقول لها: ( انت اختاري اطلق كم وحدة). توضح لنا هذه اللوحة الازدواجية التي يعيش فيها مثل هذا الحديث النعمة، التي تؤدي الى انفصام الشخصية، والجوع الجنسي ،وهذا هو التخلف الاجتماعي المدان . اما اللوحة الثانية فتوضح لنا احلام الفتاة العانس التي فاتها قطار الزواج، والتوظيف على السواء ، بسبب الضروف التي يمر بها بلدنا هذا الوقت ، تحلم هذه الفتاة بالتعيين ، ومن ثم الخطبة ،لان اكثر الخطاب لا يقبلون بفتاة عاطلة عن العمل لاسباب اقتصادية في وقتنا هذا ، وتحلم بان تصبح اما، وحلمها هذا لايتعدى فراشها الذي تنام عليه. وفي مجموعة لوحات "الانتقادات السياسية" نجد ان هناك لوحة تمثل احد السياسين يجلس على كرسي مدير عام يدعو ربه ويقول ( يارب يارب ... يطالبون باستقالتي حتى اصعد للوزارة) هذه اللوحة تمثل الكثير مما طردوا او اجبروا على الاستقالة او تمت مساءلتهم ، فما كان من الحكومة ورئيسها الا ان ينسبهم في وظيفة اعلى من الوظيفة التي كانوا فيها.
وفي الظواهر التي اتت بها " التطورات الالكترونية" في الاتصالات والانترنيت هو ( الكوامة العشائرية) بسبب هذه الاجهزة والاسعمال الخاطيء لها.
شاب يتحدث مع شابة على الفيس بوك وتخبره انها من المغرب ، الا انها تظهر من المدينة نفسها التي يسكن فيها الشاب، اي (بنت ولاية) ،فيطالبون اهلها بفصل عشائري . مثل هذه الحادثة التي ينتقدها الفنان في لوحته الكاريكاتيرية تحصل دائما بين العوائل بسبب الاستخدام غير الصحيح للتقنية الحديثة، وايضا تقدم انتقاد لبعض العوائل التي تضع ابنتهم كطعم لصيد الشباب ، للحصول على مكاسب مادية.
ومن مجموعة (الانتخابات ) اخترنا لوحتين، احداهما يوضح الرسم فيها الفكرة التي بني عليها الفنان الرسم الكاريكاتوري، وهي مأخوذة من اغنية الفنان الكبير حسين نعمة (ياحريمة) ، فراح الشنون يبني عليها فكرة لوحته وهي صورة للفنان حسين نعمة رافعا اصبعة المصبوغ باللون البنفسجي وهو يغني اغنية (ياحريمه) ، لتأسفه لانتخاب هذه الوجوه. استغل الشنون الاغنية في الرسم الكاريكاتوري ، واسم الفنان حسين نعمة المعروف بين الشعب ليعطي قوة تأثير لرسمه عند المتلقي.
اما اللوحة الثانية فتقدم نقدا للدعاية الانتخابية التي شاعت بين اوساط المرشحين ، وتمثل اللوحة التي كتب فيها انتخبوا مرشحكم ابن عم الدكتورة حسنة وعديل ابن خالة الدكتورة وزوج الدكتورة حسنة وابو اولادها .. وجيران ابو...) فيما تظهر اللوحة شخضا يحمل صورة فتاة ،والاثنان يلبسون النظارات؟ اللوحة تتناص مع واقع حال اغلب المرشحين الذين سودوا لوحات دعاياتهم وكارتاتهم بهذا الهذر . 
وهي نقد بناء يعادل في تأثيره بل يزيد عليه لو كتب على شكل مقالة تنشر قي صحيفة لا يقرأها الا القليل. في مجموعة (البرلمان) هناك لوحة كاريكاتيرية لعضو البرلمان الذي يعدد انجاته وهي ( 2622لقاء صحفي، 6620 ظهور على التلفزيون ، 444 سفرة للخارج ، كتابة مذكراتي ) وكل الذي انجزه لم يكن للشعب حصة فيه . 
هذا عمل البرلمانين عندنا ،مثلما كان موقفهم من رواتب الموظفين حيث هناك لوحة رسمها الفنان الشنون توضح ذلك . تمثل اللوحة رافعتين آليتين احداهما الآلية الكبيرة التي ترفع سلم رواتب الموظفين ، والاخرى صغيرة ترفع سلم رواتب البرلمانين . 
المفارقة المضحكة / المبكية ان الرافعة الكبيرة لم ترفع سلم رواتب الموظفين الا قليللا ، فيما الرافعة الصغيرة استطاعت ان ترفع سلم رواتب البرلمانيين اعلى بعشرة اضعاف سلم الموظفين .
يوجه الفنان الشنون نقدا لظاهرة متفشية عند موظفينا ومسؤولي دوائرنا هي الاهتمام بدوائرهم وتزينها عند زيارة مسؤول كبير، اما لو لم تتم زيارته لتلك الدائرة، فانها تبقى زريبة للحيوانات .
اللوحة تبين احد الموظفين يسأل صاحب مشتل ان كان يؤجر له بعض النباتات لتزيين دائرته لان رئيس الوزراء سيزورهم. انه النفاق الحكومي / السياسي بعينه ، واللامسؤولية التي يتحلى بها هذا الموظق المرسل من مديره. وفي " انتقاد الحكومة " اخترنا ثلاث لوحات ، الاولى عن الفيضانات ، اذ يرسم الفنان لوحة كاريكاتيرية فيها مسؤول يقف على دكتين الواحدة فوق الاخرى وتحيط به المياه من كل جانب ، وهناك شخص وسيارة يخوضون في الماء الذي يصل الى منتصفهما ، و كذلك هناك بطات تسبح وهذا المسؤول يصيح بالمايكرفونات التي امامه : ( وين الفيضان ... المياه حد صدر البطة). المفارقة الموجودة في قول المسؤول وما تبينه اللوحة ان اي كمية من المياه حتى لو كانت بعمق الف متر فأن الماء سيغطي اسفل صدر البطة . 
في الوحة الثانية انتقاد للمسؤولين على السيطرات في تمشية السيارات بدون تفتيش لكي يتسنى لهم الحديث مع اصدقائهم في الهاتف ، العسكري الذي في الصورة يقول في الهاتف ( فرغت السيطرة .. اطلع .. اطلع ..حتى انسولف .. حبي). 
في لوحة ثالثة توضح ان رئيس الوزراء ومن شاشة التلفزيون يطلب من الشعب ان : ( اعتبروا ... العشر سنوات بث تجريبي)!!!وكأنه مثل قنوات التلفزيون وفي " انتقاده للظواهر الديني" عند البعض – وما اكثرهم – من الموظفين ، قدم الشنون لوحة فيها مدير دائرة حكومية قد ترك عمله وراح يصلي ، والمراجعين يصطفون قرب الباب بانتظار ان ينهي صلاته ، مع العلم انه يعمل براتب وعليه ان يصلي خارج الدوام الرسمي كما قال الفقهاء. 
هذه عينة من اللوحات الكاريكاتيرية اخترتناها لكي نوضح كيفية استغلال هذا الفن والتعامل معه في رصد الظواهر السلبية في المجتمع على كافة اصعدته ان اللوحات التي اخترناها في هذه الدراسة كشأن اللوحات الاخرى للفنان حسون الشنون - ارجأنا الحديث عنها من مثل : ( لوحات تنتقد كذب السياسين، مجموعة لوحات "ابو نعال "، مجموعة لوحات " ابو شعلية "، لوحات متفرقة) الى وقت اخر- تعتمد الرسم واللغة ،والرسم في هذه اللوحات يعتمد الخطوط القوية ، يحيث نحس بعمق اللمسة وحيويتها ، وكذلك يعتني الفنان كثيرا في تفاصيل شخوصة و امكنته ، معتمدا اللونين الاسود والابيض.
ان اعتماد الفنان في الرسم على قوة خطوطه جاء ليؤكد قوة الفكرة وانتقاده للظاهرة السيئة، واستخدامه للونين الاسود والابيض في الرسم هو ابعاد عن البهرجة اللونية ، واعطاء الفكرة الثقل في اللوحة. اما استخدامه للغة فياتي من حاجة الرسم الى التوضيح المركز، وهذا التوضيح يأتي بشكل حوار بين اثنين ، ان كانوا حضورهم في اللوحة او كان المتكلم حاضرا والاخر غائب عن اللوحة وهو الشعب الذي غيب عن المشهد ، فالشخص المتحدث وهو المسؤول دائما يتحدث الى لا شيء ، لان الشعب في واد وهو في واد اخر.

ليست هناك تعليقات: